منذ سيطرة «طالبان» على كابل في أغسطس (آب) 2021، جرى حظر احتفالات عيد النوروز الغنية بالألوان في أفغانستان طوال الثلاث سنوات الماضية.
وتصر «طالبان» بعناد على قرارها عدم السماح بالاحتفال بعيد النوروز في المناطق الشمالية والغربية والوسطى من أفغانستان، حيث تنتمي غالبية السكان إلى أقليات عرقية تتحدث الفارسية.
وتعاقب حكومة «طالبان» أولئك الذين يستمرون في الاحتفال بعيد النوروز. ويعود أصل عيد النوروز إلى الديانة الزرادشتية الإيرانية، وبالتالي فهو متجذر في تقاليد الثقافة الإيرانية.
ومع ذلك، تحتفل بتلك المناسبة مجتمعات متنوعة منذ آلاف السنوات في غرب آسيا، وآسيا الوسطى، والقوقاز، ومنطقة البحر الأسود، والبلقان، وجنوب آسيا. وفي وسط أفغانستان وشمالها وغربها، كان مهرجاناً للناس العاديين.
ظاهرة أجنبية وغير إسلامية
من جانبها، تستند «طالبان» إلى 3 أسباب في معارضتها للاحتفال بـ«النوروز»: أولاً؛ يرون «النوروز» ظاهرة أجنبية وغير إسلامية يجب التقليل من قيمتها لدفع الناس لعدم الاحتفال بها.
ثانياً: نشأت حركة «طالبان» ونمت واكتسبت السلطة في جنوب أفغانستان، حيث كانت ثقافة الاحتفال بـ«النوروز» ضعيفة. والحقيقة أن «النوروز» يجري الاحتفال به بشكل رئيسي في المناطق الشمالية، والشمالية الشرقية، والغربية، والوسطى من أفغانستان. ولا ترى «طالبان»، المنحدرة من المنطقة الجنوبية من البلاد، ضرورة في الاحتفال بـ«النوروز» لأسباب تتعلق بالظروف البيئية.
ثالثاً: ترى «طالبان» أن «النوروز» جزء من الثقافة الإيرانية القديمة، بينما تتخذ الحركة موقفاً معادياً تجاه الإيرانيين بشدة، وفي بعض الأحيان يتجلى ذلك بقوة في مواجهتهم للكلمات والرموز والقيم الثقافية الإيرانية.
وتتضمن احتفالات «النوروز» الغناء والرقص وإعداد الحلويات. ومن التقاليد واسعة الانتشار تحضير سفرة «النوروز» التي تعرض 7 أشياء رمزية: سيب (تفاح)، سكة (عملة معدنية)، سركه (خل)، سير (ثوم)، سنبل (زهرة الزنبق)، سمنو (بودنغ القمح)، سبزه (عشب القمح المنبت)، سنجد (فاكهة الزيتون) ـ ويرمز كل منها إلى نقاء الثقافة الأفغانية.
الرحلة إلى «مزار شريف»
تعدّ الرحلة إلى مدينة «مزار شريف شمال أفغانستان، خلال احتفالات «النوروز» تقليداً أفغانياً بارزاً، ما يعطي دفعة للتجارة في المجتمع الأفغاني، حيث اعتاد الآلاف من جميع أنحاء البلاد السفر إلى «مزار شريف»، عاصمة ولاية بلخ، للمشاركة في احتفالات «النوروز» و«مهرجان التوليب الأحمر».
ويستمر «مهرجان التوليب الأحمر» في «مزار شريف» خلال الأربعين يوماً الأولى من العام، حيث يذهب الناس لرؤية الزهور الحمراء في الجبال. كما يجلب حضور السياح المحليين والأجانب إلى ولاية بلخ وصخب المدينة، فوائد اقتصادية كبيرة.
وعادة ما يقوم الضيوف القادمون إلى «مزار شريف» لحضور «مهرجان التوليب الأحمر» من مختلف المحافظات، بزيارة المعارض للشراء.
ومني المئات من رجال الأعمال والتجار بالإفلاس بسبب حظر «طالبان» مهرجان «النوروز» في شمال أفغانستان وغربها ووسطها.