تركيا تصعّد حملتها على المروجين للعنصرية ضد العرب والأجانب

القبض على مديري حسابات تواصل اجتماعي تحرض على الكراهية

سياح في إسطنبول (أرشيفية: إ.ب.أ)
سياح في إسطنبول (أرشيفية: إ.ب.أ)
TT

تركيا تصعّد حملتها على المروجين للعنصرية ضد العرب والأجانب

سياح في إسطنبول (أرشيفية: إ.ب.أ)
سياح في إسطنبول (أرشيفية: إ.ب.أ)

ألقت قوات الأمن التركية القبض على مجموعة جديدة من مديري حسابات تحرض على كراهية العرب والأجانب والاعتداء عليهم، عبر منصات التواصل الاجتماعي ضمن حملة تستهدف التصدي للعنصرية.

وواصلت السلطات التركية، لليوم الثاني على التوالي الخميس، حملتها ضد مروجي العنصرية وخطاب الكراهية عبر رصد حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي وتوقيف مسؤوليها وحظر الوصول إلى المواقع والحسابات المشبوهة والمتورطة في التحريض.

وتم القبض على مسؤولي حساب «الحدود شرف» على منصة «إكس»، والمعروف باستهدافه للأفغان، حيث يشارك باستمرار مقاطع فيديو لأفغان يدخلون تركيا بطريقة غير شرعية، و«بولتيك تورك» و«أويون تورك 1» و«حركة إم 1923» المعروفة بتحريضها على اللاجئين السوريين والمهاجرين الأجانب في تركيا، بموجب مذكرة توقيف أصدرها المدعي العام في أنقرة.

السلطات التركية جددت حبس باطوهان تشولاك وهو رئيس تحرير موقع إخباري يحرض على الكراهية (من حسابه على إكس)

وكان مكتب المدعي العام في أنقرة أصدر، الأربعاء، أمراً باحتجاز 27 مشتبها بهم في 14 ولاية تركية، بتهم «تحريض الجمهور علناً على الكراهية والعداء، ونشر معلومات مضللة»، من خلال «خطاب كراهية» يستخدم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، عبر حسابه الشخصي في «إكس»، إن 27 شخصاً أوقفوا في عمليات متزامنة نفذت في 14 مقاطعة، بتهمة إدارة حسابات على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي تنشر معلومات مضللة علناً.

وجاء في بيان صدر عن المدعي العام في أنقرة، أن «خطابات الكراهية» المستخدمة عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ذات طبيعة «تحرض الجمهور علناً على الكراهية والعداء»، وبناءً عليه، أطلقت النيابة العامة تحقيقاً ضد المشتبه بهم في الجرائم المنصوص عليها في المادة 5237 من قانون العقوبات التركي.

ومن بين من ألقي القبض عليهم، الأربعاء، الصحافي باطوهان تشولاك رئيس تحرير موقع «آيكيري» المعروف بمناهضته لوجود اللاجئين السوريين والأجانب في تركيا.

وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا (من حسابه على إكس)

وقررت النيابة العامة في إسطنبول، الخميس، حبسه 24 ساعة أخرى على ذمة التحقيقات.

وجاء القبض على تشولاك، في الوقت الذي تشهد فيه تركيا تصاعدا، غير مسبوق، في الاعتداءات التي بدأت باستهداف اللاجئين السوريين، والتي توسعت لتشمل العرب المقيمين والسياح، والتي تغذيها حملات تحريض مكثفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ووصل الأمر إلى حد مقتل سائح مغربي في إسطنبول، فضلا عن الاعتداء بالضرب على السائح الكويتي محمد راشد العجمي، في طرابزون شمال تركيا، بالإضافة إلى اعتداءات على يمنيين ومصريين.

كما أوقفت السلطات التركية رؤوف كوسا، مؤسس حساب «حركة الدفاع» القومية العنصرية على مواقع التواصل الاجتماعي، التي أعلنت أنها ستستهدف الأجانب في جميع أنحاء تركيا بدءا من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ما لم تتحرك الحكومة لإنهاء «احتلالهم للبلاد».

