23 قتيلاً في مظاهرات ضد الحكومة ببنغلاديش

الطلاب يتعهدون بالمضي قدماً في خطط العصيان إلى حين استقالة حسينة

متظاهرون ضد حكومة الشيخة حسينة في دكا عاصمة بنغلاديش (إ.ب.أ)
متظاهرون ضد حكومة الشيخة حسينة في دكا عاصمة بنغلاديش (إ.ب.أ)
TT

23 قتيلاً في مظاهرات ضد الحكومة ببنغلاديش

متظاهرون ضد حكومة الشيخة حسينة في دكا عاصمة بنغلاديش (إ.ب.أ)
متظاهرون ضد حكومة الشيخة حسينة في دكا عاصمة بنغلاديش (إ.ب.أ)

أدت مواجهات وقعت بين متظاهرين بنغلاديشيين يطالبون باستقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة ومؤيدين للحكومة، اليوم (الأحد)، إلى مقتل 23 شخصاً على الأقل، عانى بعضهم إصابات ناجمة عن طلقات نار أو طعنات سكين.

وقال شرطيون وأطباء في المستشفيات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الوفيات سُجلت في العاصمة دكا وفي مناطق بوغرا وبابنا ورانغبور (شمال) وفي ماغورا (غرب) وكوميلا (شرق) وباريسال وفيني (جنوب).

وتعهد قادة الطلاب المحتجين في بنغلاديش، السبت، بالمضي في خطط لعصيان مدني في كل أنحاء البلاد، إلى حين استقالة حكومة الشيخة حسينة التي لم تحرّك ساكناً أمام ردود الفعل المتفاقمة بسبب قمع الشرطة الدامي للمظاهرات.

وتحولت المظاهرات التي انطلقت احتجاجاً على تخصيص أكثر من نصف الوظائف الحكومية لفئات محددة وعائلات معينة إلى مواجهات تخللتها حالة من الفوضى الشهر الماضي، وأسفرت عن مقتل أكثر من 200 شخص في أحد أسوأ الاضطرابات خلال فترة حكم الشيخة حسينة المستمر منذ 15 عاماً.

وأدى نشر الجيش إلى إعادة النظام لفترة وجيزة، لكن الحشود نزلت مجدداً إلى الشوارع بأعداد كبيرة بعد صلاة الجمعة الماضية، استجابة لدعوة قادة الطلاب للضغط على الحكومة لتقديم مزيد من التنازلات.

وحضّت مجموعة «طلاب ضد التمييز» المسؤولة عن تنظيم الاحتجاجات الأولى، البنغلاديشيين على بدء حركة عدم تعاون شاملة بدءاً من الأحد. ورفضت المجموعة دعوة وجّهت إليها خلال اليوم للحوار مع رئيسة الوزراء، مؤكدة أن احتجاجاتها ستتواصل إلى حين استقالة الحكومة.

متظاهرون ضد حكومة الشيخة حسينة في دكا عاصمة بنغلاديش (إ.ب.أ)

وقال زعيم الحركة ناهد إسلام في كلمة أمام آلاف المحتجين وسط دكا، السبت، إن «على الشيخة حسينة ليس فقط أن تستقيل، بل أن تُقَام محاكمة لأعمال القتل والنهب والفساد».

وكان أحد أعضاء المجموعة آصف محمود أكد في وقت سابق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن الدعوة إلى العصيان تشمل «عدم دفع الضرائب وفواتير الماء والكهرباء والخدمات وإضراب موظفي الحكومة ووقف التحويلات الخارجية عبر المصارف».

كما طلبوا من موظفي القطاع العام والعاملين في مصانع الألبسة، وهو قطاع حيوي للاقتصاد الوطني، إلى الإضراب.

ويطالب الطلاب باعتذار علني من رئيسة الوزراء عن أعمال العنف التي وقعت الشهر الماضي، وبإقالة كثير من وزرائها.

كما أصروا على أن تعيد الحكومة فتح المدارس والجامعات في كل أنحاء البلاد التي أُغلقت في ذروة الاضطرابات.

لكن مسيرات الاحتجاج ذهبت أبعد من ذلك بترديد هتافات تطالب حسينة البالغة 76 عاماً بالتنحي.

وقال المتحدث الإعلامي لرئيسة الوزراء نعيم الإسلام خان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الشيخة حسينة عرضت، السبت، «حواراً غير مشروط» مع الطلاب لمعالجة مطالبهم. وأضاف: «إنها مستعدة للجلوس معهم. إنها لا تريد مزيداً من المواجهات».

وتحكم حسينة بنغلاديش منذ عام 2009، وفازت بولاية رابعة على التوالي في انتخابات يناير (كانون الثاني) التي لم تشهد منافسة حقيقية.

وتتهم جماعات حقوق الإنسان حكومتها بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لترسيخ قبضتها على السلطة والقضاء على المعارضة، بما في ذلك من خلال القتل خارج نطاق القضاء.


