الحكم على ثلاثة ضباط كبار في الجيش البورمي بالإعدام بتهمة الاستسلام

قوة عسكرية في رانغون خلال احتجاجات ضد الانقلاب في 15 فبراير 2021 (رويترز)
قوة عسكرية في رانغون خلال احتجاجات ضد الانقلاب في 15 فبراير 2021 (رويترز)
TT

الحكم على ثلاثة ضباط كبار في الجيش البورمي بالإعدام بتهمة الاستسلام

قوة عسكرية في رانغون خلال احتجاجات ضد الانقلاب في 15 فبراير 2021 (رويترز)
قوة عسكرية في رانغون خلال احتجاجات ضد الانقلاب في 15 فبراير 2021 (رويترز)

أصدر المجلس العسكري الحاكم في ميانمار (بورما) حكماً بالإعدام على ثلاثة من كبار الضباط في الجيش، لانسحابهم من بلدة استراتيجية قريبة من الحدود الصينية لصالح مجموعات عرقية الشهر الماضي، على ما أفاد مصدران عسكريان «وكالة الصحافة الفرنسية»، الاثنين.

وقال مصدر عسكري طلب عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخول التحدث إلى الإعلام: «حُكم بالإعدام على ثلاثة ضباط برتبة لواء، من بينهم قائد بلدة لاوكاي».

وحُكم على ثلاثة ضباط آخرين برتبة لواء، متورطين بسقوط لاوكاي، الذي عُدّ أكبر نكسة للجيش منذ عقود، بالسجن مدى الحياة، وفقاً لهذين المصدرين اللذين لم يكشفا عن تاريخ صدور الحكم.

في نهاية يناير (كانون الثاني)، أكد متحدث باسم المجلس العسكري توقيف ستة من المسؤولين في الجيش بعد الانسحاب من هذه البلدة.

رئيس المجلس العسكري الجنرال أونغ هلاينغ يلقي كلمة بمناسبة رأس السنة الصينية في رانغون الأحد (إ.ب.أ)

وينص القانون العسكري البورمي على عقوبة الإعدام في حالة الفرار من موقع عسكري.

وفي الأشهر الأخيرة، بدت على المجلس العسكري علامات ضعف غير مسبوقة، منذ الانقلاب الذي أطاح بالزعيمة المنتخبة أونغ سان سو تشي، في فبراير (شباط) 2021، لينهي فترة من الحكم الديمقراطي استمرت عشر سنوات.

ولا يبدو في الأفق أي حل سلمي، في حين يخوض الجيش منذ ثلاث سنوات قتالاً منهكاً ضد عدد من الحركات المتمردة المكونة من ناشطين شباب مؤيدين للديمقراطية اختبأوا في مناطق مختلفة من البلاد.

وأدى هجوم مباغت شنه تحالف يضم ثلاث مجموعات مسلّحة من الأقليات الإثنية، في أكتوبر (تشرين الأول)، إلى تفاقم الوضع ميدانياً.

وفي مطلع يناير، شكلت خسارة لاوكاي المعروفة بكونها عاصمة القمار والدعارة ومراكز الاحتيال عبر الإنترنت، التي تدر مليارات الدولارات، وفقاً للخبراء، انتكاسة كبيرة للمجلس العسكري، وأثارت انتقادات حتى أنصاره.

وألقى ألفا جندي تقريباً أسلحتهم واستسلموا لأعدائهم، قبل أن يغادروا مع عائلاتهم التي كانت خاضعة لسيطرة ميليشيا مؤتمرة من المجلس العسكري.

ينتظرون دورهم للتقدم بطلب تأشيرة خارج سفارة تايلاند في رانغون في 16 فبراير 2024 (إ.ب.أ)

الخدمة العسكرية الإلزامية

ويعد هذا الاستيلاء أكبر انتصار للمجموعات الإثنية المسلحة التي سيطرت على العديد من المواقع العسكرية والطرق الرئيسية للتجارة مع الصين.

ويتكون هذا التحالف من ثلاث مجموعات إثنية مسلحة، هي: «جيش التحالف الوطني الديمقراطي البورمي»، و«جيش أراكان»، و«جيش تانغ للتحرير الوطني».

وكان «جيش التحالف الوطني الديمقراطي البورمي» يسيطر على لاوكاي حتى عام 2009، قبل أن يتم طرده بهجوم قاده مين أونغ هلاينغ، الرئيس الحالي للمجلس العسكري، والذي كان حينها قائداً إقليمياً.

وشجعت نجاحات المتمردين المعارضين السياسيين على حمل السلاح منذ الانقلاب.

وأمام الصعوبات التي يواجهها، أعلن الجيش أخيراً تفعيل قانون يلزم بالخدمة العسكرية لعامين على الأقل من تراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً للرجال، وبين 18 و27 عاماً للنساء.

والقانون صاغه المجلس العسكري السابق عام 2010 ولكنه لم ينفذ منذ ذلك الحين.

وتسبب هذا القرار الذي لم تُعلن تفاصيله حتى الآن، في ازدياد طلب الشباب البورميين على تأشيرات للخارج أو جوازات سفر، هرباً من التجنيد الإلزامي.

ولقي شخصان في ماندالاي، ثاني أكبر مدن البلاد، حتفهما، الاثنين، جراء التدافع أمام مكتب إصدار الجوازات الذي اقتحمه مئات المتقدمين.

