رئيس كوريا الجنوبية ينفي أمام المحكمة أي نية في «التمرد» عند فرض الأحكام العرفية

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول (أ. ب)
رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول (أ. ب)
TT
20

رئيس كوريا الجنوبية ينفي أمام المحكمة أي نية في «التمرد» عند فرض الأحكام العرفية

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول (أ. ب)
رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول (أ. ب)

نفى رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، الثلاثاء، أن يكون قد قام بأي محاولة «تمرد» حين أعلن الأحكام العرفية لفترة وجيزة قبل أكثر من شهرين ونصف الشهر، وذلك خلال الجلسة الأخيرة من محاكمته قبل تقرير مصيره ما بين عزله من منصبه بشكل نهائي أو إعادته إلى السلطة.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قال يون في ختام الجلسة أمام المحكمة الدستورية: «يقول حزب المعارضة إنني أعلنت الأحكام العرفية لإقامة ديكتاتورية وتمديد حكمي، وهذا مخطط ملفق للإيقاع بي بتهمة التمرد».

وأضاف مبرراً قراره فرض الأحكام العرفية في 3 ديسمبر (كانون الأول) 2024، إن البلاد كانت تواجه «أزمة وجودية»، موضحاً: «كان نداءً طارئاً للشعب، كونه السلطة السيادية في البلاد، للإقرار بالوضع والتحرك من أجل التغلب عليه معاً».

وتشهد كوريا الجنوبية فوضى سياسية كبيرة منذ أن أعلن الرئيس المحافظ الأحكام العرفية، وأرسل الجيش إلى البرلمان في محاولة لمنعه من الانعقاد. وبعد 6 ساعات، اضطرّ إلى التراجع عندما تمكّن النواب من عقد اجتماع عاجل، والتصويت على اقتراح يطالب بالعودة إلى الحكم المدني.

وتحدّث المدعي العام لي غوم غيو بانفعال عن ابنه، وهو جندي اضطر -على حد قوله- إلى تطبيق الأحكام العرفية.

وقال في قاعة المحكمة «بصفتي مواطناً وأباً، أشعر بالسخط تجاه السيد يون الذي حاول تحويل ابني إلى جندي أحكام عرفية».

وفي ختام الجلسة، قال النائب من المعارضة غونغ شونغ راي، المكلف بعرض حجج تدعم عزل الرئيس إن «عدداً من الأشخاص لم يتمكنوا من النجاة لو بقيت الأحكام العرفية سارية».

وتجمّع خارج المحكمة أنصار ليون، وهتفوا «لا للعزل!»، حاملين لافتات معادية لكوريا الشمالية والحزب الشيوعي الصيني الذي يتّهمه معسكر الرئيس، من دون دليل، بتزوير الانتخابات التشريعية التي جرت العام الماضي لصالح المعارضة.

وبعد اختتام الجلسة، تبدأ مداولات قضاة المحكمة الدستورية الثمانية الذين يتحتم عليهم المصادقة على طلب العزل الذي صوت عليه البرلمان، ومن ثم إقالة الرئيس من منصبه بشكل نهائي، أو إعادته إلى مهامه. ومن المتوقع صدور الحكم في منتصف مارس (آذار).

والرئيسان السابقان اللذان تمت محاكمتهما في ظروف مماثلة بارك غن هي، التي عزلت وسجنت، وروه مو هيون الذي أعيد إلى مهامه، عرفا مصيرهما بعد 11 و14 يوماً توالياً بعد انتهاء المداولات.

وإذا أيّدت المحكمة قرار العزل، وهو ما يتطلب موافقة 6 قضاة، فيتعيّن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال 60 يوماً.

«ديكتاتورية تشريعية»

وستكون أمام محامي يون سوك يول فرصة أخيرة الثلاثاء للدفاع عن قرار موكله إعلان الأحكام العرفية، في حين سيتمكن ممثلو البرلمان من المطالبة بعزله.

وبرّر يون سوك يول قراره وقتها بالقول إنّ البرلمان الذي تهيمن عليه المعارضة كان يمنع اعتماد الموازنة العامة للدولة. وفي خطاب تلفزيوني مفاجئ، قال إنّه يريد «حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تشكّلها القوات الشيوعية الكورية الشمالية... والقضاء على العناصر المعادية للدولة».

