«طالبان» تطالب باكستان بفصل العلاقات التجارية عن القضايا السياسية والأمنية

جرى إغلاق المعابر على الحدود عقب هجمات إرهابية

شاحنات أفغانية تحمل بضائع تجارية في طريقها إلى ميناء كراتشي (الإعلام الباكستاني)
شاحنات أفغانية تحمل بضائع تجارية في طريقها إلى ميناء كراتشي (الإعلام الباكستاني)
TT

«طالبان» تطالب باكستان بفصل العلاقات التجارية عن القضايا السياسية والأمنية

شاحنات أفغانية تحمل بضائع تجارية في طريقها إلى ميناء كراتشي (الإعلام الباكستاني)
شاحنات أفغانية تحمل بضائع تجارية في طريقها إلى ميناء كراتشي (الإعلام الباكستاني)

طالبت حركة «طالبان» الأفغانية، باكستان بفصل العلاقات التجارية عن القضايا السياسية والأمنية على الفور. وقدم وفد «طالبان» الأفغانية المطلب خلال محادثات تجارية عقدت بين البلدين في كابل في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي.

سائق شاحنة يجلس بجانب شاحنته المتوقفة وتحمل بضائع متجهة إلى أفغانستان في انتظار فتح الحدود في معبر طورخم الحدودي (إ.ب.أ)

أفغانستان دولة حبيسة

يرجع السبب في المطلب الأفغاني إلى كون أفغانستان دولة حبيسة، وبالتالي فهي تعتمد كلياً على المنافذ البحرية الباكستانية لاستيراد وتصدير سلعها التجارية. وخلال الأشهر القليلة الماضية، جرى إغلاق المعابر التجارية على الحدود الباكستانية ـ الأفغانية في عدة مناسبات بسبب التوترات السياسية والأمنية التي باتت تسود على العلاقات بين البلدين في أعقاب سيطرة «طالبان» على العاصمة الأفغانية.

وأغلقت قوات الأمن الباكستانية معبر «تورخم» التجاري على الحدود مع أفغانستان عدة مرات بعد تبادل لإطلاق النار أو هجمات إرهابية على مواقع عسكرية باكستانية. عُقدت المحادثات التجارية بين الوفدين الباكستاني والأفغاني في كابل في الفترة من 24 إلى 27 مارس (آذار) 2024.

وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الباكستانية أن وزير التجارة خرم آغا زار أفغانستان في الفترة من 24 إلى 27 مارس لمناقشة قضايا التجارة الثنائية مع نظيره الأفغاني، نور الدين عزيزي.

وقالت الخارجية الباكستانية في تعليقها على المحادثات التجارية إن باكستان ملتزمة بتعزيز التجارة والروابط بين الشعبين.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الباكستانية، ممتاز زهرة بلوش، في بيانها الصحافي الأسبوعي: «نشعر بالتفاؤل بشأن التقدم الذي تحقق في هذه القضايا، ونؤكد التزامنا بتعزيز التجارة والعلاقات الودية مع أفغانستان».

وجاء البيان الرسمي الصادر عن الحكومة الأفغانية أكثر صراحة، إذ أشار إلى أن الجانبين اتفقا على عدة أمور مع التشديد على ضرورة فصل التجارة عن القضايا السياسية.

شاحنات أفغانية متوقفة خارج مركز تورخام التجاري (متداولة)

خلفية توترات سياسية وأمنية

وجرت المحادثات على خلفية توترات سياسية وأمنية شديدة بين البلدين، بعد عدة هجمات إرهابية على الأراضي الباكستانية يزعم مسؤولون باكستانيون أنها انطلقت من الأراضي الأفغانية.

ورغم هذه التوترات، أصرت كل من حكومتي باكستان و«طالبان» على نجاح المحادثات التجارية. وأشار البيان إلى التوصل إلى تفاهم لإبرام اتفاقية تجارة الترانزيت الأفغانية خلال شهرين. علاوة على ذلك، وافقت باكستان على إصدار تصريح خاص لسائقي الشاحنات الأفغان، لتلغي بذلك قرارها السابق الذي اشترط تأشيرات للسائقين الذين يتنقلون بين البلدين.

وأشار بيان «طالبان» إلى موافقة باكستان على سحب شرطها الخاص بضرورة تقديم التجار الأفغان لضمانات بنكية، من أجل السماح لهم باستخدام الموانئ الباكستانية لغرض التجارة. وكانت إسلام آباد قد فرضت هذه القيود الشهر الماضي للحد من التهريب وإساءة استخدام مرافق تجارة الترانزيت من جانب أفغانستان.

