كيف نجح مودي في الحفاظ على «سياسة الحياد» في وجه الضغوط الغربية؟

يتطلّع لتعزيز مكانة بلاده على الساحة الدولية في ولايته الثالثة

مودي يتكلم في قمة «مجموعة العشرين» بنيودلهي في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
مودي يتكلم في قمة «مجموعة العشرين» بنيودلهي في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

كيف نجح مودي في الحفاظ على «سياسة الحياد» في وجه الضغوط الغربية؟

مودي يتكلم في قمة «مجموعة العشرين» بنيودلهي في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
مودي يتكلم في قمة «مجموعة العشرين» بنيودلهي في سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

تحوّلت السياسة الخارجية، للمرة الأولى في الهند، إلى قضية انتخابية أساسية، مع تصاعد دور نيودلهي على الساحة الدولية. وفي حين يتواصل التصويت في أكبر انتخابات عامة في العالم حتى الأسبوع الأول من يونيو (حزيران)، يتطلّع رئيس الوزراء ناريندرا مودي في ولايته الثالثة إلى تعزيز علاقات بلاده مع الحلفاء الغربيين وروسيا، في محاولة لموازنة صعود التنين الصيني.

سياسة خارجية طموحة

اتّخذ مودي، وهو المرشّح الأوفر حظاً في الانتخابات العامة، من مجال السياسة الخارجية ركيزة أساسية لطموحه على الساحة الدولية؛ فمنذ وصوله إلى السلطة في مايو (أيار) 2014، جعل من استعادة الهند دورها التاريخي بوصفها قوة فاعلة دولياً، إحدى أبرز أولوياته. ولخّص رئيس الوزراء الهندي هذا الهدف بالقول إنه وحكومته يخرجان الهند من «اثني عشر قرناً من العبودية»، اتّسمت بـ«غزوات خارجية متكررة والحكم الاستعماري».

ووفقاً لاستطلاع رأي أجراه مركز «بيو»، يعتقد 7 من كل 10 هنود أن التأثير العالمي لبلادهم يزداد قوة، في حين عبّر 8 من كل 10 هنود عن رأي إيجابي بشأن أداء مودي رئيساً للوزراء في هذا السياق.

مودي وبايدن وزعماء «العشرين» على هامش أعمال القمة في سبتمبر 2023 (إ.ب.أ)

يرى راج كومار شارما، وهو زميل في «مؤسسة الخدمة المتحدة» بالهند أن «التراكم المطّرد للأهمية الاقتصادية جعل من الهند شريكاً جذاباً للعديد من البلدان، وقدم أدوات تجارية قيّمة لتعزيز الدبلوماسية الهندية».

وتوقع شارما أن يواصل مودي نفس نهج السياسة الخارجية التي اتّبعها خلال ولايتيه الأوليين، مشيداً في الوقت نفسه بالدور الذي لعبه وزير الخارجية سوبراهمانيام جيشانكار في رسم هذه السياسة. ويرى شارما أن «السياسة الخارجية للهند نجحت، خلال السنوات الماضية، في الإبحار عبر التقلبات والمنعطفات في الجغرافيا السياسية الحديثة».

رئيس الصين شي جينبينغ ونظيراه البرازيلي لولا دا سيلفا والجنوب أفريقي سيريل رامافوزا ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي خلال قمة «بريكس» أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

وينظر مودي إلى الهند بوصفها قطباً مستقلاً في عالم متعدد الأقطاب، ويتمسّك بـ«سياسة الحياد التي تنتهجها دلهي منذ فترة طويلة»، وفق شارما. ويوضح: «في حين أن الحكومة انتقلت من عدم الانحياز، فإنها لم تُوضّح بعد أين تقف في عالم يزداد استقطاباً؛ فهناك خط رفيع بين سياسة إرضاء الجميع، وسياسة لا ترضي أحداً على المدى الطويل».

وفي مجموعة واسعة من القضايا؛ من الحرب في أوكرانيا إلى الحرب في غزة، ومن إيران إلى تايوان، تجنّبت الهند الإعراب عن موقف سياسي متماسك. وفي مواجهة الانتقادات وعتب الحلفاء، تدافع الهند عن حقها في التزام الصمت والحياد.

مغازلة واشنطن وموسكو

حافظت الهند على علاقة مع كل من واشنطن وموسكو، رغم الضغوط التي تعرّضت لها من طرف الحلفاء في الغرب غداة الاجتياح الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

أميركياً، تعاطى مودي مع 3 إدارات أميركية، ترأّسها كل من باراك أوباما ودونالد ترمب وجو بايدن. واستمرت العلاقات الثنائية في التحسُّن خلال ولايات كل منهم لتصبح واشنطن أهم حليف لنيودلهي في المجالات السياسية والاستراتيجية والاقتصادية والتجارية والتكنولوجية.

وخلال هذه الفترة، شاركت الهند في المجموعة الرباعية (مع الولايات المتحدة وحلفائها)، كما لعبت دوراً فاعلاً في إطار «منظمة شنغهاي للتعاون»، مع الصين وروسيا وحلفائهما.

بايدن ومودي خلال لقاء بالبيت الأبيض في 23 يونيو 2023 (أ.ب)

ويرى مراقبون داخل الهند وخارجها أن مودي نجح في الحفاظ على قوة علاقته مع واشنطن، دون التنازل عن علاقته مع موسكو. ولعل أبرز مثال حديث على ذلك إبرام نيودلهي صفقات أسلحة متطورة مع الولايات المتحدة، في وقت واصلت فيه جهودها لإيجاد فرص لتطوير الدفاع المشترك مع روسيا.

يقول السفير الهندي السابق لدى السويد ولاتفيا، أشوك ساجانهار: «من خلال استغلال مخاوف واشنطن من الصين بشكل جيد، تمكّن مودي من الحصول على دعم استثنائي من البيت الأبيض، في حين رفض بقوة تقديم أي شيء في المقابل».

بوتين ومودي وشي من لقاء في عام 2016 (أ.ب)

وترفض الهند التعهُّد بدعم الولايات المتحدة، على سبيل المثال، في أي من أهدافها الجيوسياسية الرئيسية، سواء في أوروبا أو الشرق الأوسط، كما تواصل رفض طلبات الوصول إلى القواعد في منطقة المحيطين الهندي والهادي، على عكس الفلبين. كما أنها لن تلتزم بالقتال إلى جانب القوات الأميركية، في حال نشوب صراع مع الصين، على عكس حلفاء الولايات المتحدة الآخرين في آسيا. ولكن السؤال المطروح على مودي، إذا كان سوف يعود إلى السلطة هذا العام: إلى متى يمكن أن تستمر هذه الصفقة غير المتوازنة مع واشنطن؟

وتابع السفير أن الهند تسعى إلى «استغلال العدد المتزايد من الانقسامات في النظام الدولي لتحقيق مصالحها الواقعية، عبر التلاعب بالخصوم بمنتهى المهارة. إن الاقتصاد المتنامي في الهند، وزيادة أهميتها في المفاوضات متعددة الأطراف والمكرَّسة لمواجهة التحديات العالمية والعابرة للحدود الوطنية والجغرافيا الاستراتيجية جعلت منها شريكاً لا غنى عنه لجميع القوى العظمى تقريباً».

