لماذا تعارض «طالبان» عيد «النوروز» في أفغانستان؟

قادة الحركة يرونها ظاهرة غير إسلامية يجب التقليل من قيمتها

الطاجيك يُحيون بعيد النوروز وهو مهرجان قديم يحتفل باليوم الأول من فصل الربيع بآسيا الوسطى في دوشانبي (أ.ف.ب)
الطاجيك يُحيون بعيد النوروز وهو مهرجان قديم يحتفل باليوم الأول من فصل الربيع بآسيا الوسطى في دوشانبي (أ.ف.ب)
TT

لماذا تعارض «طالبان» عيد «النوروز» في أفغانستان؟

الطاجيك يُحيون بعيد النوروز وهو مهرجان قديم يحتفل باليوم الأول من فصل الربيع بآسيا الوسطى في دوشانبي (أ.ف.ب)
الطاجيك يُحيون بعيد النوروز وهو مهرجان قديم يحتفل باليوم الأول من فصل الربيع بآسيا الوسطى في دوشانبي (أ.ف.ب)

منذ سيطرة «طالبان» على كابل في أغسطس (آب) 2021، جرى حظر احتفالات عيد النوروز الغنية بالألوان في أفغانستان طوال الثلاث سنوات الماضية.

الطاجيك يُحيون بعيد النوروز وهو مهرجان قديم يحتفل باليوم الأول من فصل الربيع بآسيا الوسطى في دوشانبي 23 مارس 2024 (أ.ف.ب)

وتصر «طالبان» بعناد على قرارها عدم السماح بالاحتفال بعيد النوروز في المناطق الشمالية والغربية والوسطى من أفغانستان، حيث تنتمي غالبية السكان إلى أقليات عرقية تتحدث الفارسية.

وتعاقب حكومة «طالبان» أولئك الذين يستمرون في الاحتفال بعيد النوروز. ويعود أصل عيد النوروز إلى الديانة الزرادشتية الإيرانية، وبالتالي فهو متجذر في تقاليد الثقافة الإيرانية.

ومع ذلك، تحتفل بتلك المناسبة مجتمعات متنوعة منذ آلاف السنوات في غرب آسيا، وآسيا الوسطى، والقوقاز، ومنطقة البحر الأسود، والبلقان، وجنوب آسيا. وفي وسط أفغانستان وشمالها وغربها، كان مهرجاناً للناس العاديين.

ظاهرة أجنبية وغير إسلامية

من جانبها، تستند «طالبان» إلى 3 أسباب في معارضتها للاحتفال بـ«النوروز»: أولاً؛ يرون «النوروز» ظاهرة أجنبية وغير إسلامية يجب التقليل من قيمتها لدفع الناس لعدم الاحتفال بها.

ثانياً: نشأت حركة «طالبان» ونمت واكتسبت السلطة في جنوب أفغانستان، حيث كانت ثقافة الاحتفال بـ«النوروز» ضعيفة. والحقيقة أن «النوروز» يجري الاحتفال به بشكل رئيسي في المناطق الشمالية، والشمالية الشرقية، والغربية، والوسطى من أفغانستان. ولا ترى «طالبان»، المنحدرة من المنطقة الجنوبية من البلاد، ضرورة في الاحتفال بـ«النوروز» لأسباب تتعلق بالظروف البيئية.

ثالثاً: ترى «طالبان» أن «النوروز» جزء من الثقافة الإيرانية القديمة، بينما تتخذ الحركة موقفاً معادياً تجاه الإيرانيين بشدة، وفي بعض الأحيان يتجلى ذلك بقوة في مواجهتهم للكلمات والرموز والقيم الثقافية الإيرانية.

احتفالات بـ«النوروز» في الشمال الأفغاني (أرشيفية - متداولة)

وتتضمن احتفالات «النوروز» الغناء والرقص وإعداد الحلويات. ومن التقاليد واسعة الانتشار تحضير سفرة «النوروز» التي تعرض 7 أشياء رمزية: سيب (تفاح)، سكة (عملة معدنية)، سركه (خل)، سير (ثوم)، سنبل (زهرة الزنبق)، سمنو (بودنغ القمح)، سبزه (عشب القمح المنبت)، سنجد (فاكهة الزيتون) ـ ويرمز كل منها إلى نقاء الثقافة الأفغانية.

الرحلة إلى «مزار شريف»

تعدّ الرحلة إلى مدينة «مزار شريف شمال أفغانستان، خلال احتفالات «النوروز» تقليداً أفغانياً بارزاً، ما يعطي دفعة للتجارة في المجتمع الأفغاني، حيث اعتاد الآلاف من جميع أنحاء البلاد السفر إلى «مزار شريف»، عاصمة ولاية بلخ، للمشاركة في احتفالات «النوروز» و«مهرجان التوليب الأحمر».

