صعود جماعات مسلحة جديدة على الحدود الباكستانية ـ الأفغانية

أعلنت مسؤوليتها عن الهجمات الإرهابية ضد قوات الأمن بالمناطق القبلية

حركة طالبان الباكستانية تحرس نقطة التفتيش التابعة لها في مكان ما بالمناطق القبلية (وسائل الإعلام الباكستانية والحكومة الباكستانية)
حركة طالبان الباكستانية تحرس نقطة التفتيش التابعة لها في مكان ما بالمناطق القبلية (وسائل الإعلام الباكستانية والحكومة الباكستانية)
TT

صعود جماعات مسلحة جديدة على الحدود الباكستانية ـ الأفغانية

حركة طالبان الباكستانية تحرس نقطة التفتيش التابعة لها في مكان ما بالمناطق القبلية (وسائل الإعلام الباكستانية والحكومة الباكستانية)
حركة طالبان الباكستانية تحرس نقطة التفتيش التابعة لها في مكان ما بالمناطق القبلية (وسائل الإعلام الباكستانية والحكومة الباكستانية)

تشهد المناطق الحدودية الباكستانية ـ الأفغانية ظهور جماعات مسلحة جديدة في الوقت الراهن، ويعتقد خبراء أن هذه الجماعات، في الأغلب، واجهة لجماعة «طالبان» الباكستانية، وغيرها من الجماعات المسلحة الباكستانية القديمة المتمركزة في أفغانستان والشريط القبلي.

وبحسب خبراء، فإن هناك دلائل متزايدة على أن «طالبان» الباكستانية تتعرض لضغوط متزايدة من حكومة «طالبان» الأفغانية في كابل، كي تمتنع عن مهاجمة قوات الأمن الباكستانية من قواعدها داخل أفغانستان.

بدوره، دفع هذا «طالبان» باكستان، وغيرها من الجماعات المسلحة، إلى تشكيل جماعات مسلحة جديدة تعلن الآن مسؤوليتها عن الهجمات الإرهابية ضد قوات الأمن الباكستانية بالمناطق القبلية الباكستانية.

وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف مع كبار المسؤولين العسكريين في زيارته لكابل (وسائل الإعلام الباكستانية والحكومة الباكستانية)

وبحسب هؤلاء الخبراء، فإن جماعة «جيش فرسان محمد» ـ جماعة مسلحة جديدة أعلنت مسؤوليتها عن هجوم انتحاري وقع في 15 يوليو (تموز) ضد حامية عسكرية باكستانية في بانو ـ ليست سوى مجرد واجهة لـ«جماعة حافظ غول بهادور»، التي تتبع تنظيم «القاعدة»، ومتورطة بهجمات ضد قوات الأمن والمنشآت الحكومية الباكستانية، لكنها ظلت منفصلة عن «طالبان» الباكستانية.

صورة أرشيفية لنور والي محسود رئيس حركة طالبان الباكستانية (وسائل الإعلام الباكستانية)

 

جماعة «تحريك جهاد باكستان»

قد أعلنت جماعة «جيش فرسان محمد» مهاجمة حامية عسكرية في بانو، في 15 يوليو، ما أسفر عن مقتل 8 جنود باكستانيين.

كما تعتبر جماعة «تحريك جهاد باكستان»، التي بدأت عملياتها قبل عام، منظمة واجهة لـ«طالبان» الباكستانية. وقد شنت هجوماً على قاعدة عسكرية في إقليم البنجاب الباكستاني، العام الماضي.

مقاتلو طالبان الباكستانية في منطقة باغور قرب الشريط الحدودي (وسائل الإعلام الباكستانية)

وتتخذ قيادة كل من «طالبان» الباكستانية وجماعة «حافظ غول بهادور» من أفغانستان مقراً لهما، في حين ترسلان المسلحين إلى الأراضي الباكستانية لشن هجمات على قوات الأمن الباكستانية.

من جهتها، تعمل الحكومة الباكستانية على زيادة الضغوط على حكومة «طالبان» الأفغانية كي تقطع علاقاتها مع «طالبان» الباكستانية.

مقاتل من طالبان داخل طائرة أمريكية تم الاستيلاء عليها (وسائل الإعلام الباكستانية)

ونفذت القوات العسكرية الباكستانية غارات جوية ضد مخابئ «طالبان» الباكستانية على الجانب الأفغاني من الحدود بين البلدين.