حياد «حازم»

من اللافت أن الرئيس الروسي بوتين صرح بعد إعادة انتخابه بأن العلاقات الودية سوف تستمر بين الهند وروسيا «بصرف النظر عن اصطفاف القوى السياسية». وأشار بوتين إلى أن هذا العمق الجيوسياسي بين البلدين يظل محصَّناً ضد التطورات في أماكن أخرى من العالم، لا سيما الحرب الدائرة في أوكرانيا. وقال بوتين إن «مودي يُعدّ الضامن الرئيسي للعلاقات الهندية - الروسية العميقة. وأتمنى له كل التوفيق في الانتخابات».

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال تجمع انتخابي في تشيناي 2024 (أ.ف.ب)

في هذا الصدد، يستبعد السفير السابق أنيل تريغونايات، الذي شغل عدة مناصب في موسكو وواشنطن والسويد، «أي تحوُّل في سياسة نيودلهي تجاه روسيا؛ فقد دافعت نيودلهي بشدة عن شراء النفط الروسي، عندما اتهمها الغرب بتمويل الحرب في أوكرانيا».

ويعتقد أن الهند وفّرت نحو 7 مليارات دولار أميركي من استيراد النفط الروسي الرخيص. علاوةً على ذلك، لدى نيودلهي علاقات دفاعية شاملة مع روسيا تشمل استيراد أسلحة متطورة، مثل أنظمة «إس - 400» المضادة للصواريخ، والطائرات المقاتلة، والإنتاج المشترك لصواريخ «براهموس».

علاقة معقدة مع الصين

ترتبط الهند والصين بعلاقة يمكن أن توصف بـ«المعقدة»، شهدت تدهوراً مطرداً منذ ولاية مودي الأولى.

فقد حرص الرئيس الصيني شي جينبينغ على الترحيب بحرارة بناريندرا مودي بعد فوزه برئاسة الوزراء في فترته الأولى. وتعهَّد زعيما العملاقين الآسيويين بالتعاون ومعالجة المخاوف المشتركة.

مودي وشي لدى مشاركتهما في قمة «بريكس» 27 يوليو 2018 (رويترز)

إلا أن العلاقات أخذت منحى سلبياً، في مايو (أيار) 2020، بعد اشتباك دموي بين جيشي البلدين في شرق لاداخ؛ ما أسفر، في يونيو (حزيران) 2020، عن مقتل 20 جندياً هندياً، وما لا يقل عن 4 عسكريين صينيين. منذ ذلك الحين، ورغم أكثر من 12 جولة من المحادثات، لم يتم التوصل إلى تسوية على الحدود، بل عزَّز البلدان انتشارهما العسكري في المنطقة.

بيد أن العلاقات بين الجانبين تشهد جموداً منذ ولاية مودي الثانية، في غياب أي محاولات لتقريب وجهات النظر.

يقول أشوك كانثا، الدبلوماسي الهندي السابق لدى الصين إن «هناك بعض المشكلات في العلاقات مع الصين، التي تود حكومة مودي في فترة الولاية الثالثة معالجتها لمواجهة الهيمنة الصينية في المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي».

وأشار الدبلوماسي السابق إلى بيان أصدره حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم يتعهد بتطوير بنية تحتية قوية على طول الحدود الهندية -الصينية، وبضمان حرية الملاحة والأمن البحري في المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي.

وتوقّع كانثا أن تصبح تحديات السياسة الخارجية الهندية أكثر حدة، مع تزايد عدم الاستقرار الإقليمي والعالمي، عادّاً أن «إدارة العلاقات مع الصين ستشكّل التحدي الأكبر». وفي حين أن الهند عضو في مجموعة «بريكس» وعضو مؤسس في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، إلا أنها ابتعدت بدأب عن مبادرة الحزام والطريق الصينية. وفي الوقت نفسه، تم إحياء المجموعة الرباعية التي تتألف من أستراليا واليابان والولايات المتحدة والهند بهدف إبقاء «منطقة المحيطين الهندي والهادي حرة ومفتوحة».


مقالات ذات صلة

بايدن يسعى لإعادة كسب تأييد الناخبين الأميركيين المتحدرين من أصول أفريقية

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث خلال حفل تذكاري في مبنى الكابيتول بالعاصمة الأميركية واشنطن في 15 مايو 2024 (إ.ب.أ)

بايدن يسعى لإعادة كسب تأييد الناخبين الأميركيين المتحدرين من أصول أفريقية

يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن، عبر سلسلة مناسبات رمزية ومقابلات هذا الأسبوع، إلى استمالة القاعدة الناخبة التي تضم الأميركيين المتحدرين من أصول أفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)

الرئيس الموريتاني السابق يغادر السجن لتقديم ملف ترشحه للرئاسية

قدّم الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز في ساعة متأخرة من ليل الأربعاء - الخميس ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية المرتقبة 29 يونيو المقبل.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية إردوغان متحدثاً إلى قيادات ورؤساء فروع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في المقاطعات خلال اجتماع في أنقرة الثلاثاء (الرئاسة التركية)

تركيا: تباين في مواقف الأحزاب تجاه الدستور الجديد

واصل رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش مشاوراته مع قادة الأحزاب السياسية الممثلة بالبرلمان حول مشروع الدستور المدني الجديد للبلاد.

سعيد عبد الرازق
أوروبا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز والمرشح الاشتراكي سلفادور إيلا يلوّحان للحشد خلال تجمع انتخابي في فيلانوفا إي لا جيرترو، بالقرب من برشلونة (أرشيفية - أ.ب)

كاتالونيا تنقذ رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي

للمرة الأولى منذ سنوات استطاع الحزب الاشتراكي، الذي يقود الحكومة المركزية، أن يحقق فوزاً واضحاً في انتخابات إقليمية، فيما خسرت الأحزاب الانفصالية الأغلبية.

