باكستان: قائد الجيش يدعو إلى «قطيعة سياسة الفوضى»

مستقلون داعمون لعمران خان يتصدرون الانتخابات التشريعية

أحد أنصار عمران خان يشارك في مظاهرة داعمة له في بيشاور السبت (أ.ف.ب)
أحد أنصار عمران خان يشارك في مظاهرة داعمة له في بيشاور السبت (أ.ف.ب)
TT

باكستان: قائد الجيش يدعو إلى «قطيعة سياسة الفوضى»

أحد أنصار عمران خان يشارك في مظاهرة داعمة له في بيشاور السبت (أ.ف.ب)
أحد أنصار عمران خان يشارك في مظاهرة داعمة له في بيشاور السبت (أ.ف.ب)

دعا قائد الجيش الباكستاني البلاد، السبت، إلى «قطيعة سياسة الفوضى» في وقت يتجه فيه أنصار رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان للحصول على أغلبية المقاعد بعد الانتخابات التشريعية. ونقل بيان عن قائد الجيش، سيد عاصم منير، قوله: «بما أنّ شعب باكستان وضع ثقته بالدستور الباكستاني، فيتعيّن الآن على جميع الأحزاب السياسية أن تفعل الشيء نفسه من خلال إظهار النضج السياسي والوحدة». وأضاف أن «الوطن بحاجة إلى أيدٍ آمنة للخروج من سياسة الفوضى والاستقطاب».

قائد الجيش الباكستاني الجنرال سيد عاصم منير يحضر مناسبة بإسلام آباد في نوفمبر 2022 (أ.ب)

وعلى الرغم من استبعاد حركة «إنصاف» الباكستانية، بزعامة رئيس الوزراء السابق عمران خان المسجون حالياً، من خوض الانتخابات، فإنّ أداء المرشحين المستقلين الذين دعمتهم فاق التوقّعات. وحصل هؤلاء المرشحون الذين قدّموا أنفسهم مستقلّين بعدما منعت الحركة من خوض الانتخابات، على 100 مقعد على الأقل (من بينها 89 مقعداً لموالين لخان)، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وبذلك، يتقدّم المدعومون من حزب خان على حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية بزعامة نواز شريف، الذي فاز بـ73 مقعداً. وحلّ «حزب الشعب الباكستاني» بزعامة بيلاوال بوتو زرداري في المركز الثالث، محقّقاً أداءً أفضل من المتوقع بحصوله على 54 مقعداً.

إعلان الفوز

نشر حزب خان، صباح السبت، مقطع فيديو أُنْتِجَ بواسطة الذكاء الاصطناعي، ظهر فيه وهو يعلن النصر. ويُظهر هذا الفيديو خان وهو يقول: «أهنّئكم جميعاً بالفوز في انتخابات 2024»، مشيراً إلى أنّه «وفقاً لمصادر مستقلّة، فزنا بـ150 مقعداً في الجمعية الوطنية قبل أن يبدأ التلاعب (بالانتخابات)».

أنصار عمران خان يتظاهرون في كراتشي السبت (أ.ب)

ويبقى 13 مقعداً من أصل 266 مقعداً لم تُحسم نتيجتها بعد. وفي حال فشلت الكتل الثلاث في الحصول على غالبية مطلقة، ينبغي على الفائز أن ينسج تحالفات، ما يعني أنّ كلّ الخيارات تبقى مفتوحة بالنسبة إلى تشكيل هذا الائتلاف. ولا تزال «الرابطة الإسلامية الباكستانية» في الموقع الأفضل للقيام بذلك. وقال نواز شريف (74 عاماً) الذي تولّى رئاسة الوزراء 3 مرّات، من مقرّ حزبه في لاهور (شرق): «ندعو الأحزاب الأخرى والمرشّحين الفائزين للعمل معنا». وحصل شريف على دعم الجيش عند عودته إلى باكستان في أكتوبر (تشرين الأول)، بعد 4 سنوات في المنفى في لندن. ومن جهتها، فازت الأحزاب الصغيرة بـ27 مقعداً، من بينها 17 مقعداً للحركة القومية المتحدة. وإذا انضمّ نواب هذه الأحزاب إلى المستقلّين، فمن الممكن أن يحصلوا على حصّة من المقاعد السبعين المخصّصة للنساء والأقليات الدينية، والتي خُصِّصت بشكل تناسبي على أساس نتائج سابقة.

البحث عن تحالفات

يقف وراء تأسيس حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية» وحزب «الشعب الباكستاني»، عائلتان سياسيتان تعدان خصمين تقليديين، وتقاسم الحزبان السلطة مع الجيش على مدى عقود، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وسبق أن عمل الحزبان معاً، كما شكَّلا حكومة ائتلافية بقيادة شهباز شريف، شقيق نواز، بعد الإطاحة بعمران خان من منصب رئيس الوزراء بموجب مذكرة بحجب الثقة في أبريل (نيسان) 2022.