كما أرسلت باكستان مراراً مبعوثين إلى كابل، للضغط على «طالبان» الأفغانية لحملها على اتخاذ إجراءات ضد مقاتلي «طالبان» الباكستانية وقادتها.

مقاتل من طالبان يواجه احتجاجات نسائية في العاصمة كابل (وسائل الإعلام الباكستانية)

وعلى نطاق محدود، اعتقلت «طالبان» الأفغانية عدداً ضئيلاً من مقاتلي «طالبان» الباكستانية، ونقلت البعض الآخر بعيداً عن الحدود مع باكستان.

 

هجمات «جيش خراسان»

قال خبراء إن «طالبان» الباكستانية شكلت مجموعات مسلحة جديدة لتفادي الضغوط التي تتعرض لها من «طالبان» الأفغانية. وفي الوقت الحاضر، تزعم هذه المجموعات الجديدة مسؤوليتها عن الهجمات ضد قوات الأمن الباكستانية.

علاوة على ما سبق، تظهر مجموعات أصغر وأقل شهرة في المناطق الحدودية بيت باكستان وأفغانستان، مثل «أنصار خراسان»، و«جيش محمد»، التي تدعي مسؤوليتها عن الهجمات الإرهابية في باكستان حالياً.

اللافت أن «طالبان» الباكستانية نأت بنفسها، حديثاً، عن الهجمات الإرهابية ضد عمال صينيين في بيشام، ما يثير التساؤل عما إذا كانت هذه استراتيجية جديدة تتبعها «طالبان» الباكستانية لتفادي ضغوط «طالبان» الأفغانية التي تحثها على عدم مهاجمة الجيش الباكستاني والمصالح الصينية في المنطقة.

قادة طالبان في مطار كابل (وسائل الإعلام الباكستانية)

وتبدو هذه الجماعات أنها فروع من «طالبان» الباكستانية. وتشير بعض التقارير إلى أن «جيش محمد» و«أنصار المهدي خراسان» يتبعان «جماعة حافظ غول بهادور».

جدير بالذكر أن جماعة «حافظ غول بهادور» كانت متعاطفة مع موقف الحكومة قبل عام 2014، بسبب الخلافات القبلية مع قيادة «طالبان» الباكستانية، لكنها انتقلت إلى أفغانستان بعد العملية العسكرية في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 في شمال وزيرستان.

عام 2018، استأنفت «جماعة حافظ غول بهادور» أنشطتها الإرهابية في المناطق الحدودية الباكستانية ـ الأفغانية. في ذلك الوقت، كانت تحاول قيادة «طالبان» الباكستانية تحاول دمج مجموعات أصغر داخل تنظيمها. كما دعت «طالبان» الباكستانية «جماعة حافظ غول بهادور» للانضمام إليها، لكن الأخيرة رفضت، واستمرت في مهاجمة القوات الأمريكية في أفغانستان بشكل مستقل.

 

جيوب راسخة من التشدد

من ناحية أخرى، وتبعاً لتقارير في وسائل الإعلام الباكستانية، تأسست جماعة «أنصار خراسان» في عام 2022، وفي عام 2023 أعلنت مسؤوليتها عن العديد من الهجمات ضد قوات الأمن الباكستانية عبر جناحها الإعلامي، بينما بدأ «جيش خراسان» العمل في باكستان بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.

كما أن هناك جيوباً راسخة من جماعات متشددة، ومجموعة من المقاتلين المتطرفين الذين ينجذبون إلى جماعات إرهابية أكثر تطرفاً وأكثر فتكاً. وفي خضم ذلك، يحولون ولاءاتهم نحو الأشد تطرفاً وإرهاباً.

وفي المناطق الحدودية الباكستانية ـ الأفغانية، حمل الجيل الثالث من المتطرفين السلاح ضد إحدى الدول والجيوش الإقليمية للمرة الأولى منذ وقت الغزو السوفياتي لأفغانستان. في البداية، قاتل المتطرفون ضد الدولة الشيوعية والجيش السوفياتي بمساعدة من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) وأجهزة الأمن الباكستانية.

بعد ذلك، اشتعلت فترة من الحرب الأهلية، قاتلت في أثنائها الجماعات المسلحة ضد بعضها البعض. بعد ذلك، غيرت هذه الجماعات اتجاهها وحملت السلاح ضد القوات الأمريكية التي غزت أفغانستان عام 2001 وحلفائها، الجيش الباكستاني وأجهزة الاستخبارات التي قدمت الدعم اللوجستي والاستخباراتي للقوات الأمريكية. وبالتالي، فقد تراكم لدى هذا الجيل الثالث من المتشددين خبرة القتال ضد ثلاثة جيوش متطورة، وهي: السوفيات والأميركيون والباكستانيون.