ويمكن اللجوء إلى فرض الأحكام العرفية في حالات طوارئ وطنية كبرى، مثل الحرب.

وعدّت المعارضة أن الرئيس اتخذ إجراءات استثنائية غير مبرّرة، لكن كيم هونغ إيل، أحد محامي الرئيس، قال إن «إعلان الأحكام العرفية لم يكن الهدف منه شل الدولة، بل تنبيه الرأي العام إلى الأزمة الوطنية الناجمة عن الديكتاتورية التشريعية لحزب المعارضة المهيمن التي شلّت الإدارة».

وكان البرلمان المؤيد بغالبيته لخصوم يون، يقوض كل مشاريعه وقوانينه، ولا سيما الميزانية.

بالإضافة إلى ذلك، يقول الفريق القانوني للمدعي العام السابق إن فرض الأحكام العرفية كان ضرورياً للتحقيق في شبهات حصول تزوير في الانتخابات التشريعية لعام 2024 التي حقق فيها الحزب الديمقراطي -القوة الرئيسية في المعارضة- فوزاً كبيراً.

وأظهرت دراسة أجراها معهد «ريلميتر» ونشرت الاثنين، أن 52 في المائة من الكوريين الجنوبيين يؤيدون عزل الرئيس. لكنّ استطلاعاً للرأي أجرته مؤسسة «غالوب» ونشر الأسبوع الماضي أظهر أن 60 في المائة يؤيدون عزله، و34 في المائة يعارضون ذلك.


مقالات ذات صلة

مارين لوبان تهاجم «النظام» غداة حكم يمنعها من الترشح للانتخابات لخمس سنوات

أوروبا زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان (أ.ف.ب)

مارين لوبان تهاجم «النظام» غداة حكم يمنعها من الترشح للانتخابات لخمس سنوات

انتقدت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان اليوم الثلاثاء «النظام» غداة صدور حكم قضائي حظر عليها الترشح للانتخابات لمدة خمس سنوات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول (أ.ف.ب) play-circle

كوريا الجنوبية: المحكمة الدستورية تصدر الجمعة حكمها بقضية عزل الرئيس

أعلنت المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية، الثلاثاء، أنّها ستُصدر، الجمعة، حكمها في قضية الرئيس يون سوك يول الذي عزله البرلمان بسبب محاولته فرض الأحكام العرفية.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا سائحان يجلسان أمام البحر في قبرص (أ.ب)

القضاء القبرصي يبرّئ 5 إسرائيليين من تهمة اغتصاب شابة جماعياً

أخلت محكمة قبرصية، الاثنين، سبيل 5 سيّاح إسرائيليّين بعدما برّأتهم من تهمة اغتصاب شابة بريطانية جماعياً في منتجع «آيا نابا» الساحلي في سبتمبر 2023.

«الشرق الأوسط» (نيقوسيا)
أوروبا رئيس حزب «التجمع الوطني» الفرنسي جوردان بارديلا... 27 مارس 2025 (أ.ف.ب)

من هو جوردان بارديلا المرشح الأبرز لليمين المتطرف للرئاسة الفرنسية؟

أصبح جوردان بارديلا المرشح الأبرز لحزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف للانتخابات الرئاسية الفرنسية بعد الحكم القضائي على زعيمة الحزب مارين لوبان.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا مارين لوبان (إ.ب.أ)

محكمة فرنسية تقضي بحبس زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان سنتين

أدانت محكمة فرنسية، اليوم الاثنين، زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان بالاختلاس، وقضت بحبسها عامين، وتغريمها 100 ألف يورو، ومنعها من الترشح للانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (باريس )

حصيلة قتلى زلزال ميانمار ترتفع إلى 3000

أشخاص ينظرون إلى معبد منهار في أعقاب زلزال بماندالاي بميانمار (إ.ب.أ)
أشخاص ينظرون إلى معبد منهار في أعقاب زلزال بماندالاي بميانمار (إ.ب.أ)
TT
20

حصيلة قتلى زلزال ميانمار ترتفع إلى 3000

أشخاص ينظرون إلى معبد منهار في أعقاب زلزال بماندالاي بميانمار (إ.ب.أ)
أشخاص ينظرون إلى معبد منهار في أعقاب زلزال بماندالاي بميانمار (إ.ب.أ)

ارتفعت حصيلة القتلى بسبب زلزال قوي ضرب ميانمار إلى 2886، طبقاً لما ذكره المجلس العسكري الحاكم، فيما أصيب أكثر من 4600 آخرين، وما زال نحو 370 في عداد المفقودين بعد خمسة أيام من وقوع الزلزال.

