الهند: المعارضة تتهم مودي بإصدار تصريحات تشهّر بالمسلمين

وتؤجج توترات طائفية

رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي (أ.ف.ب)
رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي (أ.ف.ب)
TT

الهند: المعارضة تتهم مودي بإصدار تصريحات تشهّر بالمسلمين

رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي (أ.ف.ب)
رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي (أ.ف.ب)

اتهمت المعارضة الهندية، اليوم (الخميس)، رئيس الوزراء ناريندرا مودي، بالإدلاء بتصريحات تشهّر بالمسلمين، وتؤجج توترات طائفية في خضمّ العملية الانتخابية، في أكبر دولة ديمقراطية في العالم وهي علمانية دستورياً.

وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال وزير المال السابق والعضو البارز في حزب «المؤتمر الوطني» الهندي المعارض، ب. شيدامبارام، إن مودي «يلعب لعبته المعتادة لتقسيم الهندوس والمسلمين».

وأضاف: «العالم يراقب ويحلل تصريحات رئيس الوزراء الهندي التي لا تشرّف الهند».

وحقّق مودي لحزبه «بهاراتيا جاناتا» فوزَين ساحقَين في 2014 و2019، من خلال اللعب على الوتر الديني في أوساط الناخبين الهندوس.

وما زال مودي يتمتّع بشعبية كبيرة في كل أنحاء البلاد بعد ولايتَين زادت خلالهما الهند من نفوذها الدبلوماسي وثقلها الاقتصادي.

وتوقّع المحلّلون السياسيون فوزه بسهولة، حتى قبل بدء الانتخابات، في 19 أبريل (نيسان) الماضي.

والثلاثاء، قدّم مودي ترشحه رسمياً عن مقعد نائب عن فاراناسي (بيناريس سابقاً) في ولاية أوتار براديش (شمال)، وهي أحد معاقل مودي الرئيسية.

ودُعي قرابة مليار هندي للمشاركة في الانتخابات العامة التي تنتهي في الأول من يونيو (حزيران)، على أن تصدر النتائج بعد 3 أيام من انتهاء التصويت.

وتتّهم المعارضة والمدافعون عن حقوق الإنسان الحكومة في عهد مودي بالتسبب في تراجع الديمقراطية، وينتقدون تبنيّها المعتقد الديني للغالبية في الهند البالغ عدد سكانها 1.4 مليار على حساب أقليات كبيرة، بمّن فيهم 220 مليون مسلم يشعرون بالقلق على مستقبلهم.

لكنّ مودي اتّهم من جهته حزب «المؤتمر الوطني»، وهو حزب المعارضة الرئيسي في الهند، بالرغبة في توزيع «الثروة الوطنية» على «المتسللين (...) أولئك الذين لديهم أكبر عدد من الأطفال» في إشارة إلى المسلمين.

واشتكت المعارضة للسلطات الانتخابية، إلا أن الأخيرة لم تتخذ إجراءات عقابية بحق رئيس وزراء الهند، الدولة العلمانية بموجب الدستور والتي يحظر قانونها الانتخابي أي حملة ترتكز على «المشاعر الطائفية».

وفي مقابلة (الثلاثاء) على قناة «نيوز18» الإخبارية، دافع مودي عن نفسه، قائلًا: «إن اليوم الذي سأبدأ فيه التحدث عن هندوس ومسلمين، هو اليوم الذي سأفقد فيه قدرتي على أن تكون لديّ حياة في المجال العام».

لكن في اليوم التالي، اتهم مودي حزب «المؤتمر الوطني» الهندي بتنظيم «الجهاد من خلال التصويت» لكي يصوّت المسلمون ضدّه.


