مشروبات الطاقة ملاذ الأفغان بمواجهة ضغوطات الحياة

يرى أفغان كثر أن مشروبات الطاقة وسيلة لسد النقص في الأنظمة الغذائية (أ.ف.ب)
يرى أفغان كثر أن مشروبات الطاقة وسيلة لسد النقص في الأنظمة الغذائية (أ.ف.ب)
TT

مشروبات الطاقة ملاذ الأفغان بمواجهة ضغوطات الحياة

يرى أفغان كثر أن مشروبات الطاقة وسيلة لسد النقص في الأنظمة الغذائية (أ.ف.ب)
يرى أفغان كثر أن مشروبات الطاقة وسيلة لسد النقص في الأنظمة الغذائية (أ.ف.ب)

يُنتج مستودع في غرب أفغانستان 24 مشروباً للطاقة كل ثانية، لتلبية حاجات السكان المتعطشين لهذه المنتجات المنشطة التي يتهافتون على شرائها لتناسي مصاعب الحياة ورفع معنوياتهم المتدهورة.

وقد تخلصت حكومة «طالبان» من علامات كثيرة تربطها بالثقافة الغربية، لكن طفرة في تناول مشروبات الطاقة لا تزال متواصلة منذ وصول القوات الأميركية إلى البلاد قبل أكثر من عقدين، حتى إن صناعة محلية مزدهرة قد نشأت.

وتحظر أفغانستان الكحول، لكن مشروبات الطاقة الغنية بالكافيين رائجة لدى مختلف الأوساط الاجتماعية، من الشرطة السرية إلى الأطفال، وتنتشر إعلاناتها على اللوحات أكثر حتى من الدعايات الحكومية لـ«طالبان». وتستحضر علامات تجارية محلية عدة بأسمائها الحرب الماضية، من أمثال «كوماندوز» و«أتاك» و«بريديتور».

ويقول ميلاد غزنوي في جناح سوبر ماركت في مدينة هرات يضم 40 نوعاً من المشروبات: «من الواضح أن هناك المزيد من الصراعات وصعوبات الحياة بين الشباب هنا». ويوضح الشاب البالغ 19 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «مشروبات الطاقة أصبحت نوعاً من العادة والشغف لدى الناس»، مضيفاً: «هم يستهلكون أي شيء يريحهم». ويلفت غزنوي إلى أنه كان «مدمناً» على مشروبات الطاقة، لكنه أقلع عن تناولها لأسباب صحية.

تقول شركة «بامير كولا» إنها تنتج أكثر من مليون عبوة مشروب يومياً (أ.ف.ب)

«نشرب الطاقة»

يرى أفغان كثر أن مشروبات الطاقة، التي تحتوي على نسبة عالية من الكافيين والسكر وتتوفر غالباً أكثر من مياه الشرب في أكشاك على جوانب الطرق، وسيلة لسد النقص في الأنظمة الغذائية.

وبحسب برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، فإن ما يقرب من 90 في المائة من الناس الذين يعانون من الفقر في أفغانستان، يستهلكون أطعمة غير مناسبة.زتكشف أحدث البيانات الصادرة في مارس (آذار) عن أن 86 في المائة من الأسر تعتمد على أنواع غذائية غير صحية بدرجة كافية وأطعمة رخيصة، مع اضطرار أكثر من ثلثهم إلى خفض عدد وجبات الطعام، وأكثر من النصف إلى خفض حجم الحصص الغذائية.

يتناول غلزار، وهو عامل، خلال أيام عمله الشاق الذي يمتد 14 ساعة، أربع عبوات من مشروب الطاقة «هيت» يومياً.

ويقول الرجل البالغ 40 عاماً: «نحن نعمل هنا، ونتعرق، لذلك عندما نتعب نشرب الطاقة»، مضيفاً: «إذا لم نشرب، نشعر بالتعب والصداع والوهن». لكن شرب هذا العدد الكبير من مشروبات الطاقة له تكلفة.

