الصين تنهي مناوراتها حول تايوان... وتايبيه تعدّها «استفزازاً صارخاً» للنظام العالمي

ترقب واسع للقاء أوستن بنظيره الصيني الأسبوع المقبل

صورة بثها الجيش الصيني لسفينة حربية تبحر خلال مناورات «السيف المشترك - 2024A» (أ.ف.ب)
صورة بثها الجيش الصيني لسفينة حربية تبحر خلال مناورات «السيف المشترك - 2024A» (أ.ف.ب)
TT
20

الصين تنهي مناوراتها حول تايوان... وتايبيه تعدّها «استفزازاً صارخاً» للنظام العالمي

صورة بثها الجيش الصيني لسفينة حربية تبحر خلال مناورات «السيف المشترك - 2024A» (أ.ف.ب)
صورة بثها الجيش الصيني لسفينة حربية تبحر خلال مناورات «السيف المشترك - 2024A» (أ.ف.ب)

أعلنت الصين انتهاء المناورات العسكرية الواسعة النطاق التي كانت تجريها منذ الخميس حول تايوان، وتخللها تشدّدٌ في لهجة بكين حيال تايبيه وصل إلى حدّ التلويح بـ«الحرب»، بعد أيام من تصريحات عدَّتها انفصالية للرئيس التايواني الجديد لاي تشينغ - تي. ومساء الجمعة، قال مذيع في قناة «سي سي تي في-7»، التلفزيون الرسمي الصيني المتخصص في الأخبار العسكرية، إن الجيش الصيني «أكمل بنجاح» مناورات «السيف المشترك - 2024A».

عقاب «الانفصاليين»

عدَّت بكين المناورات العسكرية «عقوبة» على «أعمال انفصالية»، وفق ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن وسائل إعلام رسمية.

وجاءت هذه التدريبات على «تطويق» تايوان بعد 3 أيام من أداء لاي تشينغ - تي، الذي تصفه الصين بأنه «انفصالي خطر»، اليمين رئيساً جديداً للجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي. واتهمت وزارة الدفاع الصينية الرئيس الجديد بدفع تايوان نحو «الحرب»، الجمعة، وذلك خلال اليوم الثاني من المناورات الذي تخلله فرض سفن ومقاتلات صينية طوقاً حول الجزيرة. وأكدت بكين أن المناورات تهدف إلى اختبار قدرتها على السيطرة على الجزيرة. وشاركت فيها القوات البرية والبحرية والجوية، إضافة إلى وحدة الصواريخ الاستراتيجية. وتركزت المناورات في «مضيق تايوان، شمال وجنوب وشرق جزيرة تايوان»، كذلك، شملت مناطق تقع حول جزر كينمن، وماتسو، ووكيو ودونغيين الواقعة على مقربة من سواحل الصين. ونشر الجيش الصيني، ليل الجمعة، لقطات تظهر شاحنات تحمل صواريخ وهي تستعد لإطلاقها، وعسكريين على متن سفن حربية يراقبون بالمنظار سفناً تايوانية.

«استفزاز صارخ»

رأت تايوان أن المناورات كانت «استفزازاً صارخاً للنظام العالمي». وقالت المتحدثة باسم الرئاسة، كارين كوو، في بيان، السبت، إن «الاستفزاز الجديد الأحادي الجانب من قبل الصين لا يقوّض فقط الوضع القائم للسلام والاستقرار في مضيق تايوان، بل هو أيضاً استفزاز صارخ للنظام العالمي، يثير خوفاً جدياً، وإدانة من المجتمع الدولي». وفي تصريحات الخميس، لم يشر الرئيس التايواني الجديد مباشرة إلى المناورات، لكنه أكد أنه سيقف «على خط الجبهة» للدفاع عن بلاده. وشدد لاي تشينغ - تي خلال تفقد قاعدة عسكرية على أن تايوان «ستدافع عن قيم الحرية والديمقراطية في وجه التحديات والتهديدات الخارجية، وستحفظ السلام والاستقرار في المنطقة». وتعد الصين تايوان جزءاً من أراضيها لم تفلح بعد في توحيده مع البرّ الرئيسي منذ نهاية الحرب الأهلية، ووصول الحزب الشيوعي إلى الحكم في 1949. وبينما تؤكد بكين أنها تفضّل إعادة توحيد «سلمية» مع الجزيرة التي يقطنها 23 مليون نسمة، وتتمتع بنظام حكم ديمقراطي، لم تستبعد استخدام القوة إن لزم الأمر لتحقيق هذا الهدف. وتعهّد الجيش الصيني مع بدء المناورات «إراقة دماء» ما وصفها بأنها «قوى الاستقلال» في الجزيرة. وكان لاي قد قال في خطاب تنصيبه إن «جمهورية الصين» (الاسم الرسمي لتايوان) وجمهورية الصين الشعبية «ليست أي منهما تابعة للأخرى».