مقالات ذات صلة

فرنسا تدعو إلى اجتماع أوروبي للبحث في إجراءات ضد «معاداة السامية»

أوروبا وزير شؤون أوروبا الفرنسي بنجامين حداد (أ.ف.ب)

فرنسا تدعو إلى اجتماع أوروبي للبحث في إجراءات ضد «معاداة السامية»

دعا وزير شؤون أوروبا الفرنسي بنجامين حداد إلى «اجتماع طارئ» في بروكسل، صباح الثلاثاء، لبحث اتخاذ إجراءات على مستوى الاتحاد الأوروبي لمكافحة معاداة السامية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الناشط اليميني المتطرف راسموس بالودان (رويترز)

محكمة تأمر بسجن متطرف بالسويد بتهمة التحريض ضد المسلمين

أدانت محكمة سويدية، اليوم (الثلاثاء)، ناشطاً ينتمي لتيار اليمين المتطرف بتهمتين تتعلقان بجريمة الكراهية بعدما أدلى بتصريحات بذيئة ضد المسلمين.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
أوروبا أشخاص يغطّون أنفسهم بعَلم إسرائيل خلال فعالية بلندن لإحياء ذكرى ضحايا هجوم 7 أكتوبر (رويترز)

جرائم الكراهية في بريطانيا تسجل ارتفاعاً قياسياً على خلفية حرب غزة

ارتفعت جرائم الكراهية الدينية بإنجلترا وويلز بنسبة قياسية بلغت 25 في المائة، العام الماضي، وخاصة منذ بدء الحرب بغزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
فيلدرز (رويترز)

إدانة باكستانييْن بشأن دعوات لقتل السياسي الهولندي المعادي للمسلمين فيلدرز

قالت محكمة هولندية إنها أدانت اثنين من الزعماء السياسيين الباكستانيين بتهمة دعوتهما لقتل النائب المعادي للمسلمين خيرت فيلدرز، برغم وجودهما خارج هولندا.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ف.ب)

شولتس: لا مكان في ألمانيا لمعاداة السامية وللتطرف

أكّد المستشار الألماني أولاف شولتس اليوم الخميس أنّه «لا مكان في ألمانيا لمعاداة السامية وللتطرف الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (برلين)

ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»

ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»
TT

ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»

ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»

حذّر ضابط أميركي من أن مقاتلي حركة «طالبان» يقتربون ببطء، ويتعدّون على الأراضي التي بدت آمنة ذات يوم. وقال إن 4 من رجاله قتلوا للتو، وكان بحاجة إلى أفغان على استعداد للقتال.

وتوسل الضابط أمام حشد من 150 من شيوخ الأفغان، متسائلاً: «مَن سيقف؟».

أحد أفراد الشرطة المحلية الأفغانية -وهي منظمة ميليشيات تم تشكيلها لمحاربة «طالبان»- خارج قاعدة الوحدة على قمة التل عام 2012 أفغانستان (نيويورك تايمز)

كانت غالبية الناس في ولاية قندوز داعمين للأميركيين ومعارضين لـ«طالبان». ومع ذلك، كانت جهود تجنيد ضباط الشرطة بطيئة، وبحلول صيف عام 2009، قرر مسؤولون محليون، من بينهم الضابط الأميركي -وهو مقدم من الحرس الوطني في ولاية جورجيا- اتخاذ نهج محفوف بالمخاطر: توظيف ميليشيات خاصة، فتعالت همهمات الاستياء بين الحشد.

«ميليشيات خاصة»

ووقف رجل عجوز، قائلاً: «لا أعتقد أن هذه فكرة جيدة»، وفقاً لأربعة أشخاص كانوا حاضرين. وأضاف: «لقد رأينا هذا من قبل. ستصبح الميليشيات مشكلة أكبر من (طالبان)».

ووسط التذمر، برز أمير حرب سابق يدعى محمد عمر، وندد بالآخرين ووصفهم بالجبناء، وصاح: «سأقاتل (طالبان)»!

الساحة التي تطوّع فيها محمد عمر لقتال «طالبان» بناءً على حث القادة العسكريين الأميركيين في ولاية قندوز بأفغانستان (نيويورك تايمز)

لم يجرَ تسجيل فعاليات التجمع في قندوز، شمال أفغانستان، في أي تاريخ رسمي للحرب، لكن الناس في جميع أنحاء المقاطعة يقولون إن هذه اللحظة التي تبدو عادية أعادت تشكيل الصراع على نحو لم تستوعبه واشنطن حقاً مطلقاً.

