تقرير: النخبة في كوريا الشمالية «سئمت من سلوك كيم المتهور»

الزعيم خلق «جواً من القلق وعدم اليقين» في البلاد

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (أ.ف.ب)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (أ.ف.ب)
TT

تقرير: النخبة في كوريا الشمالية «سئمت من سلوك كيم المتهور»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (أ.ف.ب)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (أ.ف.ب)

كشف أحد المنشقين رفيعي المستوى في كوريا الشمالية، الذي دعا إلى بذل جهود أكبر لزعزعة استقرار النظام الاستبدادي، عن أن النخبة في البلاد أصبحت «محبطة» من سلوك الزعيم كيم جونغ أون «غير المنتظم».

عمل ري إيل جيو (52 عاماً) مستشاراً سياسياً في السفارة الكورية الشمالية في كوبا، حتى هرب في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ليصبح أعلى منشق رتبة منذ عام 2016. وهو الآن شخصية إعلامية معروفة في كوريا الجنوبية، وفقاً لصحيفة «التلغراف».

أخبر منتدى كوريا العالمي في العاصمة الجنوبية سيول، هذا الأسبوع، أن الطبقة العليا في الدولة المنعزلة شهدت تحولاً كبيراً في نظرتها إلى سلالة عائلة كيم.

وقال ري: «لقد أُصيبوا بخيبة أمل من النظام؛ بسبب سلوك كيم جونغ أون المتهور»، موضحاً أن معاقبة الأخطاء البسيطة بالفصل وحتى الإعدام، خلقت «جواً من القلق وعدم اليقين».

وذكرت تقارير أن كيم أمر بإعدام ما بين 20 و30 مسؤولاً حكومياً إقليمياً؛ بسبب فشلهم المزعوم في تقليل الدمار الناجم عن الفيضانات الواسعة النطاق في يوليو (تموز)، التي قتلت الآلاف.

وأفادت قناة تلفزيونية كورية جنوبية، نقلاً عن مسؤول كوري شمالي لم يذكر اسمه، بأن المسؤولين اتُّهموا بالفساد والتقصير في أداء الواجب.

وكان كيم قد تعهّد في أواخر يوليو «بمعاقبة المسؤولين بشدة» على «الإهمال الشديد» لواجباتهم.

وأشار ري إلى أن المواطنين كانوا مترددين في الانتفاضة ضد حكم كيم؛ بسبب نظام المراقبة القاسي، والقمع الوحشي لأي معارضة.

وأضاف أن «حرب كيم على الفساد» عزّزت ثقافة الرشوة بين المسؤولين الكوريين الشماليين، الذين عدّوها تكتيكاً للبقاء.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (وسط الصورة) يتفقد مصانع إقليمية قيد الإنشاء (أ.ف.ب)

وحثّ الحكومة الكورية الجنوبية على تكثيف الجهود لتأجيج انهيار الشمال من الداخل، من خلال حملاتٍ إعلاميةٍ مستهدفة داخل البلاد، واستراتيجية لكسب الدبلوماسيين العاملين في الخارج «لبناء قوة من أجل التغيير».

وقال إن سيول كان عليها أن تؤكد على الرسالة التي مفادها بأن كل مَن يعيش تحت النظام هو «عبد لعائلة كيم».

وكان ري قد روى في وقت سابق أن انشقاقه كان مدفوعاً بخيبة الأمل والإحباط من خروج حياته المهنية عن مسارها؛ بسبب عدم قدرته على دفع رشاوى كبيرة لرؤسائه.

لقد اتخذ قرار الانشقاق في عام 2023 بعد رفض طلبه الحصول على إذن للعلاج من إصابة في العمود الفقري، لكنه لم يخطر زوجته وطفله إلا قبل 6 ساعات من موعد هروبهم إلى الخارج.

وأفاد بأن الانتظار لمدة ساعة في المطار «شعرت وكأنها سنوات».

كما كشف ري في المقابلة نفسها، عن أنه تناول الشاي مع كيم جونغ أون. وتابع: «في شخصه، كيم جونغ أون مجرد إنسان عادي. من قريب، لا يمكنك إلا أن تعتقد بأن ضغط دمه يجب أن يكون مرتفعاً للغاية؛ وجهه أحمر دائماً... أكثر احمراراً مما هو عليه على الشاشة».


مقالات ذات صلة

الـ«دبابيس» أحدث وسيلة لتبجيل كيم في كوريا الشمالية

آسيا الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يحضر اجتماع الحزب الحاكم في بيونغ يانغ، كوريا الشمالية يوم الجمعة (وكالة الأنباء المركزية الكورية - أ.ب)

الـ«دبابيس» أحدث وسيلة لتبجيل كيم في كوريا الشمالية

 نشرت وسائل إعلام رسمية في كوريا الشمالية صورا لمسؤولين يرتدون دبابيس صدر تحمل صورة الزعيم كيم جونغ أون للمرة الأولى. فما قصتها؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا طائرة مقاتلة من طراز «سوبر هورنيت» خلال مشاركتها في مناورات «حافة الحرية» (د.ب.أ)

بيونغ يانغ تندد بمناورات نفذتها واشنطن وسيول وطوكيو

ندّدت كوريا الشماليّة بالمناورات العسكريّة المشتركة بين كوريا الجنوبيّة واليابان والولايات المتحدة، واصفة إيّاها بأنّها «النسخة الآسيويّة لحلف شمال الأطلسي».