نواز شريف يتوسط أخاه شهباز وابنته مريم لدى إعلان فوزه بأكبر عدد من المقاعد في لاهور الجمعة (أ.ب)

غير أنّ حزب «الشعب» الباكستاني نأى بنفسه عن حزب نواز شريف، منافسه التاريخي، خلال الحملة الانتخابية. وكان زعيمه البالغ من العمر 35 عاماً، نجل رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو، التي اغتيلت في عام 2007، ينتقد «حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية» - جناح نواز. لكنّ السياسة الباكستانية معتادة على التحوّلات والترتيبات التي تبدو غير منطقية في أحيان كثيرة.

اتهامات التزوير

خيّمت شكوك حول نزاهة العملية الانتخابية منذ فتح مكاتب الاقتراع، عندما ندّد أنصار خان ومراقبون دوليون بقطع الاتصالات وخدمة الإنترنت عبر الهواتف النقالة «لدواعٍ أمنية».

ويرى ناخبو عمران خان أنّ الفوز «سُرق منهم»، بينما يفاقم بطء عملية الفرز الشكوك بحصول تلاعب ممكن في النتائج لا يصب في مصلحة حزب عمران خان. وفي المقابل، تحدثت مفوضية الانتخابات عن «مشكلات في الإنترنت» لتبرير بطء العملية. كذلك، تخللت الحملة اتهامات بـ«التزوير قبل الانتخابات»، بموازاة تهميش عمران خان (71 عاماً) الذي يتمتّع بشعبية كبيرة، والمحكوم عليه بـ3 عقوبات بالسجن. وفي السياق نفسه، أعربت واشنطن ولندن عن «مخاوفهما» بشأن سير الانتخابات.

مظاهرات واضطرابات

شهدت البلاد، السبت، تظاهرات متفرقة لأنصار عمران خان. ويخشى مراقبون أن يتسبب الاستقطاب الشديد في تفاقم العنف، الذي أودى خلال الأيام الماضية بالعشرات في هجمات متفرقة.

أنصار عمران خان يتظاهرون في بيشاور السبت (أ.ف.ب)

وجرت تظاهرات، الجمعة، في بيشاور، عاصمة ولاية خيبر باختونخوا، وفي كويتا في ولاية بلوشستان. وقال التاجر محمد سالم (28 عاماً)، الذي انضم إلى نحو 2000 متظاهر من أنصار حزب خان قطعوا طريقاً رئيسية في بيشاور: «لقد غيروا نتائجنا... على الحكومة أن تعيد احتساب كلّ الأصوات». ولا يزال عمران خان نجم الكريكيت السابق يتمتع بشعبية واسعة، بسبب مواقفه المناهضة للمؤسسات القائمة رغم تولّيه الحكم، وتسجيل تدهور في الوضع الاقتصادي عندما كان رئيساً للوزراء.


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

انفجار سيارة مفخخة بشمال غربي باكستان يسفر عن مقتل 12 جندياً

جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)
جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)
TT

انفجار سيارة مفخخة بشمال غربي باكستان يسفر عن مقتل 12 جندياً

جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)
جنود باكستانيون (رويترز - أرشيفية)

قال الجيش الباكستاني، اليوم الأربعاء، إن انتحارياً فجّر سيارته المفخخة في نقطة تفتيش عسكرية بشمال غربي باكستان، مما أسفر عن مقتل 12 جندياً، في ظل تواصل أعمال العنف بالبلاد.

وأضاف الجيش، في بيان، أن ستة مسلَّحين، على الأقل، لقوا حتفهم أيضاً في معركة بالأسلحة النارية أعقبت التفجير الانتحاري، واستمرت عدة ساعات في منطقة بانو بإقليم خيبر بختونخوا، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

وأعلنت جماعة تابعة لحركة «طالبان باكستان»، التي تختلف عن نظيرتها الأفغانية، ولكنها تريد الإطاحة بالحكومة، مسؤوليتها عن الهجوم.

وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن فصيلاً منشقاً عن حركة «طالبان باكستان»، يُعرف باسم «جماعة حفيظ جول بهادور»، أعلن، في بيان، مسؤوليته عن الهجوم.

ولم يردْ تعليق فوري من جانب الحكومة، ولكن مسؤولي أمن واستخبارات قالوا إن أفراد الأمن يتعقبون منفّذي الهجوم.

ووقع التفجير الانتحاري بعد يوم من مقتل ثمانية جنود باكستانيين على الأقل، وتسعة مسلحين، في تبادل لإطلاق النار بالمنطقة نفسها المتاخمة لأفغانستان.

وتُلقي إسلام آباد اللوم على حكام «طالبان» في أفغانستان؛ لأنهم يتساهلون أو يساعدون المسلحين الباكستانيين الذين يشنون هجمات عبر الحدود من مخابئهم الجبلية. وترفض كابل هذه الاتهامات وتقول إنها لا أساس لها.

وتصاعدت أعمال العنف في باكستان منذ عودة «طالبان» إلى مقاليد السلطة في أفغانستان في عام 2021، وأطلقت سراح آلاف المسلحين الباكستانيين من السجون الأفغانية.