مقالات ذات صلة

الحكومة البريطانية: المتورطون في أعمال الشغب «سيدفعون الثمن»

أوروبا متظاهرون يواجهون الشرطة في مانشستر (إ.ب.أ)

الحكومة البريطانية: المتورطون في أعمال الشغب «سيدفعون الثمن»

قالت الحكومة البريطانية إن هؤلاء الذين يرتكبون أعمال شغب إجرامية في الشوارع «سيدفعون الثمن»، وسط تحذيرات من احتمال وقوع أعمال العنف خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم جانب من المظاهرات الاحتجاجية على الانتخابات الرئاسية التي جرت في 28 يوليو الماضي في فنزويلا (إ.ب.أ)

فنزويلا تستعد لمظاهرات جديدة للمعارضة... ومادورو يضاعف تهديداته

تستعد فنزويلا لاحتجاجات جديدة اليوم (السبت)، بعد مصادقة السلطات الانتخابية في البلاد على فوز الرئيس نيكولاس مادورو الذي يواصل تهديد زعماء المعارضة.

«الشرق الأوسط» (كراكاس)
أفريقيا متظاهر يرفع لافتة تندد بالفساد في نيجيريا (أ.ب)

13 قتيلاً في احتجاجات على غلاء المعيشة في نيجيريا

قتل 13 شخصاً على الأقل خلال احتجاجات على الصعوبات الاقتصادية في نيجيريا، وفق ما أعلنت «منظمة العفو الدولية» متهمة الشرطة بقتل متظاهرين سلميين.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
آسيا طلاب ومعلمون وأولياء أمور وفنانون وممثلون عن المجتمع المدني وقادة منظمات طلابية مختلفة ينضمون إلى مظاهرة حاشدة في دكا ببنغلاديش (إ.ب.أ)

رغم الإفراج عن قادة التظاهرات... احتجاجات جديدة في بنغلاديش

خرج المتظاهرون إلى الشوارع بعد صلاة اليوم (الجمعة)، في بنغلاديش للمطالبة بالعدالة لضحايا الاضطرابات التي عمت البلاد والقمع الذي مارسته الشرطة.

«الشرق الأوسط» (دكا)
أفريقيا نيجيريون يحتجّون على ارتفاع تكاليف المعيشة في لاغوس (أ.ب)

احتجاجات في نيجيريا بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة

أطلقت الشرطة النيجيرية الغاز المسيّل للدموع، الخميس، لتفريق الآلاف من المتظاهرين الذين خرجوا للاحتجاج على ارتفاع تكاليف المعيشة وقضايا تتعلّق بالحكم.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)

الشيخة حسينة... «سيدة بنغلاديش الحديدية» تحت ضغط الشارع

رئيس وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة تتحدث خلال مؤتمر صحافي حول الاشتباكات الأخيرة في 27 يوليو (أ.ف.ب)
رئيس وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة تتحدث خلال مؤتمر صحافي حول الاشتباكات الأخيرة في 27 يوليو (أ.ف.ب)
TT

الشيخة حسينة... «سيدة بنغلاديش الحديدية» تحت ضغط الشارع

رئيس وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة تتحدث خلال مؤتمر صحافي حول الاشتباكات الأخيرة في 27 يوليو (أ.ف.ب)
رئيس وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة تتحدث خلال مؤتمر صحافي حول الاشتباكات الأخيرة في 27 يوليو (أ.ف.ب)

أسهمت رئيسة الوزراء البنغلاديشية، الشيخة حسينة، في إنقاذ البلاد من الحكم العسكري، لكن عهدها في السلطة شهد اعتقالات جماعية لخصومها السياسيين وعقوبات على قواتها الأمنية بتهمة انتهاك حقوق الإنسان.

وتواجه «السيدة الحديدية»، المتهمة بالتسلط، احتجاجات جماهيرية بدأت في يوليو (تموز) الماضي، بمَسيرات يقودها طلاب جامعيون ضد قرار إعادة فرض حصص توظيف في القطاع العام، لكنها تحوّلت إلى أحد أكبر الاضطرابات خلال 15 عاماً من حكمها، مع مطالبة المعارضة بتنحّيها.

اتسمت الاحتجاجات بالسلمية إلى حد كبير، حتى تعرَّض المتظاهرون لاعتداءات من الشرطة وجماعات طالبية مُوالية للحكومة لقيت إدانة دولية.

وفازت رئيسة الوزراء، البالغة 76 عاماً، بولاية خامسة في رئاسة الوزراء، خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، بعدما قاطعت المعارضة الاقتراع الذي قالت إنه لم يكن حُراً ولا نزيهاً. وحينذاك، وصفت الشيخة حسينة حزب المعارضة الرئيسي بأنه «منظمة إرهابية». ويتهم خصومها حكومتها بارتكاب سلسلة من الانتهاكات لحقوق الإنسان؛ من بينها قتل نشطاء معارضين.

