«العشرين» تتجاوز الخلافات... وترفض التلويح بـ«النووي» في أوكرانيا

رحّبت بانضمام الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً

مودي يخاطب زعماء «العشرين» المجتمعين في نيودلهي (أ.ف.ب)
مودي يخاطب زعماء «العشرين» المجتمعين في نيودلهي (أ.ف.ب)
TT

«العشرين» تتجاوز الخلافات... وترفض التلويح بـ«النووي» في أوكرانيا

مودي يخاطب زعماء «العشرين» المجتمعين في نيودلهي (أ.ف.ب)
مودي يخاطب زعماء «العشرين» المجتمعين في نيودلهي (أ.ف.ب)

تبنّت مجموعة العشرين إعلاناً توافقياً في اليوم الأول من قمة نيودلهي، السبت، رحّب رسمياً بانضمام الاتحاد الأفريقي إلى التكتل، ودعا جميع الدول إلى الامتناع عن التهديد أو استخدام القوة سعياً للاستيلاء على أراضٍ.

ويأتي التوافق، الذي أعلنه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اليوم الأول من القمة السنوية، لتتويج جهود تبذلها الهند منذ أشهر لتجاوز الانقسامات العميقة بين الدول الأعضاء حول حرب أوكرانيا وهيكلة ديون الدول النامية.

رفض استخدام الأسلحة النووية

قال مودي للزعماء المشاركين في قمة العشرين بنيودلهي، السبت، إنه «على خلفية العمل الدؤوب من جانب جميع الفرق، توصّلنا إلى توافق في الآراء بشأن إعلان قمة زعماء مجموعة العشرين. أعلن تبني هذا الإعلان». ودعا الإعلان «جميع الدول إلى الالتزام بمبادئ القانون الدولي، بما في ذلك ما يتعلق بسلامة الأراضي والسيادة والقانون الإنساني الدولي والنظام متعدد الأطراف الذي يحمي السلام والاستقرار». وأضاف: «نرحب بجميع المبادرات ذات الصلة والبنّاءة التي تدعم السلام الشامل والعادل والدائم في أوكرانيا»، مضيفاً أن «استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها غير مقبول».

مودي يخاطب زعماء «العشرين» المجتمعين في نيودلهي (أ.ف.ب)

كما شدّد على تنفيذ مبادرة البحر الأسود من أجل التدفق الآمن للحبوب والأغذية والأسمدة من أوكرانيا وروسيا. وكانت موسكو قد انسحبت من الاتفاق في يوليو (تموز) بسبب ما قالت إنه عدم وفاء بمتطلبات تنفيذ الاتفاق الموازي، الذي يُسهّل صادراتها من الغذاء والأسمدة. وكانت الهند تخشى تسبب اختلاف الآراء بخصوص حرب أوكرانيا في عرقلة التوصل لأي اتفاق على بيان ختامي. ولفت الإعلان كذلك إلى توافق المجموعة على معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل «بطريقة فعالة وشاملة ومنهجية». وأضاف أنّ الدول تعهدت بتعزيز وإصلاح بنوك التنمية متعددة الأطراف، كما قبلت الاقتراح الخاص بتشديد القواعد التنظيمية للعملات المشفرة.

خيبة أمل أوكرانية

وقوبل الإعلان المشترك لدول العشرين بانتقاد أوكراني. ونشر المتحدث باسم وزارة الخارجية أوليغ نيكولينكو صورة للجزء المتعلق ببلاده في نصّ الإعلان المشترك، وشطب أجزاء عدة باللون الأحمر، واستبدل بها كلمات تعكس موقف كييف بأنها «ضحية لعدوان روسي غير مبرر». وكتب نيكولينكو على «فيسبوك»: «من الواضح أن مشاركة الجانب الأوكراني (في اجتماع مجموعة العشرين) كانت ستسمح للمشاركين بفهم الوضع بشكل أفضل».

وزير الخارجية الروسي لدى مشاركته في أعمال قمة العشرين بنيودلهي السبت (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من خيبة أمله إزاء إعلان مجموعة العشرين، شكر نيكولينكو حلفاء أوكرانيا على دورهم في الدفع بموقف أوكرانيا في الإعلان. وقال إن بلاده «ممتنة للشركاء الذين حاولوا إدراج صِيَغ قوية في النص».

في المقابل، رأى المستشار الألماني أولاف شولتس أن الفقرات الخاصة بحرب أوكرانيا في بيان القمة «نجاح». وأشاد، خلال مؤتمر صحافي، بالفقرات التي تؤكد على «سلامة أراضي» كل الدول، مشيراً إلى أنه كان بالنسبة له نجاحاً أن «روسيا تخلت في نهاية المطاف عن اعتراضها على مثل هذا القرار، ببساطة لأن كل الآخرين تحركوا في هذا الاتجاه»، في إشارة ضمنية إلى الصين.

