رغم الإفراج عن قادة التظاهرات... احتجاجات جديدة في بنغلاديش

طلاب ومعلمون وأولياء أمور وفنانون وممثلون عن المجتمع المدني وقادة منظمات طلابية مختلفة ينضمون إلى مظاهرة حاشدة في دكا ببنغلاديش (إ.ب.أ)
طلاب ومعلمون وأولياء أمور وفنانون وممثلون عن المجتمع المدني وقادة منظمات طلابية مختلفة ينضمون إلى مظاهرة حاشدة في دكا ببنغلاديش (إ.ب.أ)
TT

رغم الإفراج عن قادة التظاهرات... احتجاجات جديدة في بنغلاديش

طلاب ومعلمون وأولياء أمور وفنانون وممثلون عن المجتمع المدني وقادة منظمات طلابية مختلفة ينضمون إلى مظاهرة حاشدة في دكا ببنغلاديش (إ.ب.أ)
طلاب ومعلمون وأولياء أمور وفنانون وممثلون عن المجتمع المدني وقادة منظمات طلابية مختلفة ينضمون إلى مظاهرة حاشدة في دكا ببنغلاديش (إ.ب.أ)

خرج المتظاهرون إلى الشوارع بعد صلاة اليوم (الجمعة)، في بنغلاديش للمطالبة بالعدالة لضحايا الاضطرابات التي عمت البلاد والقمع الذي مارسته الشرطة، بعد فشل إطلاق سراح قادة الاحتجاج في تهدئة الغضب الشعبي، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وشهدت بنغلاديش تظاهرات استمرت أياماً وانطلقت في البدء احتجاجاً على تخصيص نسبة من الوظائف الحكومية لفئات محددة. وأسفرت المواجهات مع الشرطة عن مقتل 206 أشخاص على الأقل الشهر الماضي، وفقاً لحصيلة - أعدتها الوكالة استناداً إلى بيانات الشرطة والمستشفيات

وأعمال العنف هذه والقمع الذي مارسته الشرطة - هي الأسوأ منذ تولي رئيسة الوزراء الشيخة حسينة الحكم قبل 15 عاماً، وأثارت استياءً واسع النطاق في الداخل وانتقادات دولية.

وبعد يوم من إطلاق الشرطة سراح ستة من أبرز منظمي الاحتجاجات الأولى، حضّت مجموعة «طلاب ضد التمييز» على النزول مجدداً إلى الشوارع.

وقالت المجموعة في بيان: «نريد العدالة لقتلة أخواتنا وإخواننا».

طلاب ومعلمون وأولياء أمور وفنانون وممثلون عن المجتمع المدني وقادة منظمات طلابية مختلفة ينضمون إلى مظاهرة حاشدة في دكا ببنغلاديش (إ.ب.ا)

واستجاب آلاف الشباب في العاصمة دكا ومدينة شيتاغونغ الساحلية للدعوة بعد صلاة الظهر، رغم الأمطار الموسمية الغزيرة.

وهتفت الجموع خارج أكبر مسجد في البلاد في وسط دكا التي يقطنها 20 مليون شخص: «لماذا إخواننا في القبور والقتلة في الخارج؟».

وطالبت «طلاب ضد التمييز» بالإفراج عن قادتها الموقوفين الذين أخرج شرطيون بلباس مدني ثلاثة منهم بالقوة من المستشفى واحتجزوهم الأسبوع الماضي.

وقال الباحث في جامعة أوسلو، مبشر حسن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس: «إن إطلاق سراحهم يؤشر إلى أن الحكومة تأمل في تهدئة التوتر مع المحتجين».

لكن المطالب الأخرى للمتظاهرين لم تلبَ بعد، بما فيها تقديم رئيسة الوزراء اعتذاراً علنياً عن أعمال العنف وإقالة العديد من الوزراء.

كما أنهم يصرّون على أن تعيد الحكومة فتح المدارس والجامعات في كل أنحاء البلاد التي أُغلقت في ذروة الاضطرابات.

«يجب أن ترحل»

وذهب العديد من المتظاهرين إلى أبعد من ذلك مطالبين الشيخة حسينة بالتنحي.

وقال الكاتب والناشط أروب راهي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» من أحد التجمعات في العاصمة: «يجب أن ترحل. لن تتحقّق العدالة للطلاب الذين قتلوا إذا بقيت في السلطة».