وقال زعيم المجلس العسكري مين أونغ هلاينغ، الأربعاء، إن الآمال في العثور على مزيد من الناجين تحت الأنقاض تتضاءل الآن، وفق «وكالة الأنباء الألمانية». وتحذر منظمات الإغاثة من أن العدد الحقيقي للأشخاص المفقودين ربما يكون أعلى بكثير من الأرقام الرسمية. وذكرت منظمة «أطباء بلا حدود» أن الصراع المستمر وانقطاع الاتصالات والقيود المفروضة على الوصول، تجعل من الصعب تقييم النطاق الكامل للكارثة والاحتياجات الطبية، لا سيما في المناطق النائية. وكان زلزال بقوة 7.7 درجة على مقياس ريختر قد ضرب مدينة ماندالاي، ثاني أكبر مدن ميانمار، ومنطقة ساغاينغ ومدينة نايبيداو، يوم الجمعة الماضي. وشعر سكان بانكوك بالهزات الأرضية على مسافة تزيد على ألف كيلومتر.

دمار واسع

وبعد خمسة أيّام من الزلزال، ما زال كثيرون ينامون في العراء ويفتقرون إلى ملاجئ، في حين تتواصل الهزّات الارتدادية باعثة في نفوسهم الخوف من انهيار مبان جديدة.

رجال الإنقاذ خلال عمليات البحث عن ناجين جراء الزلزال في ميانمار (إ.ب.أ)
رجال الإنقاذ خلال عمليات البحث عن ناجين جراء الزلزال في ميانمار (إ.ب.أ)

وستظل الأعلام منكسة حتّى الأحد، خلال أسبوع الحداد الوطني الذي أعلنه المجلس العسكري الحاكم يوم الاثنين، حداداً على أرواح الضحايا؛ كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ويصعب جمع المعلومات في ظلّ الحرب الأهلية التي أنهكت المنشآت الحيوية، وأحدثت شروخاً في بلد تنشط فيه عشرات المجموعات المسلّحة من الأقلّيات الإثنية والمعارضين السياسيين.

امرأة تمشي بجوار المباني المدمرة في ماندالاي أول أبريل 2025 (أ.ف.ب)
امرأة تمشي بجوار المباني المدمرة في ماندالاي أول أبريل 2025 (أ.ف.ب)

وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية مقتل اثنين من رعاياها، في حين أفادت «وكالة أنباء الصين الجديدة» بمقتل ثلاثة صينيين في الزلزال. وقضى نحو 500 مصلّ في المساجد خلال صلاة الجمعة وقت وقوع الزلزال، بحسب ما أوردت صحيفة «غلوبال نيو لايت أوف ميانمار» المقرّبة من المجلس العسكري الحاكم. وشهدت مدينة ماندالاي، التي تضمّ أكثر من 1.7 مليون نسمة، دماراً واسعاً إثر انهيار كثير من المباني السكنية. وقال سو تينت، الذي يضطر مثل المئات غيره للمبيت في العراء: «لا أشعر بالأمان، فمبانٍ كثيرة من ستة أو سبعة طوابق قرب بيتي باتت مائلة، وهي مهدّدة بالانهيار في أي وقت». وأضاف: «نواجه مشكلات كثيرة، مثل الحصول على المياه والكهرباء والوصول إلى المراحيض».

انهيار المنظومة الصحية

ينام البعض في خيم، غير أن كثيرين آخرين، بمن فيهم رضّع وأطفال، يفترشون الطرق مع الابتعاد قدر المستطاع عن المباني المتضرّرة. وفي كلّ أنحاء المدينة تقريباً، تداعت مجمّعات سكنية وفنادق، في حين دُمّر موقع بوذي. وتنبعث رائحة الجثث المتحلّلة من مواقع منكوبة. وفي المستشفى الرئيس بالمدينة، يعالج مئات المرضى، ومنهم رضّع وكبار في السنّ، في موقف السيارات على أسرة متنقّلة، تحسّباً لأي هزّات ارتدادية. وفي ضاحية ماندالاي، تلقّت محرقة مئات الجثث، ويُنتظر نقل المزيد إليها مع تواصل انتشال الضحايا من تحت الأنقاض.