توعد صيني

رأت بكين في هذه العبارات «اعترافاً بالاستقلال» من جانب تايوان. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية وو تشيان، الجمعة، إن لاي «تحدّى بجدية مبدأ الصين الواحدة... وجرّ مواطنينا في تايوان إلى وضع خطر محفوف بالحرب والمخاطر». وأضاف: «في كلّ مرة تستفزّنا (الحركة الداعمة) لاستقلال تايوان، سنذهب أبعد في إجراءاتنا المضادة، حتّى تتحقق إعادة التوحيد الكاملة للوطن الأم». وتابع: «هذا لعب بالنار، ومن يلعبون بالنار سيحترقون بها بالتأكيد». وقال المحلل السياسي ون - تي سونغ، المقيم في تايوان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «هدف بكين هو صياغة الرواية الدولية» بأن «الحكومة التايوانية الجديدة هي مثيرة للمشكلات»، ورأى أن بكين ترغب من خلال المناورات التي حظيت «بدعاية إعلامية كبيرة... بأن تظهر امتعاضها» حيال تايبيه، وأيضاً أن «تردع» الدول الأخرى عن التعاون مع الجزيرة «لزيادة عزلتها».

وعدَّ منتقدو بكين المناورات جزءاً من حملة تخويف متصاعدة من جانب الصين، شملت عدداً من التدريبات العسكرية الواسعة النطاق حول تايوان في السنوات الأخيرة، وجعل ذلك مضيق تايوان من أكثر مناطق العالم توتراً. وأثارت مستجدات، هذا الأسبوع، مخاوف من احتمال استخدام الصين قوتها العسكرية لبسط سيطرتها على الجزيرة وضمها.

دعوات لضبط النفس

حضّت الولايات المتحدة، أقوى حلفاء تايوان وداعميها العسكريين، الخميس، الصين «بقوة» على ضبط النفس. ودعت الأمم المتحدة كل الأطراف لتفادي التصعيد. وأعلن «البنتاغون»، الجمعة، أنّ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن سيلتقي نظيره الصيني دونغ جون، الأسبوع المقبل. ووفقاً للبنتاغون، سيجتمع أوستن مع دونغ جون على هامش مشاركتهما، من 31 مايو (أيار) إلى 2 يونيو (حزيران) في حوار شانغريلا في سنغافورة، وهو قمّة سنويّة لمسؤولي الدفاع من كلّ أنحاء العالم. والاجتماع بين أوستن ودونغ جون موضع ترقّب شديد منذ محادثتهما الهاتفيّة في أبريل (نيسان)، والتي شكّلت أوّل تواصل بين وزيرَي دفاع البلدين منذ نحو 18 شهراً. وعزّزت الولايات المتحدة في عهد جو بايدن قنوات الاتّصال مع الصين، في محاولة لتخفيف التوتّر بين البلدين، إلا أن قضية تايوان تبقى مثار خلاف بين البلدين.

وأعلنت الصين، الثلاثاء، أنها نقلت إلى الولايات المتحدة احتجاجها الشديد على تهنئة وزير الخارجية أنتوني بلينكن رئيس تايوان الجديد. ومساء الجمعة، أكد المتحدث باسم «قيادة المسرح الشرقي لجيش التحرير الشعبي الصيني» التي أجرت المناورات، أن الجيش «سيواصل بحزم مواجهة غطرسة مناصري استقلال تايوان»، و«سيسحق بصرامة كل المؤامرات الانفصالية»، إلا أن المحلل ون - تي سونغ رأى أن «حجم المناورات كان مهماً، لكن كما هو ظاهر، بقي ما دون تلك التي جرت» في أغسطس (آب) 2023، وأعقبت زيارة قام بها لاي تشينغ - تي إلى الولايات المتحدة حين كان يشغل منصب نائب رئيسة تايوان.


مقالات ذات صلة

حصيلة زلزال ميانمار وتايلاند ترتفع إلى 700 قتيل

آسيا متطوعون يبحثون عن ناجين في مبنى متضرر بعاصمة ميانمار (أ.ب) play-circle

حصيلة زلزال ميانمار وتايلاند ترتفع إلى 700 قتيل

ارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب بورما إلى 694 قتيلاً و1670 جريحاً، بينما أعلنت السلطات في تايلاند مقتل ستة أشخاص جراء الزلزال.

