انطلاق الانتخابات العامة في الهند... وحزب مودي الأوفر حظاً

تستمر حتى يونيو... ويشارك فيها 968 مليون ناخب

ناخبة تدلي بصوتها في مدينة براجستان الجمعة (رويترز)
ناخبة تدلي بصوتها في مدينة براجستان الجمعة (رويترز)
TT

انطلاق الانتخابات العامة في الهند... وحزب مودي الأوفر حظاً

ناخبة تدلي بصوتها في مدينة براجستان الجمعة (رويترز)
ناخبة تدلي بصوتها في مدينة براجستان الجمعة (رويترز)

بدأت الهند، الجمعة، المرحلة الأولى من انتخاباتها العامة التي يبدو فوز رئيس الوزراء الهندوسي القومي ناريندرا مودي مؤكّداً فيها، أمام معارضة متعثّرة.

وفي المجموع، سيُدعى 968 مليون هندي لانتخاب 543 نائباً في الغرفة الدنيا في البرلمان، أي أكثر من عدد السكان الإجمالي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا مجتمعة. وتمتد عملية التصويت لأسابيع عدّة، على أن تكون المرحلة النهائية في الأول من يونيو (حزيران). وستفرز الأصوات في كل أنحاء البلد في الرابع من يونيو. وعادة ما تعلن النتائج في اليوم ذاته.

الإقبال على التصويت

وحثّ ناريندرا مودي الناخبين في الاقتراع الممتدّ على 7 مراحل إلى «ممارسة حقّ التصويت بأعداد قياسية»، لا سيّما منهم الشباب الذين يصوّتون للمرّة الأولى في حياتهم. وصرّح عبر «إكس» بأن «كلّ تصويت له قيمته، وكلّ صوت له أهمّيته».

أنصار مودي يعلقون لافتة انتخابية داعمة لحزبه في سريناغار (أ.ف.ب)

أمّا «حزب المؤتمر»، أبرز الأحزاب المعارضة، فذكّر الناخبين على «إكس» أيضاً بأن «من شأن تصويتهم أن يضع حدّاً للتضخّم والبطالة والكراهية والظلم»، مردّداً: «احرصوا على التصويت»، و«لا تنسوا أن تدلوا بأصواتكم».

ومنذ صباح الجمعة، تشكّل طابور انتظار طويل أمام مركز الاقتراع في هاريدوار، وهي من أوّلى المدن التي يبدأ فيها التصويت، وتُعدّ مدينة مقدّسة في العقيدة الهندوسية؛ إذ تقع على ضفاف نهر الغانج. وقال غنغا سينغ، وهو سائق عربة ريكشا يبلغ من العمر 27 عاماً، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا سعيد بالمنحى الذي ينحاه البلد، وأدلي بصوتي وفي بالي ازدهار بلدي، وليس رفاهي الشخصي».

أما غابار تاكور الذي يعمل مصوّراً للسائحين، فلم يخفِ ما يساوره من «غضب إزاء الحكومة»، مندّداً بـ«ازدهار مزعوم لم يصل إلى حيث يعيش».

شعبية مودي

وما زال ناريندرا مودي (73 عاماً) يحظى بشعبية كبيرة بعد ولايتين زادت خلالهما الهند من نفوذها الدبلوماسي وثقلها الاقتصادي. وأفاد استطلاع للرأي صدر عن معهد «بيو» العام الماضي بأنّ 80 في المائة من الهنود لديهم نظرة إيجابية حيال مودي بعد قرابة عقد في السلطة. وهو حقّق لحزبه، «بهاراتيا جاناتا»، المعروف اختصاراً بـ«بي جاي بي»، فوزين ساحقين في 2014 و2019، من خلال اللعب على الوتر الديني في أوساط الناخبين الهندوس.

تعزيزات أمنية خارج أحد مكاتب الاقتراع في مانيبور (رويترز)

وهذا العام، دشن مودي في مدينة أيوديا معبداً كبيراً أُنشئ على موقع مسجد عمره قرون، دمره هندوس متطرّفون. وحظي هذا الحدث بتغطية إعلامية واسعة النطاق، وأُقيمت احتفالات عامة في كل أنحاء الهند.

وفي مقابل هذه الاحتفالات، انتقد البعض «لعب مودي على الوتر الديني».

يقول موكيش دوبي، وهو كاهن في معبد هندوسي صغير بهاريدوار، إن لعب حكومة مودي على هذا الوتر هو «خداع» يهدف إلى صرف الانتباه عن الصعوبات الأكثر خطورة وإلحاحاً التي تواجهها الهند، مع وجود الملايين من الشباب من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الهدايا الدينية لا فائدة منها، إذا «لم يكن لدى الناس عمل ولا وطعام».

تخبط المعارضة

رغم ذلك، يرى محللون أن مودي هو الفائز في الانتخابات بحكم الأمر الواقع، نظراً إلى أن ائتلاف أحزاب المعارضة لم يسمّ بعد مرشحه لمنصب رئيس الوزراء. وتعزّزت فرص فوزه بفعل عدّة تحقيقات جنائية في حقّ معارضيه.

ناخبون ينتظرون الإدلاء بأصواتهم في جامو (أ.ف.ب)

فالحسابات المصرفية لحزب «المؤتمر» مجمّدة منذ فبراير (شباط)، بسبب خلاف حول إقرارات الإيرادات يعود إلى 5 سنوات. ويُلاحق راهول غاندي (53 عاماً) الذي يُعدّ الشخصية الأبرز في المعارضة، بنحو 10 دعاوى قانونية تمضي إجراءاتها ببطء. ويتهمه مسؤولون في حزب «بهاراتيا جاناتا» بالتشهير.

ويتّهم غاندي من جانبه الحكومة بالتسبب في تراجع الديمقراطية، وينتقد تبنّيها للمعتقد الديني للغالبية في الهند، البالغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، على حساب أقليات كبيرة، لا سيما 210 ملايين مسلم يشعرون بالقلق على مستقبلهم.

وعُلّقت عضويته في البرلمان مؤقتاً، العام الماضي، بسبب إدانته بتهمة التشهير. وفي مارس (آذار)، صرح غاندي رئيس حزب «المؤتمر» الذي تولّى كلّ من والده وجدّه ووالد جدّه منصب رئيس الوزراء: «ليس لدينا المال للقيام بحملتنا الانتخابية، ولا يمكننا دعم مرشحينا. لقد ضعفت قدرتنا على خوض المعركة الانتخابية».

وفي منطقة باستار، التي تُعدّ آخر معقل للتمرّد الماوي اليساري المتطرّف في ولاية تشاتيسغار (الوسط الشرقي)، يدلي المزارع بيرونغ كارما (35 عاماً) بصوته تأييداً لتحالف المعارضة. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «قام مودي بسجن زعماء من المعارضة، وأنا لا أستسيغ ذلك».

اتهامات تسييس القضاء

ولم يعد حزب «المؤتمر» الذي حكم البلد بلا انقطاع تقريباً طوال عقود بعد استقلال الهند سوى ظِلّ ما كان عليه، وهو لا يشارك في السلطة سوى في 3 ولايات من أصل 28 ولاية.

وقد شكّل زعماؤه تحالفاً مع أكثر من 20 حزباً محلياً لمواجهة حزب «بي جاي بي» واستراتيجيته الانتخابية المحكمة والمموّلة بسخاء. غير أن التحالف يتخبّط في خلافات حول تقاسم المقاعد، وقد انسحب منه أحد زعمائه مؤيّداً الحزب الحاكم.

ناخبات هنديات في مكتب اقتراع بتاميل نادو (رويترز)

ويتّهم التكتّل حكومة مودي باستخدام القضاء لإبعاد بعض زعماء المعارضة الذين تستهدفهم تحقيقات جنائية، بمن فيهم رئيس وزراء نيودلهي أرفيند كيجريوال الذي أُلقي القبض عليه في مارس الماضي بعد اتهام حزبه بمزاعم فساد مرتبطة بسياسة المشروبات الكحولية في المدينة.