«الشرق الأوسط» (سيول)
آسيا بوتين يغادر أقصى شرق روسيا إلى كوريا الشمالية

بوتين يغادر أقصى شرق روسيا إلى كوريا الشمالية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غادر منطقة ساخا في أقصى شرق روسيا متوجهاً إلى كوريا الشمالية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا صورة من كوريا الشمالية (بكساباي)

كوريا الشمالية تبني طرقاً وجدراناً داخل المنطقة منزوعة السلاح

أفادت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية، السبت، بأنّ الجيش الكوري الشمالي بنى طرقاً وجدراناً داخل المنطقة منزوعة السلاح التي تفصل بين الشمال والجنوب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا منطاد محمل بالنفايات تم رصده في كوريا الجنوبية (رويترز)

كوريا الشمالية ترسل مناطيد محملة بـ«النفايات والفضلات» إلى سيول

أرسلت كوريا الشمالية مناطيد محملة بنفايات وورق المراحيض وما يشتبه بأنها فضلات حيوانات إلى كوريا الجنوبية، حسبما أعلنت وسائل إعلام محلية اليوم (الأربعاء).

«الشرق الأوسط» (بيونغ يانغ)

في أفغانستان... استخراج الذهب من الإلكترونيات عمل مربح لكن بلا مستقبل (صور)

أفغاني يفصل الذهب عن المعادن الأخرى في ورشة عمل بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية في منطقة سبين بولداك (أ.ف.ب)
أفغاني يفصل الذهب عن المعادن الأخرى في ورشة عمل بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية في منطقة سبين بولداك (أ.ف.ب)
TT

في أفغانستان... استخراج الذهب من الإلكترونيات عمل مربح لكن بلا مستقبل (صور)

أفغاني يفصل الذهب عن المعادن الأخرى في ورشة عمل بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية في منطقة سبين بولداك (أ.ف.ب)
أفغاني يفصل الذهب عن المعادن الأخرى في ورشة عمل بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية في منطقة سبين بولداك (أ.ف.ب)

يعمل عدد من الأفغان، وهم قاعدون أرضاً في ورشة عمل متهالكة بمدينة سبين بولداك، على الحدود مع باكستان، على إعادة تدوير الذهب من النفايات الإلكترونية المتأتية من بلدان غنية، وهو نشاط مربح، ولكن لا مستقبل له، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

من دون قفازات ولا أقنعة واقية، ينكبّ هؤلاء الرجال بالكماشات أو بأيديهم العارية، مرتدين الـ«شالوار قميص» التقليدي، على تفكيك أجهزة تلفزيون قديمة أو حواسيب أو هواتف محمولة، تصل في صناديق قمامة مخصصة لها من اليابان أو هونغ كونغ.

لكنّ هذه الأجهزة لم تعد في كثير من الأحيان تحتوي على الذهب الذي يبحث عنه هؤلاء، لأن المعدن الأصفر بات يُستخدم بدرجة أقل، حتى لا يُستخدم إطلاقاً، في تصنيع الإلكترونيات، نظراً إلى تكلفته العالية.

رجل أفغاني يستخرج الذهب من الكاميرات وأجهزة شاشة الملاحة في السيارات في ورشة عمل بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية في منطقة سبين بولداك (أ.ف.ب)

وبالتالي، تحتاج مهمة هؤلاء الأفغان إلى كثير من الصبر، وخصوصاً أن بلدهم من أقل دول العالم «رقمية»، إذ إن نسبة الأفغان الذين يتمتعون بإمكان استخدام الإنترنت كانت تقتصر في مطلع سنة 2024 على 18.4 في المائة.

ويقول سيد والي آغا، البالغ 50 عاماً، وهو مدير ورشة عمل في المدينة الحدودية التي تضج بمختلف أنواع التجارة، وتزدحم طرقها المتربة بالدراجات البخارية والحافلات الصغيرة ومركبات البضائع الثقيلة المتهالكة: «في شهر واحد، نستخرج 150 غراماً من الذهب».

ويضيف، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: «نبيع كل غرام مقابل 5600 أفغاني»، أي ما يعادل نحو 80 دولاراً.

عامل أفغاني يستخدم حمضاً لفصل الذهب عن المعادن الأخرى بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية (أ.ف.ب)

«عمل متعب جداً»

ويشير إلى أن هذه التجارة انتعشت مجدداً مع استعادة حركة «طالبان» السلطة عام 2021، لأن استخدام الحمض الذي يتيح فصل الذهب عن المعادن الأخرى «كان محظوراً من الحكومة السابقة». كذلك شكّل ارتفاع أسعار الذهب حافزاً أيضاً.