شوقي الريّس (مدريد )
أوروبا سيدة وطفلها يشاركان في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بليتوانيا (أ.ب)

رئيس ليتوانيا ورئيسة وزرائه يتواجهان في الجولة الثانية من الانتخابات

يتواجه الرئيس الليتواني المنتهية ولايته غيتاناس نوسيدا ورئيسة وزرائه إينغريد سيمونيت في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية 26 مايو (أيار)

«الشرق الأوسط» (فيلنيوس)

زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار «باليستي» بتكنولوجيا توجيه جديدة

شاشة تعرض لقطات أرشيفية لاختبار صاروخي لكوريا الشمالية في محطة للسكك الحديدية في سيول (ا.ف.ب)
شاشة تعرض لقطات أرشيفية لاختبار صاروخي لكوريا الشمالية في محطة للسكك الحديدية في سيول (ا.ف.ب)
TT

زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار «باليستي» بتكنولوجيا توجيه جديدة

شاشة تعرض لقطات أرشيفية لاختبار صاروخي لكوريا الشمالية في محطة للسكك الحديدية في سيول (ا.ف.ب)
شاشة تعرض لقطات أرشيفية لاختبار صاروخي لكوريا الشمالية في محطة للسكك الحديدية في سيول (ا.ف.ب)

قالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية، اليوم (السبت)، إن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، أشرف على اختبار صاروخ باليستي تكتيكي بتكنولوجيا توجيه جديدة.

كان جيش كوريا الجنوبية قد قال إن كوريا الشمالية أطلقت عدداً من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى صوب البحر قبالة ساحلها الشرقي يوم الجمعة.


ماكرون يشترط عودة الهدوء إلى كاليدونيا الجديدة قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات

جنود فرنسيون يصلون إلى مطار نوميا لحماية المرافئ والمواقع الاستراتيجية (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون يصلون إلى مطار نوميا لحماية المرافئ والمواقع الاستراتيجية (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يشترط عودة الهدوء إلى كاليدونيا الجديدة قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات

جنود فرنسيون يصلون إلى مطار نوميا لحماية المرافئ والمواقع الاستراتيجية (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون يصلون إلى مطار نوميا لحماية المرافئ والمواقع الاستراتيجية (أ.ف.ب)

رغم أن الأوضاع في كاليدونيا الجديدة التي عرفت 4 ليالٍ من العنف والشغب لم تعد لحالتها الطبيعية، مع اعتراف المفوض السامي في الأرخبيل بوجود أحياء في العاصمة نوميا لا تخضع لسيطرة السلطات، فإن الأمور آيلة إلى التحسن. والدليل على ذلك أن ليلة الخميس - الجمعة لم تشهد العنف الذي سيطر على الإقليم في الليالي الأخيرة، الأمر الذي يمكن اعتباره ثمرة سياسة التشدد والحزم التي اعتمدتها الدولة التي ترى أن أولى أولوياتها العودة إلى النظام والقانون.

باريس تختار الحزم

للوصول إلى هذه النتيجة والوقوف بوجه العنف والشغب الذي ذهب ضحيتهما 5 قتلى وعشرات الجرحى وخسائر مادية تقدر قيمتها بـ200 مليون يورو، ذهبت السلطات سريعاً، بطلب من الرئيس إيمانويل ماكرون إلى فرض حالة الطوارئ في الأرخبيل لـ12 يوماً، كمرحلة أولى.

لكن ثمة معلومات في باريس تشير إلى أن الحكومة ستطلب من البرلمان تمديدها 3 أشهر، حتى ما بعد انتهاء الألعاب الأولمبية التي تستضيفها فرنسا هذا الصيف.

وسمحت حالة الطوارئ للقوى الأمنية القبض على عدة مئات من الأشخاص الذين روّعوا أحياء كاملة في العاصمة، ودفعوا بعضها إلى تنظيم الحماية الذاتية. كذلك، قرر مجلس الأمن والدفاع، الذي التأم مرتين برئاسة ماكرون، تعزيز الحضور الأمني في الإقليم من خلال إرسال ألف رجل شرطة ودرك، وبينهم مجموعات من القوى المتخصصة في محاربة الشغب.

وبذلك، يكون العديد الأمني في الأرخبيل قد ارتفع من 1700 إلى 2700 رجل. وفي السياق عينه، سارعت وزارة الدفاع إلى إرسال وحدات عسكرية مع أسلحتها وعتادها، لحماية المراكز الحساسة كالمرافئ والمطار. وبذلك، تنوب عن القوى الأمنية التي يمكن استخدامها في مهمات أخرى.

إلى ذلك، دخل القضاء على خط الأزمة. وأصدر وزير العدل أريك دوبون موريتي، الجمعة، تعميماً موجهاً للعاملين في الأجهزة القضائية، تحديداً إلى المدعين العامين والقضاة المرتبطين بوزارة العدل، يدعو فيه إلى اعتماد «رد حازم ومنهجي على الجرائم والمخالفات» التي ارتكبها مثيرو الشغب. وجاء في التعميم أن «الأعمال الخطيرة للغاية ضد الأشخاص والممتلكات المرتكبة في كاليدونيا الجديدة تشكل انتهاكات خطيرة للنظام العام». لذا، فإنها تتطلب «رداً حازماً وسريعاً ومنتظماً على الجرائم والمخالفات المرتكبة، وعلى انتهاكات أحكام حالة الطوارئ».

ويرى أنصار ماكرون أنه لم يكن بوسع الحكومة أن تعتمد سياسة أخرى غير سياسة التشدد والحزم، حتى لا تتهم بالضعف والتخاذل أمام مثيري الشغب، خصوصاً أن فرنسا مقبلة على انتخابات أوروبية في 9 الشهر المقبل. ومشكلة الحكومة أن اللائحة الداعمة للرئيس ماكرون ستحل، وفق استطلاعات الرأي المتواترة، متأخرة بـ16 نقطة عن لائحة حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف. وبالتالي، فإن سيرها بسياسة غير سياسة الحزم، كان سيضعف موقعها أمام الناخبين وسيوفر لليمين بجناحيه التقليدي والمتطرف حجة إضافية لاتهامها بالتخاذل وعجزها عن الدفاع عن الفرنسيين في كاليدونيا الجديدة.

وصول جنود فرنسيين من كتيبة رماة البحرية الثامنة الذين أرسلتهم باريس إلى نوميا (أ.ف.ب)

وفي أي حال، فإن الانتقادات انصبت على ماكرون وحكومته. إذ سارع برونو روتايو، رئيس مجموعة حزب «الجمهوريون» في مجلس الشيوخ إلى اعتبار أن «الدولة (الفرنسية) تغرق في العنف وانعدام الأمن». أما جوردان بارديلا، رئيس حزب «التجمع الوطني» ورئيس لائحته إلى الانتخابات الأوروبية، فقد اتهم الحكومة بـ«انعدام المسؤولية» في إدارة الملف المتفجر، فضلاً عن إظهار «ضعف الدولة وعدم كفايتها».

ولم تنجُ الحكومة من اتهامات اليسار والخضر، ولكن لأسباب مختلفة تماماً. ولم يتوانَ جان لوك ميلونشون، زعيم حزب «فرنسا المتمردة» عن توجيه الاتهام إليها، عادّاً أنها تقود «سياسة نيو - استعمارية» في كاليدونيا. ومساء الخميس، حصلت مظاهرة في ساحة «لا ريبوبليك» دعماً للكاناك وحصولهم على الاستقلال، وتنديداً بسياسة الحكومة الرجعية.

جبهتان تتواجهان في فرنسا

اليوم، تتواجه في فرنسا جبهتان: الأولى متمسكة ببقاء كاليدونيا الجديدة في إطار الجمهورية، وهو ما يناضل من أجله «البيض» من الفرنسيين والأوروبيين والوافدين الجدد إليها. والثانية، تدعو، بدرجات متفاوتة، إلى الاستجابة لتطلعات الكاناك في الحصول على استقلالهم، مع ضمانات بشأن حقوق وسلامة «البيض» في إطار نظام ديمقراطي.

ولا يخفى أن الإشكالية تطال أهمية الأرخبيل الجيو - استراتيجية والاقتصادية، وكونه يوفر لفرنسا حضوراً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً في جنوب المحيط الهادي.

وتنظر مجموعة الدول المشكلة من جزر صغيرة في المنطقة، باستثناء أستراليا، بقلق، إلى ما يجري في الإقليم، وهي تدعو إلى فتح باب الحوار مجدداً بين كل الأطراف. وتعي باريس أن القبضة الحديدية لن تأتي بحلول لهذه الأزمة المستعصية التي انفجرت بوجه ماكرون وحكومته، بعد أن صوت البرلمان، بمجلسيه، ولكن بشكل منفصل، على تعديل اللوائح الانتخابية، بحيث تضم كل المقيمين على أراضي الأرخبيل منذ 10 سنوت، وكذلك من لم ترد أسماؤهم في لوائح عام 1988.

وتخوف شعب الكاناك، أي سكان الأرخبيل الأصليين، أن يفضي العمل بالتعديل الدستوري الذي لم يصبح بعد نافذاً ويحتاج إلى اجتماع مشترك للمجلسين التشريعيين (الشيوخ والنواب وإقراره بأغلبية الثلثين)، أن يضعف وزنهم السياسي، بسبب الأصوات الجديدة للوالجين حديثاً إلى اللوائح الانتخابية في الاستحقاقات اللاحقة.

حلم «الاستقلال»

ولب المشكلة يكمن في تخوف الكاناك من أن يقضي هذا التعديل على حلم الحصول على الاستقلال والانفصال عن فرنسا. كذلك تعد أحزاب الكاناك أن الدولة الفرنسية لم تلتزم الحياد في إدارتها للملف الكاليدوني، والدليل على ذلك أن الحكومة دفعت باتجاه التصويت المزدوج على التعديل الدستوري، بينما طالبتها أحزاب الكاناك بسحب مشروع القانون من التداول لمواصلة المفاوضات.

ما تريده الحكومة هو وضع الطرفين المتواجهين في كاليدونيا الجديدة مجدداً وجهاً لوجه، ولكن حول طاولة المفاوضات شرط عودة الهدوء والنظام إلى شوارع نوميا. والخميس، رفض ممثل الكاليدونيين من الطرفين اجتماعاً عن بعد برئاسة ماكرون، بحجة أن زمنه لم يحل بعد. وأفاد قصر الإليزيه بأن الرئيس الفرنسي سيقوم بمشاورات «منفصلة» مع الطرفين، بينما يسعى رئيس الحكومة إلى دعوة وفود كاليدونية إلى باريس للبحث في المخارج الممكنة.

متظاهرون ضد سياسة ماكرون في كاليدونيا الجديدة (أ.ب)

والحال، أن إبقاء الأرخبيل في وضعيته الراهنة من غير أفق واضح بالنسبة للكاناك سيكون بالغ الصعوبة، وكذلك تخلي فرنسا عنه بشكل كامل. وتدعو أصوات مسؤولين سابقين نجحوا في تسعينات القرن الماضي في إطفاء ما يشبه الحرب الأهلية هناك، إلى تحكيم العقل وسحب تهديد ماكرون بطلب انعقاد الاجتماع المشترك للمجلسين التشريعيين، لأنه يعد بمثابة السيف المرفوع فوق رقاب الكاناك، وهو أمر سيصعب قبوله.

هكذا، تتعقد المسألة الكاليدونية التي تتداخل فيها عناصر الانفجار من وضع سياسي متأزم ووضع اقتصادي سيئ يعاني منه بشكل خاص سكان الإقليم من غير الأوروبيين، ووضع اجتماعي عنوانه الأبرز تمايز الأوضاع بين الفئتين المتواجهتين. فهل ستنجح باريس في إطفاء ما سماه مفوضها السامي «حالة التمرد»، وفي إيجاد المخرج الذي يرضي الطرفين؟ الجواب في المقبل من الأسابيع.


مقتل 4 بينهم 3 أجانب بإطلاق نار في أفغانستان

عنصران من الشرطة الأفعانية في كابل (رويترز)
عنصران من الشرطة الأفعانية في كابل (رويترز)
TT

مقتل 4 بينهم 3 أجانب بإطلاق نار في أفغانستان

عنصران من الشرطة الأفعانية في كابل (رويترز)
عنصران من الشرطة الأفعانية في كابل (رويترز)

قُتل ثلاثة أجانب وأفغاني، اليوم الجمعة، بإطلاق نار في ولاية باميان في وسط أفغانستان، على ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن وزير الداخلية عبد المتين قاني.

وقال قاني، للوكالة: «قُتل أفغاني، وثلاثة أجانب، وأُصيب أربعة أجانب، وثلاثة أفغان» في إطلاق نار بمدينة باميان؛ عاصمة الولاية التي تحمل الاسم نفسه.


مقتل شرطيَّين بماليزيا بهجوم يشتبه بأن منفّذه «على صلة بإسلاميين»

عنصر من الشرطة الماليزية (رويترز)
عنصر من الشرطة الماليزية (رويترز)
TT

مقتل شرطيَّين بماليزيا بهجوم يشتبه بأن منفّذه «على صلة بإسلاميين»

عنصر من الشرطة الماليزية (رويترز)
عنصر من الشرطة الماليزية (رويترز)

أعلنت الشرطة الماليزية مقتل اثنين من عناصرها في هجوم شنّه رجل يشتبه في صلته بجماعة تابعة لتنظيم «القاعدة»، اقتحم فجر الجمعة مركزاً تابعاً لها في جنوب البلاد، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال المفتش العام للشرطة رزار الدين حسين، إن الشخص المعتدي، الذي تقول الشرطة إنه على صلة بـ«الجماعة الإسلامية»، طعن ضابطاً قبل أن يمسك بمسدس ويطلق النار على آخر.

وجُرح شرطي ثالث قبل أن يردي المهاجم بالرصاص.

وقال حسين في تصريحات للصحافيين من مكان الواقعة بولاية جوهر: «قُتل اثنان من رجالنا في الهجوم».

