كوريا الشمالية المنشغلة في روسيا غير مرجّح قبولها مبادرة ترمب

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يلتقي كبار المسؤولين في حزب العمال الكوري في بيونج يانغ بكوريا الشمالية في 10 سبتمبر 2024 (رويترز)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يلتقي كبار المسؤولين في حزب العمال الكوري في بيونج يانغ بكوريا الشمالية في 10 سبتمبر 2024 (رويترز)
TT

كوريا الشمالية المنشغلة في روسيا غير مرجّح قبولها مبادرة ترمب

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يلتقي كبار المسؤولين في حزب العمال الكوري في بيونج يانغ بكوريا الشمالية في 10 سبتمبر 2024 (رويترز)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يلتقي كبار المسؤولين في حزب العمال الكوري في بيونج يانغ بكوريا الشمالية في 10 سبتمبر 2024 (رويترز)

في أول انتقاد مباشر لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، هاجمت كوريا الشمالية وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لوصفه لها بأنها دولة «مارقة»، وحذّرت، يوم الاثنين، من أن مثل هذه «التصريحات الفظة وغير المنطقية» لن تسهم أبداً في المصالح الأميركية، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

هذا البيان هو الأحدث في سلسلة من الإشارات الكورية الشمالية بأنها غير مهتمة باستئناف الدبلوماسية مع الولايات المتحدة في أي وقت قريب، على الرغم من أن ترمب قال إنه سيتواصل مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.

يقول عدد من الخبراء إن كيم، المنشغل بنشر قواته في روسيا، من المرجح أن يركز على التطورات في الحرب الروسية الأوكرانية في الوقت الحالي، لكنهم يقولون إن كيم سيفكر بجدية في النهاية في مبادرة ترمب إذا قدّر أنه لا يستطيع الحفاظ على الشراكة القوية الحالية مع روسيا بعد انتهاء الحرب.

«الآن، كيم جون جونغ أون يائس للحفاظ على التحالف الذي لا يتزعزع مع روسيا، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كانت روسيا ستحافظ على ذلك كما يتمنى»، قال مون سيونغ موك، المحلل في معهد أبحاث كوريا للاستراتيجية الوطنية ومقره سيول (كوريا الجنوبية).

إليكم نظرة على احتمالات استئناف محتمل لدبلوماسية بين ترمب وكيم، وفق تحليل لوكالة «أسوشييتد برس».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يصافح زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في فندق كابيلا على جزيرة سنتوسا بسنغافورة 12 يونيو 2018 (رويترز)

ترمب يلمّح لعودة المفاوضات مع كيم

خلال فترة ولايته الأولى، التقى ترمب بكيم 3 مرات في 2018 - 2019 ليصبح أول رئيس أميركي في منصبه يعقد قمة مع زعيم كوري شمالي. انهارت المفاوضات بشأن البرنامج النووي لكوريا الشمالية في النهاية، لكن عودة ترمب إلى البيت الأبيض أثارت تكهنات بأن جولة جديدة من المحادثات قد تبدأ قريباً.

في يوم تنصيبه، تفاخر ترمب، متحدثاً إلى القوات الأميركية في كوريا الجنوبية عبر الفيديو، بعلاقاته الشخصية مع كيم.

قال ترمب: «لديكم شخص ذو نيات سيئة للغاية، أعتقد. قد تقولون إنه على الرغم من أنني طورت علاقة جيدة جداً معه، فإنه شخص صعب المراس».

خلال مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الأميركية بُثت في 23 يناير (كانون الثاني)، وصف ترمب كيم بأنه «رجل ذكي» و«ليس متعصباً دينياً». وعندما سئل عما إذا كان سيتواصل مع كيم مرة أخرى، أجاب ترمب: «سأفعل، نعم».

تواصل كوريا الشمالية عداءها للولايات المتحدة. لم ترد كوريا الشمالية بشكل مباشر على عرض ترمب، ولكنها مضت قدماً في أنشطة اختبار الأسلحة والخطاب العدواني ضد الولايات المتحدة. في ديسمبر (كانون الأول)، تعهد كيم بتنفيذ «أشد» سياسة مناهضة للولايات المتحدة.

من المرجح أن يشك كيم في التنازلات التي يمكن أن ينتزعها من ترمب، نظراً لانهيار محادثاتهما السابقة في فيتنام بعد رفض الرئيس الأميركي عرض كيم بتفكيك مجمعه النووي الرئيسي، وهي خطوة محدودة لنزع السلاح النووي، مقابل تخفيف العقوبات على نطاق واسع المفروضة على كوريا الشمالية. ربما كان الانهيار بالمحادثات بمثابة انتكاسة لكيم محلياً على الرغم من أن القمم قدمت له الاعتراف الدبلوماسي الذي كان في أمسّ الحاجة إليه على المسرح العالمي.

