أشجار «بونساي» وعيد ميلاد ملكي... العائلة الإمبراطورية اليابانية تدخل عالم «إنستغرام»

أقدم أسرة ملكية في العالم تخوض رحلتها على وسائل التواصل الاجتماعي

الإمبراطور ناروهيتو (في الوسط) والإمبراطورة ماساكو (يسار) وابنتهما الأميرة أيكو في جلسة تصوير عائلية بمناسبة رأس السنة الجديدة (أرشيفية - أ.ف.ب)
الإمبراطور ناروهيتو (في الوسط) والإمبراطورة ماساكو (يسار) وابنتهما الأميرة أيكو في جلسة تصوير عائلية بمناسبة رأس السنة الجديدة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

أشجار «بونساي» وعيد ميلاد ملكي... العائلة الإمبراطورية اليابانية تدخل عالم «إنستغرام»

الإمبراطور ناروهيتو (في الوسط) والإمبراطورة ماساكو (يسار) وابنتهما الأميرة أيكو في جلسة تصوير عائلية بمناسبة رأس السنة الجديدة (أرشيفية - أ.ف.ب)
الإمبراطور ناروهيتو (في الوسط) والإمبراطورة ماساكو (يسار) وابنتهما الأميرة أيكو في جلسة تصوير عائلية بمناسبة رأس السنة الجديدة (أرشيفية - أ.ف.ب)

دخلت العائلة الإمبراطورية اليابانية عصر وسائل التواصل الاجتماعي بحذر، لكن المعجبين الذين يتوقعون صوراً «سيلفي» ورموزاً تعبيرية ولقطات عادية للإمبراطور والإمبراطورة أو الأمراء والأميرات بعيداً عن الأضواء، قد يصابون بخيبة أمل.

وبعيداً عن صور شروق الشمس أو غروبها، فقد اتبعت الصور الأولية التي تم إصدارها مساراً ثابتاً تفضله العائلات المالكة الأخرى حول العالم. وقد تميزوا بحضور كريم في حفل توزيع الجوائز الطبية ومعرض أشجار «بونساي» واجتماع مع رئيس كينيا والسيدة الأولى. ومنشور آخر يظهرهم مع ولي عهد وأميرة بروناي.

يُظهر أحد مقاطع الفيديو تجمعاً بمناسبة عيد ميلاد إمبراطور اليابان الرابع والستين، ولكن بدلاً من اللقطات الحميمية للعائلة وهي تغني حول كعكة، يظهر حشود كبيرة تلوح بأعلام هينومارو اليابانية خارج القصر الإمبراطوري في حين يلوح الإمبراطور ناروهيتو من الشرفة.

ونشرت وكالة البلاط الإمبراطوري نحو 19 صورة في اليوم الأول من رحلة وسائل التواصل الاجتماعي للعائلة المالكة في اليابان، بما في ذلك صور الإمبراطور ناروهيتو والإمبراطورة ماساكو وابنتهما الأميرة أيكو خلال ثلاثة الأشهر الأولى من العام.

 

 

وعدّت صحيفة «الغارديان» البريطانية أنه ربما أصيب بعض متابعي حساب البلاط الملكي الياباني البالغ عددهم 160 ألفاً بخيبة أمل؛ إذ إن بعض الصور كانت قد نُشرت بالفعل وهي صورة ناروهيتو أثناء حضوره افتتاح البرلمان في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وكتب مستخدم عبر موقع «إكس»: «الإمبراطورية اليابانية على (إنستغرام)! اعتقدت أنها كانت مزحة كذبة أبريل!»، وقال آخر: «عندما سمعت أن عائلة الإمبراطورية اليابانية أنشأت حساباً على (إنستغرام)، قمت بمراجعته بسرعة. لكن بالطبع لن ينشر الإمبراطور (غداء اليوم) أو أي شيء من هذا القبيل».

وقال بعض المستخدمين مازحين إنه من الجيد أن أفراد العائلة المالكة اختاروا منصة «إنستغرام» التي هي أكثر «حضارية» عن منصة «إكس» (تويتر سابقاً).

وعلى الرغم من أنها لم تتابع بعد أي شخص على «إنستغرام»، فإن وكالة البلاط الإمبراطوري قالت إنها ستدرس مقترحات من ممالك أخرى للربط على وسائل التواصل الاجتماعي، وفقاً لوسائل الإعلام اليابانية.

