لماذا تحتاج روسيا وكوريا الشمالية إلى بعضهما البعض؟

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)
TT

لماذا تحتاج روسيا وكوريا الشمالية إلى بعضهما البعض؟

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

يُجري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارته الأولى إلى كوريا الشمالية منذ أكثر من عقدين من الزمن، في الوقت الذي يعتقد فيه الخبراء أنه يسعى جاهداً لتأمين الدعم المستمر من بيونغ يانغ لحربه الطاحنة في أوكرانيا.

وكثف بوتين اتصالاته مع الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، العام الماضي مع تضاؤل ​​مخزوناته من الأسلحة، وقد تدفقت الذخائر والصواريخ من بيونغ يانغ إلى موسكو منذ القمة التاريخية بين الزعيمين في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفق ما تقول حكومات متعددة، حتى مع نفي الدولتين هذا الأمر، وفق شبكة «سي إن إن» الأميركية.

وقبل قليل، وقع بوتين وكيم «اتفاقية شراكة استراتيجية»، لم يكشف عن مضمونها، وأكد الزعيم الكوري الشمالي أن بلاده تدعم بشكل كامل غزو روسيا أوكرانيا.

وقال كيم إن «كوريا الشمالية تعرب عن دعمها وتضامنها الكاملين مع الحكومة الروسية وجيشها وشعبها في تنفيذ عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا لحماية السيادة والمصالح الأمنية وسلامة الأراضي».

وقال إدوارد هاول، المحاضر في السياسة بجامعة أكسفورد في المملكة المتحدة: «إننا نشهد قيام الدولتين بتشكيل جبهة موحدة ومنسقة بشكل مزداد ضد الولايات المتحدة والغرب».

توقيت الزيارة

ولتوقيت زيارة بوتين إلى كوريا الشمالية أهمية خاصة؛ فهي تأتي في أعقاب اجتماع بوتين مع الحليف الوثيق الرئيس الصيني شي جينبينغ الشهر الماضي، وبعد أن أكد وزراء خارجية دول «مجموعة السبع» الأسبوع الماضي على تضامنهم مع أوكرانيا في حربها ضد روسيا.

يأتي هذا أيضاً في الوقت الذي اعترضت فيه كوريا الشمالية على التعاون الأمني ​​المزداد بين الولايات المتحدة وحليفتيها كوريا الجنوبية واليابان.

ماذا تريد روسيا وكوريا الشمالية كلتاهما من الأخرى؟

في الأشهر التي تلت القمة التاريخية بين بوتين وكيم في سبتمبر الماضي، بدا الأمر كأن الذخائر الكورية الشمالية تتدفق إلى روسيا لتستخدمها في هجومها على أوكرانيا.

ووفقاً لبيان أميركي صدر في فبراير (شباط) الماضي، فقد تلقت روسيا أكثر من 10 آلاف حاوية شحن؛ أي ما يعادل 260 ألف طن متري، من الذخائر والمواد المرتبطة بالذخائر من كوريا الشمالية منذ سبتمبر.

وقال مسؤول أميركي في مارس (آذار) الماضي إن القوات الروسية أطلقت أيضاً ما لا يقل عن 10 صواريخ كورية شمالية على أوكرانيا منذ سبتمبر الماضي.

ويقول مراقبون إن الأسلحة قد تكون أقل جودة من الأسلحة الروسية، لكنها ساعدت روسيا على تجديد مخزونها المتضائل ومواكبة دعم الأسلحة الذي تتلقاه أوكرانيا من الغرب.

وقد يمكّن هذا الأمر أيضاً كوريا الشمالية من الحصول على معلومات واقعية حول جودة أسلحتها في أرض المعركة ومساعدتها على زيادة الصادرات على نطاق أوسع.

ولا يُعرف سوى القليل عما حصلت عليه بيونغ يانغ حتى الآن في مقابل تقديمها الأسلحة إلى روسيا. وقال مسؤولون كوريون جنوبيون إن الشمال يتلقى شحنات من المواد الغذائية وغيرها من الضروريات من روسيا.

وأبدى بوتين استعداده لمساعدة كوريا الشمالية في تطوير برنامجها الفضائي وأقمارها الاصطناعية خلال اجتماعه مع كيم في سبتمبر.

ومنذ ذلك الحين ظهرت دلائل على قيام روسيا بمثل هذه المساعدات؛ بما في ذلك الإطلاق الناجح لأول قمر اصطناعي للاستطلاع العسكري لكوريا الشمالية «ماليغيونغ1» بعد أسابيع من الزيارة، بعد محاولتين فاشلتين.

ويمكن لمثل هذه الأقمار الاصطناعية أن تساعد كوريا الشمالية على تحسين قدراتها العسكرية الأرضية، على سبيل المثال، تمكينها من استهداف قوات المعارضين بشكل أكثر دقة بصواريخها الخاصة.

ويحظر على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقديم مساعدة مباشرة أو غير مباشرة لبرامج الصواريخ الكورية الشمالية وكذلك المشاركة في عمليات تبادل الأسلحة مع بيونغ يانغ.

لكن كيم يتطلع إلى معرفة كيفية تصنيع وعمل مجموعة من الأسلحة الروسية المتقدمة، كما يقول الخبراء، بالإضافة إلى التكنولوجيا المرتبطة بتخصيب اليورانيوم، أو تصميم المفاعلات، أو الدفع النووي للغواصات.

