نصف مليون أفغاني غادروا باكستان بعد قرار بالترحيل الجماعي

وثيقة أميركية تقترح إعادة العمل القنصلي إلى أفغانستان

لاجئون أفغان ينتظرون التسجيل في مخيم بالقرب من الحدود الباكستانية الأفغانية في تورخام بأفغانستان السبت 4 نوفمبر 2023 (أ.ب)
لاجئون أفغان ينتظرون التسجيل في مخيم بالقرب من الحدود الباكستانية الأفغانية في تورخام بأفغانستان السبت 4 نوفمبر 2023 (أ.ب)
TT

نصف مليون أفغاني غادروا باكستان بعد قرار بالترحيل الجماعي

لاجئون أفغان ينتظرون التسجيل في مخيم بالقرب من الحدود الباكستانية الأفغانية في تورخام بأفغانستان السبت 4 نوفمبر 2023 (أ.ب)
لاجئون أفغان ينتظرون التسجيل في مخيم بالقرب من الحدود الباكستانية الأفغانية في تورخام بأفغانستان السبت 4 نوفمبر 2023 (أ.ب)

كشفت وثيقة استراتيجية أعدّتها وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة تدرس بحذر إمكان إعادة فتح قنصلية لها في أفغانستان، رغم استمرار سيطرة «طالبان» على مقاليد الحكم في البلاد. في حين ذكرت «الأمم المتحدة» أن نحو نصف مليون أفغاني غادروا باكستان، التي أعلنت حكومتها، العام الماضي، قراراً بترحيل جماعي للاجئين غير المسجلين.

وتشير الخطوة الأميركية إلى تحول محتمل في سياسة الولايات المتحدة نحو التعامل المحدود مع نظام «طالبان» المعزول دولياً، في حين تهدف إلى تحقيق أهداف أمنية وسياسية واقتصادية متعددة.

يصل اللاجئون الأفغان في شاحنات لعبور الحدود الباكستانية الأفغانية في تورخام 27 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

وأوردت الاستراتيجية المتكاملة لأفغانستان، التي صدرت أخيراً بعد الموافقة عليها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أنه «مع طالبان، ندعو إلى الوصول إلى القنصليات والشفافية والمساءلة للأميركيين»، مضيفة: «نحن ندعم أيضاً عمل المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن؛ من أجل إطلاق الأمركيين المحتجَزين ظلماً» في أفغانستان.

ومنذ سقوط الحكومة الأفغانية المؤيدة للأميركيين في أغسطس (آب) 2021، أغلقت الولايات المتحدة سفارتها في كابل، مُنهية عقدين من الانخراط العسكري والسياسي مع أفغانستان. ومنذ ذلك الحين، اقتصرت التفاعلات بين الولايات المتحدة و«طالبان» على اجتماعات متفرقة خارج أفغانستان.

وجاء في الوثيقة أنه «حتى لو - وما دام - أن الولايات المتحدة لا تعترف بطالبان بصفتها حكومة شرعية في أفغانستان، يجب علينا بناء علاقات وظيفية تُعزز أهدافنا وتزيد فهمنا لاستعداد طالبان وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاهنا».

وتحدد الاستراتيجية الأميركية الجديدة أربعة مجالات مهمة استراتيجية؛ وهي: مكافحة الإرهاب، والمساعدة الاقتصادية، والمشاركة المحلية، والخدمات القنصلية للمواطنين الأميركيين داخل أفغانستان ومساعدة الأفغان الذين يرغبون في الهجرة إلى الولايات المتحدة. وتؤكد أن واشنطن «ستواصل الدفاع عن الحقوق الأساسية للشعب الأفغاني، وخصوصاً النساء والفتيات».

ولطالما قال المسؤولون الأميركيون إن أي تطبيع مع «طالبان»، بما في ذلك إنهاء العقوبات المستمرة منذ عقود على قادتها، يعتمد على عكس سياساتها القمعية، وتشكيل حكومة أفغانية جامعة.

ورغم عدم اعترافها بحكومة «طالبان»، فإن بعض الدول، بما في ذلك حلفاء الولايات المتحدة مثل الهند واليابان وتركيا، أبقت على بعثات دبلوماسية في كابل، كما ظلت «الأمم المتحدة»، بما في ذلك بعثتها السياسية، تعمل في البلاد.

