نظام «طالبان» يتجاهل مشكلة انتحار النساء

55 حالة في الأشهر الـ6 الأولى بأقاليم مختلفة في أفغانستان

أفغانية ضحية زلزال شمال البلاد (اليونيسف)
أفغانية ضحية زلزال شمال البلاد (اليونيسف)
TT

نظام «طالبان» يتجاهل مشكلة انتحار النساء

أفغانية ضحية زلزال شمال البلاد (اليونيسف)
أفغانية ضحية زلزال شمال البلاد (اليونيسف)

يقود التشاؤم وعدم وجود أي فرص وحلول في الأفق الشابات الأفغانيات نحو الانتحار يأساً. لقد تحولت منازل النساء الأفغانيات إلى سجون افتراضية، بعد أن فرضت حركة «طالبان» قيوداً على مشاركتهن في الحياة الاجتماعية، وهو ما لا يؤدي إلى حدوث اضطرابات نفسية بين الأفغانيات فحسب، ولكن إلى تفشي حالات الانتحار بينهن.

نساء أمام منشأة طبية في كابل (الإعلام الباكستاني)

وأفاد تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» لعام 2019 بأن نصف الأفغان يعانون من الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة، ولكن «أقل من 10 في المائة يتلقون الدعم النفسي الاجتماعي المناسب من الدولة».

تلميذات أفغانيات يسِرْن على طول طريق في منطقة فايز آباد بمقاطعة بدخشان في 9 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

وفي عام 2022، خلُص استطلاع «غالوب» لعام 2022 إلى أن الاضطرابات النفسية باتت الآن منتشرة بين الرجال والنساء «في أفغانستان، لكن المشاركات من النساء في الاستطلاع كن أكثر تشاؤماً بشأن المستقبل».

وذكرت وسائل الإعلام الأفغانية أنه، في الأشهر الـ6 الأولى من العام الحالي انتحر أكثر من 55 أفغانياً في أقاليم مختلفة بأفغانستان.

أفغانية ضحية زلزال شمال البلاد (اليونيسف)

وأفاد التقرير الذي تم نشره في صحيفة «هشت إي صبح ديلي» اليومية، وهي صحيفة إلكترونية أفغانية، بأن حالات الانتحار وقعت في 21 إقليماً ومنطقة، من بينها كابل، وبدخشان، وننكرهار، وبغلان، وتخار، وكونار، وخوست، وبكتيكا، وغزنة، وغور، وفارياب، وكابيسا، وبروان، وقندهار، وبلخ، وبادغيس، وفراه، وهراة، وسربل، وأروزكان، ودايكندي.

نساء يعبرن أحد الشوارع أمام مقاتلي «طالبان» الذين يحتفلون بالذكرى الأولى لاستيلاء طالبان على كابل في 15 أغسطس 2022 (نيويورك تايمز)

تحدث حالات الانتحار في أغلب الأحوال في المناطق الناطقة بالبشتو في أفغانستان، حيث تتجلى قيود «طالبان» على المرأة في أسوأ صورها؛ ففي تلك المناطق، تحولت النساء في واقع الأمر إلى أشبه بسجينات في منازلهن، في حين أن القيود في المناطق الناطقة بالفارسية في أفغانستان ليست قاسية بالقدر نفسه.

على سبيل المثال، صرَّح مسؤول في الأمم المتحدة لصحيفة «الشرق الأوسط» بأن مدارس الفتيات في المناطق الناطقة بالفارسية ظلت مفتوحة وتعمل حتى بعد سيطرة «طالبان» على كابل، مما يعني أن القيود الاجتماعية المفروضة على المرأة في تلك المناطق ليست بقسوة القيود المفروضة في المناطق الناطقة بالبشتو، التي يتم الإبلاغ بها عن أكثر حالات انتحار الإناث.

امرأة أفغانية ترتدي البرقع تمشي مع أطفالها على طول طريق في منطقة فايز آباد بمقاطعة بدخشان في 9 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

ويُعتبر الفقر المدقع والعنف الأسري من الأسباب الرئيسية الأخرى لحالات انتحار الإناث في أفغانستان، مثلما اخترقت الظروف الاجتماعية والسياسية الصعبة والعنف كأداة سياسية في المجتمع الأفغاني الحياة الأسرية به.

تم تحديد العنف الأسري كثاني أهم عامل بعد الاضطرابات النفسية في حدوث حالات انتحار الإناث في أفغانستان. وليس من المستغرَب أن تزداد أوضاع المرأة في أفغانستان سوءاً تحت حكم «طالبان»، يوماً بعد يوم.

في عام 2023، بدأ نظام «طالبان» في الزج بالنساء اللواتي اشتكين من العنف الأسري في السجون. وفي ظل حكومة الرئيس أشرف غني، المدعومة من الولايات المتحدة، تم فتح مكاتب تديرها النساء لمساعدة ضحايا العنف الأسري في جميع المدن الرئيسية في أفغانستان.