ويرى الزعيم الكوري الشمالي أن تبنيه برامج خاصة بالأسلحة أمر ضروري لبقاء نظامه؛ وفق محللين.

وعندما سُئل الأسبوع الماضي عن المخاوف الغربية من أن روسيا تدرس نقل تقنيات حساسة إلى بيونغ يانغ، قال متحدث باسم الكرملين إن «إمكانات البلدين لتطوير العلاقات الثنائية عميقة، وينبغي ألا تسبب قلقاً لأي شخص».

وبالنسبة إلى بوتين أيضاً، تمثل الزيارة فرصة لإرسال إشارة، أو تهديد، بأن روسيا ليست وحدها.

وربما يرى الزعيم الروسي أيضاً في العلاقة مع كيم وسيلة لإثارة شبح الحرب النووية، مستغلاً «مخاوف الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بشأن كوريا الشمالية»، وفق ما رجحه خبراء ومحللون.


مقالات ذات صلة

دون علَم أو نشيد وطني... من هم «الرياضيون الفرديون المحايدون» في الأولمبياد؟

رياضة عالمية لطقة جوية تُظهر ساحة تروكاديرو مع برج إيفل في الخلفية في أثناء رفع العلم الأولمبي خلال حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس (رويترز)

دون علَم أو نشيد وطني... من هم «الرياضيون الفرديون المحايدون» في الأولمبياد؟

مع انطلاق أولمبياد 2024 في باريس، سيتنافس رياضيون من بلدين دون لقب وطني أو علم أو نشيد. بدلاً من ذلك، سيشار إليهم باسم «AIN».

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا القوات الروسية دمرت 7 مسيّرات أوكرانية فوق أراضي مقاطعة ريازان (رويترز)

روسيا: تدمير 21 مسيّرة أوكرانية خلال الليل وصباح اليوم

أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم (السبت) تدمير 21 طائرة دون طيار أوكرانية خلال ساعات الليل والصباح في عدد من مقاطعات البلاد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا نائب وزير الدفاع الروسي السابق دميتري بولغاكوف (رويترز)

السادس بـ«عملية التطهير» الروسية... توقيف نائب وزير الدفاع السابق بشبهة «فساد»

أعلنت السلطات الروسية الجمعة توقيف نائب وزير الدفاع الروسي السابق دميتري بولغاكوف للاشتباه في ضلوعه بفساد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (قناة الكرملين عبر «تلغرام»)

الكرملين يعترف بأزمة ديموغرافية «كارثية» ويدعو لزيادة المواليد

لفت الكرملين النظر إلى أن الحالة الديموغرافية «كارثية على مستقبل الأمة»، في حين عجزت السياسات المختلفة المنفّذة في روسيا منذ ربع قرن عن زيادة معدل المواليد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية أهالي الباب بريف حلب الشرقي احتجوا على دخول القوات الروسية مؤخراً إلى معبر أبو الزندين (إكس)

​تركيا تناقش مع روسيا عودة الدوريات المشتركة على طريق «إم 4»

كشفت تركيا عن مفاوضات مستمرة مع روسيا لإعادة تسيير الدوريات المشتركة على طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4) في إدلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كيم جونغ أون: العلاقات «الودية» مع الصين يجب أن تمضي قدماً «بقوة»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال مراسم وضع الأزهار على ضريح ضحايا الحرب الكورية (د.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال مراسم وضع الأزهار على ضريح ضحايا الحرب الكورية (د.ب.أ)
TT

كيم جونغ أون: العلاقات «الودية» مع الصين يجب أن تمضي قدماً «بقوة»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال مراسم وضع الأزهار على ضريح ضحايا الحرب الكورية (د.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال مراسم وضع الأزهار على ضريح ضحايا الحرب الكورية (د.ب.أ)

أعلن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أن العلاقات «الودية» مع الصين ستمضي قدماً «بقوة»، وذلك في أثناء زيارته نصباً تذكارياً يرمز إلى العلاقات الثنائية، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الرسمية، (السبت)، وسط مؤشرات تقود إلى وجود توتر بين الدولتين الصديقتين، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يضع إكليلاً من الزهور على ضريح ضحايا الحرب الكورية (د.ب.أ)

وزار كيم، الجمعة، برج الصداقة في بيونغ يانغ، الذي تم تشييده لإحياء ذكرى مشاركة الصين في الحرب الكورية 1950 - 1953، وأشاد بالجنود الصينيين الذين سقطوا خلال الحرب، وذلك قبل يوم من الذكرى الـ71 للهدنة التي أنهت الصراع، بحسب «وكالة الأنباء المركزية الكورية».

كيم جونغ أون يظهر وهو يضع الزهور على ضريح ضحايا الحرب الكورية (د.ب.أ)

وذكرت الوكالة أن الزعيم الكوري «أعرب عن ثقته بأن الصداقة بين جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية والصين، التي تأسست كعلاقات قرابة، ستستمر بقوة، وستتطور جنباً إلى جنب مع الروح الخالدة للشهداء».

كيم جونغ أون يضع الزهور على ضريح ضحايا الحرب الكورية في بيونغ يانغ (د.ب.أ)

وتأتي زيارة كيم في الوقت الذي يبدو فيه أن كوريا الشمالية تقترب من روسيا وتبتعد عن الصين، خصوصاً بعدما وقّع الزعيم الكوري الشمالي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاق «شراكة استراتيجية شاملة»، خلال قمتهما في بيونغ يانغ، الشهر الماضي، وفقاً لوكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء.