موجة حر شديدة تجتاح جنوب شرقي آسيا

أكدت الأمم المتحدة أن الحرارة ترتفع بشكل أسرع في آسيا مقارنة بمناطق أخرى (رويترز)
أكدت الأمم المتحدة أن الحرارة ترتفع بشكل أسرع في آسيا مقارنة بمناطق أخرى (رويترز)
TT

موجة حر شديدة تجتاح جنوب شرقي آسيا

أكدت الأمم المتحدة أن الحرارة ترتفع بشكل أسرع في آسيا مقارنة بمناطق أخرى (رويترز)
أكدت الأمم المتحدة أن الحرارة ترتفع بشكل أسرع في آسيا مقارنة بمناطق أخرى (رويترز)

تجتاح موجة حر قصوى جنوب شرقي آسيا منذ أسابيع، حيث بلغت الحرارة 45 درجة مئوية اليوم الأحد، ما دفع آلاف المدارس إلى تعليق الدروس الحضورية، لا سيما في الفليبين، في حين أصدرت دول بينها بنغلاديش تحذيرات، وتعليمات تتعلق بالصحة.

وبحسب وكالة «الصحافة الفرنسية»، ستعلق الفلبين الدروس الحضورية في كل المدارس الرسمية لمدة يومين بسبب الحر الشديد، خاصة بعد تسجيل مانيلا مستويات حرارة قياسية.

وقالت وزارة التربية في بيان عبر «فيسبوك»: «نظراً إلى توقعات الأرصاد الجوية الأخيرة بشأن مؤشر الحر، والإعلان عن إضراب عام للنقل، ستعتمد كل المدارس التعليم عن بعد في 29 و30 أبريل (نيسان) 2024».

وتشرف وزارة التربية على أكثر من 47 ألف مدرسة في الفلبين.

والكثير من مدارس الفلبين غير مجهزة بمكيفات هواء، ما يجعل التلاميذ يعانون من الحر الشديد في قاعات مكتظة لا تتمتع بتهوية مناسبة.

وتشهد الفلبين إضراباً عاماً لسائقي حافلات «جيبني» على ما أعلنت وزارة التربية.

وينوي سائقو حافلات «جيبني» المصنوعة أساساً من آليات «جيب» أميركية من مخلفات الحرب العالمية الثانية، البدء بإضراب من ثلاثة أيام على الصعيد الوطني الاثنين احتجاجاً على خطة للحكومة التخلي تدريجياً عن وسيلة النقل هذه.

وتعتبر هذه الحافلات رمزاً وطنياً في الفلبين، ووسيلة النقل المشترك الرئيسية في البلاد للانتقال إلى مراكز العمل، والمدارس، إلا أنها تشهد منافسة من حافلات صغيرة حديثة في إطار خطة حكومية.

وفي بنغلاديش، فتحت المدارس أبوابها بعد إغلاق الأسبوع المنصرم بسبب الحر. وعاد ملايين التلاميذ إلى المدارس اليوم الأحد رغم استمرار موجة الحر.

إلا أن السلطات أفادت بأن دور الحضانة ستبقى مغلقة، في حين أن ساعات الدراسة في المدارس الابتدائية ستخفض.

وقالت لاكي بيغوم وهي أم لطفلة مُسجّلة في مدرسة عامة في العاصمة دكا لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «أتيت إلى المدرسة مع ابنتي البالغة 13 عاماً. وكانت سعيدة لأن مدرستها فتحت أبوابها»، لكنها أضافت «الحرارة قوية جداً، وهي تعاني من طفح جلدي بسبب التعرق. وآمل ألا تمرض».

وكانت الحرارة أعلى بأربع إلى خمس درجات من المعدل المسجّل في السنوات الثلاثين الأخيرة في الفترة نفسها في دكا عاصمة بنغلاديش، مع توقع استمرار الحر لأيام عدة إضافية.

