قالت روسيا، اليوم الجمعة، إن العقوبات الدولية على كوريا الشمالية تمثل عقبة أمام تعزيز الحوار والسلام في شبه الجزيرة، عادة أنها لم تساعد على تحسين الأمن الإقليمي. وذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا في بيان: «على مر السنوات لم تساعد التدابير التقييدية الدولية على تحسين الوضع الأمني في المنطقة. بل بالعكس، ففي غياب آليات لمراجعة تدابير العقوبات بطريقة مخففة، تظل هذه الأداة مصدر إزعاج خطرا يعوق بناء الثقة والحوار السياسي».
وفرضت روسيا التي يتهمها الغربيون باستيراد أسلحة من كوريا الشمالية، الخميس إنهاء نظام مراقبة العقوبات الدولية بحق بيونغ يانغ وبرنامجها النووي، وهو قرار أدانه كثير من أعضاء مجلس الأمن.
واستخدمت روسيا «الفيتو» ضد مشروع قرار يمدد لعام تفويض لجنة خبراء مكلفة مراقبة تطبيق هذه العقوبات على كوريا الشمالية، وحصل القرار على تأييد 13 صوتاً، مع امتناع الصين عن التصويت.
وندّدت بالخطوة الروسية واشنطن، وحليفتها سيول.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن «أفعال روسيا اليوم قوضت بشكل ساخر السلام والأمن الدوليين، وكل ذلك من أجل دفع الصفقة الفاسدة التي أبرمتها موسكو مع جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية».
بدورها، قالت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية في بيان إنّ سيول «تؤكّد بوضوح أنّ روسيا الاتّحادية، رغم وضعها كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي، اتّخذت قراراً غير مسؤول».
وتخضع كوريا الشمالية منذ 2006 لعقوبات دولية مرتبطة بشكل خاص ببرنامجها النووي، وتم تشديدها عدة مرات في عامي 2016 و2017.
ومنذ عام 2019، تحاول روسيا والصين عبثا إقناع المجلس بتخفيف هذه العقوبات التي لم يحدد تاريخ نهايتها.
في هذا الإطار، استخدمت روسيا الخميس حق النقض (الفيتو) ضد قرار تمديد تفويض اللجنة التي تُعدّ تقاريرها مرجعا في الملف.
وعلق السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا قائلاً: «تواصل اللجنة تركيز عملها على قضايا غير مهمة لا ترقى إلى مستوى المشكلات التي تواجهها شبه الجزيرة».
وأوضح أن «روسيا طلبت من المجلس تبني قرار بإجراء تقييم مفتوح وصادق للعقوبات». وشدد على أنه «إذا كان هناك اتفاق على تجديد العقوبات سنوياً، فإن مهمة لجنة الخبراء ستكون منطقية»، مندداً برفض الولايات المتحدة وحلفائها قبول هذا التعديل.
إقرار بالذنب
في تقريرها الأخير الصادر مطلع مارس (آذار) أكدت لجنة الخبراء مجدداً أن كوريا الشمالية واصلت «الاستخفاف بعقوبات مجلس الأمن» لا سيما من خلال تطوير برنامجها النووي، وإطلاق الصواريخ الباليستية وانتهاك العقوبات البحرية والقيود على واردات النفط.
وأشارت اللجنة أيضاً إلى أنها بدأت التحقيق في «المعلومات الواردة من الدول الأعضاء بشأن قيام كوريا الشمالية بتزويد دول أخرى بأسلحة وذخائر تقليدية»، في انتهاك للعقوبات، لا سيما إلى روسيا، بسبب حربها في أوكرانيا.
وقالت السفيرة البريطانية باربرا وودوارد إن «هذا (الفيتو) ليس دليلاً على قلق على شعب كوريا الشمالية أو فعالية العقوبات. إنه يتعلق بروسيا من خلال الحصول على الحرية لانتهاك العقوبات بحثاً عن أسلحة لاستخدامها ضد أوكرانيا».
وعلق وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا على منصة «إكس» بالقول إن «هذا (الفيتو) في الواقع إقرار بالذنب. لم تعد موسكو تخفي تعاونها العسكري مع كوريا الشمالية (...) وكذلك استخدام الأسلحة الكورية الشمالية في الحرب ضد أوكرانيا».
قبل التصويت مباشرة، أكدت 10 دول أعضاء في المجلس في إعلان مشترك (الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان ومالطا وسيراليون وسلوفينيا والإكوادور وسويسرا) أنه «في ضوء المحاولات المتكررة (من كوريا الشمالية) لتقويض السلام والأمن الدوليين فإن عمل اللجنة أهم من أي وقت مضى».
وقال سفير كوريا الجنوبية جونكوك هوانغ: «لا يمكن أن يكون هناك أي مبرر لاختفاء حراس نظام العقوبات». وأوضح: «الأمر يشبه تدمير كاميرات مراقبة لمنع القبض على اللصوص متلبسين».
ودعمت الصين، رغم امتناعها عن التصويت، المطالب الروسية بإعادة تقييم العقوبات.
وقال نائب السفير الصيني غنغ شوانغ: «إن العقوبات ينبغي ألا تكون ثابتة أو غير محددة زمنياً»، مضيفا أنها أدَّت إلى «تأجيج التوتر» في شبه الجزيرة الكورية وكان لها تأثير «سلبي» على الوضع الإنساني.