حرب أوكرانيا تخيّم على أعمال «قمة العشرين»

غوتيريش يأسف لاتساع الخلافات والانقسام بين الدول

تأهب أمني في شوارع نيودلهي (أ.ب)
تأهب أمني في شوارع نيودلهي (أ.ب)
TT

حرب أوكرانيا تخيّم على أعمال «قمة العشرين»

تأهب أمني في شوارع نيودلهي (أ.ب)
تأهب أمني في شوارع نيودلهي (أ.ب)

يتوافد زعماء دول مجموعة العشرين إلى نيودلهي للمشاركة في قمة العشرين، بينما يأمل مضيفهم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إظهار النفوذ الدبلوماسي المتنامي لبلاده، وتسهيل الحوار بشأن أوكرانيا، في غياب الرئيسين الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين. وعلى وقع تحذير أممي من تسبب الانقسامات الدولية بـ«كارثة»، سيبحث القادة قضايا خلافية مثل الحرب الروسية على أوكرانيا وإعادة هيكلة الديون، في القمة التي تستمر يومين بدءاً من يوم السبت.

وتأمل الهند في صدور بيان ختامي عن قمة المجموعة التي تتألف من 19 دولة والاتحاد الأوروبي، وتشكل نحو 85 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتضم ثلثي سكان العالم، لكن الخلافات العميقة بشأن الحرب الروسية في أوكرانيا وسبل مساعدة الدول الناشئة على مواجهة تغير المناخ قد تعرقل التوصل إلى اتفاق.

تحذير أممي

حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، زعماء مجموعة العشرين، من أن العالم يواجه مخاطر النزاع مع اتساع الانقسامات بين الدول. وقال غوتيريش في نيودلهي عشية انعقاد القمة: «إذا كنا بالفعل أسرة عالمية واحدة، فإننا نشبه اليوم أسرة تعجز عن أداء وظيفتها على النحو الصحيح». وأضاف أن «الانقسامات تزداد، والتوترات تشتعل، والثقة تتآكل، وكل هذا يهدد بالتشرذم ومن ثم المواجهة في نهاية المطاف».

حذر الأمين العام للأمم المتحدة من تداعيات الانقسامات الدولية (إ.ب.أ)

وتابع المسؤول الأممي: «مثل هذا الانقسام سيكون مقلقاً للغاية في أحسن الأوقات، لكنه في عصرنا هذا ينذر بكارثة. عالمنا يمر بلحظة انتقالية صعبة. فالمستقبل متعدد الأقطاب، ولكن مؤسساتنا المتعددة الأطراف تعكس عصراً مضى». وأضاف أن «البنية المالية العالمية عفا عليها الزمن، ومختلة وظيفياً، وغير عادلة. إنها تتطلب إصلاحاً بنيوياً عميقاً، وبوسعنا أن نقول الأمر نفسه عن مجلس الأمن الدولي». ويتغيب الرئيس الصيني شي جينبينغ عن اجتماع مجموعة العشرين، في وقت تتصاعد فيه التوترات التجارية والجيوسياسية مع الولايات المتحدة والهند التي تشترك مع الصين بحدود طويلة ومتنازع عليها. كما أدت العزلة الدبلوماسية إلى إبعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الحضور، على الرغم من جهود موسكو لتخفيف وطأة الإدانة الدولية لحربها في أوكرانيا.

توافد القادة

وصل الرئيس الأميركي جو بايدن إلى نيودلهي، حيث من المتوقّع أن يجتمع برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي زار البيت الأبيض في يونيو (حزيران).

بايدن وصل إلى نيودلهي مساء الجمعة (أ.ب)

وتسعى الولايات المتحدة لتعزيز علاقاتها مع الهند للتصدي لنفوذ الصين في آسيا، وذلك رغم خلافاتهما بشأن روسيا، إذ لم تنضم الهند إلى الدول التي فرضت عقوبات على موسكو بعد غزو أوكرانيا.

كما وصل إلى العاصمة الهندية رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك المنحدر من أصول هندية، برفقة زوجته أكشاتا مورتي، ابنة أحد كبار أثرياء الهند، وقاما بزيارة طلاب بالمجلس الثقافي البريطاني بنيودلهي.

وبالتزامن مع وصول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي يقود وفد بلاده إلى القمة بدلاً من الرئيس بوتين، أكدت وزارة الخارجية الروسية العمل «بشكل وثيق مع كل دول مجموعة العشرين... لمواجهة محاولات لتفسير كل المشكلات الإنسانية والاقتصادية في العالم حصراً من خلال النزاع في أوكرانيا».