ويستمر «مهرجان التوليب الأحمر» في «مزار شريف» خلال الأربعين يوماً الأولى من العام، حيث يذهب الناس لرؤية الزهور الحمراء في الجبال. كما يجلب حضور السياح المحليين والأجانب إلى ولاية بلخ وصخب المدينة، فوائد اقتصادية كبيرة.

وعادة ما يقوم الضيوف القادمون إلى «مزار شريف» لحضور «مهرجان التوليب الأحمر» من مختلف المحافظات، بزيارة المعارض للشراء.

ومني المئات من رجال الأعمال والتجار بالإفلاس بسبب حظر «طالبان» مهرجان «النوروز» في شمال أفغانستان وغربها ووسطها.


مقالات ذات صلة

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

شمال افريقيا الرئيس التونسي قيس سعيّد في اجتماع قبل أيام حول ملف الهجرة غير النظامية مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق (من موقع الرئاسة التونسية)

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

كشفت مصادر أمنية وقضائية رسمية تونسية أن الأيام الماضية شهدت حوادث عديدة في ملف «تهريب البشر» من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء نحو تونس.

كمال بن يونس (تونس)
شؤون إقليمية مجلس الأمن القومي التركي برئاسة إردوغان أكد استمرار العمليات العسكرية ودعم الحل في سوريا (الرئاسة التركية)

تركيا ستواصل عملياتها ضد «الإرهاب» ودعم الحل السياسي في سوريا

أكدت تركيا أنها ستواصل عملياتها الهادفة إلى القضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا إلى جانب تكثيف جهود الحل السياسي بما يتوافق مع تطلعات ومصالح الشعب السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)

فشل جهود الحكومة الباكستانية في منع تصاعد العنف بالبلاد

استمر العنف في الارتفاع بمقاطعتين مضطربتين في باكستان مع مواصلة الجيش المشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب في شمال غربي وجنوب غربي البلاد

عمر فاروق (إسلام آباد )
أوروبا من أمام السفارة الإسرائيلية في استوكهولم (إ.ب.أ)

السويد تلمّح لتورط إيران في هجمات قرب سفارتين إسرائيليتين

أعلنت وكالة الاستخبارات السويدية، الخميس، أن إيران قد تكون متورطة في الانفجارات وإطلاق النار قرب السفارتين الإسرائيليتين في السويد والدنمارك هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الولايات المتحدة​ عافية صديقي (متداولة)

«سيدة القاعدة» السجينة تقاضي الولايات المتحدة لتعرُّضها لاعتداءات جسدية وجنسية

رفعت سيدة باكستانية سجينة في سجن فورت وورث الفيدرالي دعوى قضائية ضد المكتب الفيدرالي للسجون والإدارة الأميركية، قالت فيها إنها تعرَّضت لاعتداءات جسدية وجنسية

«الشرق الأوسط» (تكساس)

روسيا لرفع «طالبان» من لائحة الإرهاب... وتعارض نشر قوات أجنبية في أفغانستان

صورة من «نوفوستي» لاجتماع سابق لـ«صيغة موسكو»
صورة من «نوفوستي» لاجتماع سابق لـ«صيغة موسكو»
TT

روسيا لرفع «طالبان» من لائحة الإرهاب... وتعارض نشر قوات أجنبية في أفغانستان

صورة من «نوفوستي» لاجتماع سابق لـ«صيغة موسكو»
صورة من «نوفوستي» لاجتماع سابق لـ«صيغة موسكو»

سارت موسكو خطوة إضافية نحو تطوير العلاقات مع حكومة حركة «طالبان» في أفغانستان. وأكد مسؤولون روس أن قرار رفع الحركة من قوائم الإرهاب الروسية قد «اتخذ على أعلى المستويات».

ورعت وزارة الخارجية الروسية، الجمعة، الاجتماع السادس لمجموعة العمل الدولية، التي تحمل تسمية «صيغة موسكو»، وهي تناقش بشكل دوري الملفات المتعلقة بالوضع في أفغانستان.

وأفادت الوزارة في بيان بأن المشاركين «أعربوا عن الاهتمام بتطوير مشروعات البنية التحتية الإقليمية، وأشاروا أيضاً إلى آفاق التعاون الاستثماري».

روسيا دعت الدول الغربية إلى رفع العقوبات المفروضة على أفغانستان (وزارة الخارجية الروسية)

وأوضح البيان أن «المشاركين في مؤسسة التمويل الدولية أبدوا اهتمامهم بتطوير مشروعات البنية التحتية الإقليمية بمشاركة أفغانستان، وأشاروا إلى آفاق التبادلات الاقتصادية والتجارية والتعاون الاستثماري مع كابل».

وأكدت الأطراف المشاركة، وفقاً للبيان الروسي، دعمها وجود أفغانستان دولةً مستقلة وموحدة وسلمية، وأعربت عن استعداد تقديم المساعدة لكابل في مجالات مكافحة الإرهاب والمخدرات.