تأثيرات صحية

يحتوي نظام غلزار الغذائي على أكثر من 100 غرام من السكر، أي ضعف الكمية التي توصي بها «منظمة الصحة العالمية»، بالإضافة إلى جرعة من الكافيين تعادل ستة أكواب من قهوة الإسبريسو، ما يشبهه الرجل الأربعيني بعادة التدخين.

وبحسب إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إيه)، يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول الكافيين إلى ارتفاع ضغط الدم وخفقان القلب والقلق والأرق. لكن غلزار يقول إنه ليس لديه خيار آخر، مضيفاً: «أفغانستان باتت دون خط الفقر. لو كانت لدينا موارد كافية لما كنا لنتناولها».

تكلف العلامات التجارية المحلية نحو 30 أفغانياً فقط (0.40 دولار)، بينما لا يستطيع معظم الناس تحمل تكاليف شراء مشروبات الطاقة المستوردة من علامات تجارية معروفة مثل «ريد بول» أو «مونستر»، وهما اثنان من أكثر الأسماء العالمية شهرة.

كما أن أفراد الفئات الأفغانية الأفقر الذين يعتمدون على المساعدات الأجنبية المتضائلة، غير قادرين على شراء مشروبات الطاقة، ويعيشون بدلاً من ذلك على الخبز والشاي الأخضر المحتوي على الكافيين.

«تزيل التعب»

اختُرعت مشروبات الطاقة في اليابان عام 1962، ولكنها اكتسبت شعبية كبيرة خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لتصبح قطاعاً عالمياً تناهز قيمته 40 مليار دولار هذا العام، وفق شركة الأبحاث «فيوتشر ماركت إنسايتس» Future Market Insights.

في مدينة هرات الصناعية في غرب البلاد، تقول شركة «بامير كولا» إنها تنتج أكثر من مليون عبوة مشروب يومياً. ومع ذلك، تشير الشركة إلى أنها لاعب صغير في قطاع تقدّر أنها تنتج علبتين يومياً لكل من مواطني أفغانستان البالغ عددهم 40 مليوناً.

من المستحيل التحقق من هذا الرقم بسبب قلة البيانات حول التجارة الأفغانية. وتلفت «بامير كولا» إلى أنها تعتمد في صناعتها على معايير الاتحاد الأوروبي، في سوق أفغانية غير منظمة إلى حد كبير.

على جانب طريق سريع في كابل، يكدّس الباعة مشروبات الطاقة بجانب حركة المرور التي لا تهدأ. يقول أحمد غلاب (36 عاماً) الذي يبيع أحياناً هذه المشروبات لزبائنه بالصناديق: «إنها تزيل تعبهم. إنها متعتهم في الحياة».


مقالات ذات صلة

الإمارات والولايات المتحدة تجددان التزامهما بحماية حقوق النساء والفتيات في أفغانستان

الخليج لانا نسيبة مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية ورينا أميري مبعوثة الولايات المتحدة للمرأة والفتاة الأفغانية وحقوق الإنسان (وام)

الإمارات والولايات المتحدة تجددان التزامهما بحماية حقوق النساء والفتيات في أفغانستان

جددت الإمارات والولايات المتحدة الأميركية التزامهما بتعزيز وحماية حقوق النساء والفتيات في أفغانستان، وأكدتا أن هذه القضايا حاسمة من أجل إيجاد بلاد مستدامة.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
آسيا يحذر الخبراء من الكوارث الصحية التي قد تنتج عن الإكثار من استخدام مثل هذه الأواني (أرشيفية- رويترز)

التسمم الصامت: أواني الطهي القاتلة تهدد حياة الأفغان

تستخدم العائلات أواني طهي تقليدية تحمل في طياتها سموماً بطيئة تقودهم نحو الموت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا قوات الأمن الباكستانية في بيشاور 15 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

