التسمم الصامت: أواني الطهي القاتلة تهدد حياة الأفغان

يحذر الخبراء من الكوارث الصحية التي قد تنتج عن الإكثار من استخدام مثل هذه الأواني (أرشيفية- رويترز)
يحذر الخبراء من الكوارث الصحية التي قد تنتج عن الإكثار من استخدام مثل هذه الأواني (أرشيفية- رويترز)
TT

التسمم الصامت: أواني الطهي القاتلة تهدد حياة الأفغان

يحذر الخبراء من الكوارث الصحية التي قد تنتج عن الإكثار من استخدام مثل هذه الأواني (أرشيفية- رويترز)
يحذر الخبراء من الكوارث الصحية التي قد تنتج عن الإكثار من استخدام مثل هذه الأواني (أرشيفية- رويترز)

في كل منزل أفغاني تقريباً، يكمن خطر قاتل لا يشعر به أحد؛ حيث تستخدم العائلات أواني طهي تقليدية تحمل في طياتها سموماً بطيئة، تقودهم نحو الموت.

تشير الأدلة المتزايدة إلى أن هذه الأواني المصنوعة من الألمنيوم المعاد تدويره منخفض الجودة، تُعد السبب الرئيسي وراء انتشار التسمم بمادة الرصاص في أفغانستان، بمعدلات تعد من الأعلى في العالم؛ حسبما أفادت صحيفة «التلغراف».

تبدأ القصة بورشات بدائية تنتشر في جميع أنحاء البلاد؛ حيث تُصهَر الخردة المعدنية، كأجزاء السيارات، وتُحوَّل إلى سبائك تُستخدم في صناعة أواني الطهي المعروفة محلياً باسم «كازانات».

وفي هذه الورشات، يفتقر العمال إلى أدنى معايير السلامة، ولا يتوفر لهم سوى أوشحة بسيطة كحماية، بينما يعملون بأيديهم العارية مع المعادن المنصهرة.

طفل فلسطيني نازح يحمل آنية في مخيم مؤقت برفح (أ.ف.ب)

فيروز أحمد -وهو عامل في مصنع بولاية غور- قضى 8 سنوات من حياته في تصنيع هذه الأواني. ورغم معاناته من أعراض التسمم بالرصاص، مثل الصداع وآلام المفاصل وصعوبة التنفس، فإنه يجهل تماماً خطورة الوضع. يسأل بحيرة: «هل هذا الأمر خطير؟».

تشير الدراسات الحديثة إلى أن استخدام «الكازانات» المصنوعة من الألمنيوم المعاد تدويره، يرتبط بشكل مباشر بمستويات الرصاص المرتفعة في دماء الأفغان؛ خصوصاً بين الأطفال.

وفي الولايات المتحدة، أظهرت تحليلات أن أواني الطهي المستوردة من أفغانستان تحتوي على مستويات من الرصاص تتجاوز الحدود المسموح بها بمئات الأضعاف، مما أدى إلى حظر بيعها وتوزيعها في بعض الولايات.

ورغم هذا، فلا يزال الخطر غير معروف بالنسبة لكثيرين داخل أفغانستان، حتى بين مسؤولي الصحة في حكومة «طالبان»، مما يعرض حياة الملايين للخطر.

والأطفال الأفغان هم الأكثر تضرراً؛ حيث يؤثِّر التسمم بالرصاص على نموهم العقلي والجسدي بشكل خطير.

تجارب دول أخرى -مثل بنغلاديش- أظهرت أن حملات التوعية يمكن أن تخفض مستويات التسمم بالرصاص بشكل كبير؛ لكن في أفغانستان، يتطلب الوضع جهوداً ضخمة لرفع الوعي وتغيير سلوكيات الناس.

ومن دون هذه الجهود، يبقى مستقبل الأجيال القادمة مهدداً، في ظل انتشار واسع لاستخدام هذه الأواني السامة.

يبقى السؤال: متى سيستيقظ الأفغان على حقيقة هذا الخطر القاتل؟ وهل ستتمكن السلطات من اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية المواطنين من هذا التسمم البطيء الذي يهدد صحتهم وحياتهم اليومية؟


مقالات ذات صلة

باكستان تستدعي مبعوث «طالبان» عقب هجوم على قاعدة عسكرية

آسيا قوات الأمن الباكستانية في بيشاور 15 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

باكستان تستدعي مبعوث «طالبان» عقب هجوم على قاعدة عسكرية

استدعت وزارة الخارجية الباكستانية، نائب رئيس بعثة «طالبان»، وحثّت إدارة الحركة على اتخاذ إجراءات ضد جماعات متشددة متمركزة في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
تحليل إخباري صورة نشرتها وزارة الخارجية الروسية للقاء سابق بين الوزير لافروف وقادة من حركة «طالبان»

تحليل إخباري من العداء إلى التعاون... كيف تحولت السياسة الخارجية الروسية تجاه «طالبان»؟!

