إسلام آباد تطالب مجلس الأمن بالتحقيق في توريد أسلحة حديثة لـ«طالبان الباكستانية»

الحركة تستخدم ما خلّفته القوات الأميركية قبل رحيلها عن أفغانستان

جنود باكستانيون عند نقطة تفتيش بعد تشديد الإجراءات الأمنية عقب هجمات مميتة شنها مسلحون استهدفت قوات أمن باكستانية في بيشاور الاثنين (إ.ب.أ)
جنود باكستانيون عند نقطة تفتيش بعد تشديد الإجراءات الأمنية عقب هجمات مميتة شنها مسلحون استهدفت قوات أمن باكستانية في بيشاور الاثنين (إ.ب.أ)
TT

إسلام آباد تطالب مجلس الأمن بالتحقيق في توريد أسلحة حديثة لـ«طالبان الباكستانية»

جنود باكستانيون عند نقطة تفتيش بعد تشديد الإجراءات الأمنية عقب هجمات مميتة شنها مسلحون استهدفت قوات أمن باكستانية في بيشاور الاثنين (إ.ب.أ)
جنود باكستانيون عند نقطة تفتيش بعد تشديد الإجراءات الأمنية عقب هجمات مميتة شنها مسلحون استهدفت قوات أمن باكستانية في بيشاور الاثنين (إ.ب.أ)

طالبت باكستان مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، بالتحقيق في كيفية حصول حركة «طالبان الباكستانية» على إمدادات أسلحة حديثة لشن هجمات ضد المنشآت العسكرية الباكستانية والأفراد خلال العام الماضي.

قدمت باكستان هذه المطالب خلال جلسة لمجلس الأمن ركزت فيها على المخاطر التي يشكلها تهريب الأسلحة الصغيرة والخفيفة.

استنفار أمني بعد هجمات مميتة في ديرا إسماعيل خان (إ.ب.أ)

وطلب ممثل باكستان في الأمم المتحدة محمد عثمان جادون، مجلس الأمن بالتحقيق في كيفية حصول حركة «طالبان الباكستانية» على إمدادات أسلحة بصورة غير قانونية، والتي تستخدمها في شن هجمات ضد قوات الأمن الباكستانية.

وأضاف جادون: «إن الجماعات الإرهابية مثل حركة (طالبان الباكستانية) المحظورة تشتري الأسلحة من أسواق الأسلحة غير المشروعة، أو من المنظمات التي تسعى لزعزعة استقرار منطقة أو بلد بعينها، مضيفاً أن باكستان ستواصل العمل مع المجتمع الدولي للكشف عن المسؤولين عن دعم وتمويل ورعاية مثل هذه العمليات من الخارج».

وقد أوضحت باكستان بالفعل أن «طالبان الباكستانية» كانت تستخدم أسلحة أميركية -التي خلّفتها القوات الأميركية وراءها قبل رحيلها عن أفغانستان- في مهاجمة قوات الأمن الباكستانية.

أفراد أمن باكستانيون يدققون في الأشخاص والمركبات عند نقطة تفتيش بعد تكثيف الإجراءات الأمنية عقب الهجمات القاتلة التي شنها مسلحون واستهدفت قوات الأمن الباكستانية بديرا إسماعيل خان (إ.ب.أ)

 

عناصر من حركة «طالبان باكستان» (أ.ب)

واستخدمت «طالبان الباكستانية» بنادق أميركية بعيدة المدى، وأسلحة آلية، وأجهزة رؤية ليلية، وأجهزة الأشعة تحت الحمراء الحرارية خلال غارتها على موقعي تفتيش عسكريين باكستانيين في منطقة شيترال. وحسب العميد سعد محمد، الضابط الذي خدم في مناصب رئيسية تتعلق برسم الاستراتيجية العسكرية للجيش الباكستاني، فإن «هذه الأجهزة تزيد من قدرتها (طالبان) على العمل ليلاً على مدار الساعة. وأجهزة الأشعة تحت الحمراء الحرارية تُمكّنها من الكشف عن المعدات والأفراد وأنظمة الأسلحة».