وتابع، حسب ما أوردت وكالة الأنباء الماليزية «برناما»، أن «شرطياً آخر أصيب في تبادل إطلاق النار وحالته مستقرة في المستشفى».

ودهمت الشرطة منزل المشتبه به وأوقفت 5 أشخاص، من بينهم والده البالغ من العمر 62 عاماً، الذي قال قائد الشرطة إنه ينتمي إلى «الجماعة الإسلامية».

كانت «الجماعة الإسلامية» نفذّت بدعم من «القاعدة» تفجيرات لنوادٍ ليلية سياحية في منتجع بالي بإندونيسيا في عام 2002 أسفرت عن مقتل 202، من بينهم 88 أسترالياً، كما نفذّت هجوماً في عام 2003 على فندق «جي دبليو ماريوت» أسفر عن سقوط 12 قتيلاً وعشرات الجرحى.

وصادرت الشرطة من المنزل أيضاً، حسب ما قال حسين، وثائق «تتعلق بالجماعة الإسلامية».

وقال: «بالنظر إلى الأغراض الموجودة في المنزل، نعلم أن المهاجم الذي قُتل كان يستعد لمهاجمة مركز الشرطة».

وأضاف: «نعتقد أن الدافع كان الحصول على أسلحة لتنفيذ أجندته التي لا نعلم عنها أي شيء».

ويشتبه حسين في وجود نحو 20 من أعضاء «الجماعة الإسلامية» في ولاية جوهر.

وحسب أحد تحليلات الحكومة الأسترالية في هذا الصدد، فإن «الهجمات التي تشنّها (الجماعة الإسلامية) انخفضت بشكل كبير، ولكن أعضاءها الأساسيين لا يزالون نشطين ولديهم النية لمواصلة الأنشطة الإرهابية».


القائد الأعلى لـ«طالبان» يجري زيارة نادرة لكابل

الملا هبة الله أخوند زاده زعيم حركة «طالبان» (أ.ب)
الملا هبة الله أخوند زاده زعيم حركة «طالبان» (أ.ب)
TT

القائد الأعلى لـ«طالبان» يجري زيارة نادرة لكابل

الملا هبة الله أخوند زاده زعيم حركة «طالبان» (أ.ب)
الملا هبة الله أخوند زاده زعيم حركة «طالبان» (أ.ب)

أجرى القائد الأعلى لـ«طالبان» الملّا هبة الله أخوند زاده الذي يندر ظهوره في الأماكن العامة ويقيم في معقله قندهار بجنوب أفغانستان، زيارة نادرة إلى العاصمة كابل للقاء كبار المسؤولين في البلاد، على ما أورد الجمعة موقع تابع للحركة.

ونشر موقع «الإمارة» التابع لحركة «طالبان» مقتطفات من كلمة ألقاها أخوند زاده الخميس في مقرّ وزارة الداخلية بحضور مسؤولين كبار بينهم حكّام الولايات الـ34 في أفغانستان.

وأكّد قائد الحركة الذي لم تُنشر له سوى صورة واحدة في السابق، على أهمية «إعلاء الدين فوق كل شؤون العالم» و«تعزيز الإيمان والصلاة بين السكان»، وذلك خلال الزيارة التي أحيطت بسرية كبيرة.

وشدّد على أن الطاعة «فريضة»، داعياً إلى «الوحدة والوئام»، وفق الموقع الإلكتروني.

وقال إن «دور (الإمارة) هو توحيد الشعب» فيما دور الحكّام «هو خدمة الشعب».

طاجيك وأفغان يبيعون ويشترون المواد الغذائية والسلع المنزلية في سوق في بلدة كاليخوم الطاجيكية على الحدود مع أفغانستان في 30 مارس 2024 (أ.ف.ب)

وحثّ المسؤولين على «إعطاء الأولوية للشريعة الإسلامية بدلاً من مصالحهم الشخصية» ومحاربة «المحسوبية».

وقال مصدر دبلوماسي غربي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «الدافع وراء زيارة» القائد الأعلى لكابل «هو على ما يبدو التذكير بالانضباط وخصوصاً الانضباط المالي»، مضيفاً: «يتعلق الأمر هنا بتعزيز الانضباط والوحدة».

ورجّح المصدر أن يكون هناك دافع آخر وراء الزيارة هو ربما «القلق بشأن الاضطرابات في بدخشان وطريقة التعامل معها».

ففي ولاية بدخشان شمال شرقي أفغانستان، قتلت وحدات مكافحة المخدرات تابعة لـ«طالبان» مطلع هذا الشهر مزارعين منخرطين في زراعة الخشخاش التي تحظرها «طالبان» منذ عام 2022.

وقمعت السلطات الأفغانية كذلك مظاهرات نظمها الكوشيون وهم مجموعة عرقية من البدو البشتون، في ولاية ننغرهار (شرق). وتشهد البلاد بانتظام هجمات دامية يتبناها تنظيم «داعش» خصوصاً في كابل.

فتيات يحضرن حصة تعليمية في مدرسة مقامة بالهواء الطلق في كابل (إ.ب.أ)

ويرى خبراء أنّ أخوند زاده يثير خلافاً بين معسكرَي «طالبان» الرئيسيين الموجودَين في السلطة: معسكر قندهار التي تعدّ معقل الحركة في الجنوب حيث يدير القائد الأعلى البلاد بمرسوم، ومعسكر كابل حيث مقر الحكومة التي من المفترض أن تكون أقل صرامة.

وتابع المصدر الدبلوماسي الغربي: «في كلّ مرة تحدث تصدّعات أو خلافات، تتدخّل قندهار وتذكّر الجميع بضرورة تعزيز الوحدة».

ولم يزر القائد الأعلى كابل إلّا مرة واحدة منذ عودة «طالبان» إلى السلطة في منتصف أغسطس (آب) 2021 ونادراً ما يُدلي بكلمات مذ تولّى منصبه في عام 2016.

وأعلن الزعيم الأعلى لحركة «طالبان»، هبة الله أخوند زاده، في مارس (آذار) 2024، أن الحركة ستبدأ في تطبيق تفسيرها للشريعة في أفغانستان، بما في ذلك إعادة الجَلد العلني ورجم النساء بتهمة الزنا. وقال أخوند زاده، في بثّ صوتي على «إذاعة أفغانستان» التي تسيطر عليها حركة «طالبان»، يوم السبت الماضي: «سنجلد النساء... وسنرجمهن علناً حتى الموت (بتهمة الزنا)». وقال هبة الله أخوند زاده: «لم ينتهِ عمل حركة (طالبان) بالسيطرة على كابل، بل بدأ لتوه».