الشيخة حسينة هي ابنة ثوري قاد البلاد إلى الاستقلال، وقد أشرفت على نمو اقتصادي متسارع في بلدٍ وصفه وزير الخارجية الأميركي السابق، هنري كيسنجر، ذات يوم، بأنه «ميؤوس منه». وفي العام الماضي، وعدت بتحويل بنغلاديش إلى «دولة مزدهرة ومتقدمة»، لكن في البلاد نحو 18 مليون شاب عاطلين عن العمل، وفق الأرقام الرسمية.

رجلان يمران أمام مركز تسوق أضرم فيه المتظاهرون النار في داكا الأحد (أ.ب)

صعود اقتصادي

كانت حسينة في السابعة والعشرين من عمرها وخارج البلاد، عندما اغتال ضباط عسكريون منشقّون والدها، رئيس الوزراء الشيخ مجيب الرحمن، مع والدتها وإخوتها الثلاثة، في انقلاب عام 1975.

عاشت ست سنوات في المنفى، قبل أن تعود وتتولى قيادة حزب رابطة عوامي، الذي كان يتزعمه والدها، وتبدأ صراعاً دام عقداً جعلها تخضع لفترات طويلة من الإقامة الجبرية. وتحالفت حسينة مع الحزب الوطني البنغلاديشي، الذي تتزعمه خالدة ضياء، للإطاحة بالدكتاتور العسكري حسين محمد إرشاد عام 1990. لكن سرعان ما اختلفتا، وهيمن التنافس بينهما منذ ذلك الحين على السياسة في بنغلاديش.

وشغلت حسينة منصب رئيسة الوزراء لأول مرة عام 1996، لكنها خسرت أمام ضياء بعد خمس سنوات، ثم جرى سجنهما بتُهم فساد عام 2007 بعد انقلاب قامت به حكومة مدعومة من الجيش، قبل إسقاط التهم عنهما، والسماح لهما بخوض الانتخابات في العام التالي. وفازت حسينة بأغلبية ساحقة في الاقتراع، وهي تمسك منذ ذلك الوقت بالسلطة.

في هذه الأثناء، تعاني ضياء، البالغة 78 عاماً، مشكلات صحية وهي محتجَزة في المستشفى بعد أن حُكم عليها بالسجن لمدة 17 سنة في عام 2018 بتُهم فساد، كما يقبع كبار قادة حزبها خلف القضبان أيضاً.

ويُشيد مؤيدو الشيخة حسينة بقيادتها بنغلاديش، خلال طفرة اقتصادية ملحوظة تعود إلى حد كبير لقطاع الصناعة وغالبية قواه العاملة من النساء، ويتركز نشاطه في مجال النسيج وتصدير الملابس.

وبعدما كانت بنغلاديش إحدى أفقر دول العالم عندما نالت استقلالها عن باكستان عام 1971، صارت تحقق نمواً بمعدل يزيد على 6 في المائة سنوياً منذ عام 2009. وانخفضت معدلات الفقر وأصبح أكثر من 95 في المائة من السكان، البالغ عددهم 170 مليون نسمة، يستفيدون من الكهرباء، وتَجاوز نصيب الفرد من الدخل مستوى الهند عام 2021.

لقيت حسينة إشادة دولية لفتحها أبواب بنغلاديش لمئات الآلاف من اللاجئين الروهينغا الفارّين من الحملة العسكرية عام 2017 في ميانمار المجاورة. كما نالت الإشادة الحملة التي أطلقتها ضد المتشددين الإسلاميين في الدولة ذات الأغلبية المسلمة، بعد أن اقتحم خمسة متطرفين محليين مقهى في داكا يرتاده رعايا غربيون وقتلوا 22 شخصاً عام 2016.

متظاهرون أمام سيارة تحترق خلال تجدد الاحتجاجات ضد الحكومة في العاصمة البنغلايشية داكا الأحد (أ.ب)

إسكات المعارضة

لكن عدم تسامح حكومتها تجاه المعارضة أثار الاستياء داخلياً وقلقاً في عواصم أجنبية أبرزها واشنطن. وجرى إعدام خمسة من كبار القادة الإسلاميين، وشخصية معارِضة بارزة، خلال العقد الماضي، بعد إدانتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، خلال حرب الاستقلال الدامية عام 1971. وبدلاً من تضميد جراح ذلك الصراع، أثارت المحاكمات احتجاجات حاشدة وصدامات عنيفة. ووصف مُعارضوها المحاكمات بأنها صورية، وعدُّوها ذات دوافع سياسية لإسكات الخصوم.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات عام 2021 على فرع النخبة من قوات الأمن البنغلاديشية، وسبعة من كبار ضباطها بسبب اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان. وفي مواجهة الاحتجاجات المتصاعدة، تصرّ الشيخة حسينة على أن همها الوحيد هو خدمة مصلحة بلدها.

والشهر الماضي، قامت بجولة في مناطق بداكا تضررت، خلال أيام من الاضطرابات الدامية، بينها محطة مترو كانت من بين عدد من المباني الحكومية التي جرى إحراقها أو تخريبها. وقالت للصحافيين: «على مدى 15 عاماً بنيتُ هذا البلد»، مندّدة بالأضرار التي لحقت البنية التحتية، متسائلة: «في ماذا قصّرت في خدمة الناس؟».