أفراد أمن باكستانيون يفتشون الأشخاص والمركبات عند نقطة تفتيش بعد تشديد الإجراءات الأمنية عقب هجمات مميتة شنها مسلحون استهدفت قوات أمن باكستانية في بيشاور (إ.ب.أ)

وأضاف العميد سعد محمد قائلاً: «استخدمت (طالبان) الأسلحة الأميركية في هجوم شيترال. إذا شاهدت مقاطع الفيديو الخاصة بهذه الهجمات، سترى مقاتلي (طالبان) بوضوح وهم يستخدمون البنادق الأميركية وأجهزة الرؤية الليلية في هذه الهجمات، فبنادق القنص بعيدة المدى تعد أسلحة قاتلة ودقيقة بشكل خطير، والأسلحة بعيدة المدى تزيد من القدرة على إيذاء الخصوم والتسبب في وقوع إصابات. لقد استخدموا هذه الأسلحة في شيترال. في مقاطع الفيديو يمكنك رؤيتهم بوضوح يستخدمون أجهزة الرؤية الليلية والأسلحة الأميركية بعيدة المدى».

أفراد أمن باكستانيون يدققون في الأشخاص والمركبات عند نقطة تفتيش بعد تشديد الإجراءات الأمنية عقب هجمات مميتة شنها مسلحون استهدفت قوات أمن باكستانية في بيشاور (إ.ب.أ)

من الناحية الاستراتيجية، ساعدت الأسلحة الأميركية، حسب الخبراء العسكريين الباكستانيين، حركة «طالبان الباكستانية» على توسيع نطاق التمرد داخل الأراضي الباكستانية. وقال العميد سعد محمد: «يمكن لهذه الأسلحة أن تساعد حركة (طالبان الباكستانية) على زيادة مساحة ونطاق التمرد في الأراضي الباكستانية».

وقد أرجع الخبراء العسكريون الدوليون منذ فترة طويلة الفضل لهذه الأسلحة الصغيرة، مثل البنادق الآلية والبنادق بعيدة المدى، في السيطرة على الأراضي، سواء كانت الأسلحة الصغيرة في حوزة جيش تقليدي منتظم أو ميليشيا في مرحلة متقدمة من التمرد، النتيجة هي نفسها، وهي النجاح في السيطرة على المنطقة. أي زائر لكابل هذه الأيام سيلحظ عدم وجود السلاح المميز لـ«طالبان»، كلاشنكوف «إيه كي 47» المذهل، وسيرى بدلاً منه بنادق آلية أميركية معلّقة على أكتاف مقاتلي «طالبان» المنتشرين في شوارع العاصمة الأفغانية. ويبدو أن غالبية أفراد «طالبان» يفضّلون الآن بنادق «إم 4» الأميركية وبنادق «إم 16» برفقة بقية معداتهم، بدءاً من نظارات الرؤية المعظمة باهظة الثمن، مروراً بالليزر، وانتهاءً بمصابيح الإضاءة. ويتحرك مقاتلو «طالبان» في مَسيرات روتينية في شوارع كابل على متن سيارات جيب عسكرية أميركية.

استنفار أمني بعد هجمات مميتة في ديرا إسماعيل خان (إ.ب.أ)

في باكستان، تستخدم حركة «طالبان الباكستانية» بانتظام وبشكل روتيني الأسلحة الأميركية الصغيرة في هجماتها على قوات الأمن الباكستانية. قال خبراء عسكريون باكستانيون إن أنظمة الأسلحة الأميركية عززت بشكل كبير قدرة «طالبان» على استهداف قوات الأمن الباكستانية في المناطق الحدودية الباكستانية - الأفغانية. وقد حصلت حركة «طالبان الباكستانية» على مخبأ كبير للأسلحة الأميركية بعد أن سهَّلت «طالبان الأفغانية» ذلك في أعقاب انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان. وهذه الأسلحة إما أنها قد بيعت لحركة «طالبان الباكستانية» من «طالبان الأفغانية»، وإما أنها زوَّدت حركة «طالبان الباكستانية» بهذه الأسلحة بوصفها حليفاً.

وأشار ممثل باكستان في الأمم المتحدة إلى أن الإرهابيين والمجرمين لا يطورون هذه الأسلحة المتطورة بأنفسهم، بل يحصلون عليها من الأسواق أو المنظمات غير القانونية لزعزعة استقرار دول بعينها. وأضاف أن جميع الدول والأمم المتحدة تتحمل مسؤولية اتخاذ التدابير اللازمة لمنع الاتجار غير المشروع بهذه الأسلحة ونقلها.