لسنوات، دعم الأميركيون الميليشيات في الشمال لمحاربة «طالبان»، لكن الجهود جاءت بنتائج عكسية؛ حيث سحقت هذه الجماعات السكان بقسوة، لدرجة أنهم حولوا معقلاً سابقاً للولايات المتحدة إلى معقل للتمرد. وأصبح الناس ينظرون إلى الميليشيات، ومن ثم للأميركيين، بوصفهم مصدراً للعذاب، وليس الخلاص.

«محطم الجدران»

على سبيل المثال، أصبح عمر، المعروف باسم «محطم الجدران»، الطفل المدلل لقائد ميليشيات مسيء، يشق طريقه عبر أعمال السرقة والخطف وقتل المنافسين والجيران، بذريعة رعاية الحفاظ عليهم في مأمن من «طالبان».

ولم يكن عمر سوى واحد من آلاف المقاتلين الميليشياويين، الذين أطلقهم الأميركيون وحلفاؤهم في شمال أفغانستان، علانية وسراً، وأحياناً عن غير قصد.

فوضى خلال الانسحاب الأميركي من كابل عام 2021 (متداولة)

وبلغت العواقب ذروتها في أثناء الانسحاب الأميركي الفوضوي عام 2021. وكان من المتوقع أن يعمل الشمال بمثابة الحرس الخلفي لواشنطن، والمكان الذي قد تترسخ فيه قيم مثل الديمقراطية وحقوق المرأة. إلا أنه بدلاً عن ذلك، استسلم الشمال في غضون أيام، ليصبح بذلك أول منطقة تسقط بيد «طالبان».

من جهته، ألقى الرئيس المنتخب دونالد ترمب باللوم على الرئيس الحالي بايدن في النهاية الفوضوية لأطول حرب أميركية، وتعهّد بطرد «كل مسؤول كبير» شارك في الانسحاب الكارثي من أفغانستان. في المقابل، يلقي بايدن باللوم على الأفغان لاستسلامهم أمام «طالبان» بهذه السرعة.

فوضى الانسحاب الأميركي عام 2021 من أفغانستان خلقت عدداً من المشاكل لاحقاً (غيتي)

ومع ذلك، فإنه في كل الأحوال، يتجاهل هذا التفسير سبباً أكثر جوهرية وراء السقوط السريع: ففي أماكن مثل قندوز، خلص تحقيق أجرته «نيويورك تايمز» إلى أن الولايات المتحدة هيأت الظروف لهزيمتها قبل وقت طويل من إلقاء الجنود الأفغان أسلحتهم.

عصابات خارجة عن القانون

على مدى سنوات، ساعد الأميركيون في تجنيد وتدريب ودفع رواتب عصابات خارجة عن القانون من الميليشيات، التي نهبت المنازل ودمرت مجتمعات بأكملها. وتورطت الميليشيات في تعذيب المدنيين، بجانب ارتكابها جرائم اختطاف من أجل الحصول على فدية، وذبحت العشرات في عمليات قتل انتقامية، ودمرت قرى بأكملها، وزرعت أكثر من عقد من الكراهية تجاه الحكومة الأفغانية وحلفائها الأميركيين.

وأدرك الجيش الأفغاني، الذي كان منهكاً بالفعل، أنه يدافع عن حكومة لا تحظى إلا بدعم ضئيل للغاية؛ لذا، عندما عرضت «طالبان»، التي كانت تتقدم على الأرض، على الجنود الأفغان خياراً -حياتهم مقابل أسلحتهم- سارعوا إلى إلقاء أسلحتهم.

وكانت المناطق التي نهبها عمر وغيره من أمراء الحرب ساحات معارك نشطة في أثناء الحرب، وكانت في الغالب محظورة على الغرباء. وأظهرت أكثر من 50 مقابلة أجريت في قندوز على مدى 18 شهراً، كيف أن الدعم الأميركي للميليشيات كان سبباً في كارثة، ليس فقط داخل هذا الإقليم، بل كذلك في بقية شمال أفغانستان. وكان هذا البؤس الذي ترعاه الدولة سبباً أساسياً في خسارة واشنطن وشركائها الأفغان للشمال، وسقوط أفغانستان بأكملها، رغم عقدين وتريليوني دولار من الأموال الأميركية.