 

 

ورغم الحذر في التعامل مع «إنستغرام»، عدّت الصحيفة أن الاستخدام غير المسبوق لوسائل التواصل الاجتماعي يمثل تحولاً في إدارة العائلة الإمبراطورية في اليابان، والذي يُعتقد أنه نتج جزئياً عن التغطية الإعلامية السلبية لزواج الأميرة ماكو المثير للجدل من شخص غير ملكي في عام 2021.

وكثيراً ما كافحت الإمبراطورية للرد على الانتقادات الموجهة للزوجين عبر الإنترنت - وهو العيب الذي دفع إلى إنشاء مكتب علاقات عامة جديد العام الماضي لتبادل المزيد من الأخبار والمعلومات حول العائلة الإمبراطورية، وخاصة مع الشباب.

 

الأميرة ماكو وكي كومورو (أرشيفية - صحيفة «جابانيس تايمز»)

وتم تأجيل حفل زواج ماكو من زميلها السابق في الجامعة كي كومورو بعد أن قال والدا الأميرة، ولي العهد أكيشينو - الأخ الأصغر للإمبراطور الحالي - وولي العهد الأميرة كيكو، إنه لا يمكن المضي قدماً حتى تحل والدة خطيبها فضيحة مالية.

تعيش الأميرة، المعروفة الآن باسم ماكو كومورو، وزوجها في نيويورك، حيث يعمل بالمحاماة وتقوم هي بعمل تطوعي في متحف متروبوليتان للفنون. ومثل جميع أفراد العائلة الإمبراطورية ممن يتزوجن من «عامة الناس»، فقدت ماكو مكانتها الملكية.

وتدرس العائلة الإمبراطورية اليابانية أيضاً توسيع وجودها على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال فتح حسابات على «فيسبوك» وموقع «إكس» يمكن أن تتضمن صوراً لولي العهد والأميرة وأفراد آخرين من العائلة.



ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»

ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»
TT

ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»

ما وراء سقوط أفغانستان: ميليشيات مدعومة من واشنطن أسوأ من «طالبان»

حذّر ضابط أميركي من أن مقاتلي حركة «طالبان» يقتربون ببطء، ويتعدّون على الأراضي التي بدت آمنة ذات يوم. وقال إن 4 من رجاله قتلوا للتو، وكان بحاجة إلى أفغان على استعداد للقتال.

وتوسل الضابط أمام حشد من 150 من شيوخ الأفغان، متسائلاً: «مَن سيقف؟».

أحد أفراد الشرطة المحلية الأفغانية -وهي منظمة ميليشيات تم تشكيلها لمحاربة «طالبان»- خارج قاعدة الوحدة على قمة التل عام 2012 أفغانستان (نيويورك تايمز)

كانت غالبية الناس في ولاية قندوز داعمين للأميركيين ومعارضين لـ«طالبان». ومع ذلك، كانت جهود تجنيد ضباط الشرطة بطيئة، وبحلول صيف عام 2009، قرر مسؤولون محليون، من بينهم الضابط الأميركي -وهو مقدم من الحرس الوطني في ولاية جورجيا- اتخاذ نهج محفوف بالمخاطر: توظيف ميليشيات خاصة، فتعالت همهمات الاستياء بين الحشد.

«ميليشيات خاصة»

ووقف رجل عجوز، قائلاً: «لا أعتقد أن هذه فكرة جيدة»، وفقاً لأربعة أشخاص كانوا حاضرين. وأضاف: «لقد رأينا هذا من قبل. ستصبح الميليشيات مشكلة أكبر من (طالبان)».

ووسط التذمر، برز أمير حرب سابق يدعى محمد عمر، وندد بالآخرين ووصفهم بالجبناء، وصاح: «سأقاتل (طالبان)»!

الساحة التي تطوّع فيها محمد عمر لقتال «طالبان» بناءً على حث القادة العسكريين الأميركيين في ولاية قندوز بأفغانستان (نيويورك تايمز)

لم يجرَ تسجيل فعاليات التجمع في قندوز، شمال أفغانستان، في أي تاريخ رسمي للحرب، لكن الناس في جميع أنحاء المقاطعة يقولون إن هذه اللحظة التي تبدو عادية أعادت تشكيل الصراع على نحو لم تستوعبه واشنطن حقاً مطلقاً.