وفي بورما بلغت الحرارة الأربعاء 45.9 درجات مئوية في مدينة تشوك (وسط غرب)، حيث بحث كثيرون عن بعض البرودة في ظل أشجار الحدائق مع غروب الشمس.

ويشهد هذا البلد حرباً أهلية، وشبكة الكهرباء فيه قديمة. ويُعد انقطاع التيار الكهربائي في بورما أمراً شائعاً جراء الهجمات على البنى التحتية، ونفاد احتياطيات الغاز.

ويقضي مَن لا يملكون القدرة على شراء مولّد يعمل بالبنزين ثماني ساعات يومياً من دون كهرباء، وبالتالي من دون مُكيّف للهواء.

وقالت سان يين، وهي مُحاسبة تبلغ 39 عاماً «الحر خانق». وأفادت بأنها تقصد حديقة في رانغون (جنوب) مساء مع زوجها وابنها البالغ أربع سنوات، حتى تعود الكهرباء إلى شقتها. وقالت «أصلّي ليسقط المطر قريباً».

مستويات غير مسبوقة

أكدت الأمم المتحدة الثلاثاء أن الحرارة ترتفع بشكل أسرع في آسيا مقارنة بمناطق أخرى، في حين سُجلت مستويات حر قياسية في العالم خلال العام 2023.

وتُعتبر الفلبين من أكثر دول العالم ضعفاً أمام تداعيات التغيّر المناخي.

وبلغت الحرارة في العاصمة مانيلا 38.8 درجة مئوية السبت، وهي درجة غير مسبوقة فيها، فيما بلغ مؤشر الحر 45 درجة مئوية على ما أظهرت بيانات مصلحة الأرصاد الجوية الوطنية. ويقيس مؤشر الحر درجة الحرارة المحسوسة، ويأخذ في الحسبان معدل الرطوبة.

وسجلت كاميلينغ في محافظة تارلاك شمال مانيلا السبت 40.3 درجة مئوية، وهي أعلى حرارة في البلاد هذه السنة.

ويتواصل الحر اليوم الأحد، فيما يتوافد الكثير من الأشخاص إلى المراكز التجارية المكيفة، وإلى أحواض السباحة لتخفيف الوطأة.

وقالت نانسي باوتيستا البالغة 65 عاماً والتي حُجزت كل الأماكن في مجمع سياحي تديره قرب مانيلا «هذه أعلى درجات حرارة عرفتها هنا». وأضافت «الكثير من نزلائنا أصدقاء، وعائلات، وهم يسبحون في الحوض لتخفيف وطأة الحر عن أجسادهم».

ومع ارتفاع الحرارة، تنوي جيريس رييس (31 عاماً) اصطحاب ابنتها البالغة سنتين إلى مركز تجاري قرب مانيلا.

وقالت «الحر شديد في المنزل. هذا الطقس هو الأكثر حراً في حياتي، خصوصاً بين الساعتين العاشرة صباحاً والرابعة من بعد الظهر».

وأكدت «نحتاج إلى مكيف هواء مجاني لخفض فاتورة الكهرباء».

وقالت غلايزا اسكولار من مصلحة الأرصاد الجوية الوطنية «يتوقع أن تسجل في كل مناطق البلاد وليس فقط مانيلا درجات حرارة أعلى حتى الأسبوع الثاني من مايو (أيار)».

وأضافت «ثمة احتمال أن تتجاوز الحرارة في بعض المناطق الدرجات المسجلة اليوم حتى الأسبوع الثاني من مايو».

وتعتبر أشهر مارس (آذار) وأبريل ومايو الأشد حراً وجفافاً خلال السنة في الفلبين، إلا أن الوضع هذا العام تأثر بظاهرة «إل نينيو» المناخية.

ويرى الخبراء أن موجات الحر أصبحت أطول وأكثر شدّة وتواتراً بسبب الاحتباس الحراري.