في غضون ذلك، عاد نحو نصف مليون أفغاني إلى بلدهم بسبب مضايقة السلطات الباكستانية، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا». ويمثل أكثر من 60 في المائة من العائدين أفراداً تقلّ أعمارهم عن 18 عاماً. وتُظهر أرقام الأمم المتحدة أن عمليات العبور الحدودية إلى أفغانستان تراجعت بشكل كبير مرة أخرى، منذ أكتوبر الماضي، حين أعلنت الحكومة الباكستانية أنها ستُرحّل اللاجئين، الذين لا يحملون تصاريح إقامة، وحدّدت لهم موعداً نهائياً هو الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) لمغادرة البلاد بشكل طوعي.

ويستهدف الإجراء بشكل أساسي الأفغان، الفارّين من حكم «طالبان»، في مسقط رأسهم.

ويشكل الأفغان أكبر نسبة من المهاجرين غير الشرعيين في باكستان، حيث تُظهر أرقام حكومية أن هناك نحو 4.4 مليون لاجئي أفغاني كانوا يعيشون هناك، عندما صدر الإعلان. ولم يكن لدى نحو 1.7 مليون شخص وثائق إقامة سارية المفعول.

وكانت باكستان قد بدأت طرد الأفغان من أراضيها لتكثيف الضغط على حكام «طالبان» في أفغانستان، الذين تتهمهم بالتساهل مع المسلَّحين الإسلاميين، الذين يتردد أنهم وراء هجمات مميتة عبر الحدود.


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

32 قتيلاً في أعمال عنف طائفية بباكستان

عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

32 قتيلاً في أعمال عنف طائفية بباكستان

عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)

قتل 32 شخصاً على الأقل في أعمال عنف طائفية جديدة في شمال غربي باكستان، وفق ما أفاد مسؤول محلي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (السبت) بأنه بعد يومين من هجمات استهدفت أفراداً من الطائفة الشيعية أسفرت عن مقتل 43 شخصاً.

ومنذ الصيف، خلفت أعمال العنف بين السنة والشيعة في إقليم كورام الواقع في ولاية خيبر بختونخوا الواقعة على الحدود مع أفغانستان، نحو 150 قتيلاً.

والخميس، أطلق نحو عشرة مهاجمين النار على قافلتين تقلان عشرات العائلات الشيعية بمواكبة الشرطة في هذه المنطقة الجبلية. وقتل ما لا يقل عن 43 شخصاً ولا يزال «11 مصابا» في حالة «حرجة»، بحسب السلطات.

ومساء أمس (الجمعة)، بعد يوم طويل شيع خلاله الضحايا وساده التوتر في كورام على وقع مسيرات للشيعة نددت بـ«حمام دماء»، قال ضابط كبير في الشرطة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «الوضع تدهور». وأضاف «هاجم شيعة غاضبون مساء سوق باغان المحسوب خصوصاً على السنة» موضحاً أن «المهاجمين المزودين بأسلحة خفيفة ورشاشة وقذائف هاون أطلقوا النار» طوال ثلاث ساعات و«قام سنّة بالرد» عليهم.

من جهته، قال مسؤول محلي لم يشأ كشف هويته للوكالة إن «أعمال العنف بين المجموعتين الشيعية والسنية تواصلت (السبت) في أماكن مختلفة، وسجل مقتل 32 شخصاً في آخر حصيلة هم 14 من السنة و18 من الشيعة».

وذكر مسؤول محلي آخر هو جواد الله محسود أن «مئات المتاجر والمنازل تم إحراقها» في منطقة سوق باغان، لافتاً إلى «بذل جهود من أجل إعادة الهدوء، وتم نشر قوات أمنية والتأمت مجالس قبلية (جيرغا)».

ومحور النزاعات بين القبائل ذات المعتقدات المختلفة هو مسألة الأراضي في المنطقة، حيث تتقدم قواعد الشرف القبلية غالباً على النظام الذي تسعى قوات الأمن إلى إرسائه.