الاتحاد الأفريقي

رحّبت مجموعة العشرين رسمياً، السبت، بانضمام الاتحاد الأفريقي إلى صفوفها، في خطوة تُعدّ انتصاراً دبلوماسياً للهند التي تستضيف القمة هذا العام وتظهر زعيمة لدول الجنوب.

الرئيس الأميركي برفقة نظيريه الجنوب أفريقي والبرازيلي ورئيس وزراء الهند ورئيس البنك الدولي في نيودلهي (رويترز)

ويضمّ الاتحاد الأفريقي، الذي أُسّس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، 55 دولة عضواً (بما فيها ست معلقة عضويتها)، ويبلغ مجموع ناتجه المحلي الإجمالي 3 تريليونات دولار. وكانت القارة حتى الآن ممثلة في مجموعة العشرين بدولة واحدة، هي جنوب أفريقيا. واعتبر الرئيس الكيني ويليام روتو أن انضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين سيوفّر «صوتاً ورؤية» لأفريقيا، القارة «الأسرع نمواً» في الوقت الحالي. ورحّبت الرئاسة النيجيرية، المدعوّة أيضاً إلى حضور قمة نيودلهي بالعضوية الجديدة، وكتبت على منصة «إكس»: «بصفتنا قارة، يسرّنا مواصلة تعزيز تطلعاتنا على الساحة العالمية عبر منصة مجموعة العشرين». من جهته، رأى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أن انضمام القارة السمراء «رمز مهم للشمول»، و«خطوة كبيرة لمجموعة العشرين ولأفريقيا، لكنها لن تكون الأخيرة»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وعلت الأصوات المطالبة بتعزيز تمثيل القارة الأفريقية في هيئات دولية رئيسية أخرى، مثل مجلس الأمن الدولي.

أزمة ثقة عالمية

عند افتتاح أعمال القمة، دعا مودي زعماء الدول الأعضاء إلى إنهاء «نقص الثقة العالمي»، وأعلن منح الاتحاد الأفريقي عضوية دائمة، بهدف زيادة تمثيل المجموعة. وقال: «اليوم، بصفتها رئيسة لمجموعة العشرين، تدعو الهند العالم بأسره إلى تحويل نقص الثقة العالمي هذا أولاً إلى ثقة واحدة وعقيدة واحدة... حان الوقت لنتحرك معاً جميعاً».

رئيس وزراء الهند يرحب بنظيره الصيني لدى وصوله إلى مقرّ القمة السبت (رويترز)

وجاءت كلمة مودي غداة تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، زعماء مجموعة العشرين، من أن العالم يواجه مخاطر النزاع مع اتساع الانقسامات بين الدول. وقال غوتيريش الجمعة: «إذا كنا بالفعل أسرة عالمية واحدة، فإننا نشبه اليوم أسرة تعجز عن أداء وظيفتها على النحو الصحيح». وأضاف أن «الانقسامات تزداد، والتوترات تشتعل، والثقة تتآكل، وكل هذا يهدد بالتشرذم ومن ثم المواجهة في نهاية المطاف». وتابع المسؤول الأممي: «مثل هذا الانقسام سيكون مقلقاً للغاية في أحسن الأوقات، لكنه في عصرنا هذا ينذر بكارثة. عالمنا يمر بلحظة انتقالية صعبة. فالمستقبل متعدد الأقطاب، ولكن مؤسساتنا متعددة الأطراف تعكس عصراً مضى». وأضاف أن «البنية المالية العالمية عفا عليها الزمن، ومختلة وظيفياً، وغير عادلة. إنها تتطلب إصلاحاً بنيوياً عميقاً، وبوسعنا أن نقول الأمر نفسه عن مجلس الأمن الدولي».

حديث بين بايدن وريشي سوناك (أ.ب)

وقوّض غياب الرئيسين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين فرص بحث حلول للخلافات الكبرى. وكان يُنظر إلى القمة على أنها فرصة معقولة لاجتماع محتمل بين شي وبايدن، بعد أشهر من الجهود التي بذلتها واشنطن وبكين لإصلاح العلاقات التي أضرت بها توترات تجارية وجيوسياسية. وقال جون فاينر، نائب مستشار الأمن القومي الأميركي، للصحافيين في نيودلهي: «ينبغي للحكومة الصينية أن تشرح... سبب مشاركة أو عدم مشاركة» زعيمها. وأضاف أن هناك تكهنات بأن الصين «تتخلى عن مجموعة العشرين» لصالح مجموعات مثل «بريكس»، التي تتمتع فيها بوضع مهيمن. وتضم «بريكس» البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، ووافقت على توسيع عضويتها في تحرك يهدف إلى تسريع حملتها لإعادة التوازن إلى النظام العالمي الذي ترى أنه عفا عليه الزمن.