وفي تايلاند، حذرت وكالة الأرصاد الجوية الوطنية من بلوغ الحرارة 44.1 درجة مئوية في شمال مقاطعة فيتشابون الشمالية اليوم الأحد.

وفي كمبوديا المجاورة، حذر وزير المياه والأرصاد الجوية من أنّ الحرارة قد تصل إلى 43 درجة مئوية في البلاد خلال الأسبوع المقبل، داعياً السكان إلى توخي الحذر.

وفي مقاطعة نغي آن شمال فيتنام، بلغت الحرارة 43.2 درجة مئوية السبت، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية. وما زال يُتوقع أن تتراوح الحرارة بين 38 و41 درجة مئوية خلال الأيام المقبلة في شمال البلاد.

كذلك تشهد الهند في جنوب آسيا موجة من القيظ الشديد في خضم إجراء البلاد الانتخابات العامة.

وحذرت إدارة الأرصاد الجوية الهندية من أن موجة الحر الشديدة ستستمر خلال نهاية هذا الأسبوع في عدة ولايات. ويمكن أن تلامس الحرارة 44 درجة مئوية في بعض الأماكن.

وقال أنانث ناديجر من مدينة بنغالور (جنوب) «لم أشهد مثل هذه الحرارة من قبل، إنه أمر مزعج جداً ويستنزف طاقتك». وتابع «أتساءل حقاً كيف سيكون الوضع خلال العام المقبل إذا لم نتحرك الآن».


مقالات ذات صلة

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

الولايات المتحدة​ طواقم تعمل على إزالة شجرة أسقطتها عاصفة قوية ضربت منطقة شمال غربي المحيط الهادئ بالولايات المتحدة (رويترز)

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

ضربت عاصفة قوية ولاية واشنطن الأميركية، اليوم (الأربعاء)، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مئات الآلاف وتعطل حركة السير على الطرق ومقتل شخصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا فتاة تركب دراجة هوائية تحت المطر في فالنسيا بإسبانيا (إ.ب.أ)

إغلاق مدارس وإلغاء رحلات... موجة عواصف جديدة تضرب إسبانيا (صور)

تسببت موجة جديدة من العواصف في إسبانيا في إغلاق مدارس وإلغاء رحلات قطارات، بعد أسبوعين من مقتل أكثر من 220 شخصاً وتدمير آلاف المنازل جراء فيضانات مفاجئة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق أحداث الطقس المتطرفة كلّفت العالم تريليوني دولار خلال عقد (أ.ب)

تقرير: الطقس المتطرف كلّف العالم تريليوني دولار خلال العقد الماضي

كشف تقرير جديد عن أن الطقس المتطرف كلّف العالم تريليوني دولار على مدى العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا قاعة طعام غارقة بالمياه في أحد الفنادق وسط طقس عاصف في النرويج (رويترز)

فيضانات وانهيارات أرضية في أعقاب هبوب عواصف في النرويج

ذكرت وسائل إعلام محلية، الجمعة، أن عواصف ليلية تسببت في فيضانات وانهيارات أرضية في جنوب غربي النرويج.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
TT

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)

تصدرت ميانمار خلال عام 2023 قائمة الدول التي تسببت فيها الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في أكبر عدد من الوفيات والإصابات، وسط زيادة في عدد الضحايا في شتى أنحاء العالم، على ما كشف مرصد الألغام الأرضية، الأربعاء.

تسببت الألغام ومخلفات الحرب من المتفجرات في مقتل أو إصابة ما لا يقل عن 5.757 شخصاً في العام الفائت (مقارنة بـ4.710 ضحايا في عام 2022)، 84 في المائة من بينهم من المدنيين، في نحو خمسين دولة، وفقاً للتقرير السنوي للمنظمة.

وتشمل الحصيلة التي ارتفعت بنسبة 20 في المائة خلال عام واحد، 1983 قتيلاً و3663 جريحاً، يضاف إليهم 111 ضحية أخرى، لا تشير إحصائيات التقرير إلى ما إذا كانوا قد نجوا أم لا.