وكشفت تحقيقات «نيويورك تايمز» الأخرى خلال العام، كيف دعمت واشنطن الفظائع التي ارتكبتها القوات الأفغانية، وقتلت حلفاءها بتهور، ما أسفر عن هزيمتها داخل أفغانستان.

وجاء سقوط قندوز عام 2021 بمثابة الكلمة الأخيرة في خطأ أميركي لم يكن له داعٍ؛ وهو الاستعانة بمجرمين لتنفيذ عمليات ضد «طالبان».

الأخطاء الأميركية

في هذا الإطار، قال رحيم جان، الذي قُتل والده ووالدته وشقيقاه على يد عمر، وهو ما أكده قرويون آخرون: «أطلقت الميليشيات النار على المدنيين وقتلت الأبرياء»، مضيفاً أنه لم يكن لديه خيار آخر، وقال: «لقد دعمنا (طالبان)، لأنهم قاتلوا الميليشيات».

اللافت أنه حتى «طالبان»، التي عادة ما تكون حريصة على التباهي بمغامراتها في ساحة المعركة، تنسب انتصارها داخل هذه المقاطعة إلى الأخطاء الأميركية.

وقال مطيع الله روحاني، القائد السابق في «طالبان» ووزير الإعلام والثقافة الحالي في قندوز: «مكّنت واشنطن قطاع الطرق والقتلة باسم مكافحة التمرد، لكنها لم تفعل في الواقع سوى دفع مزيد من الناس إلى أحضان (طالبان)».

فظائع ارتكبتها الميليشيات: التمكين السريع لـ«طالبان»

من جهتها، نشر أكاديميون وصحافيون وجماعات حقوق الإنسان عدداً من الروايات عن فظائع ارتكبتها الميليشيات. لكن حجم الانتهاكات، وكيف ساعدت في تمكين «طالبان» من الاستيلاء السريع على أفغانستان، قصص تركها الأميركيون وراءهم عندما تخلوا عن البلاد قبل 3 سنوات.

عناصر من حركة «طالبان» قبل سيطرتهم على العاصمة الأفغانية عام 2021 (متداولة)

اليوم، ومع رحيل الميليشيات، أصبح حجم أفعالهم -من حيث التكاليف البشرية والسياسية- جلياً أمام الجميع.

لقد ألقت الروايات السابقة باللوم على المسؤولين الأفغان في الشمال لتكوين ميليشياتهم الخاصة، لكن الصحيفة وجدت أن الولايات المتحدة جندت الميليشيات في قندوز، قبل فترة طويلة مما كان معروفاً. كما أن عواقب ذلك جاءت أسوأ بكثير مما اعترف به المسؤولون الأميركيون.

وخلال حربها التي استمرت 20 عاماً في أفغانستان، دفعت الولايات المتحدة بسلسلة متطورة باستمرار من البرامج لتجنيد وتدريب ودعم المقاومة المحلية ضد «طالبان». وشكّل البعض، بصورة رسمية، مجموعات مسلحة تحت رعاية الشرطة. في كثير من الحالات، وزعت الحكومة الأفغانية الأموال الأميركية، ما أتاح للميليشيات دعماً من واشنطن.

وانطوت جميع الجهود تقريباً على إشكاليات، وسرعان ما أصبحت الميليشيات أقوى من أن ينزع سلاحها، ورغم أنها قاتلت «طالبان»، فإنها تورطت كذلك في قتل بعضها بشكل أكبر، الأمر الذي خلق نوعاً من الاضطرابات أشبه بالحرب الأهلية التي ساعدت في دفع «طالبان» إلى السلطة في تسعينيات القرن العشرين.

وشعر بعض الأفغان بالاشمئزاز الشديد تجاه الميليشيات المتوحشة، إلى الحد الذي جعلهم ينظرون إلى «طالبان»، باعتبارها المدافع عنهم، ما شجعهم على الانضمام إليها.

ووُلدت إحدى الميليشيات الأولى في منطقة قندوز في خان آباد، وكانت واحدة من بنات أفكار ضابط الحرس الوطني الأميركي، في محاولة يائسة لصد «طالبان».

* «نيويورك تايمز»