مقالات ذات صلة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمته في الجلسة الثالثة لقمة دول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

أكدت السعودية، الثلاثاء، أن أمن الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وعائقاً أمام التنمية والقضاء على الفقر، مشددة على أهمية مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع» في «قمة الـ20»

أطلق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر»، وذلك خلال افتتاحه في مدينة ريو دي جانيرو، أمس، قمة «مجموعة العشرين».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو )
العالم لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

«قمة العشرين» تدعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

أعلنت دول مجموعة العشرين في بيان مشترك صدر، في ختام قمّة عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

حريق ضخم بموقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان (فيديو)

لحظة اندلاع الحريق أثناء اختبار الصاروخ «إبسيلون إس» في مركز تانيغاشيما الفضائي (رويترز)
لحظة اندلاع الحريق أثناء اختبار الصاروخ «إبسيلون إس» في مركز تانيغاشيما الفضائي (رويترز)
TT

حريق ضخم بموقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان (فيديو)

لحظة اندلاع الحريق أثناء اختبار الصاروخ «إبسيلون إس» في مركز تانيغاشيما الفضائي (رويترز)
لحظة اندلاع الحريق أثناء اختبار الصاروخ «إبسيلون إس» في مركز تانيغاشيما الفضائي (رويترز)

اندلع حريق ضخم صباح اليوم (الثلاثاء)، في موقع تجارب تابع لوكالة الفضاء اليابانية أثناء اختبارها صاروخ «إبسيلون إس» الذي يعمل بالوقود الصلب، وفقاً لمشاهد بثّتها هيئة الإذاعة والتلفزيون الوطنية «إن إتش كاي»، من دون وقوع إصابات. وأظهرت المشاهد التلفزيونية كرات نار وأعمدة دخان ترتفع من مركز تانيغاشيما الفضائي نحو الساعة 08:30 صباحاً (23:30 بتوقيت غرينيتش الاثنين).

وقالت وكالة الفضاء اليابانية (جاكسا) في بيان أرسلته إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»: «حدث خلل خلال اختبار اليوم. نحاول معرفة حقيقة ما جرى». وأضافت: «لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات على الفور. ويجري التحقيق أيضاً في أسباب (الحادث)».

وذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية أنّ الحريق اندلع أثناء اختبار جرى بحضور وسائل إعلام كان مندوبوها واقفين على بُعد نحو 600 متر من موقع التجربة، وما هي إلا نصف دقيقة تقريباً من بدء اختبار الاشتعال حتى سُمع دويّ انفجار قوي، وتطاير ما يبدو أنه جسم محترق باتجاه البحر، بحسب ما ذكرت «إن إتش كاي».

تصاعد أعمدة الدخان أثناء اختبار احتراق محرك الصاروخ الياباني الجديد «إبسيلون إس» في مركز تانيغاشيما الفضائي بمحافظة كاجوشيما جنوب اليابان (أ.ب)

من جهتها، أفادت صحيفة «سانكي» بأنّ لهباً برتقالي اللون اندلع من محرك الصاروخ الذي كان قبل الانفجار موضوعاً على منصة أفقية. وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية يوشيماسا هاياشي، اليوم (الثلاثاء): «مع (إبسيلون إس)، بات تطوير الصواريخ يعدّ أمراً في غاية الأهمية لاستقلالية برنامج تطوير الفضاء الياباني».

وواجهت وكالة الفضاء اليابانية التي أعلنت في يناير (كانون الثاني)، نجاح هبوط مركبة فضائية غير مأهولة على سطح القمر، لتصبح اليابان بذلك خامس دولة تحقق هذا الإنجاز، انتكاسات عدة خلال السنوات الأخيرة في برامجها للصواريخ.

وأفادت وكالة الأنباء اليابانية «كيودو» بأن انفجاراً أعقب الحريق وتصاعدت أعمدة من الدخان الأبيض، وهو الحادث الثاني لمحرك «إبسيلون إس» بعد انفجار مشابه العام الماضي خلال اختبار أيضاً. وأوضحت الوكالة أن انفجار العام الماضي نتج عن انصهار قطعة معدنية ألحقت ضرراً بأحد أجزاء المحرك. وفي مارس (آذار)، انفجر صاروخ تابع لشركة يابانية خاصة بعد ثوانٍ على إطلاقه في غرب اليابان.

وقد أقلع الصاروخ المسمى «كايروس» والبالغ طوله 18 متراً والعامل بالوقود الصلب من موقع الإطلاق التابع لشركة «سبايس وان» في أقصى شبه جزيرة كيي في مقاطعة واكاياما (الغرب)، وهي منطقة جبلية تكثر فيها الأحراج. لكن بعد ثوانٍ على إطلاقه، تحوّل الصاروخ إلى كتلة نار ولفّ دخان كثيف الموقع وتساقطت أجزاء مشتعلة منه على المنحدرات المجاورة، ما استدعى تدخّل عناصر الإطفاء.