كما تسببت الألغام المضادة للأفراد وحدها في سقوط 833 ضحية، مقارنة بـ628 في عام 2022.

وتأتي ميانمار في المركز الأول من حيث ضحايا الألغام والقنابل غير المنفجرة (1003)، متقدمة على سوريا (933) التي تصدرت الترتيب خلال السنوات الثلاث الماضية، ثم أفغانستان (651) وأوكرانيا (580)، بحسب ما جاء في التقرير.

وتم زرع العبوات الناسفة في كامل الأراضي في ميانمار التي شهدت عقوداً من الاشتباكات بين الجيش والجماعات المتمردة العرقية.

وازدادت أعمال العنف إثر الانقلاب العسكري في فبراير (شباط) 2021 ضد حكومة أونغ سان سو تشي، ما تسبب في ظهور عشرات الجماعات الجديدة المعادية للمجلس العسكري العائد إلى السلطة.

لم توقّع ميانمار على اتفاقية أوتاوا بشأن حظر وإزالة الألغام المضادة للأفراد، والتي انضمت إليها 164 دولة ومنطقة.

ويشير يشوا موسر بوانغسوان، الذي عمل على إعداد التقرير، إلى أن العدد الإجمالي للضحايا قد يكون أعلى بكثير مما تم الإعلان عنه؛ لأن جمع البيانات الميدانية يعد أمراً مستحيلاً؛ بسبب الاشتباكات، فضلاً عن وجود قيود أخرى.

وأوضح خلال مؤتمر صحافي في بانكوك: «لا يوجد نظام مراقبة طبي في البلاد يمكنه تقديم بيانات رسمية بأي شكل من الأشكال».

وأضاف: «نحن نعلم استناداً إلى الأدلة التي لم يتم التحقق منها أنها هائلة».

ويشير التقرير إلى «زيادة كبيرة» في استخدام الألغام المضادة للأفراد من قبل الجيش في ميانمار، لا سيما بالقرب من أعمدة الهواتف المحمولة وخطوط الأنابيب، والبنية التحتية».

وتقول المجموعة التي أعدت التقرير إنها عثرت على أدلة تثبت أن قوات المجلس العسكري واصلت استخدام المدنيين «لإرشاد» الجنود إلى المناطق الملغومة، على الرغم من أن القانون الدولي يجرّم هذا السلوك.

ويُتهم الجيش في ميانمار بانتظام من قبل القنصليات الغربية والمدافعين عن حقوق الإنسان بارتكاب فظائع وجرائم حرب.

وصادر معارضو المجلس العسكري الألغام «في كل شهر بين يناير (كانون الثاني) 2022 وسبتمبر (أيلول) 2024، في جميع أنحاء البلاد تقريباً»، بحسب التقرير الذي يستند إلى دراسة للصور الفوتوغرافية.

وقالت منظمة «اليونيسيف» في أبريل (نيسان) إن «كل الأطراف» استخدمت الألغام الأرضية «دون تمييز».

وأكدت جماعات متمردة أيضاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنها تزرع ألغاماً.

ومرصد الألغام الأرضية هو القسم البحثي للحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية (ICBL)، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية.

والألغام المضادة للأفراد هي أجهزة متفجرة تستمر في قتل وتشويه الناس بعد فترة طويلة من انتهاء الصراعات والحروب.

وهي مدفونة أو مخبأة في الأرض، وتنفجر عندما يقترب منها شخص ما أو يلامسها.

وعدّت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، الأربعاء، قرار الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا «بالألغام المضادة للأفراد غير الدائمة» المجهزة بجهاز تدمير ذاتي أو إبطال ذاتي، لتعزيز دفاعات كييف ضد الغزو الروسي، «كارثياً».

وأوضحت المنظمة، في بيان: «يجب على أوكرانيا أن تعلن بوضوح أنها لا تستطيع قبول هذه الأسلحة ولن تقبلها».