مقالات ذات صلة

توتر بين المعارضة وإردوغان بسبب إرث أتاتورك

شؤون إقليمية آلاف الأتراك احتفلوا بذكرى تأسيس الجمهورية في باحة قبر أتاتورك في أنقرة (إعلام تركي)

توتر بين المعارضة وإردوغان بسبب إرث أتاتورك

خيم التوتر على احتفال تركيا بالذكرى 101 لتأسيس الجمهورية بين المعارضة والرئيس رجب طيب إردوغان على خلفية إصراره على وضع دستور جديد للبلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا خليلة علي الزوجة السابقة للملاكم الأسطوري محمد علي خلال زيارتها لكابل يوم 27 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

خليلة علي تطالب «باللازورد» مقابل بناء استاد رياضي في كابل

أبلغ وفد رياضي أميركي بقيادة خليلة علي، أرملة محمد علي كلاي، حكومة «طالبان» باهتمامهم باستخدام «اللازورد الأفغاني» في تصنيع جوائز «فيفا».

عمر فاروق (إسلام آباد)
آسيا ضابط شرطة باكستاني ينظر إلى طفل يتلقى قطرات لقاح «شلل الأطفال» خلال حملة تطعيم «من باب إلى باب» في بيشاور يوم 28 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مقتل شرطي في هجوم مسلح على حملة تطعيم ضد «شلل الأطفال» بباكستان

قال مسؤول محلي إن شرطياً واحداً على الأقل قُتل في باكستان، الثلاثاء، عندما هاجم مسلحون مجهولون مكتب صحة كانت تتجمع به فرق حملة تطعيم للوقاية من شلل الأطفال.

«الشرق الأوسط» (بيشاور (باكستان))
أفريقيا آثار هجوم إرهابي شنَّته «بوكو حرام» ضد الجيش التشادي (إعلام محلي)

«الإرهاب» يصعّد هجماته في دول الساحل الأفريقي

تصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، خصوصاً بعد أن أعلنت تشاد أن أربعين جندياً قُتلوا في هجوم إرهابي.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية شرطيان تركيان أثناء مداهمة على أحد المنازل خلال الحملة على «داعش» (الداخلية التركية)

تركيا: القبض على 2016 من «داعش» في حملة أمنية موسعة

ألقت قوات الأمن التركية القبض على 2016 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في حملة أمنية شملت 45 ولاية في أنحاء البلاد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

نساء الريف الياباني يرفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي

امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)
امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)
TT

نساء الريف الياباني يرفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي

امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)
امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)

يعتزم رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، إعادة تنشيط الريف الياباني الذي انعكست هجرة السكان سلباً عليه، لكنّ نساء يابانيات استصرحتهنّ «وكالة الصحافة الفرنسية»، رفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي، وذكّرنَ بالظروف الضاغطة عليهنّ.

وأظهرت دراسة حديثة أن نحو 40 في المائة من البلدات بمختلف أنحاء الأرخبيل، مهددة بالاندثار بسبب شيخوخة السكان ونزوح الشباب، خصوصاً النساء، هرباً من ممارسات التمييز المستمرة في حقهنّ.

عادات «عفا عليها الزمن»

قالت رين ياماموتو (25 عاماً) إنها تنزعج عندما يلقي السياسيون ووسائل الإعلام، اللوم في انخفاض عدد السكان، على انتقال النساء إلى المدن وإنجابهن الأطفال في سن متأخرة، وحتى إحجامهنّ عن ذلك كلياً.

وسألت هذه المُنتجة في مجال الإنترنت المقيمة بمنطقة جبلية شرق اليابان: «هل يجب تحميل النساء الوزر؟». عندما كانت رين ياماموتو تبحث عن وظيفة، واجهت الموقف «الذي عفا عليه الزمن» من الشركات المحلية التي تطلب من النساء «التراجع» لدعم زملائهن الذكور.

ولاحظت أنّ «توزُّع الأدوار بين النساء والرجال في المجتمع الياباني أقرب إلى أن يكون جامداً»، لكنّ الوضع في المدن الكبرى كطوكيو مناقض لذلك، إذ «تعاني النساء فيها تمييزاً أقل، وتتاح لهن فرص أكثر».