لسنوات، دعم الأميركيون الميليشيات في الشمال لمحاربة «طالبان»، لكن الجهود جاءت بنتائج عكسية؛ حيث سحقت هذه الجماعات السكان بقسوة، لدرجة أنهم حولوا معقلاً سابقاً للولايات المتحدة إلى معقل للتمرد. وأصبح الناس ينظرون إلى الميليشيات، ومن ثم للأميركيين، بوصفهم مصدراً للعذاب، وليس الخلاص.

«محطم الجدران»

على سبيل المثال، أصبح عمر، المعروف باسم «محطم الجدران»، الطفل المدلل لقائد ميليشيات مسيء، يشق طريقه عبر أعمال السرقة والخطف وقتل المنافسين والجيران، بذريعة رعاية الحفاظ عليهم في مأمن من «طالبان».

ولم يكن عمر سوى واحد من آلاف المقاتلين الميليشياويين، الذين أطلقهم الأميركيون وحلفاؤهم في شمال أفغانستان، علانية وسراً، وأحياناً عن غير قصد.

فوضى خلال الانسحاب الأميركي من كابل عام 2021 (متداولة)

وبلغت العواقب ذروتها في أثناء الانسحاب الأميركي الفوضوي عام 2021. وكان من المتوقع أن يعمل الشمال بمثابة الحرس الخلفي لواشنطن، والمكان الذي قد تترسخ فيه قيم مثل الديمقراطية وحقوق المرأة. إلا أنه بدلاً عن ذلك، استسلم الشمال في غضون أيام، ليصبح بذلك أول منطقة تسقط بيد «طالبان».

من جهته، ألقى الرئيس المنتخب دونالد ترمب باللوم على الرئيس الحالي بايدن في النهاية الفوضوية لأطول حرب أميركية، وتعهّد بطرد «كل مسؤول كبير» شارك في الانسحاب الكارثي من أفغانستان. في المقابل، يلقي بايدن باللوم على الأفغان لاستسلامهم أمام «طالبان» بهذه السرعة.

فوضى الانسحاب الأميركي عام 2021 من أفغانستان خلقت عدداً من المشاكل لاحقاً (غيتي)

ومع ذلك، فإنه في كل الأحوال، يتجاهل هذا التفسير سبباً أكثر جوهرية وراء السقوط السريع: ففي أماكن مثل قندوز، خلص تحقيق أجرته «نيويورك تايمز» إلى أن الولايات المتحدة هيأت الظروف لهزيمتها قبل وقت طويل من إلقاء الجنود الأفغان أسلحتهم.

عصابات خارجة عن القانون

على مدى سنوات، ساعد الأميركيون في تجنيد وتدريب ودفع رواتب عصابات خارجة عن القانون من الميليشيات، التي نهبت المنازل ودمرت مجتمعات بأكملها. وتورطت الميليشيات في تعذيب المدنيين، بجانب ارتكابها جرائم اختطاف من أجل الحصول على فدية، وذبحت العشرات في عمليات قتل انتقامية، ودمرت قرى بأكملها، وزرعت أكثر من عقد من الكراهية تجاه الحكومة الأفغانية وحلفائها الأميركيين.

وأدرك الجيش الأفغاني، الذي كان منهكاً بالفعل، أنه يدافع عن حكومة لا تحظى إلا بدعم ضئيل للغاية؛ لذا، عندما عرضت «طالبان»، التي كانت تتقدم على الأرض، على الجنود الأفغان خياراً -حياتهم مقابل أسلحتهم- سارعوا إلى إلقاء أسلحتهم.

وكانت المناطق التي نهبها عمر وغيره من أمراء الحرب ساحات معارك نشطة في أثناء الحرب، وكانت في الغالب محظورة على الغرباء. وأظهرت أكثر من 50 مقابلة أجريت في قندوز على مدى 18 شهراً، كيف أن الدعم الأميركي للميليشيات كان سبباً في كارثة، ليس فقط داخل هذا الإقليم، بل كذلك في بقية شمال أفغانستان. وكان هذا البؤس الذي ترعاه الدولة سبباً أساسياً في خسارة واشنطن وشركائها الأفغان للشمال، وسقوط أفغانستان بأكملها، رغم عقدين وتريليوني دولار من الأموال الأميركية.