بعد سنوات من التوتر والصراع مع حركة «طالبان»، بدأت روسيا في تغيير موقفها تجاه الحركة، من خلال رفعها القيود وتسوية العلاقات، وهي تحركات تثير تساؤلات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - موسكو)
آسيا وفد من حركة «طالبان» لدى حضوره للمشاركة في منتدى اقتصادي بسان بطرسبرغ في روسيا يوم 6 يونيو (أ.ب)

حكومة «طالبان» تؤكد مشاركتها في الجولة الثالثة من محادثات الدوحة

أكد متحدث باسم الحكومة الأفغانية، الأحد، أن سلطات «طالبان» ستشارك في الجولة الثالثة من المحادثات حول أفغانستان التي تجري في الدوحة برعاية الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كابل)
سفر وسياحة سائحة من تايلاند في كابل 25 مارس (آذار) 2024 (أ.ف.ب)

سياحة أجنبية ناشئة في أفغانستان تحت حكم «طالبان»

قد لا تكون أفغانستان الوجهة السياحية الأولى التي تتبادر إلى الأذهان عند اختيار مكان لتمضية عطلة، غير أنّ عدداً متزايداً من الأجانب يختارون زيارة هذا البلد.

«الشرق الأوسط» (مزار شريف)
آسيا تلاميذ أفغان يحضرون صفهم الأول بعد بداية العام الدراسي الجديد في مدرسة بمدينة شاريكار بمقاطعة باروان (أ.ف.ب)

في أفغانستان... موسم دراسي ثالث ينطلق دون الفتيات

بدأ الموسم الدراسي في أفغانستان اليوم (الأربعاء) مع منع الفتيات للسنة الثالثة على التوالي من ارتياد المدارس الثانوية من جانب سلطات حركة «طالبان» الحاكمة

«الشرق الأوسط» (كابل)

رئيس تايوان يدعو إلى تشكيل جبهة موحدة في مواجهة الصين

جنود تايوانيون بجانب شواهد قبور الجنود الساقطين خلال الحفل الذي أقيم لإحياء الذكرى السادسة والستين لمعركة المدفعية بين تايوان والصين في كينمن بتايوان في 23 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
جنود تايوانيون بجانب شواهد قبور الجنود الساقطين خلال الحفل الذي أقيم لإحياء الذكرى السادسة والستين لمعركة المدفعية بين تايوان والصين في كينمن بتايوان في 23 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
TT

رئيس تايوان يدعو إلى تشكيل جبهة موحدة في مواجهة الصين

جنود تايوانيون بجانب شواهد قبور الجنود الساقطين خلال الحفل الذي أقيم لإحياء الذكرى السادسة والستين لمعركة المدفعية بين تايوان والصين في كينمن بتايوان في 23 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)
جنود تايوانيون بجانب شواهد قبور الجنود الساقطين خلال الحفل الذي أقيم لإحياء الذكرى السادسة والستين لمعركة المدفعية بين تايوان والصين في كينمن بتايوان في 23 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

قال الرئيس التايواني لاي تشينغ تي، اليوم (الجمعة)، إن على التايوانيين أن يتّحدوا في مواجهة التهديد الصيني، وذلك في الذكرى السادسة والستين للهجوم الصيني الدامي الذي استهدف جزيرة في الأرخبيل وجزراً صغيرة قريبة من الصين القارية.

ووضع لاي إكليلاً من الزهر في ذكرى ضحايا الهجوم على جزر كينمن في مقبرة بكينمن زارها للمرة الأولى منذ توليه السلطة في مايو (أيار).

وأعلن خلال مأدبة شارك فيها قدامى المحاربين وعائلاتهم «يجب أن نكون مصممين على حماية تايوان» وأن نحذو حذو الجنود الذين واجهوا القصف.

الرئيس التايواني ويليام لاي يشارك في مراسم وضع إكليل الزهور التي أقيمت بمناسبة الذكرى السادسة والستين لمعركة المدفعية بين تايوان والصين في كينمن بتايوان في 23 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

في عام 1958، أطلق جيش التحرير الشعبي (الجيش الصيني) 470 ألف قذيفة على كينمن والجزر المجاورة ما أسفر عن مقتل 618 جندياً ومدنياً. واستمر الهجوم 44 يوماً.

وقال الرئيس التايواني: «حالياً التهديد الذي تطرحه الصين على تايوان وبنغهو وكينمن وماتسو (الجزر الخاضعة لسيطرة تايبيه) لا يقل عما كان عليه في السنوات السابقة».

وأضاف: «إذا أردنا التصدي للتهديد الصيني في المستقبل علينا أن نتحد... لدينا هدف واحد فقط هو الدفاع عن السيادة الوطنية وحماية الديمقراطية».

جندي تايواني خلال إحياء ذكرى الحرب ضد القوات الصينية على جزيرة الخط الأمامي في كينمن بتايوان في 23 أغسطس 2024 (رويترز)

تعتبر الصين تايوان إحدى مقاطعاتها وتؤكد أنها ستستعيد السيطرة عليها. وقالت إنها لا تستبعد استخدام القوة لإخضاعها وكثفت الضغوط العسكرية والسياسية على الجزيرة الديمقراطية في السنوات الأخيرة.

ووصفت الصين لاي بأنه «انفصالي خطير» لدفاعه عن سيادة تايوان وأجرت بكين مناورات عسكرية واسعة النطاق حول الجزيرة بعد أيام من تنصيبه.

وأعلن الجيش التايواني عن انتشار شبه يومي لسفن حربية صينية في مياه الأرخبيل، فضلاً عن طلعات جوية لمقاتلات وإطلاق مسيرات حول الجزيرة.

وقالت وزارة الدفاع، الجمعة، إنه تم رصد 41 طائرة عسكرية و7 سفن حربية صينية خلال 24 ساعة.