وتوثّق رين ياماموتو على أحد مواقع الإنترنت الأسباب التي تدفع النساء إلى مغادرة المناطق الريفية، وترغب في تقديم الشهادات المجمعة إلى السلطات المحلية والوطنية التي يهيمن عليها الرجال إلى حد كبير، مُلاحِظَة أن «مناقشات البرلمان تعطي عن النساء صورة بعيدة كل البعد عن الواقع».

ضغط

قبل أن تتولى أكاني تاناكا شنايدر (37 عاماً) إدارة شركة رياضية في ضواحي طوكيو اليوم، نشأ في نيغاتا (شمال غربي اليابان) في مناخ ضاغط. وأشارت إلى أن المجتمع «يضغط» على المرأة، مضيفة: «قيل لي إن عليّ في سن معينة أن أتزوج وأنجب أطفالاً». ولكن كانت لديها توجهاتها الخاصة بشأن متابعة مسيرتها المهنية، وتكوين أسرة عندما يناسبها ذلك. وتابعت: «كنت محظوظة بكوني عرفت بيئة بدا من الطبيعي فيها أن أقرر بنفسي»، وذلك بفضل الفترات التي قضيتها في الخارج أو العمل بمنظمة غير حكومية.

ولكن «في اليابان بأكملها، لا يبدو أن غالبية النساء لديهن هذه الإمكانية»، ويتم دفعهن، تحت تأثير الأعراف الاجتماعية، إلى الزواج وإنجاب الأطفال، بحسب تعبيرها. وينص القانون الياباني الذي يثير جدلاً واسعاً على أن تكون لكلا الزوجين الشهرة نفسها، وهو في الواقع دائماً تقريباً اسم عائلة الزوج. وقالت أكاني تاناكا شنايدر: «بتغيير اسمي، سيكون لدي انطباع بأنني حُرِمتُ من حياتي، ومن مسيرتي المهنية».

عالم سياسي ذكوري

ورأت كاوري إيشيكاوا (39 عاماً) وهي عضوة في حكومة محلية وأم لطفلين في مدينة هيتاشي الواقعة بمنطقة إيباراكي الريفية (شرق)، أن إحداث تغيير في اليابان يستلزم وجود مزيد من النساء في السياسة.

ونشأت كاوري في هيتاشي قبل أن تتابع تعليمها العالي بطوكيو. وبعد زواجها، عادت إلى هيتاشي ربة منزل، لكن والدها دفعها إلى العمل السياسي. وأشارت إلى أن «بلدية هيتاشي تشجّع النساء على تربية أطفالهن هنا، لكنني تساءلت عما إذا كانت أصوات الأمهات الشابات تصل إلى صانعي السياسات»، أم لا.

وتُعدّ إيشيكاوا التي انتُخِبت العام الماضي، ثاني أصغر أعضاء المجلس المحلي البالغ عددهم 24، ومعظمهم من الرجال المسنين، مثل أعضاء البرلمان المركزي الوطني. وأشارت إلى أن «نساءً كثيرات يعتقدن أن تربية أطفالهن أمر سلبي وسيمنعهن من مواصلة حياتهن المهنية»، إذ تتم ترقية زميلاتهن بدلاً منهن في غيابهن، ولا تحظى خبرتهنّ باعتراف «مع أن تربية الأطفال تعلّم الكثير».

تغيير عالم الأعمال

شدّد رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا تكراراً، على أن معدل المواليد المنخفض في اليابان هو «حالة طوارئ صامتة»، واعداً بجعل ساعات العمل أكثر مرونة بهدف تسهيل حياة العائلات. لكن بالنسبة للأجيال الشابة، فإن «الإجراءات المعتادة لدعم تعليم الأطفال ليست كافية لإقناعهم بالبقاء في مجتمعهم الأصلي» في الريف، بحسب الخبيرة في دراسات النوع الاجتماعي بجامعة إيواتي (شمال اليابان)، كيكو كايزوما.

وشدّدت على أن على الشركات تحقيق مساواة حقيقية بين الرجل والمرأة، من خلال منحهم فرص التقدم نفسها. ومن المعلوم أن عالم الأعمال الياباني مبني على «نظام الأقدمية الذي يتطلب بناء حياة مهنية للفرد داخل شركة واحدة»، وفق ما شرح الاقتصادي في جامعة صوفيا (طوكيو) تورو ناكازاتو.

ورأى ضرورة تغيير ذلك من أجل «تسهيل عودة النساء إلى سوق العمل من دون أن يتخلين عن حياتهن المهنية».