مقالات ذات صلة

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا القاتل النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك (إ.ب.أ)

«سفاح النرويج» يطلب الإفراج المشروط للمرة الثانية

مَثُل القاتل النرويجي، أندرس بيرينغ بريفيك، الذي قتل 77 شخصاً في حادث تفجير وإطلاق نار عشوائي عام 2011، أمام المحكمة، الثلاثاء، لحضور جلسة استماع بشأن إطلاق

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
TT

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن التواصل الدبلوماسي السابق بين بيونغ يانغ وواشنطن أكد عداء الولايات المتحدة «الثابت» تجاه بلاده، وفق ما ذكرت وكالة الإعلام الرسمية الكورية الشمالية الجمعة، قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قريبا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وخلال ولايته الأولى، التقى ترمب وكيم ثلاث مرات لكنّ واشنطن فشلت في إحراز تقدم كبير في الجهود الرامية إلى نزع الأسلحة النووية في كوريا الشمالية.

ومنذ انهيار القمة الثانية بين كيم وترمب في هانوي عام 2019، تخلّت كوريا الشمالية عن الدبلوماسية وكثّفت جهودها لتطوير الأسلحة ورفضت العروض الأميركية لإجراء محادثات.

وخلال تحدّثه الخميس في معرض دفاعي لبعض أقوى أنظمة الأسلحة في كوريا الشمالية، لم يذكر كيم ترمب بالاسم، لكن آخر محادثات رفيعة المستوى مع الولايات المتحدة جرت تحت إدارته.

وقال كيم وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية: «ذهبنا إلى أبعد ما يمكن مع الولايات المتحدة كمفاوضين، وما أصبحنا متأكدين منه هو عدم وجود رغبة لدى القوة العظمى في التعايش»، وأضاف أنه بدلا من ذلك، أدركت بيونغ يانغ موقف واشنطن وهو «سياسة عدائية ثابتة تجاه كوريا الشمالية».

وأظهرت صور نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية ما يبدو أنه صواريخ باليستية عابرة للقارات وصواريخ فرط صوتية وراجمات صواريخ وطائرات مسيّرة في المعرض.

وذكرت الوكالة أن المعرض يضم «أحدث منتجات بيونغ يانغ لمجموعة الدفاع الوطني العلمية والتكنولوجية لكوريا الديمقراطية مع الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية التي تم تحديثها وتطويرها مجددا».

وقال كيم أيضا في كلمته إن شبه الجزيرة الكورية لم يسبق أن واجهت وضعا كالذي تواجهه راهنا و«قد يؤدي إلى أكثر الحروب النووية تدميرا».

وفي الأشهر الأخيرة، عززت كوريا الشمالية علاقاتها العسكرية مع موسكو، فيما قالت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إن بيونغ يانغ أرسلت آلاف الجنود إلى روسيا لدعمها في حربها ضد أوكرانيا.

خلال لقاء سابق بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أ.ف.ب)

زعيمان «في الحب»

بعد أشهر من القمة التاريخية الأولى بين كيم وترمب في سنغافورة في يونيو (حزيران) 2018، قال الرئيس الأميركي وقتها خلال تجمع لمناصريه إنه والرئيس الكوري الشمالي وقعا «في الحب».

وكشف كتاب صدر في عام 2020 أن كيم استخدم الإطراء والنثر المنمق وتوجه إلى ترمب مستخدما تعبير «سُموّك» في الرسائل التي تبادلها مع الرئيس السابق.

لكنّ قمتهما الثانية في عام 2019 انهارت على خلفية تخفيف العقوبات وما سيكون على بيونغ يانغ التخلي عنه في المقابل.

وفي يوليو (تموز) من العام الحالي، قال ترمب متحدثا عن كيم: «أعتقد أنه يفتقدني»، و«من الجيد أن أنسجم مع شخص لديه الكثير من الأسلحة النووية».

وفي تعليق صدر في الشهر ذاته، قالت كوريا الشمالية إنه رغم أن ترمب حاول أن يعكس «العلاقات الشخصية الخاصة» بين رئيسَي البلدين، فإنه «لم يحقق أي تغيير إيجابي جوهري».