مقتل 5 أشخاص في اشتباكات حدودية بين الجيش الباكستاني و«طالبان» الأفغانية

جندي باكستاني يقف على طول السياج الحدودي خارج موقع كيتون على الحدود مع أفغانستان في شمال وزيرستان بباكستان في 18 أكتوبر 2017 (رويترز)
جندي باكستاني يقف على طول السياج الحدودي خارج موقع كيتون على الحدود مع أفغانستان في شمال وزيرستان بباكستان في 18 أكتوبر 2017 (رويترز)
TT

مقتل 5 أشخاص في اشتباكات حدودية بين الجيش الباكستاني و«طالبان» الأفغانية

جندي باكستاني يقف على طول السياج الحدودي خارج موقع كيتون على الحدود مع أفغانستان في شمال وزيرستان بباكستان في 18 أكتوبر 2017 (رويترز)
جندي باكستاني يقف على طول السياج الحدودي خارج موقع كيتون على الحدود مع أفغانستان في شمال وزيرستان بباكستان في 18 أكتوبر 2017 (رويترز)

استمرت، اليوم (الجمعة)، الاشتباكات العنيفة الدائرة بين قوات حرس الحدود الباكستانية ومقاتلي حركة «طالبان» الأفغانية، وذلك لليوم الخامس، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من المدنيين والجنود من الجانبين، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.

وأفادت قناة «طلوع نيوز» الإخبارية الأفغانية بمقتل 4 أطفال وامرأة على الأقل في أفغانستان جراء إصابتهم بصاروخ أفادت تقارير بأنه تم إطلاقه من الجانب الباكستاني.

وأفادت مصادر متعددة لوكالة الأنباء الألمانية بأن أربعة جنود على الأقل من قوة باكستانية شبه عسكرية أصيبوا في اشتباكات على الحدود مع مقاتلي «طالبان» في منطقة كورام في وقت سابق من الأسبوع الحالي.

وقال أحد المصادر إن الاشتباكات بدأت يوم الاثنين الماضي، عندما اقتحم مسلحو «طالبان» الأفغانية قرى باكستانية وهاجموا المدنيين قبل أن تتم مطاردتهم.

وشهدت باكستان زيادة في أعداد الهجمات التي تشنها حركة «طالبان» الباكستانية منذ سيطرة حركة «طالبان» الأفغانية على السلطة في كابل في عام 2021.


بأربع أرجل ورشاشات مثبتة على ظهورها... شاهد جيش الكلاب الروبوتية الصينية

عرض توضيحي لجيش الكلاب الروبوتية المزودة بمدافع رشاشة (أ.ف.ب)
عرض توضيحي لجيش الكلاب الروبوتية المزودة بمدافع رشاشة (أ.ف.ب)
TT

بأربع أرجل ورشاشات مثبتة على ظهورها... شاهد جيش الكلاب الروبوتية الصينية

عرض توضيحي لجيش الكلاب الروبوتية المزودة بمدافع رشاشة (أ.ف.ب)
عرض توضيحي لجيش الكلاب الروبوتية المزودة بمدافع رشاشة (أ.ف.ب)

استعرض الجيش الصيني جيشا من الكلاب الروبوتية القتالية، المجهزة بمدافع رشاشة، في أكبر مناوراته على الإطلاق مع القوات الكمبودية، حسبما نشرت صحيفة «تايبيه تايمز».

رجل من الجيش الصيني (على اليمين) يختبر مدفعاً رشاشاً مجهزاً على كلب آلي قبل المشاركة في مناورة «التنين الذهبي» العسكرية في قرية سفاي تشوك (أ.ب)

وخلال التدريبات التي يطلق عليها اسم «التنين الذهبي» ويشارك فيها أكثر من 2000 جندي، من بينهم 760 عسكرياً صينياً، والتي تستمر 15 يوماً، جرى استعراض ما يسمى بـ«Robodogs» وهي روبوتات ذات أربع أرجل يتم التحكم فيها عن بعد مع بنادق آلية مثبتة على ظهورها.

وخلال العرض الذي جرى في مركز التدريب بعيد في مقاطعة كامبونغ تشهنانغ الوسطى وفي البحر قبالة مقاطعة برياه سيهانوك، أبقى الجنود «الروبودوغز» مقيدة، وأظهروا فقط قدراتها على المشي أمام الصحافيين وكبار الضباط، من دون إظهار مهاراتها في إطلاق النار.

عرض توضيحي لجيش الكلاب الروبوتية المزودة بمدافع رشاشة (أ.ف.ب)

وفي افتتاح التدريبات، قال القائد العام للقوات المسلحة الكمبودية فونغ بيسن إن «الروبودوغز» «ستعزز قدرات الجيشين (الكمبودي والصيني) في الحرب ضد الإرهاب».


شقيقة زعيم كوريا الشمالية تسخر من «نظرية» صفقة الأسلحة مع روسيا

كيم يو جونغ شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (رويترز)
كيم يو جونغ شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (رويترز)
TT

شقيقة زعيم كوريا الشمالية تسخر من «نظرية» صفقة الأسلحة مع روسيا

كيم يو جونغ شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (رويترز)
كيم يو جونغ شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون (رويترز)

ذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية، اليوم (الجمعة)، أن كيم يو جونغ الشقيقة صاحبة النفوذ القوي للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، نفت من جديد تبادل أسلحة مع روسيا.

وتوجه الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية اتهامات لكوريا الشمالية بنقل أسلحة إلى روسيا لاستخدامها ضد أوكرانيا. وتنفي كل من موسكو وبيوغ يانغ هذه الاتهامات لكنهما تعهدتا العام الماضي بتعميق العلاقات العسكرية.

وتعززت العلاقات بين البلدين بشكل كبير بعد زيارة الزعيم الكوري الشمالي لأقصى شرق روسيا في سبتمبر (أيلول)، وعقد قمة مع الرئيس فلاديمير بوتين

ونقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية عن كيم يو جونغ القول في بيان، إن «نظرية» صفقة الأسلحة بين كوريا الشمالية وروسيا والمكونة من خليط من الأحكام المسبقة والخيال هي «النظرية الأكثر سخافة» ولا تستحق تقييماً أو تفسيراً من أحد، ووصفتها بأنها إشاعة كاذبة تروج لها قوى معادية.

وأضافت أن الأسلحة التي تطورها كوريا الشمالية ليست موجهة للتصدير وإنما للدفاع ضد كوريا الجنوبية.

في غضون ذلك، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة أمس الخميس على روسيين اثنين وثلاث شركات روسية لتسهيلها عمليات نقل الأسلحة بين روسيا وكوريا الشمالية بما في ذلك الصواريخ الباليستية لاستخدامها في أوكرانيا.