باكستان تستدعي مبعوث «طالبان» عقب هجوم على قاعدة عسكرية

استدعت وزارة الخارجية الباكستانية، نائب رئيس بعثة «طالبان»، وحثّت إدارة الحركة على اتخاذ إجراءات ضد جماعات متشددة متمركزة في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
تحليل إخباري صورة نشرتها وزارة الخارجية الروسية للقاء سابق بين الوزير لافروف وقادة من حركة «طالبان»

تحليل إخباري من العداء إلى التعاون... كيف تحولت السياسة الخارجية الروسية تجاه «طالبان»؟!

بعد سنوات من التوتر والصراع مع حركة «طالبان»، بدأت روسيا في تغيير موقفها تجاه الحركة، من خلال رفعها القيود وتسوية العلاقات، وهي تحركات تثير تساؤلات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - موسكو)
آسيا وفد من حركة «طالبان» لدى حضوره للمشاركة في منتدى اقتصادي بسان بطرسبرغ في روسيا يوم 6 يونيو (أ.ب)

حكومة «طالبان» تؤكد مشاركتها في الجولة الثالثة من محادثات الدوحة

أكد متحدث باسم الحكومة الأفغانية، الأحد، أن سلطات «طالبان» ستشارك في الجولة الثالثة من المحادثات حول أفغانستان التي تجري في الدوحة برعاية الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كابل)

باكستان: مشرعون من حزب عمران خان يواجهون اتهامات بالإرهاب

رئيس الوزراء الباكستاني السابق المسجون عمران خان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الباكستاني السابق المسجون عمران خان (د.ب.أ)
TT

باكستان: مشرعون من حزب عمران خان يواجهون اتهامات بالإرهاب

رئيس الوزراء الباكستاني السابق المسجون عمران خان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الباكستاني السابق المسجون عمران خان (د.ب.أ)

أظهرت لوائح اتهام لدى الشرطة، اطلعت عليها وكالة «رويترز»، اليوم (الأربعاء)، أنه سيتم توجيه اتهامات تتعلق بالإرهاب لعدة مشرعين وزعماء في حزب رئيس الوزراء السابق المسجون عمران خان، وذلك بعد إلقاء القبض عليهم في أعقاب مسيرة نظموها للمطالبة بالإفراج عنه.

ولا يزال هؤلاء الأشخاص المنتمون لحزب «حركة الإنصاف» رهن الاحتجاز لدى الشرطة منذ اعتقالهم بعد مسيرة يوم الأحد التي شهدت أعمال عنف.

وسُجن خان، نجم الكريكيت السابق الذي يبلغ من العمر 71 عاماً، قبل أكثر من عام منذ الإطاحة به في 2022 بعد خلاف بينه وبين جنرالات من الجيش يتمتعون بالنفوذ، أدى إلى أسوأ أزمة سياسية منذ عقود في البلد الذي يبلغ عدد سكانه 241 مليون نسمة.

وأظهرت لوائح الاتهام أن من بين المتهمين علي أمين جاندابور رئيس حكومة إقليم خيبر بختون خوا شمال غربي البلاد، حيث يقود حزب خان حكومة أغلبية في الإقليم.

وأوضح متحدث باسم شرطة إسلام آباد إن الاتهامات ستتضمن انتهاك القانون والنظام ومهاجمة مسؤولي إنفاذ قانون. ولم يذكر عدد المحتجزين أو مزيداً من التفاصيل.

وقال حزب «حركة الإنصاف» إن 12 من أعضائه في البرلمان تقريباً قُبض عليهم في إسلام آباد. وذكر الحزب أن آخرين لاذوا بمقر البرلمان للإفلات من الشرطة التي دخلت المبنى للقبض على بعضهم.

وأعلن الحزب تنظيم احتجاجات في أنحاء البلاد على حملة القمع يوم الجمعة.