وذكر تقرير مراقبة رصد متابعة صادر عن الأمم المتحدة أن النساء اللواتي يذهبن إلى هذه المكاتب، يتم إرسالهن إلى السجن من جانب مسؤولي حكومة «طالبان». وذكرت وسائل إعلام محلية أفغانية أنه في عام 2022 تم الإبلاغ عن 250 محاولة انتحار في البلاد، كانت 188 منها لنساء.

وقالت مريم معروف آروين، التي ترأس منظمة غير حكومية محلية تُسمى «منظمة تعزيز رفاهية المرأة والطفل في أفغانستان»، إنهم يتلقون تقارير عما بين 9 و11 حالة انتحار على الأقل تُقدِم عليها النساء شهرياً، كثير منهن فتيات صغيرات.

نساء ينتظرن خارج أحد البنوك في كابل (الإعلام الباكستاني)

لا يبدو أن الحكومة الأفغانية تعترف بهذا الارتفاع في معدل الانتحار بين النساء الأفغانيات بوصفه مشكلة. ومع ذلك، اعتبرت عدد من المنظمات هذه القضية مشكلة كبيرة، حيث أصدرت منظمات غير حكومية دولية، والأمم المتحدة، ومنظمات دولية منخرطة في العمل الإنساني بأفغانستان، والبنك الدولي، تقارير تؤكد أن ارتفاع معدلات انتحار النساء مشكلة كبيرة وتوجه خطير في المجتمع الأفغاني.

نساء أفغانيات شيعيات يسِرْن على طول الطريق بجوار الأعلام واللافتات الدينية قبل عاشوراء في هرات - 14 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

من المؤكد أن المجتمع الأفغاني بحاجة إلى توفير ظروف صحية أفضل للنساء، وتنفيذ إصلاحات اجتماعية، مثل توعية الرجال الأفغان بأن ضرب زوجاتهم يدفعهن إلى الانتحار. على المجتمع الأفغاني أن يوفر ظروف معيشية أفضل للنساء.


مقالات ذات صلة

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا عناصر الشرطة الألمانية في حملة مداهمات سابقة (غيتي)

ألمانيا تحيل 4 يُشتبه بانتمائهم لـ«حماس» للمحاكمة بتهمة جمع أسلحة

مكتب المدعي العام الاتحادي في ألمانيا: «(حماس) نظمت عمليات تخبئة أسلحة في دول أوروبية مختلفة لتنفيذ هجمات محتملة ضد مؤسسات يهودية وغربية في أوروبا».

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)

كوريا الشمالية توسِّع مصنعاً لإنتاج صواريخ تستخدمها روسيا في أوكرانيا

صورة لقمر اصطناعي تُظهر عملية توسيع لمجمع رئيسي لتصنيع الأسلحة في شمال كوريا (رويترز)
صورة لقمر اصطناعي تُظهر عملية توسيع لمجمع رئيسي لتصنيع الأسلحة في شمال كوريا (رويترز)
TT

كوريا الشمالية توسِّع مصنعاً لإنتاج صواريخ تستخدمها روسيا في أوكرانيا

صورة لقمر اصطناعي تُظهر عملية توسيع لمجمع رئيسي لتصنيع الأسلحة في شمال كوريا (رويترز)
صورة لقمر اصطناعي تُظهر عملية توسيع لمجمع رئيسي لتصنيع الأسلحة في شمال كوريا (رويترز)

خلص باحثون في مؤسسة بحثية مقرها الولايات المتحدة، بناء على صور أقمار اصطناعية، إلى أن كوريا الشمالية توسع مجمعاً رئيسياً لتصنيع الأسلحة، يستغل لتجميع نوع من الصواريخ قصيرة المدى تستخدمه روسيا في أوكرانيا، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وتعد المنشأة، المعروفة باسم «مصنع 11 فبراير»، جزءاً من «مجمع ريونغ سونغ» في هامهونغ، ثاني أكبر مدينة في كوريا الشمالية على الساحل الشرقي للبلاد.

وقال سام لير الباحث في مركز «جيمس مارتن» لدراسات منع الانتشار النووي، إنه المصنع الوحيد المعروف بإنتاج صواريخ باليستية تعمل بالوقود الصلب من طراز «هواسونغ 11».

وذكر مسؤولون أوكرانيون أن هذه الذخائر، المعروفة في الغرب باسم «كيه إن-23»، استخدمتها القوات الروسية في هجومها على أوكرانيا.

ولم ترد أنباء من قبل عن توسيع المجمع.

ونفت روسيا وكوريا الشمالية أن تكون الأخيرة قد نقلت أسلحة إلى الأولى لاستخدامها ضد أوكرانيا. ووقَّع البلدان معاهدة دفاع مشترك في قمة عقدت في يونيو (حزيران)، وتعهدا بتعزيز العلاقات العسكرية بينهما.

ولم ترُد بعثة كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة على طلب للتعليق على هذا التقرير.