انقسامات حادة

في غياب الرئيسين الروسي والصيني، يسعى بايدن لاستغلال القمة التي يرأسها مودي لتكريس أهمية مجموعة العشرين كمنتدى رئيسي للتعاون الاقتصادي العالمي، رغم انقساماتها. وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، خلال مؤتمر صحافي على هامش القمة في الهند، إن الصين تواجه «مشكلات اقتصادية مختلفة»، لكن لديها أيضاً «هامش مناورة معين للتعامل معها». وأضافت: «نحن ندرك المخاطر التي تهدد النمو العالمي»، مشددة على أن «التأثير السلبي الأكبر يأتي من حرب روسيا ضد أوكرانيا». لكنها أضافت أنه رغم ذلك «فوجئت بقوة النمو العالمي والصمود الذي أظهره الاقتصاد العالمي»، كما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدى وصوله إلى مقر إقامته بنيودلهي (رويترز)

وعلى غرار قمة العام الماضي في بالي، تبدو مجموعة العشرين منقسمة بشكل حادّ حول حرب أوكرانيا، إلا أن الهند تسعى لتسليط الضوء على أصوات الدول النامية التي تهتم بأسعار الحبوب أكثر من الإدانات الدبلوماسية لموسكو.

وخلال الاجتماعات الوزارية التي سبقت القمة، فشلت جهود مودي في دفع زعماء مجموعة العشرين إلى تجنب انقساماتهم لمعالجة قضايا عالمية حاسمة، بما فيها إعادة هيكلة الديون العالمية وارتفاع أسعار السلع الأساسية عقب غزو روسيا لأوكرانيا. وفي هذا الصدد، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال للصحافيين في نيودلهي، إنه «من المخزي أن تقوم روسيا، بعد الانسحاب من مبادرة تصدير الحبوب في البحر الأسود بمهاجمة الموانئ الأوكرانية».

مودي لدى استقباله رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة (إ.ب.أ)

وبعد أشهر من المفاوضات المكثّفة، تأمل الهند في اتفاق الدول المشاركة في القمة على صيغة نهائية للبيان الختامي بحلول الأحد. وفي الاجتماعات الوزارية السابقة، اختلفت الصين وروسيا بشأن فقرات تتعلق بحرب أوكرانيا. وقال المفاوض الهندي أميتاب كانت للصحافيين في نيودلهي: «لا نزال نعمل من أجل التوصل لتوافق».

توسيع التكتل

وفي المقابل، لقيت دعوة مودي لتوسيع مجموعة العشرين «بضم الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً» ترحيباً واسعاً. وقال ميشال: «يسعدني أن أرحب بالاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وأنا فخور بأن الاتحاد الأوروبي تفاعل بشكل إيجابي لدعم هذا الترشيح»، قبل أن يضيف: «لننتظر القرار. لكنْ هناك شيء واحد واضح: الاتحاد الأوروبي يدعم عضوية أفريقيا في مجموعة العشرين».

جانب من وصول الرئيس المصري إلى نيودلهي للمشاركة في أعمال قمة العشرين (إ.ب.أ)

كذلك، دعا رئيس الوزراء الهندي قادة مجموعة العشرين إلى مساعدة الدول النامية مالياً وتقنياً لمكافحة تغير المناخ.

تحصينات أمنية

حوّلت السلطات الهندية مركز نيودلهي إلى قلعة محصّنة، استعداداً لاستقبال الوفود المشاركة. ونشرت قوات خاصة وسيارات مصفحة، بينما يشارك عشرات آلاف عناصر الأمن في العمليات الأمنية، بما في ذلك قنّاصة انتشروا على الأسطح وتكنولوجيا مضادة للمسيّرات.

تأهب أمني في شوارع نيودلهي (أ.ب)

وخلال الأسابيع الماضية، تدرّب حراس هنود يتولون مهمة مكافحة الإرهاب، ويطلق عليهم «الهرر السوداء»، على عمليات الانتشار السريع من المروحيات والهبوط باستخدام حبال على أسطح فنادق ينزل فيها قادة الدول. وفي محاولة لتخفيف الازدحام المروري، صدرت أوامر بإغلاق المؤسسات التجارية وأعلنت السلطات عن عطلة، ما أدى إلى تحول الطرقات المكتظة بالسيارات إلى شوارع هادئة، لا تُسمع فيها حتى أبواق عربات «ريكشو».

وخصصت حكومة مودي مركز «بهارات ماندابام» للمؤتمرات الذي جرى تجديده مؤخراً، مركزاً لاجتماعات القمة. ويطلّ هذا المركز الكبير على نهر قرب أبراج «قلعة برورانا» العائدة إلى القرن السادس عشر، إضافة إلى نصب «راج غات» التذكاري حيث جرى إحراق جثّة المهاتما غاندي، وحيث ينوي قادة مجموعة العشرين غرس أشجار.