وأفاد «نتبلوكس» المتخصص في مراقبة انقطاعات الإنترنت، بأن مقدمي الخدمة قيّدوا الوصول إلى «فيسبوك» و«واتساب» و«تلغرام»، وكلها تطبيقات استخدمت الشهر الماضي لتنظيم الاحتجاجات.

فنان بنغلاديشي يؤدي خلال مظاهرة حاشدة في دكا (إ.ب.أ)

وقال مسؤول في إحدى شركات الهاتف شرط عدم الكشف عن اسمه: «تلقينا تعليمات من السلطات بحجب (فيسبوك)».

وتحكم حسينة (76 عاماً) بنغلاديش منذ عام 2009 وفازت في انتخاباتها الرابعة على التوالي في يناير (كانون الثاني) بعد اقتراع من دون معارضة حقيقية.

وتتّهم مجموعات حقوقية حكومتها بإساءة استخدام مؤسسات الدولة لإحكام قبضتها على السلطة والقضاء على المعارضة، بما في ذلك قتل معارضين خارج نطاق القضاء.

انطلقت التظاهرات مطلع يوليو (تموز) بسبب إعادة تطبيق نظام الحصص الذي أمرت المحكمة العليا بتقليصه.

ومع وجود نحو 18 مليون شاب عاطلين عن العمل، وفقاً لأرقام الحكومة، أثارت هذه الخطوة استياء المتخرّجين في ظل أزمة توظيف حادة.

ويقول منتقدو نظام الحصص إنه استُخدم لمنح الوظائف العامة للموالين لحزب رابطة عوامي الحاكم.

«قوة مفرطة ومميتة»

وبقيت الاحتجاجات سلمية إلى حد كبير إلى أن هاجمت الشرطة ومجموعات طلابية مؤيدة للحكومة المتظاهرين.

وفرضت حكومة حسينة في النهاية حظر تجول على مستوى البلاد ونشرت قوات وحجبت شبكة الإنترنت عبر الجوال 11 يوماً لاستعادة النظام.

وأدان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل حملة القمع التي شنتها الشرطة عقب ذلك لاستخدامها «القوة المفرطة والمميتة ضد المتظاهرين وغيرهم»، وحض على إجراء تحقيق مستقل في تصرفاتها.

وقال وزير داخلية بنغلاديش، أسد الزمان خان، لصحافيين نهاية الأسبوع الماضي إن قوات الأمن عملت على أساس ضبط النفس لكنها «أُجبرت على إطلاق النار» لحماية المباني الحكومية.

وأعلنت منظمة يونيسيف، الجمعة، أن 32 طفلاً على الأقل كانوا من بين القتلى الشهر الماضي.

وقال دبلوماسيون إن حكومة الشيخة حسينة تواصلت مع الأمم المتحدة لمساعدتها في التحقيق الذي تجريه في الاضطرابات، لكن طلبها قوبل بالرفض.

وأوضح مسؤول في الأمم المتحدة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم الكشف عن هويته: «دعت الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق محايد ومستقل وشفاف في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان. لكن الأمم المتحدة لا تدعم التحقيقات الوطنية بالطريقة المقترحة».


مقالات ذات صلة

13 قتيلاً في احتجاجات على غلاء المعيشة في نيجيريا

أفريقيا متظاهر يرفع لافتة تندد بالفساد في نيجيريا (أ.ب)

13 قتيلاً في احتجاجات على غلاء المعيشة في نيجيريا

قتل 13 شخصاً على الأقل خلال احتجاجات على الصعوبات الاقتصادية في نيجيريا، وفق ما أعلنت «منظمة العفو الدولية» متهمة الشرطة بقتل متظاهرين سلميين.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
أفريقيا نيجيريون يحتجّون على ارتفاع تكاليف المعيشة في لاغوس (أ.ب)

احتجاجات في نيجيريا بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة

أطلقت الشرطة النيجيرية الغاز المسيّل للدموع، الخميس، لتفريق الآلاف من المتظاهرين الذين خرجوا للاحتجاج على ارتفاع تكاليف المعيشة وقضايا تتعلّق بالحكم.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
شمال افريقيا متظاهرون يلوّحون بالأعلام أثناء مشاركتهم في مظاهرة تنديدية باغتيال إسماعيل هنية بعد صلاة العشاء في «الفاتح» بإسطنبول (أ.ف.ب)