بوتين وشي يتفقان على تعزيز «الشراكة الشاملة»

شي وبوتين خلال اجتماعهما في بكين أمس (أ.ف.ب)
شي وبوتين خلال اجتماعهما في بكين أمس (أ.ف.ب)
TT

بوتين وشي يتفقان على تعزيز «الشراكة الشاملة»

شي وبوتين خلال اجتماعهما في بكين أمس (أ.ف.ب)
شي وبوتين خلال اجتماعهما في بكين أمس (أ.ف.ب)

اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جينبينغ، خلال قمتهما في بكين أمس (الخميس)، على تعزيز الشراكة الشاملة بين بلديهما، وحددا أولويات تحركهما المشترك خلال المرحلة المقبلة، في إطار مساعي الطرفين لمواجهة استحقاقات «التغيرات المتسارعة» في العالم.

ووصف بوتين، الذي قام بأول رحلة خارجية منذ تنصيبه لفترة رئاسية جديدة الشهر الحالي، تعاون موسكو وبكين في الشؤون العالمية بأنه أحد عوامل الاستقرار الرئيسية على الساحة الدولية، فيما انتقد نظيره شي ما وصفاه بأنه تزايد في عداء السلوك الأميركي.


باريس تقف بوجه «التمرد» في كاليدونيا... وتترك باب الحوار مفتوحاً

تشهد كاليدونيا الجديدة أعمال شغب عنيفة منذ أيام (أ.ف.ب)
تشهد كاليدونيا الجديدة أعمال شغب عنيفة منذ أيام (أ.ف.ب)
TT

باريس تقف بوجه «التمرد» في كاليدونيا... وتترك باب الحوار مفتوحاً

تشهد كاليدونيا الجديدة أعمال شغب عنيفة منذ أيام (أ.ف.ب)
تشهد كاليدونيا الجديدة أعمال شغب عنيفة منذ أيام (أ.ف.ب)

لليوم الثاني على التوالي، التأم مجلس الأمن والدفاع القومي في قصر الإليزيه بدعوة من الرئيس إيمانويل ماكرون، لبحث إعادة الهدوء إلى إقليم كاليدونيا الجديدة، ونزع فتيل التفجير على نطاق واسع، بعد ليلة ثالثة من أعمال العنف والشغب. واندلعت المواجهات عقب مصادقة البرلمان الفرنسي بأغلبية مريحة على مشروع قانون دستوري يوسِّع لائحة الناخبين في الإقليم المذكور، الأمر الذي عدَّه الكاناك (السكان الأصليون) مُجحفاً بحقهم، لأنه يُضعف وزنهم في الانتخابات الإقليمية العام المقبل وأي انتخابات لاحقة، كما أنه يُحبط رغبتهم في الاستقلال يوماً عن فرنسا، الدولة المستعمِرة السابقة.

آلاف «المتمردين» و«ميليشيات حماية»

ومنذ الأربعاء، كان الهم الأول للحكومة الفرنسية، بدفعٍ من ماكرون، هو إعادة الهدوء إلى الأرخبيل الواقع على بُعد 17 ألف كلم من فرنسا والذي شهد ثلاث ليالٍ دامية، وقع خلالها خمسة قتلى وعشرات الجرحى، وأُحرقت محلات تجارية ومحطات وقود ومصانع ومنازل وأُقيمت الحواجز في الطرقات. والأخطر من ذلك، وفق المفوّض السامي الحكومي، نشوء ميليشيات محلية مسلّحة، تسعى لحماية الأحياء التي يسكنها الأوروبيون والبيض بشكل عام من هجمات 4 إلى 5 آلاف «متمرد».

سيارات محروقة في نوميا نتيجة أعمال الشغب بإقليم كاليدونيا الجديدة منذ 3 ليالٍ (أ.ب)

وعمدت الحكومة إلى فرض حالة الطوارئ لمدة 12 يوماً. وأرسلت وزارة الدفاع وحدات من الجيش لحماية المواقع الاستراتيجية، كالمطار والمرافئ، ومواقع حساسة أخرى، فيما عزّزت وزارة الداخلية عناصرها من درك وشرطة للسيطرة على الوضع.

وقال وزير الداخلية إن عديد القوى الأمنية «من غير أفراد الجيش» سيصل مع نهاية الأسبوع الجاري إلى 2700 عنصر. وطمأن جيرالد دارمانان، الفرنسيين إلى أن الدولة ستعيد السيطرة على الوضع في كاليدونيا الجديدة «خلال الساعات القادمة».

من جهته، قال رئيس الحكومة غبريال أتال، الأربعاء، إن لويس لو فرانك، ممثل الحكومة في نوميا، عاصمة الإقليم، هو مَن طلب التعزيزات الأمنية وفرض حظر التجول ومنع الوصول إلى شبكة التواصل الاجتماعي «تيك توك»، التي زعم أن «المتمردين» من الكاناك يستخدمونها للتعبئة والتجمع.

استراتيجية باريس

من جانبه، قال الأخير في مؤتمر صحافي متلفز إن قوات الدرك واجهت في ثلاث بلديات في الجزيرة نحو خمسة آلاف متظاهر، بينهم ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف في نوميا، وأنه تم اعتقال مائتي شخص وإصابة 64 من رجال الدرك والشرطة. بينما تسببت حواجز الطرق التي وضعها المحتجون في «وضع مزرٍ» بالنسبة للأدوية والغذاء للسكان.

والأخطر من ذلك إشارته إلى أن المحتجين أغلقوا الطرق في نوميا بالسيارات المحترقة والسيارات المفخخة. كذلك، أشار إلى مواجهات وقعت خلال الليل بين عناصر من الكاناك ومجموعات الدفاع الذاتي، التي ظهرت في عدد من الأحياء، خصوصاً في جنوب نوميا، مُتّهماً الجميع بانتهاك حظر التجول وحظر حمل السلاح. وسبق للمفوض السامي أن حذّر من أن كاليدونيا الجديدة «تتجه نحو حرب أهلية».

وترمي باريس مسؤولية الشغب وما رافقه على «خلية التنسيق الميداني» التابعة للكاناك، وتحرص في الوقت عينه على إبعاد المسؤولية عن حزب الكاناك الرئيسي المؤيد للانفصال عن فرنسا، واسمه «جبهة الكاناك الاشتراكية للتحرير الوطني» الذي كان من الأطراف التي دعت للتهدئة.

اتهامات لأذربيجان

بيد أن باريس سعت، بالتوازي، لرمي المسؤولية على طرف خارجي. وجاء ذلك على لسان وزير الداخلية، الذي اتهم صباح الخميس، أذربيجان بالتدخل في شؤون كاليدونيا الجديدة، ولكن دون تقديم أي دليل. وقال ما حَرفيَّته: «فيما يتعلق بأذربيجان، هذا ليس خيالاً، إنه واقع (...) يؤسفني أن بعض قادة كاليدونيا الجديدة المؤيدين للاستقلال عقدوا صفقة مع أذربيجان، وهذا أمر لا يمكن إنكاره».