خامس قوّة اقتصادية

وخلال حكم مودي، أصبحت الهند خامس اقتصاد في العالم متقدّمة على المملكة المتحدة، القوة الاستعمارية السابقة. ويتقاطر زعماء الغرب إلى الهند لكسب ودّ هذا الحليف المحتمل في مواجهة النفوذ الصيني المتنامي، وذلك رغم تحذيرات المدافعين عن حقوق الإنسان من تراجع حرّية الصحافة فيها.

ومنذ وصول مودي إلى السلطة في 2014، تراجعت الهند 21 مرتبة في التصنيف العالمي لحرّية الصحافة، الذي تعدّه منظمة «مراسلون بلا حدود»، لتحتل المرتبة 161 بين 180 بلداً.


مقالات ذات صلة

أوروبا رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي للإدلاء بصوته في مركز اقتراع خلال الانتخابات التشريعية في بريشتينا (أ.ف.ب)

كوسوفو تُجري انتخابات عامة يخيم عليها التوتر مع صربيا

فتحت مراكز الاقتراع في كوسوفو أبوابها اليوم (الأحد) في انتخابات عامة، سبقتها حملة انتخابية محتدمة، شهدت مشادات بين مرشحي المعارضة ورئيس الوزراء ألبين كورتي.

«الشرق الأوسط» (بريشتينا)
أوروبا أعلام دول الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بفرنسا... 12 يونيو 2023 (رويترز)

كيف يتسلل النفوذ الروسي إلى المؤسسات الأوروبية؟

تشهد المؤسسات الأوروبية ازدياداً في النفوذ الروسي من خلال صعود أحزاب وسياسيين موالين لموسكو، ما يُشكِّل تهديداً لوحدة الاتحاد الأوروبي، وفق صحيفة «لوفيغارو».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ وزيرة العدل الأميركية بام بوندي (أ.ف.ب)

إدارة ترمب تلغي وحدة مكافحة التدخل الأجنبي في الانتخابات

في أول يوم لها في منصبها، حلّت وزيرة العدل الأميركية وحدة تابعة لمكتب التحقيقات الفدرالي مخصصة لمكافحة التدخل الأجنبي في الانتخابات الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا إيلون ماسك خلال ظهوره عبر دائرة الفيديو أمام تجمع انتخابي لحزب «البديل من أجل ألمانيا» قبل أيام (د.ب.أ)

قلق في ألمانيا مع تزايد حظوظ «البديل» قبل أقل من شهر على الانتخابات

وصف المستشار الألماني أولاف شولتس دعم مالك منصة «إكس» إيلون ماسك لحزب «البديل لألمانيا» بأنه «مقرف»، في وقت تتزايد حظوظ الحزب مع اقتراب الانتخابات العامة.

راغدة بهنام (برلين)

عودة تايلانديين احتجزتهم «حماس» 15 شهراً إلى بلدهم

والدة أحد الرهائن التايلانديين المحتجزين في غزة تتابع الأخبار على هاتف جوال (رويترز)
والدة أحد الرهائن التايلانديين المحتجزين في غزة تتابع الأخبار على هاتف جوال (رويترز)
TT

عودة تايلانديين احتجزتهم «حماس» 15 شهراً إلى بلدهم

والدة أحد الرهائن التايلانديين المحتجزين في غزة تتابع الأخبار على هاتف جوال (رويترز)
والدة أحد الرهائن التايلانديين المحتجزين في غزة تتابع الأخبار على هاتف جوال (رويترز)

عندما غادر سوراساك رومناو (31 عاماً) منزله بإقليم أودون تاني الريفي في تايلاند قبل 3 سنوات إلى بلدة أليشع في جنوب إسرائيل للعمل في الزراعة، لم تتخيل أسرته قط أنها ستفقد الاتصال به لما يزيد على عام بعد خطفه من قبل حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وعاد هو و4 آخرون إلى عائلاتهم هذا الأسبوع بعد أن أفرجت «حماس» عنهم ضمن اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وفقاً لوكالة «رويترز».