ونفذت ميانمار عمليات إعدام في صيف 2022 للمرة الأولى منذ عقود. وأثار إعدام أربعة رجال، من بينهم ناشطان شهيران مؤيدان للديمقراطية، غضب المجتمع الدولي.



ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
TT

ميانمار في مقدمة الدول الأكثر تضرراً من الألغام المضادة للأفراد

مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)
مسلّحون من مجموعة معارضة مع عربة مدرّعة غنموها من الجيش في شمال بورما (أ.ب)

تصدرت ميانمار خلال عام 2023 قائمة الدول التي تسببت فيها الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في أكبر عدد من الوفيات والإصابات، وسط زيادة في عدد الضحايا في شتى أنحاء العالم، على ما كشف مرصد الألغام الأرضية، الأربعاء.

تسببت الألغام ومخلفات الحرب من المتفجرات في مقتل أو إصابة ما لا يقل عن 5.757 شخصاً في العام الفائت (مقارنة بـ4.710 ضحايا في عام 2022)، 84 في المائة من بينهم من المدنيين، في نحو خمسين دولة، وفقاً للتقرير السنوي للمنظمة.

وتشمل الحصيلة التي ارتفعت بنسبة 20 في المائة خلال عام واحد، 1983 قتيلاً و3663 جريحاً، يضاف إليهم 111 ضحية أخرى، لا تشير إحصائيات التقرير إلى ما إذا كانوا قد نجوا أم لا.

كما تسببت الألغام المضادة للأفراد وحدها في سقوط 833 ضحية، مقارنة بـ628 في عام 2022.

وتأتي ميانمار في المركز الأول من حيث ضحايا الألغام والقنابل غير المنفجرة (1003)، متقدمة على سوريا (933) التي تصدرت الترتيب خلال السنوات الثلاث الماضية، ثم أفغانستان (651) وأوكرانيا (580)، بحسب ما جاء في التقرير.

وتم زرع العبوات الناسفة في كامل الأراضي في ميانمار التي شهدت عقوداً من الاشتباكات بين الجيش والجماعات المتمردة العرقية.

وازدادت أعمال العنف إثر الانقلاب العسكري في فبراير (شباط) 2021 ضد حكومة أونغ سان سو تشي، ما تسبب في ظهور عشرات الجماعات الجديدة المعادية للمجلس العسكري العائد إلى السلطة.

لم توقّع ميانمار على اتفاقية أوتاوا بشأن حظر وإزالة الألغام المضادة للأفراد، والتي انضمت إليها 164 دولة ومنطقة.

ويشير يشوا موسر بوانغسوان، الذي عمل على إعداد التقرير، إلى أن العدد الإجمالي للضحايا قد يكون أعلى بكثير مما تم الإعلان عنه؛ لأن جمع البيانات الميدانية يعد أمراً مستحيلاً؛ بسبب الاشتباكات، فضلاً عن وجود قيود أخرى.

وأوضح خلال مؤتمر صحافي في بانكوك: «لا يوجد نظام مراقبة طبي في البلاد يمكنه تقديم بيانات رسمية بأي شكل من الأشكال».

وأضاف: «نحن نعلم استناداً إلى الأدلة التي لم يتم التحقق منها أنها هائلة».

ويشير التقرير إلى «زيادة كبيرة» في استخدام الألغام المضادة للأفراد من قبل الجيش في ميانمار، لا سيما بالقرب من أعمدة الهواتف المحمولة وخطوط الأنابيب، والبنية التحتية».

وتقول المجموعة التي أعدت التقرير إنها عثرت على أدلة تثبت أن قوات المجلس العسكري واصلت استخدام المدنيين «لإرشاد» الجنود إلى المناطق الملغومة، على الرغم من أن القانون الدولي يجرّم هذا السلوك.

ويُتهم الجيش في ميانمار بانتظام من قبل القنصليات الغربية والمدافعين عن حقوق الإنسان بارتكاب فظائع وجرائم حرب.

وصادر معارضو المجلس العسكري الألغام «في كل شهر بين يناير (كانون الثاني) 2022 وسبتمبر (أيلول) 2024، في جميع أنحاء البلاد تقريباً»، بحسب التقرير الذي يستند إلى دراسة للصور الفوتوغرافية.

وقالت منظمة «اليونيسيف» في أبريل (نيسان) إن «كل الأطراف» استخدمت الألغام الأرضية «دون تمييز».

وأكدت جماعات متمردة أيضاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنها تزرع ألغاماً.

ومرصد الألغام الأرضية هو القسم البحثي للحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية (ICBL)، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية.

والألغام المضادة للأفراد هي أجهزة متفجرة تستمر في قتل وتشويه الناس بعد فترة طويلة من انتهاء الصراعات والحروب.

وهي مدفونة أو مخبأة في الأرض، وتنفجر عندما يقترب منها شخص ما أو يلامسها.

وعدّت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، الأربعاء، قرار الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا «بالألغام المضادة للأفراد غير الدائمة» المجهزة بجهاز تدمير ذاتي أو إبطال ذاتي، لتعزيز دفاعات كييف ضد الغزو الروسي، «كارثياً».

وأوضحت المنظمة، في بيان: «يجب على أوكرانيا أن تعلن بوضوح أنها لا تستطيع قبول هذه الأسلحة ولن تقبلها».