وجاء رد باكو سريعاً، إذ أصدرت الخارجية الأذرية بياناً جاء فيه: «نرفض تماماً الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة التي وجّهها وزير الداخلية الفرنسي، وننفي أي صلة بين قادة النضال من أجل الحرية في كاليدونيا الجديدة وأذربيجان». ووصفت باكو اتهامات دارمانان بـ«التصريحات المهينة»، معتبرة أنها جزء من «حملة تشويه» تستهدفها. لكنّ ألان بوير، أحد أبرز الخبراء الأمنيين في باريس، قال لقناة «بي إف إم» الخميس، إنه إذا صدقت تصريحات دارمانان، فإن ذلك يعني أن «أذربيجان ترد الصاع لفرنسا، وبمعنى ما، تعاقبها بسبب دعمها لأرمينيا» في نزاعها مع باكو.

ماكرون يدير الدفة شخصياً

مع ترؤسه لليوم الثاني على التوالي مجلس الأمن والدفاع، أراد الرئيس ماكرون أن يُبيّن أنه يُسيّر شخصياً الدفة، وأنه يدفع باتجاه تطبيع الوضع. فهو من طلب إعلان حالة الطوارئ وتعزيز الحضور الأمني في الإقليم، ورأى، وفق بيان الإليزيه، أن «التسامح غير ممكن مع كل أعمال العنف التي سيكون الرد عليها صاعقاً».

حواجز في الطرقات كما ظهرت (الخميس) في أحد شوارع عاصمة الإقليم (أ.ف.ب)

إلا أنه في الوقت عينه، حرص على إعادة فتح باب الحوار السياسي، بطلبه من رئيس الحكومة ووزير الداخلية دعوة وفود كاليدونية إلى باريس. وأكّد استعداده للتحاور شخصياً مع ممثلين عن الكاليدونيين عن بُعد عبر دائرة تلفزيونية.

وباختصار، يقوم موقف فرنسا على إبراز الشدة والعزم في مواجهة الفوضى والشغب من جهة، وإبقاء باب الحوار مفتوحاً من جهة أخرى، مع التنبيه إلى استعداد ماكرون لدعوة مجلس الشيوخ والنواب نهاية يونيو (حزيران)، إلى اجتماع مشترك للتصويت النهائي على قانون التعديل الدستوري في حال عجزت الأطراف المحلية عن العثور على مَخرج سياسي حول مستقبل الأرخبيل والهوية الكاليدونية.

كانت جبهة الكاناك قد طلبت، الأربعاء، سحب قانون التعديل الدستوري «من أجل المحافظة على الشروط الضرورية للتوصل إلى اتفاق سياسي شامل بين المسؤولين الكاليدونيين والدولة الفرنسية». إلا أن رئيس الحكومة ربط فتح باب الحوار بالعودة إلى احترام النظام، معتبراً ذلك «شرطاً مسبقاً». أما دعوة ماكرون لجلسة حوار عن بُعد مع الكاليدونيين، فلن ترى النور بسبب رفض عدد من الأفرقاء عرضه. وأفادت الرئاسة بأن مختلف الأطراف «لا ترغب في الحوار فيما بينها في القوت الحاضر». لذا، فإن ماكرون سيستعيض عن ذلك بالتحاور مع كل طرف على حدة.

انقسامات في الداخل ولوم من الخارج

يوماً بعد يوم، يريد رئيس الحكومة أن يُجسّد التشدد في مواجهة الفوضى والعنف. وقال أمس، بعد اجتماع مجلس الأمن والدفاع، إن الحكومة «ستدعو إلى فرض أشد العقوبات على مثيري الشغب والسارقين»، واصفاً الوضع بأنه «لا يزال متوتراً للغاية، مع وجود أعمال نهب وشغب وحرائق واعتداءات من الواضح أنها لا تطاق، ولا يمكن وصفها».

ماكرون مترئساً مجلس الأمن والدفاع في قصر الإليزيه (الخميس) لمعالجة تدهور الأوضاع في كاليدونيا الجديدة (إ.ب.أ)

وأكد أتال أن ألف عنصر أمني إضافي سيتم إرسالهم إلى نوميا، وأن وزير العدل، إيريك دوبون - موريتي، سيُصدر تعميماً بشأن القانون الجنائي في غضون ساعات قليلة من أجل «ضمان إنزال أشد العقوبات بمثيري الشغب».

من جانب آخر، أشار إلى إجراء مناقشة مُوسّعة تضمّه، ووزير الداخلية، إلى جانب رئيسَي مجلس الشيوخ، والنواب، باللجان المعنية حول مستقبل الوضع في الإقليم. وبالتوازي، سيعمد وزير الاقتصاد برونو لومير، إلى التقاء «رجال الأعمال في كاليدونيا الجديدة، لتقديم الدعم اللازم لهم والعمل معهم لإيجاد حلول» للأوضاع الاقتصادية التي تعاني تراجع سعر النيكل في الأسواق العالمية، وهو الثروة الكبرى للأرخبيل.

أرض فرنسية أم سياسة استعمارية؟

كان من المرتقب أن تثير الأزمة الجديدة انقسامات حادة داخل الطبقة السياسية الفرنسية. وهذه المرة الحدود واضحة تماماً: اليسار والخضر من ناحية، واليمين بجناحيه التقليدي والمتطرف وأيضاً الأحزاب الحكومية من ناحية أخرى.

الأوائل يتهمون الحكومة بأنها تسرعت وأصرَّت على التصويت على قانون التعديل الدستوري، وبعض اليسار يرى أنها تواصل العمل بـ«سياسة استعمارية أو استعمارية - جديدة»، وأن كل تدخلاته تهدف لمنع الكاليدونيين من الحصول على استقلالهم.

في المقابل، فإن اليمين يريد من الدولة أن تكون أكثر حزماً في مواجهة التمرد والفوضى، وأن تلجأ إلى الأدوات التي في حوزتها من أجل فرض النظام وإعادة الهدوء. وبرأي اليمين، فإن كاليدونيا أرض فرنسية، وبعد ثلاثة استفتاءات، خسرها دعاة الاستقلال، حان وقت الحسم وإظهار الضعف في مواجهة التمرد يسيء إلى الدولة وإلى هيبتها.

وبموازاة الداخل، لم يتردد بعض دول المنطقة في توجيه انتقادات إلى فرنسا. فوزير خارجية نيوزيلندا دعا جميع الأطراف إلى تهدئة الوضع الذي «يثير قلقاً بالغاً في جميع أنحاء منطقة جزر المحيط الهادي، وحثّ رئيس وزراء فانواتو على الحوار مع جبهة الكاناك»، معتبرا أنه «كان من الممكن تجنب هذه الأحداث لو استمعت الحكومة الفرنسية» إلى مطالبهم. من جهتها، دعت وزيرة خارجية أستراليا إلى التهدئة والحوار بين الأطراف المعنية كافة.​