لكن استخراج هذا المعدن الثمين - وهو موصل جيد للحرارة والكهرباء - من المكوّنات الإلكترونية، «يستغرق كثيراً من الوقت»، بحسب والي آغا، نظراً إلى عدم توفر «كثير من المعدات» في متناول العاملين في هذا المجال.

ويقرّ بأنه «عمل متعب جداً»، ناهيك عما ينبعث من أبخرة، وخصوصاً الحمضية منها، فيما يشير أحد موظفيه العشرين إلى أنه يحصل على 165 دولاراً شهرياً، وهو دخل يعدّ لائقاً بشكل عام في أفغانستان.

عامل أفغاني يستخرج الذهب من الكاميرات وأجهزة شاشة الملاحة في ورشة عمل بمنطقة سبين بولداك (أ.ف.ب)

وبعد استخراج الذهب من الأجهزة، يرمي العمال القطع التي لا يحتاجون إليها فتتكدس أكواماً، إحداها مخصصة للمعادن الأخرى التي يعاد بيعها إلى شركات إعادة التدوير الأخرى.

وفي نهاية خط سلسلة العمال، جمع أحدهم ميكروغرامات من الذهب في حوض من الصفيح، فيما كان آخر يتولى معالجتها بالحمض.

وخارج الورشة، يتصاعد دخان أصفر شديد السمية إلى السماء الزرقاء، بفعل عملية تنقية الذهب من شوائبه.

في الدول الغنية، تنفّذ كل هذه العمليات بتقنيات متقدمة، وبسرعة ومن دون عناء ولا خطر.

وفي الورشة المجاورة، يعمل نحو 20 رجلاً أيضاً لدى رحمة الله، في ظروف مهنية لا تقل صعوبة.

ويوضح المدير، البالغ 28 عاماً، أن «العثور على غرام واحد من الذهب يتطلب (تفكيك) 10 أجهزة تلفزيون». ومثل منافسه، يرى أن إعادة تدوير الذهب «عمل جيد».

لكنه يضيف أن «هذه المهنة ليس لها مستقبل».

عمال يستخرجون الذهب من الأجهزة في ورشة عمل بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية (أ.ف.ب)

ويُنقل الذهب المُستخرَج في سبين بولداك إلى ورش المجوهرات في وسط مدينة قندهار، عاصمة الإقليم، على بعد نحو 100 كيلومتر، ومن أبرزها ورشة محمد ياسين.

ويقول الصائغ، البالغ 34 عاماً، وهو يصهر المعدن الثمين في أطباق من الطين بموقد لحام يعود تاريخه إلى العصور القديمة: «إنه ذهب ذو نوعية جيدة جداً، عيار 24 قيراطاً».

أعراس ذهبية

لكنّ ياسين يلاحظ أن «كميات الذهب التي تتلقاها السوق من سبين بولداك آخذة في التناقص»، إذ لا تتعدى «30 إلى 40 غراماً في الأسبوع»، على ما يقول الصائغ الذي يذيب كيلوغراماً واحداً أو 1.2 كيلوغرام من المعدن الأصفر يومياً بفضل مورّدين آخرين، أو من خلال إعادة شراء مجوهرات قديمة.

ويوضح أن «الإلكترونيات اليابانية تحتوي على الذهب، خلافاً لتلك الصينية». ويلاحظ أن «حصة الإلكترونيات اليابانية من السوق تتناقص يوماً بعد يوم، بينما تزيد حصة الصين».

كذلك يَتوقع أن «تتوقف» إعادة التدوير في سبين بولداك، إذ «تعاني أصلاً».

رجل أفغاني يستخرج الذهب من الكاميرات في ورشة عمل بالقرب من الحدود الأفغانية الباكستانية (أ.ف.ب)

ومع أن أفغانستان أحد أفقر بلدان العالم، تزدهر فيها تجارة هذا المعدن الثمين، بفصل الحفلات، ومنها تلك المخصصة للزفاف، وغالباً ما يغرق حتى أفقر الأفغان في الديون لسنوات بسببها.

يقول محمد رضا، وهو صائغ يبلغ 36 عاماً، خلال انهماكه في ورشته بصنع تاج من الذهب الوردي لخطوبة: «كلما زاد عدد حفلات الزفاف، تحسنت أعمالنا».

ويشرح نائب رئيس نقابة صائغي قندهار، أحمد شكيب مشفيكي، إن «التقليد في أفغانستان هو امتلاك الذهب».

وفي متجره بالقرب من السوق القديمة في قندهار، يقول الرجل البالغ 38 عاماً: «لدينا نوعان من الزبائن: سكان المدن الذين يحبون النماذج المتقنة، وأولئك من الريف الذين يحبون النماذج الأبسط».

ويضيف: «عند الحاجة، يمكنهم إعادة بيع ذهبهم».