وقال كواك جيل سوب، رئيس مركز كوريا الواحدة، وهو موقع متخصص في شؤون كوريا الشمالية، إن «كيم عانى شخصياً من إذلال كبير بسبب عدم التوصل إلى اتفاق في هانوي». وأضاف: «لا أعتقد أنه (كيم) سيستجيب بسرعة لمقترح ترمب».

قال كيم في نوفمبر (تشرين الثاني)، إن المفاوضات مع الولايات المتحدة أكدت فقط عداء واشنطن «غير القابل للتغيير» تجاه بلاده ووصف بناء ترسانة كوريا الشمالية النووية بأنه السبيل الوحيد لمواجهة التهديدات الخارجية. وقال كواك إن كوريا الشمالية ستظل على الأرجح تتجنب الاستفزازات البارزة مثل الاختبار النووي، مع العلم أن ترمب يركز أكثر على قضايا أخرى مثل حروب التعريفات الجمركية والصين.

استمرار «السياسة العدائية»

قالت وزارة الخارجية الكورية الشمالية، يوم الاثنين، إن تعليقات روبيو أكدت أن السياسة العدائية للولايات المتحدة لا تزال دون تغيير. ومن المرجح أن خارجية كوريا الشمالية كانت تشير إلى ظهور روبيو في «عرض ميغان كيلي» في 30 يناير، حيث وصف كوريا الشمالية وإيران بـ«الدول المارقة» أثناء معالجة تحديات السياسة الخارجية الأميركية.

في الوقت الحالي، يركز كيم على حرب روسيا وأوكرانيا، ويبدو أن أولوية كيم هي إرسال ما يقدر بنحو 10 آلاف إلى 12 ألف جندي كوري شمالي لدعم جهود الحرب الروسية التي استمرت 3 سنوات ضد أوكرانيا، وهي أول مشاركة كبرى لكوريا الشمالية في حرب أجنبية. كما زودت كوريا الشمالية روسيا بكمية كبيرة جداً من المدفعية والأسلحة التقليدية الأخرى، وفق «أسوشييتد برس». وفي المقابل، يبدو أن كوريا الشمالية تتلقى مساعدات اقتصادية وعسكرية من روسيا. ففي يونيو (حزيران) الماضي، وقّع كيم والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على اتفاق تاريخي يتعهدان فيه بتقديم المساعدة العسكرية المتبادلة إذا تعرضت أي من الدولتين لهجوم. وتخشى سيول وواشنطن وشركاؤهما أن يمنح بوتين كيم تقنيات متطورة يمكنها تعزيز برامجه الصاروخية النووية بشكل حاد.

ساعدت العلاقات المزدهرة مع روسيا كيم على تحمل وطأة حملة الضغط التي تقودها الولايات المتحدة على كوريا الشمالية، ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت روسيا وكوريا الشمالية ستحافظان على المستوى نفسه من العلاقات بعد نهاية الحرب.

وقال المحلل مون: «عندما تنتهي الحرب، قد لا يكون كيم شريكاً حيوياً لبوتين بعد ذلك. وإذا فشل كيم في الفوز بما يريده من بوتين، فقد يحوّل تركيز سياسته الدبلوماسية إلى الولايات المتحدة».


مقالات ذات صلة

صحيفة: أميركا تقدم مقترحاً جديداً للسيطرة الشاملة على موارد أوكرانيا

أوروبا انتهى اللقاء بين ترمب وزيلينسكي دون توقيع اتفاق المعادن في 28 فبراير 2025 (أ.ب) play-circle

صحيفة: أميركا تقدم مقترحاً جديداً للسيطرة الشاملة على موارد أوكرانيا

تسعى الولايات المتحدة إلى إبرام صفقة جديدة شاملة للسيطرة على المعادن وأصول الطاقة الحيوية في أوكرانيا، بينما لا تقدم لكييف أي ضمانات أمنية في المقابل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الغوياني محمد عرفان علي في جورج تاون بغويانا 27 مارس 2025 (أ.ب)

روبيو: واشنطن لن تمنح تأشيرات للذين يشاركون في «تخريب الجامعات»

صرّح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، اليوم، أن تأشيرة طالب تركي محتجَز ببوسطن أُلغيت لأن واشنطن لن تمنح تأشيرات لمن يشاركون في حركات «تخريب الجامعات».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي (رويترز)

زيلينسكي: موقف أميركا تجاه روسيا يجب أن يكون أشد

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الخميس، إن الولايات المتحدة تغير «باستمرار» شروط اتفاق المعادن المقترح مع بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم خلال لقاء سابق بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

ماكرون: أبلغت ترمب أن الرسوم الجمركية فكرة سيئة

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الخميس)، إنه أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن اقتراح الرسوم الجمركية ليس فكرة جيدة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ صورة مأخوذة من فيديو كاميرا المراقبة يظهر احتجاز روميساء أوزتورك طالبة دكتوراه في جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس 25 مارس 2025 (أ.ب)