وكشفت تحقيقات «نيويورك تايمز» الأخرى خلال العام، كيف دعمت واشنطن الفظائع التي ارتكبتها القوات الأفغانية، وقتلت حلفاءها بتهور، ما أسفر عن هزيمتها داخل أفغانستان.

وجاء سقوط قندوز عام 2021 بمثابة الكلمة الأخيرة في خطأ أميركي لم يكن له داعٍ؛ وهو الاستعانة بمجرمين لتنفيذ عمليات ضد «طالبان».

الأخطاء الأميركية

في هذا الإطار، قال رحيم جان، الذي قُتل والده ووالدته وشقيقاه على يد عمر، وهو ما أكده قرويون آخرون: «أطلقت الميليشيات النار على المدنيين وقتلت الأبرياء»، مضيفاً أنه لم يكن لديه خيار آخر، وقال: «لقد دعمنا (طالبان)، لأنهم قاتلوا الميليشيات».

اللافت أنه حتى «طالبان»، التي عادة ما تكون حريصة على التباهي بمغامراتها في ساحة المعركة، تنسب انتصارها داخل هذه المقاطعة إلى الأخطاء الأميركية.

وقال مطيع الله روحاني، القائد السابق في «طالبان» ووزير الإعلام والثقافة الحالي في قندوز: «مكّنت واشنطن قطاع الطرق والقتلة باسم مكافحة التمرد، لكنها لم تفعل في الواقع سوى دفع مزيد من الناس إلى أحضان (طالبان)».

فظائع ارتكبتها الميليشيات: التمكين السريع لـ«طالبان»

من جهتها، نشر أكاديميون وصحافيون وجماعات حقوق الإنسان عدداً من الروايات عن فظائع ارتكبتها الميليشيات. لكن حجم الانتهاكات، وكيف ساعدت في تمكين «طالبان» من الاستيلاء السريع على أفغانستان، قصص تركها الأميركيون وراءهم عندما تخلوا عن البلاد قبل 3 سنوات.

عناصر من حركة «طالبان» قبل سيطرتهم على العاصمة الأفغانية عام 2021 (متداولة)

اليوم، ومع رحيل الميليشيات، أصبح حجم أفعالهم -من حيث التكاليف البشرية والسياسية- جلياً أمام الجميع.

لقد ألقت الروايات السابقة باللوم على المسؤولين الأفغان في الشمال لتكوين ميليشياتهم الخاصة، لكن الصحيفة وجدت أن الولايات المتحدة جندت الميليشيات في قندوز، قبل فترة طويلة مما كان معروفاً. كما أن عواقب ذلك جاءت أسوأ بكثير مما اعترف به المسؤولون الأميركيون.

وخلال حربها التي استمرت 20 عاماً في أفغانستان، دفعت الولايات المتحدة بسلسلة متطورة باستمرار من البرامج لتجنيد وتدريب ودعم المقاومة المحلية ضد «طالبان». وشكّل البعض، بصورة رسمية، مجموعات مسلحة تحت رعاية الشرطة. في كثير من الحالات، وزعت الحكومة الأفغانية الأموال الأميركية، ما أتاح للميليشيات دعماً من واشنطن.

وانطوت جميع الجهود تقريباً على إشكاليات، وسرعان ما أصبحت الميليشيات أقوى من أن ينزع سلاحها، ورغم أنها قاتلت «طالبان»، فإنها تورطت كذلك في قتل بعضها بشكل أكبر، الأمر الذي خلق نوعاً من الاضطرابات أشبه بالحرب الأهلية التي ساعدت في دفع «طالبان» إلى السلطة في تسعينيات القرن العشرين.

وشعر بعض الأفغان بالاشمئزاز الشديد تجاه الميليشيات المتوحشة، إلى الحد الذي جعلهم ينظرون إلى «طالبان»، باعتبارها المدافع عنهم، ما شجعهم على الانضمام إليها.

ووُلدت إحدى الميليشيات الأولى في منطقة قندوز في خان آباد، وكانت واحدة من بنات أفكار ضابط الحرس الوطني الأميركي، في محاولة يائسة لصد «طالبان».

* «نيويورك تايمز»