بالصور... مظاهرات في إسطنبول وتونس والرباط تنديداً باغتيال هنية

انطلقت مظاهرات في كلّ من إسطنبول وتونس والرباط، أمس (الأربعاء)، تنديداً باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
أميركا اللاتينية معارضو حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يتظاهرون في حي كاتيا في كاراكاس في 29 يوليو 2024 بعد يوم من الانتخابات الرئاسية الفنزويلية (أ.ف.ب)

عشرات القتلى والجرحى في احتجاجات على إعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا

أسفرت المظاهرات في فنزويلا ضد إعادة انتخاب الرئيس نيكولاس مادورو، عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 44 آخرين (الاثنين).

«الشرق الأوسط» (كاراكاس)
آسيا قوات الأمن تعتقل ناشطين من «حزب الجماعة الإسلامية» في أثناء احتجاجهم على التضخم بإسلام آباد في 26 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

باكستان تغلق الطرق الرئيسية وتنشر قوات الأمن لمنع احتجاجات معيشية

أغلقت السلطات الباكستانية، الجمعة، الطرق الرئيسية المؤدية إلى العاصمة إسلام آباد، ونشرت آلافاً من قوات الأمن لمنع الاحتجاجات ضد زيادة التضخم.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

30 قتيلاً على الأقل نتيجة أمطار غزيرة في الصين وموجة حر في شنغهاي

شهدت أجزاء كبيرة من شمال البلاد بينها العاصمة بكين موجات حر وتجاوزت الحرارة 35 درجة مئوية (رويترز)
شهدت أجزاء كبيرة من شمال البلاد بينها العاصمة بكين موجات حر وتجاوزت الحرارة 35 درجة مئوية (رويترز)
TT

30 قتيلاً على الأقل نتيجة أمطار غزيرة في الصين وموجة حر في شنغهاي

شهدت أجزاء كبيرة من شمال البلاد بينها العاصمة بكين موجات حر وتجاوزت الحرارة 35 درجة مئوية (رويترز)
شهدت أجزاء كبيرة من شمال البلاد بينها العاصمة بكين موجات حر وتجاوزت الحرارة 35 درجة مئوية (رويترز)

قتل 30 شخصاً على الأقل، وفُقد 35 آخرون في الصين نتيجة أمطار غزيرة حسبما أفاد التلفزيون الصيني الرسمي، الخميس، في حين تشهد البلاد ظواهر مناخية شديدة ودرجات حرارة غير عادية.

وحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، شهدت أجزاء كبيرة من شمال البلاد بينها العاصمة بكين موجات حر، وتجاوزت الحرارة 35 درجة مئوية خلال أيام عدة، في حين أدى إعصار غايمي الأسبوع الماضي إلى هطول أمطار غزيرة وفيضانات في جنوب البلاد وشرقها، ثم انخفضت شدة الإعصار، لكن عانى وسط البلاد من عواقب.

وذكرت «وكالة أنباء الصين الجديدة» أن منطقة زيكتشينغ الواقعة على بُعد نحو 1500 كيلومتر جنوب غرب بكين، شهدت هطول أمطار قياسية في مطلع الأسبوع، إذ تم تسجيل 645 ملم من الأمطار محلياً خلال 24 ساعة.

وقطعت قرية ملحقة بمدينة زيكتشينغ في مقاطعة هونان (وسط) عن العالم مؤقتاً دون إمكانية الوصول إلى الاتصالات أو شبكة الطرق.

وذكرت «وكالة أنباء الصين الجديدة» أن السلطات أرسلت بشكل طارئ أكثر من خمسة آلاف رجل إنقاذ، فيما تم إجلاء 11 ألفاً من السكان.

عمال إنقاذ في هونان بوسط الصين (أ.ف.ب)

وأفاد التلفزيون الصيني الرسمي، الخميس، بأن الأمطار الغزيرة التي شهدتها الصين، الاثنين، نتيجة الإعصار غايمي خلفت 30 قتيلاً على الأقل، و35 مفقوداً في قرية بوسط البلاد.

وكانت آخر حصيلة صادرة، الثلاثاء، أفادت بمقتل 4 أشخاص وفقدان ثلاثة آخرين.