وأشارت الوزارة إلى أن الأطراف نوهت أيضاً بضرورة تقديم مساعدة إنسانية دولية لأفغانستان، وهو أمر قالت موسكو: «إنه لا ينبغي تسييسه».

أحد أفراد أمن «طالبان» يتحدث مع بائع أعلام خارج مسجد عيد جاه في كابل 20 أبريل 2023 (أ.ف.ب)

وبدا أن الاهتمام الرئيسي انصّب خلال اللقاءات على تعزيز المسار الذي أطلقته موسكو لرفع الحركة الأفغانية عن قوائم الإرهاب.

وقال زامير كابولوف، الممثل الرئاسي الروسي في الشأن الأفغاني، إن موسكو تأمل في أن يجري بالمستقبل القريب جداً الإعلان عن رفع حركة «طالبان» من قائمة المنظمات الإرهابية بالاتحاد الروسي. مؤكداً أن القرار بهذا الشأن قد اتخذ على أعلى المستويات.

وأضاف: «الأمر لا يتعلق بالرغبة. لقد جرى اتخاذ قرار أساسي بشأن هذه القضية. ويجب أن تتم هذه العملية في إطار القانون الروسي». وقال كابولوف عقب الاجتماع: «إن القرار النهائي سيتم الإعلان عنه في المستقبل القريب جداً».

يقف أفراد أمن «طالبان» حراسة على طول أحد الطرق عشية الذكرى الثالثة لاستيلاء الحركة على أفغانستان 13 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، أعلنت الخارجية الروسية أن الوزير سيرغي لافروف، الذي حضر الاجتماع، أجرى على هامشه محادثات مع وزير الخارجية الأفغاني أمير متكي، ركّزت على العمل المشترك في مشروعات استراتيجية، خصوصاً في مجالي الطاقة والزراعة.

وزير خارجية «طالبان» بالإنابة أمير خان متقي يتحدّث خلال مؤتمر صحافي في كابل 14 سبتمبر 2021 (رويترز)

ووفقاً للبيان الروسي، فقد «تم التأكيد خلال لقاء الوزيرين على المصلحة المشتركة لروسيا وأفغانستان في الحفاظ على علاقات سياسية موثوقة، وبناء تعاون تجاري واقتصادي متبادل المنفعة، مع التركيز بشكل خاص على تطوير المشروعات في مجالات الطاقة والزراعة».

وأشار إلى «الدور القيادي لآليات التفاوض الإقليمية بشأن أفغانستان، وفي المقام الأول (صيغة موسكو) للمشاورات»، مشيراً إلى «النتائج العكسية للإملاءات الخارجية بشأن قضايا التنمية الداخلية في أفغانستان».

وكان لافروف قد ركّز في كلمته الاستهلالية للقاء «صيغة موسكو» على معارضة بلاده نشر بنى تحتية عسكرية لدول ثالثة في أفغانستان، وفي الدول المجاورة لها.

وأضاف: «مع الأخذ في الاعتبار المناقشات الجارية في الغرب، نودّ أن نؤكد مرة أخرى عدم قبول عودة البنية التحتية العسكرية لدول ثالثة إلى أراضي أفغانستان، أو نشر منشآت عسكرية جديدة في الدول المجاورة تحت أي ذريعة».

وتابع وزير الخارجية الروسي، أنه كما يتبين من التاريخ، فإن استعراض القوة في هذه المنطقة من قبل لاعبين خارجيين لا يؤدي إلا إلى تفاقم المشاكل المحلية.

وشدد لافروف على ضرورة «تقديم المساعدة لأفغانستان في الحرب ضد التهديد الإرهابي المستمر هناك».

وأضاف: «بالطبع، لا يزال نطاق المهام التي لم يتم حلها، والتي تواجه كابل، في مجال مكافحة الإرهاب كبيرًا. ولا تزال مجموعات إرهابية مختلفة موجودة في أفغانستان أو تشنّ غارات من الخارج. ومن مصلحتنا المشتركة تزويد السلطات الأفغانية بما يلزم لتعزيز قدراتها في هذا الشأن».

ويعد هذا الاجتماع السادس لـ«صيغة موسكو» للمشاورات حول القضايا الأفغانية، التي أطلقتها موسكو في العام 2017، وتشارك فيها إلى جانب روسيا، الهند وإيران وكازاخستان وقيرغيزستان والصين وباكستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان.

ومهّدت موسكو لجولة المشاورات، بالإعلان عن جدول أعمال، يشمل مناقشة قضايا تعزيز عملية المصالحة الوطنية الأفغانية، وتوسيع التفاعل بين دول المنطقة وكابل في المجالات السياسية والاقتصادية، ومكافحة الإرهاب، والمخدرات.