أميركا: اعتقال طالب دكتوراه إيراني بجامعة ألاباما

أعلنت جامعة ألاباما في بيانٍ لوسائل الإعلام، يوم الأربعاء، أن سلطات الهجرة الاتحادية الأميركية احتجزت طالب دكتوراه إيرانياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

واشنطن تلغي مكافآت مرصودة لقاء معلومات عن قادة شبكة حقّاني

رفع المكافآت شمل وزير الداخلية الأفغاني سراج الدين حقاني (وسط) واثنين من أقاربه (أ.ف.ب)
رفع المكافآت شمل وزير الداخلية الأفغاني سراج الدين حقاني (وسط) واثنين من أقاربه (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تلغي مكافآت مرصودة لقاء معلومات عن قادة شبكة حقّاني

رفع المكافآت شمل وزير الداخلية الأفغاني سراج الدين حقاني (وسط) واثنين من أقاربه (أ.ف.ب)
رفع المكافآت شمل وزير الداخلية الأفغاني سراج الدين حقاني (وسط) واثنين من أقاربه (أ.ف.ب)

ألغت الولايات المتحدة مكافآت بملايين الدولارات سبق أن رصدتها لقاء أي معلومات تقود إلى قادة شبكة حقّاني الأفغانية، بينهم وزير الداخلية الحالي في حكومة «طالبان»، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية والحركة.

وشبكة حقّاني متّهمة بالضلوع في عدد من الهجمات الأكثر فتكاً خلال فترة الحرب الأفغانية التي استمرت عقوداً.

ما زال هؤلاء القادة على «قائمة واشنطن للإرهابيين العالميين» لكن من دون مكافآت لقاء معلومات عنهم.

سراج الدين حقاني وزير داخلية «طالبان» (نيويورك تايمز)

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية التابعة لـ«طالبان» عبد المتين قاني، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن واشنطن «ألغت المكافآت» المرصودة بشأن سراج الدين حقّاني الذي يتزعّم أيضاً شبكة حقّاني، وقياديين آخرين هما عبد العزيز حقّاني ويحيى حقّاني.

لطالما كان سراج الدين حقّاني من بين أهم أهداف واشنطن التي رصدت مبلغاً قدره 10 ملايين دولار لقاء معلومات تقود إليه.

وقالت «الخارجية» الأميركية إن «الأشخاص الثلاثة المذكورين ما زالوا مصنّفين على أنهم إرهابيون عالميون وما زالت شبكة حقّاني مصنّفة على أنها منظمة إرهابية أجنبية».

لكن بينما بقيت أسماؤهم مدرجة على صفحة المطلوبين، فإن مكتب التحقيقات الفيدرالي أزال المكافأة التي كانت على موقعه الإلكتروني.

وقال ناطق باسم «الخارجية» الأميركية، لوكالة الصحافة الفرنسية، الأربعاء، إن «سياسة الولايات المتحدة تقوم على مراجعة وتحديث (المكافآت من أجل العدالة)، بشكل دائم».

جاء إلغاء المكافأة بعد أيام على أول زيارة أجراها مسؤولون أميركيون إلى أفغانستان منذ عودة الرئيس دونالد ترمب إلى السلطة والإعلان لاحقاً عن إطلاق سلطات «طالبان» سراح مواطن أميركي.

يتحدث وزير الداخلية بالوكالة سراج الدين حقاني خلال صلاة الجنازة على خليل حقاني وزير اللاجئين والعودة في ولاية باكتيا الشرقية بأفغانستان في 12 ديسمبر 2024 (أ.ب)

وقال المحلل السياسي الأفغاني المقيم في الولايات المتحدة عبد الواحد فقيري، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن إلغاء المكافأة خطوة «رمزية إلى حد كبير» على الأرجح لكنها وسيلة للولايات المتحدة لـ«تقدير» مساعي سراج الدين حقّاني للظهور بمظهر أكثر اعتدالاً.

وتتحدّث تقارير إعلامية عن تصاعد التوتر بين شخصيات شبكة حقّاني «البراغماتية» وتلك الأكثر تشدداً من المقرّبين من القائد الأعلى لـ«طالبان» هبة الله أخوند زاده الساعين لمزيد من النفوذ ضمن الحكومة.

ورغم المكافأة الأميركية وقرارات حظر السفر الصادرة بحقه، فإن سراج الدين حقّاني سافر إلى خارج أفغانستان مرّات عدة منذ عودة حكومة «طالبان» إلى السلطة عام 2021.

ولا تعترف أي دولة بالحكومة في كابل التي عبرت عن رغبتها في بدء «فصل جديد» في العلاقة مع إدارة ترمب.

وقّع ترمب اتفاق سلام مع «طالبان» خلال ولايته الرئاسية الأولى، مهّد للانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021 وعودة الحركة إلى السلطة.