موجة حر في شنغهاي

عانت البلاد أحوال طقس صعبة هذا الصيف، إذ شهدت أجزاء من الشمال موجات حر شديد، في حين تسببت الأمطار الموسمية بحدوث فيضانات وانزلاقات تربة في مناطق وسط البلاد وجنوبها. ويتفاقم هذا النوع من الظواهر بسبب تغير المناخ بحسب العلماء.

وأعلنت السلطات الصينية المعنية بالطقس أن يوليو (تموز) كان الشهر الأكثر حرّاً في البلاد منذ بدء تسجيل الأرقام قبل ستة عقود.

وأفادت شبكة البث الرسمية «سي سي تي في» نقلاً عن السلطات المعنية بالطقس، الخميس، أن الشهر الماضي كان الأكثر حراً منذ بدأت عمليات الرصد الكاملة في 1961 والشهر الأكثر حراً في تاريخ الرصد.

وبلغ معدل حرارة الجو في الصين 23,21 درجة مئوية الشهر الماضي، متجاوزاً رقماً قياسياً بلغ 23,17 درجة مئوية عام 2017، وفق ما أفادت «سي سي تي في» نقلاً عن المصدر ذاته.

ونشرت هذه الأرقام في حين يسري تحذير باللون الأحمر من موجة حر في شنغهاي. وفي منتصف فترة ما بعد الظهر بلغت الحرارة 39,9 درجة مئوية محلياً في العاصمة الاقتصادية الصينية.

«غضب الآلهة»

كتب أحد مستخدمي شبكة «ويبو» للتواصل الاجتماعي تعليقاً على درجات الحرارة المرتفعة: «الأسبوع المقبل سيكون أكثر حرّاً. الأمر يشبه أن تكون على صفيحة حديدية».

وكتب آخر ممازحاً: «الجو حار جداً. هل فعلت شنغهاي شيئاً يثير غضب الآلهة؟».

والصين أكبر متسبب بانبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، التي يقول علماء إنها تتسبب في تغير المناخ وتجعل ظروف الطقس الحادة أكثر تواتراً وشدّة. وتشهد أجزاء كبيرة من العالم ظروف طقس حادة.

عامل تنظيفات في أحد شوارع بكين الغارقة بمياه الأمطار (إ.ب.أ)

وذكر التقرير أن متوسط درجة الحرارة في كل مقاطعة كان أيضاً «أعلى من المعدل للسنوات السابقة» إذ سجّلت مقاطعتا قويتشو ويونان أعلى معدلات لهما على الإطلاق.

ويأتي التقرير بعد أقل من أسبوع من تسجيل الأرض اليوم الأكثر حراً الذي يسجّل على الإطلاق.

وأظهرت بيانات مرصد كوبرنيكوس المناخي الأوروبي أن متوسط درجة الحرارة العالمية بلغ 17,16 مئوية في 22 يوليو، أي أعلى بمقدار 0,06 درجة مئوية مقارنة بـ21 يوليو، وهو اليوم الذي تم فيه كسر الرقم القياسي اليومي لأعلى درجة حرارة مسجلة على الإطلاق.

وتعهّدت بكين أن تصل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى ذروتها بحلول العام 2030 وإلى صافي صفر بحلول 2060، لكنها قاومت الدعوات إلى القيام بإجراءات أكثر جرأة.

واعتمدت البلاد لفترة طويلة على الفحم لتغذية اقتصادها الضخم، لكنها برزت بوصفها دولة رائدة في مجال الطاقة المتجددة في السنوات الأخيرة.

وأظهرت بحوث الشهر الماضي أن الصين تنشئ قدرة على توليد الطاقة الكهربائية من الشمس والريح تبلغ ضعفي ما تنشئه كل الدول الأخرى مجتمعة.

وتسببت الأحوال الجوية القصوى التي أثرت على أجزاء كبيرة من البلاد، في حدوث كوارث طبيعية مميتة في الأسابيع القليلة الماضية.

والثلاثاء، ذكرت وسائل إعلام رسمية أن سبعة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم بعد هطول أمطار غزيرة وفيضانات في مقاطعة هونان في وسط البلاد.

ودمّر انزلاق تربة في المقاطعة نفسها، الأحد، بيت ضيافة ما أدى إلى مقتل 15 شخصاً في حين أجلي أربعة آلاف من السكان بعد انهيار سد في مكان آخر في المقاطعة.