وقادت «حركة الدفاع» مسيرة مضادة لتجمع مناهض للعنصرية نظمته جمعية «أوزغور دار» (الحرية) في إسطنبول السبت الماضي.

ونظم كوسا حملة ضد اللاجئين السوريين والمهاجرين الذين يدخلون تركيا بطريقة غير شرعية.

واستنكر سياسيون معارضون قوميون، في مقدمتهم رئيس حزب «النصر» المعادي لوجود السوريين والأجانب في تركيا، أوميت أوزداغ، القبض على الصحافيين ومديري الحسابات المناهضة للأجانب.

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (أرشيفية: د.ب.أ)

وعبرت رئيسة حزب «الجيد» القومي المعارض، ميرال أكشنار، عن استيائها من حملة اعتقال أصحاب ومديري المواقع والحسابات العنصرية، وقالت في حسابها الرسمي على «إكس» إنه «لا يمكن حل مشكلة اللاجئين عن طريق قمع رد الفعل المبرر لشعبنا وإسكات واعتقال من يُبقي هذه القضية على أجندة بلادنا».

وعدت أكشنار قضية اللاجئين، التي تتفاقم يوما بعد يوم، الشغل الشاغل والحساسية المشتركة للشعب التركي، قائلة: «علينا ألا ننسى أنه عندما يتعلق الأمر بالمستقبل الديموغرافي لبلادنا، فلن يبقى أي من أبنائنا الذين يحبّون هذا الوطن صامتين».

وتصاعدت الشكاوى أخيراً من الاعتداءات العنصرية التي تستهدف الأجانب والسياح العرب، على وجه الخصوص، التي تركزت أولا في إسطنبول، ثم امتدت إلى ولايات أخرى، بالتزامن مع إجراءات بدأت الحكومة التركية تطبيقها عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو (أيار) الماضي تسبق أيضاً الانتخابات المحلية المقررة في نهاية مارس (آذار) المقبل، أسفرت عن توقيف وترحيل آلاف الأجانب المخالفين لشروط الإقامة، بعدما تم التساهل في الأمر من قبل.

وحذر الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، تكرارا الشهر الماضي، من الخطاب العنصري المعادي للاجئين وكذلك للمحافظين الأتراك، والمحجبات على وجه الخصوص، عاداً أن المواقف الإنسانية لتركيا، التي ورثتها عن الأجداد، لن يغيرها هوس أي «محرض أو تاجر فتنة أو فاشي جاهل».


مقالات ذات صلة

الاتحاد التونسي يدين تعرض لاعبه حنبعل للعنصرية في الدوري الإنجليزي

رياضة عالمية التونسي حنبعل المجبري خلال مباراة فريقه بيرنلي (رويترز)

الاتحاد التونسي يدين تعرض لاعبه حنبعل للعنصرية في الدوري الإنجليزي

قال الاتحاد التونسي لكرة القدم أمس إنه يدين بشدة الحادثة العنصرية التي زعم حنبعل المجبري لاعب المنتخب الوطني أنه تعرض لها، أثناء مشاركته مع فريقه بيرنلي.

«الشرق الأوسط» (تونس)
أفريقيا مئات البيض في جنوب أفريقيا يحتشدون عند السفارة الأميركية في بريتوريا (إ.ب.أ)

مئات البيض في جنوب أفريقيا يحتشدون دعماً لترمب ويؤكدون تعرضهم للعنصرية

أعرب مئات البيض في جنوب أفريقيا عن دعمهم للرئيس الأميركي، السبت، واحتشدوا عند السفارة الأميركية في بريتوريا، وزعموا أنهم ضحايا العنصرية من جانب الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بريتوريا)
رياضة عالمية سام كير (رويترز)