«الشرق الأوسط» (نايبيداو)
آسيا الرئيس الصيني شي جينبينغ (أ.ب)

شي لرجال أعمال أجانب: أبواب الصين «ستُفتح أكثر فأكثر»

أعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ، خلال استقباله في بكين رجال أعمال أجانب، أنّ أبواب الصين «ستُفتح أكثر فأكثر».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)

الاستخبارات الأميركية تَعدّ الصين أكبر خطر عسكري على واشنطن

أورد تقرير لأجهزة الاستخبارات الأميركية أن الصين تطرح أكبر خطر على مصالح الولايات المتحدة على الصعيد العالمي، مشيراً إلى أن بكين تعزز وسائلها العسكرية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك لدى وصوله إلى البنتاغون في العاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)

ترمب: ماسك لن يطلع على استراتيجية عسكرية سرية تتعلق بالصين

نفى الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشدة تقارير صحافية أشارت إلى أنه كان يخطط لإطلاع إيلون ماسك على خطة الولايات المتحدة الحربية السرية جداً ضد الصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية أعلن مستشفى محلي وفاة اللاعب الصيني دماغياً قبل نقله إلى بلاده (أ.ف.ب)

وفاة لاعب صيني شاب بعد تعرضه لإصابة بالرأس في إسبانيا

توفي لاعب كرة قدم صيني واعد بعد تعرضه لإصابة خطيرة في الرأس خلال تمارين في إسبانيا وضعته في غيبوبة، وذلك وفق ما أعلن ناديه الخميس.

«الشرق الأوسط» (بكين)

زلزال ميانمار... أول كارثة طبيعية تُعاني من تخفيضات ترمب لتمويل وكالة التنمية الدولية

متطوعون يبحثون عن ناجين في مبنى متضرر بعاصمة ميانمار (أ.ب)
متطوعون يبحثون عن ناجين في مبنى متضرر بعاصمة ميانمار (أ.ب)
TT
20

زلزال ميانمار... أول كارثة طبيعية تُعاني من تخفيضات ترمب لتمويل وكالة التنمية الدولية

متطوعون يبحثون عن ناجين في مبنى متضرر بعاصمة ميانمار (أ.ب)
متطوعون يبحثون عن ناجين في مبنى متضرر بعاصمة ميانمار (أ.ب)

لفتت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية إلى أن الزلزال الذي تعرضت له ميانمار، وبلغت قوته 7.7 درجة، يعد أول كارثة طبيعية تُعاني من وطأة التخفيض الذي أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وأضافت أن هذا القرار قد يُسفر عن عواقب وخيمة بشأن التعامل مع تلك الكارثة الطبيعية، فقد أفادت التقارير بأن إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية قد أدّى إلى تدمير عمليات المساعدات الأميركية في ميانمار، ولا يُمكن المبالغة في تأثيره العالمي، فقد كانت المساعدات الأميركية تُغطي 40 في المائة من المساعدات الإنمائية العالمية.

وقّع ترمب أمراً تنفيذياً لرفع السرية عن وثائق اغتيال كيندي (أ.ب)
وقّع ترمب أمراً تنفيذياً لرفع السرية عن وثائق اغتيال كيندي (أ.ب)

وأشار إلى أن ترمب وعد بتقديم مساعدات لميانمار لمواجهة آثار الزلزال. ولكن في الواقع، قامت إدارته بفصل معظم الأشخاص الأكثر خبرة في تنظيم تلك المساعدات، وأغلقت وسائل تقديمها، وللسخرية، لم يُسرّح آخر موظفي الوكالة إلا أمس، في الوقت الذي كان يُطلق فيه وعوداً نبيلة بالمساعدة.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قالت إنها أبقت فريقاً من الخبراء في البلاد، لكن مسؤولين سابقين في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية يقولون إن هناك حالة فوضى دون الموارد اللازمة لإجراء عمليات البحث والإنقاذ أو نقل المساعدات.

وقالت «سكاي نيوز» إن شعب ميانمار مع حسابهم تكلفة هذا الزلزال المدمر، يأمل مع بصيص أمل، في أن تُعجّل هذه الكارثة بسقوط ديكتاتورهم المكروه الجنرال مين أونغ هلاينغ، الذي استولى على السلطة في انقلاب قبل 4 سنوات.

عاملون في المجال الطبي ينقلون أحد مصابي الزلزال إلى مستشفى في نايبيداو بميانمار... 28 مارس 2025 (أ.ف.ب)
عاملون في المجال الطبي ينقلون أحد مصابي الزلزال إلى مستشفى في نايبيداو بميانمار... 28 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وتأتي هذه الكارثة في وقت سيئ للغاية للجنرال، حيث يخسر المجلس العسكري حرباً أهلية ضد مجموعة من قوى المعارضة، متنازلاً عن أراضٍ أصبحت الآن محصورة في معظمها داخل المدن الكبرى في البلاد، وقد لحق بعض أسوأ أضراره بمعاقله.

وتعدّ الكارثة بالغة السوء، لدرجة أن هلاينغ كسر عزلة حكومته التي فرضتها على نفسها، ليطلب المساعدة من العالم الخارجي، لكن صعوبة الوصول إلى البلاد ستظل عقبة كبيرة أمام جهود الإغاثة.