صورة أرشيفية لمعبر طورخم الحدودي بين باكستان وأفغانستان (رويترز)

وقبل أيام قليلة، أشار وزير الخارجية الباكستاني إلى أن بعض رجال الأعمال أعربوا عن اهتمامهم بمراجعة القضايا التجارية مع أفغانستان، وقال إن «دراسة مثل هذه المقترحات تشكل إجراء منتظماً من قبل حكومة باكستان، بما في ذلك وزارة الخارجية، مع استمرار النظر في جميع هذه الطلبات وفي تقييم سياستنا. وفي الوقت الحالي، لا يوجد تغيير في موقف باكستان».

جدير بالذكر أن العلاقات التجارية بين البلدين تحكمها اتفاقية مؤقتة تعرف باسم «ترتيبات تجارة الترانزيت بين أفغانستان وباكستان» الموقعة عام 2010. وقبل ذلك، كانت العلاقات التجارية بين الجانبين منظمة بموجب «اتفاقية تجارة الترانزيت الأفغانية» لعام 1965. إلا أن كلاً من باكستان وأفغانستان واجهت مشكلات مع اتفاقية التجارة الأخيرة، فقد كانت باكستان تشكو من أنه بموجبها، كان على إسلام آباد منح كابل ممراً تجارياً لاستيراد البضائع من دول العالم عبر الموانئ البحرية الباكستانية، لكن أفغانستان أساءت استخدام هذه المنشآت بشكل كبير.

ورأت باكستان أن التجار الأفغان كانوا يستوردون بضائع تفوق احتياجات المجتمع الأفغاني، وكان يجري تهريب معظمها إلى باكستان، مما ألحق أضراراً جسيمة باقتصاد الأخيرة. ومن جانبها، لم تحرك أفغانستان ساكناً لوقف تهريب هذه البضائع إلى باكستان.


مقالات ذات صلة

«الإفتاء» في داغستان يحظر النقاب على خلفية هجمات الشهر الماضي

آسيا حاكم داغستان سيرغي مليكوف (وسط) يزور كنيس كيلي نوماز المتضرر في ديربنت - روسيا (أ.ب)

«الإفتاء» في داغستان يحظر النقاب على خلفية هجمات الشهر الماضي

أعلنت السلطات الدينية في منطقة داغستان ذات الأغلبية المسلمة بشمال القوقاز في روسيا، الأربعاء، منع النساء بشكل مؤقت من وضع النقاب بعد هجمات الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شمال افريقيا متشددون اعتقلهم الجيش الجزائري مع أسلحتهم المصادرة (وزارة الدفاع)

الجزائر: اعتقال 5 متشددين ينشطون في الساحل

أكدت وزارة الدفاع الجزائرية، (الثلاثاء) في بيان، أن الجيش ألقى القبض على 5 إرهابيين في عمليتين عسكريتين منفصلتين، خلال الفترة بين 20 و23 من الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
آسيا لقطة من فيديو نشرته لجنة مكافحة الإرهاب الروسية تظهر عناصر من أمن الدولة خلال عملية «مكافحة الإرهاب» في داغستان (أ.ف.ب)

داغستان الروسية تعلن حصيلة جديدة لضحايا هجمات إرهابية طالت كنيستين ومعبدين يهوديين

خلّفت هجمات استهدفت كنيستين أرثوذكسيتين ومعبدين يهوديين في داغستان أواخر يونيو (حزيران) 22 قتيلاً، معظمهم من عناصر الشرطة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
آسيا هذه الصورة التي نشرها مكتب المتحدث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد كبير المتحدثين باسم حكومة «طالبان» الذي يقود وفد «طالبان» (يمين الوسط) حيث يتحدث مع المبعوث الرئاسي الروسي إلى أفغانستان زامير كابولوف خلال اجتماع بالدوحة (أ.ب)

حكومة «طالبان» أُبلغت بـ«ضرورة إشراك النساء» في الحياة العامة خلال محادثات الدوحة

قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو إن حكومة «طالبان» أُبلغت بضرورة إشراك النساء في الحياة العامة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الخليج المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» و«تلغرام» يزيلان أكثر من 18 مليون محتوى متطرف

تمكّن «اعتدال»، ومنصة «تلغرام»، عبر مواصلة جهودهما في مكافحة المحتوى المتطرف والنشاط الدعائي للتنظيمات الإرهابية، من إزالة أكثر من 18 مليون محتوى متطرف.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«طالبان» ترحّب بـ«روح التعاون» بعد استبعاد النساء من المحادثات مع الأمم المتحدة

ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حكومة «طالبان» خلال إحاطة في كابول أفغانستان 3 يوليو 2024 (إ.ب.أ)
ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حكومة «طالبان» خلال إحاطة في كابول أفغانستان 3 يوليو 2024 (إ.ب.أ)
TT

«طالبان» ترحّب بـ«روح التعاون» بعد استبعاد النساء من المحادثات مع الأمم المتحدة

ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حكومة «طالبان» خلال إحاطة في كابول أفغانستان 3 يوليو 2024 (إ.ب.أ)
ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم حكومة «طالبان» خلال إحاطة في كابول أفغانستان 3 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

أشادت حكومة «طالبان»، اليوم (الأربعاء)، بـ«روح التعاون» التي دفعت الأمم المتحدة إلى الموافقة على استبعاد ممثلي المجتمع المدني الأفغاني، وخصوصاً النساء، من مؤتمر الدوحة لبحث التزام المجتمع الدولي في أفغانستان، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويعدّ الاجتماع الذي عُقد الأحد والاثنين، الثالث الذي يُعقد في قطر خلال ما يزيد قليلاً على عام، والأول الذي يضمّ ممثلين لحركة «طالبان» التي عادت إلى السلطة في كابول في عام 2021.

وانتقدت منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بشدّة قرار الأمم المتحدة استبعاد مجموعات المجتمع المدني من اللقاء، لإفساح المجال أمام مشاركة حكومة «طالبان».

وقال المتحدث باسم حكومة «طالبان» ذبيح الله مجاهد، خلال مؤتمر صحافي في كابول، إنّ المسؤولين الأجانب «يتمتّعون بروح تعاون جيّدة تجاه أفغانستان، ويمكننا أن نرى أنّ سياستهم حيالها تغيّرت بطريقة إيجابية».

وأضاف: «خرجت أفغانستان من عزلتها... وخُلق مناخ من الثقة».

وتابع مجاهد: «بما أنّ هذا الاجتماع تمّ تنظيمه وفقاً لمتطلّبات أفغانستان، ومع مراعاة مصالحنا الوطنية، فقد تمكنّا من المشاركة وإبلاغ العالم بموقفنا».

وتهدف المحادثات في الدوحة إلى مناقشة المشاركة المتنامية للمجتمع الدولي في هذا البلد الفقير الذي يزيد عدد سكانه على 40 مليون نسمة والاستجابة بشكل أكثر تنسيقاً، خصوصاً فيما يتعلّق بالقضايا الاقتصادية ومكافحة المخدّرات.

ومنذ عودة «طالبان» إلى السلطة لم تعترف أي دولة بها بشكل رسمي، رغم استئناف بعض الدول مثل الصين وروسيا العلاقات الدبلوماسية مع الحكم في كابول والاعتراف به بحكم الأمر الواقع.

وأضاف المتحدث باسم «طالبان»: «أبلغنا الدول المشاركة بأنّ مشاكل أفغانستان الداخلية، تلك التي تتعلّق بشعبها ونسائها، هي مشاكل أفغانستان».

وأضاف: «ينبغي على هذه الدول ألا تستخدم هذا الأمر لممارسة ضغوط سياسية».

وركّزت جولة المفاوضات الجديدة في الدوحة على الجهود الهادفة إلى تعزيز القطاع الأفغاني الخاص وعلى دعم مكافحة المخدّرات في الدولة التي كانت تاريخياً أكبر منتج للأفيون.

وبعدما بدأت عملية المناقشة بشأن زيادة وتنسيق المشاركة الدولية في أفغانستان، دُعيت مجموعات المجتمع المدني للمشاركة في اجتماعات منفصلة غداة المحادثات الرسمية.

ويعتبر مدافعون عن حقوق الإنسان أنّ هذا التهميش للمرأة الأفغانية من المرجّح أن يُضفي شرعية على «الفصل العنصري بين الجنسين» الذي تمارسه حركة «طالبان»، كما وصفته الأمم المتحدة.

غير أنّ المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي إلى أفغانستان توماس نيكلاسون أكد أنّ تقديم تنازلات لحكومة «طالبان» جعل من الممكن إجراء «مناقشات جيدة» مع الجميع في الدوحة.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الثلاثاء: «أُتيحت لي فرصة التحدث مع (طالبان)، وقد أتوا، ومع هؤلاء الأشخاص والمجتمع المدني والقطاع الخاص... أعتقد أنّ الأمر كان يستحقّ ذلك».