سام كير تحصل على براءتها من الإساءة العنصرية

حصلت سام كير، قائدة منتخب أستراليا لكرة القدم للسيدات، الثلاثاء، على براءتها من توجيه إساءة عنصرية لشرطي بريطاني بعد دخولها في خلاف مع سائق سيارة أجرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية خديجة شو (نادي مانشستر سيتي)

سيتي يؤكد تعرض لاعبته الجامايكية شو لإساءات عنصرية

أعلن نادي مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم للسيدات الأربعاء أن لاعبته خديجة شو تعرضت لإساءات «عنصرية ومتحيزة ضد النساء» عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية خديجة شو (نادي مانشستر سيتي)

سيتي يؤكد تعرض لاعبته الجامايكية شو لإساءات عنصرية

أعلن نادي مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم للسيدات الأربعاء أن لاعبته خديجة شو تعرضت لإساءات «عنصرية ومتحيزة ضد النساء» عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)

الصين تواجه تراجع عدد المواليد بحوافز مالية تشجع على الزواج

زوجان يسجلان زواجهما في مكتب إداري بلوليانغ بمقاطعة شانشي شمال الصين (أ.ف.ب)
زوجان يسجلان زواجهما في مكتب إداري بلوليانغ بمقاطعة شانشي شمال الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين تواجه تراجع عدد المواليد بحوافز مالية تشجع على الزواج

زوجان يسجلان زواجهما في مكتب إداري بلوليانغ بمقاطعة شانشي شمال الصين (أ.ف.ب)
زوجان يسجلان زواجهما في مكتب إداري بلوليانغ بمقاطعة شانشي شمال الصين (أ.ف.ب)

وقف شاب صيني مع حبيبته في مقر بلدية مدينة لوليانغ الذي حضرا إليه لتسجيل زواجهما، حاملَين بفخر حزمة من الأوراق النقدية التي تلقياها من السلطات لتشجيعهما على عقد قرانهما... فمدينة لوليانغ بمقاطعة شانشي بشمال الصين واحدة من مناطق عدة في البلاد بادرت، بسبب الأزمة الديموغرافية، إلى توفير حوافز للزواج أو إنجاب الأطفال.

وتندرج المنحة المالية البالغة 1500 يوان (220 دولاراً) التي تلقاها الزوجان ضمن جهود الحكومة لتعزيز معدل المواليد، إذ شهد عام 2024 انخفاض عدد سكان الصين للسنة الثالثة توالياً.

ومع أن هذا المبلغ يُعَدّ متواضعاً في الصين، يمثّل في لوليانغ نحو نصف متوسط الراتب.

المنحة المالية البالغة 1500 يوان (220 دولاراً) للمقبلين على الزواج (أ.ف.ب)

وقال العريس تشانغ غانغ لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن هذه السياسة تتسم بالفاعلية» في تحفيز الزواج.

وأضاف: «عندما أخبرتُ أصدقائي عن هذا الإجراء، رأوا جميعاً أنه ممتاز!».

وأظهرت إحصاءات رسمية الاثنين، أن الصين شهدت انخفاضاً في عدد الزيجات بنسبة تزيد على 20 في المائة عام 2024.

وأصبح الشباب الصينيون يترددون أكثر فأكثر في الزواج، بسبب التكلفة الاقتصادية، خصوصاً تلك المترتبة على تربية الأطفال، وأيضاً بسبب سوق العمل التي أصبحت أكثر صعوبة وتؤخر استقرار الأزواج.

وعندما تم الإعلان عن مكافأة لوليانغ العام الماضي، رأى كثير من مستخدمي الإنترنت أن المساعدة متواضعة جداً مقارنة بتكلفة المعيشة.

عداد الأوراق النقدية

وتُعدُّ هذه الجائزة المخصصة للنساء تحت سن 35 عاماً، جزءاً من سلسلة من التدابير التي اتخذتها سلطات المدينة، إذ تقدم كذلك مساعدات اجتماعية فيما يتعلق بتسجيل الأطفال والشؤون الصحية.