وسلمت «كتائب القسام»؛ الجناح المسلح لـ«حركة حماس» وفصائل فلسطينية أخرى، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، الدفعة الثالثة من المختطفين الإسرائيليين، التي شملت مجندة ومدنيين، و5 رهائن من العمال التايلانديين، الذين اختطفوا في 7 أكتوبر 2023 من مستوطنات وبلدات تقع في غلاف غزة. ووفقاً للسلطات الإسرائيلية، فقد خطفت حركة «حماس» ما لا يقل عن 240 من الإسرائيليين والأجانب في هجوم أكتوبر 2023 على بلدات في جنوب إسرائيل.

رهينتان تايلانديان خلال الإفراج عنهما في خان يونس (أ.ب)

وتقول الحكومة التايلاندية إن مسلحي «حماس» قتلوا خلال الهجوم أكثر من 40 تايلاندياً، وإنهم خطفوا 31 عاملاً تايلاندياً، مات بعضهم خلال احتجازهم. وأُطلق سراح أول مجموعة من الرهائن التايلانديين في وقت لاحق من ذلك العام.

وقالت خامي رومناو، والدة سوراساك، إنها شعرت بالارتياح؛ لأن ابنها لم يتعرض لسوء المعاملة، وإنه عاد إلى منزله الواقع على بعد نحو 620 كيلومتراً شمال شرقي العاصمة بانكوك.

وأضافت: «كان يعتمد بالأساس على الخبز في غذائه، وحظي برعاية جيدة، وكان يحصل على 3 وجبات يومياً، ويُسمح له بالاستحمام»، مشيرة إلى أنه كان يأكل مما يأكل خاطفوه.

وقالت إن ابنها لا يعتزم العودة إلى إسرائيل، وإنه يريد استغلال المعرفة التي اكتسبها في عمله بالزراعة داخل تايلاند. وجاء أجداده وأقارب آخرون إلى منزلهم للترحيب به في المنزل.

وعبر جاندا براشانان، زوج والدته عن فرحته الغامرة. وقال: «لا يمكنني أن أجد كلمات تصف مدى سعادتي؛ لأن ابني آمن وعاد أخيراً إلى المنزل».

وفي وقت سابق من اليوم الأحد، استقبلت الأسر باقي العائدين التايلانديين بفرحة غامرة بمطار سوفارنابومي في بانكوك.

وقال بونجساك تانا، وهو أحد الرهائن العائدين: «نشعر جميعا بالتأثر لعودتنا إلى مسقط رأسنا، والوقوف هنا. لا أعرف ماذا أقول غير ذلك. نحن جميعا ممتنون حقاً».

وعبر ماريس سانجيامبونجسا، وزير خارجية تايلاند، الذي رافق الرهائن من إسرائيل، عن ارتياحه لعودتهم. وقال: «إنه أمر مؤثر؛ أن يعودوا إلى أحضان عائلاتهم. لم نستسلم مطلقاً، وهذا من ثمار ذلك».

وقبل الحرب في قطاع غزة، عمل نحو 30 ألف تايلاندي بقطاع الزراعة في إسرائيل؛ مما جعلهم من كبرى مجموعات العمالة الوافدة هناك. وأعادت تايلاند نحو 9 آلاف منهم إلى وطنهم بعد الهجوم.

ويأتي العمال بالأساس من شمال غربي تايلاند، وهي منطقة قرى ومزارع من بين أفقر المناطق في البلاد.

وذكرت وزارة الخارجية أن من المعتقد أن تايلاندياً لا يزال محتجزاً لدى «حماس»، إضافة إلى جثتين لرهينتين لقيا حتفهما. وقال ماريس: «لا يزال لدينا أمل، ونواصل العمل لإعادتهم».