قال المجلس العسكري الحاكم في ميانمار إن عدد قتلى الزلزال ارتفع إلى قرابة 3000 (أ.ف.ب)
قال المجلس العسكري الحاكم في ميانمار إن عدد قتلى الزلزال ارتفع إلى قرابة 3000 (أ.ف.ب)

وارتدّ النزاع المدني الذي اندلع عقب الانقلاب الذي أطاح في الأوّل من فبراير (شباط) 2021، حكومة آونغ سان سو تشي المنتخبة، سلباً على نظام الصحة الذي كان وضعه مقلقاً أصلاً قبل الزلزال، مع تسبب المعارك بنزوح أكثر من 3.5 مليون شخص في وضع هشّ، بحسب الأمم المتحدة. وفيما أكّد المجلس العسكري الحاكم أنه يبذل ما في وسعه، إلا أنّ معلومات وردت في الأيّام الأخيرة عن ضربات جوّية ضدّ خصومه. وأعلن تحالف من ثلاث جماعات إثنية مسلحة متمردة على المجلس العسكري، الثلاثاء، نيّته التزام وقف إطلاق النار من جانب واحد لمدة شهر لأسباب إنسانية.

ودعت المبعوثة الأممية الخاصة لميانمار جولي بيشوب، الاثنين، كلّ الأطراف إلى وقف الأعمال العدائية، وإعطاء الأولية لعمليات إسعاف المدنيين. من جهته، أكد المنسّق الإنساني للأمم المتحدة من رانغون الثلاثاء، أنّ المنظمة لم تلحظ عرقلة أو الاستحواذ على المساعدات الإنسانية، في إطار استجابتها للزلزال في ميانمار. وقال ماركولويجي كورسي: «حتى الآن، تمكّنا من توصيل المساعدات للسكان».

جانب من الدمار جراء الزلزال الذي ضرب ميانمار (أ.ب)
جانب من الدمار جراء الزلزال الذي ضرب ميانمار (أ.ب)

وأوضح خلال مؤتمر صحافي أن «توزيع المواد المختلفة جارٍ ولم نواجه أي عراقيل حتى الآن... على حدّ علمي لم يحدث أي استيلاء على المساعدات». وأشار إلى أنّ استجابة الأمم المتحدة للزلزال تتم «بالتنسيق» مع جميع الأطراف المعنية على الأرض، بما في ذلك «السلطات العسكرية» الحاكمة. ووجه رئيس المجلس العسكري مين آونغ هلاينغ الجمعة نداء استغاثة إلى المجتمع الدولي، في خطوة نادرة جدّاً من نوعها في البلد تعكس هول الكارثة. ووضعت منظمة الصحة العالمية، الأحد، ميانمار في أعلى سلّم أولويّاتها الطارئة، في حين أطلق الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر نداء لجمع أكثر من مائة مليون دولار للبلد. وأوفدت الصين وروسيا والهند فرقاً إلى ميانمار، في حين أعلنت الولايات المتحدة إيفاد «خبراء إنسانيين». ووصل نحو ألف مسعف أجنبي إلى ميانمار. وسمحت عمليات الإغاثة بانتشال نحو 650 شخصاً على قيد الحياة من تحت الأنقاض، وفق الإعلام التابع للمجلس العسكري. ومن المرتقب أن يبقى الطقس في ماندالاي حارّاً بحدود 40 درجة مئوية.

عشرات المفقودين في بانكوك

وعلى مسافة نحو ألف كيلومتر من مركز الزلزال، تواصلت عمليات الإغاثة الثلاثاء في بانكوك بحثاً عن ناجين بين أنقاض برج قيد الإنشاء من 30 طابقاً انهار بالكامل. وقضى نحو 20 شخصاً في الزلزال في العاصمة التايلاندية، ولا يزال العشرات في عداد المفقودين. وفي السياق، أشار حاكم بانكوك تشادشارت سيتيبونب في مؤتمر صحافي الثلاثاء، إلى أنّ جهود الإنقاذ في موقع الانهيار دخلت «مرحلة ثانية»، تتضمّن «رفع المواد الثقيلة، مثل الأعمدة». وقال: «نأمل أن يكون هناك أحياء... سنواصل العمل».