ويُقبل كثير من الشباب على مكتب تسجيل الزواج في لوليانغ للاستفادة من المساعدة التي بدأ العمل بها في 1 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وانغ يانلونغ يتلقى أموالاً في مكتب إداري بعد زواجه في أوائل يناير في لوليانغ بمقاطعة شانشي شمال الصين (أ.ف.ب)

وتجري عمليات الدفع على صوت أجهزة عدّ الأوراق النقدية من فئة 100 يوان التي تُدفع للمتحابين المقبلين على الزواج.

وفي ظل هذا التدفق، يعاني المكتب أحياناً من نقص الأموال، على ما قال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وانغ يانلونغ (36 عاماً) الذي حضر لتقاضي المبلغ بعدما تزوج في مطلع يناير.

ولكن؛ هل سيكون هذا الإجراء المالي قادراً فعلاً على عكس اتجاه التراجع في معدلات الزواج؟

ليس ذلك مؤكداً في رأي الخاطبة المحترفة فينغ يوبينغ، التي تتولى تدبير لقاءات بين الرجال والنساء المتوافقين.

الخاطبة المحترفة فينغ يوبينغ (أ.ف.ب)

فمعظم زبائنها من النساء، وأقرّت في مكتبها بلوليانغ، بأنها تجد صعوبة في العثور على زوج لهنّ.

ولاحظت فينغ (48 عاماً) أن «الرجل الذي يحمل شهادة ماجستير ويعمل في مؤسسة مملوكة للدولة، وهو منصب يُحسد عليه المرء في الصين، لن يكون مهتماً بامرأة موظفة في الإدارات الحكومية، حتى لو كانت حاصلة على درجة الماجستير».

ورأت أن «نظرة بعض الرجال إلى الزواج لا تزال تشكّل مشكلة».

وغالباً ما تحصل النساء على تعليم أحسن، ويحظين بوظائف أفضل، لكنهنّ يُرفضن بسبب سنهن.

«قلة من الرجال المناسبين»

وأوضحت فينغ أن «النساء بتن يتمتعن بدخل ثابت» ويمكنهن إعالة أنفسهن. لذلك «يبدين في بعض الأحيان أقل اهتماماً بالزواج»، فضلاً عن أن «عدد الرجال المناسبين قليل».

وبما أن الزواج يُعد خطوة ضرورية لإنجاب الأطفال في الصين، فإن الانخفاض في عدد الزيجات يؤدي تلقائياً إلى انخفاض في عدد المواليد.

وأشارت فينغ إلى أن رياض أطفال في لوليانغ اضطرت إلى الإقفال بسبب نقص الأطفال.

إمرأة تجهز فستان زفافها في متجر لبيع فساتين الزفاف بلوليانغ (أ.ف.ب)

وفي مختلف أنحاء الصين، تشكل شيخوخة السكان مصدر قلق كبيراً للحكومة يدفعها إلى تقديم الحوافز.

فعلى سبيل المثال، تقدم مقاطعة شانغيو بوسط الصين مساعدات مالية لأي أسرة لديها طفل ثانٍ أو ثالث.

عائلة تعبر الطريق في شوارع لوليانغ شمال الصين (أ.ف.ب)

وفي تيانمن، بمقاطعة هوبي المجاورة، يمكن للآباء الذين لديهم 3 أبناء الحصول على مساعدات تصل إلى 165 ألف يوان (نحو 22 ألف دولار). وذكرت وسائل إعلام صينية محلية أن هذه الإجراءات أدت إلى زيادة عدد المواليد في المدينة عام 2024.

وفي لوليانغ، أكد البعض أن المكافأة عنصر ثانوي في قرار الزواج.

وقال تشانغ غانغ إن «تكاليف الزواج تبقى مرتفعة جداً بالنسبة إلى شابين، لذا فإن ذلك قد يكون عاملاً مهماً».

لكنه أضاف: «ما دام الشخصان متحابين، فمن المؤكد أنهما» سيتزوجان.