إلى جانب الاستعدادات الأمنية واللوجيستية، أطلقت السلطات الهندية حملة لتجميل منطقة مدينة نيودلهي التي تعد نحو 30 مليون نسمة منذ تولّت الهند رئاسة مجموعة العشرين العام الماضي. وتأمل السلطات في تغيير سمعة المدينة الضخمة المعروفة بتلوّثها وطرقاتها التي تسودها الفوضى.

تراجع الازدحام المروري بشكل كبير بين 5 و8 سبتمبر قبل انعقاد قمة العشرين في نيودلهي (رويترز)

وأفاد مسؤولون من البلدية بأن أكثر من 4000 مشرّد يعيشون تحت الجسور وعلى نواصي الطرقات وسط المدينة جرى نقلهم إلى «ملاجئ» قبيل القمة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. كما أعيد تشغيل عدد من النوافير المتوقفة منذ مدة طويلة، بينما أعيد طلاء الإشارات على جوانب الطرقات بعدما تلاشت على مر السنوات.

مكافحة القردة والبعوض

نشر فريق يضم أكثر من 30 شخصاً يتولون مكافحة القردة ونصب مجسّمات للقرود لمنعها من أكل الزهور التي وضعت لاستقبال قادة العالم. وتشكّل القردة تهديداً كبيراً للمدينة، إذ كثيراً ما تخرّب الحدائق والمكاتب وأسطح المباني السكنية، حتى أنها تهاجم الناس من أجل الغذاء. ويقلّد الرجال أصوات قرد «اللنغور» العدائي، العدو الطبيعي لقرد «مكاك ريسوسي» الذي يعيث الفوضى في المناطق الحكومية الخضراء في العاصمة.

قردة في موقف سيارات بنيودلهي (أ.ف.ب)

تعاني نيودلهي أيضاً من مشكلتي حمى الضنك والملاريا، وهما مرضان ينتقلان من خلال البعوض. بالتالي، تقوم 8 فرق برش المبيدات في المواقع، حيث يرجّح أن يتكاثر البعوض في أنحاء موقع استضافة القمة، وفق ما ذكرت صحيفة «هندوستان تايمز». وقال مسؤول للصحيفة إنه جرى إطلاق مجموعات من سمك البعوض الذي يتغذّى على اليرقات قبيل المؤتمر في نحو 180 بحيرة ونافورة.


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا ترمب وزيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي: ترمب قادر على وقف بوتين

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الخميس إن بمقدور الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أن يحسم نتيجة الحرب المستعرة منذ 34 شهرا مع روسيا،

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناة تلغرام)

زيلينسكي: عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب قد يساعد في إنهاء حرب أوكرانيا

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد يساعد على إنهاء الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا صورة من مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية 7 نوفمبر 2024 يُظهر جنوداً من الجيش الروسي خلال قتالهم في سودجانسكي بمنطقة كورسك (أ.ب)

روسيا: كبّدنا القوات الأوكرانية خسائر جسيمة على محور كورسك

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، اليوم الخميس، أن الجيش الروسي استهدف القوات المسلحة الأوكرانية بمقاطعة كورسك، وكبّدها خسائر فادحة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

الأزمة الكورية الجنوبية إلى أين... بعد فشل توقيف الرئيس المعزول؟

متظاهرون مؤيدون ليون يحملون علمي كوريا الجنوبية والولايات المتحدة خلال تجمع لدعم الرئيس الكوري الجنوبي المعزول في سيول (رويترز)
متظاهرون مؤيدون ليون يحملون علمي كوريا الجنوبية والولايات المتحدة خلال تجمع لدعم الرئيس الكوري الجنوبي المعزول في سيول (رويترز)
TT

الأزمة الكورية الجنوبية إلى أين... بعد فشل توقيف الرئيس المعزول؟

متظاهرون مؤيدون ليون يحملون علمي كوريا الجنوبية والولايات المتحدة خلال تجمع لدعم الرئيس الكوري الجنوبي المعزول في سيول (رويترز)
متظاهرون مؤيدون ليون يحملون علمي كوريا الجنوبية والولايات المتحدة خلال تجمع لدعم الرئيس الكوري الجنوبي المعزول في سيول (رويترز)

من المتوقع وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى سيول مع تفاقم الأزمة والسيناريوهات المحتملة للدولة الحليفة الأساسية بالنسبة إلى الولايات المتحدة.

الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول يلقي خطاباً بالمكتب الرئاسي في سيول (رويترز)

فقد علّق المحقّقون في كوريا الجنوبية تنفيذ مذكرة توقيف أصدرها القضاء بحقّ الرئيس المعزول يون سوك يول لاستجوابه بشأن محاولته الفاشلة قبل شهر فرض الأحكام العرفية في البلاد، بعدما منعهم من ذلك الأمن الرئاسي.

وقال «مكتب التحقيق بفساد كبار المسؤولين»، في بيان، إنّه «فيما يتعلّق بتنفيذ مذكرة التوقيف اليوم، فقد تقرّر أنّ تنفيذها كان مستحيلاً على أرض الواقع بسبب المواجهة المستمرة. إنّ القلق على سلامة الموظفين في الموقع أدّى إلى اتخاذ قرار بوقف التنفيذ».

الشرطة ومحققو مكافحة الفساد يصلون إلى مقر إقامة الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون (أ.ف.ب)

وصباح الجمعة، أعلن المكتب أنّ «تنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة بحقّ الرئيس يون سوك يول بدأ». لكن سرعان ما أفادت وكالة «يونهاب» للأنباء أنّ المحقّقين الذين دخلوا مقرّ الإقامة الرئاسي لم يتمكّنوا في الحال من توقيف الرئيس المعزول لأنّ وحدة عسكرية في الداخل تصدّت لهم.

وفي هذا السياق المتوتر، من المنتظر وصول أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كوريا الجنوبية، الدولة الحليفة الأساسية بالنسبة إلى واشنطن في المنطقة التي تواجه فيها تحديات من الصين وكوريا الشمالية.

رئيس وزراء كوريا الجنوبية هان دوك سو (في الوسط) الذي أصبح زعيماً بالنيابة للبلاد بعد عزل الرئيس يون سوك يول (أ.ب)

ووفق سيول، فإنّ التركيز سيكون على كوريا الشمالية التي التزمت حتى الآن الصمت بشأن الأزمة السياسية التي تواجهها جارتها، لكنّ وسائلها الإعلامية تحدّثت، الجمعة، عن حالة «فوضى اجتماعية وسياسية».

وفيما يأتي عرض للسيناريوهات المحتملة في القضية، والأزمة السياسية المتواصلة منذ شهر إثر محاولة الرئيس فرض الأحكام العرفية، قبل انقضاء مهلة مذكرة التوقيف، الاثنين:

محاولة أخرى

يمكن لـ«مكتب التحقيق بفساد كبار المسؤولين» أن يسعى لتنفيذ مذكرة التوقيف مرة أخرى قبل انقضاء مهلتها. وقال المكتب، بعد تعليق محاولة الجمعة، إنه «سيتخذ القرار بشأن الخطوات المستقبلية بعد مراجعة إضافية».

وفي حال توقيف يون قبل الاثنين، ستكون أمام المكتب 48 ساعة لطلب إصدار مذكرة جديدة لتوقيفه رسمياً، أو الإفراج عنه.

وكرّر محامو يون التأكيد أن مذكرة التوقيف الصادرة بحقه «غير قانونية»، متعهدين «اتّخاذ إجراءات قانونية فيما يتعلق بتنفيذ التفويض خلافاً للقانون».

إلى ذلك، اعتبر جهاز الأمن الرئاسي أن عناصر مكتب التحقيق «تطفلوا بشكل غير قانوني» على حرم مقر إقامة يون، مشيراً إلى أنه سيقوم بتحميلهم المسؤولية القانونية عن هذا الأمر.

ورفض اثنان من كبار المسؤولين في الحماية الرئاسية طلب الشرطة الحضور للاستجواب، السبت، وبرّرا ذلك بـ«الطبيعة الجدية» لمهمة حماية يون، حسب بيان اطلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية».

حتى في حال لم يتمكن مكتب التحقيق من توقيف يون قبل السادس من يناير (كانون الثاني) يناير، يمكن أن يطلب إصدار مذكرة جديدة صالحة لسبعة أيام. كما يمكن لها أن تكون أشدّ، وتتيح إبقاء الرئيس موقوفاً أكثر من 48 ساعة.

مذكرة جديدة

ويرجح خبراء أن يوافق القضاء الكوري الجنوبي على إصدار مذكرة جديدة أكثر صرامة من سابقتها، نظراً لأن الرئيس المعزول رفض تلبية المذكرة القائمة، وسبق له أن رفض 3 مرات التجاوب مع مذكرات استدعاء لكي يتمّ استجوابه.

وقال المحلل السياسي بارك-سانغ بيونغ لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن المذكرات الأشد صرامة تصدر عادة «عندما يرفض مشتبه به التعاون مع التحقيق». ولفت إلى أن يون «حرّض أيضاً وشجّع مناصريه (اليمينيين) المتطرفين، فيما قد تعتبره المحكمة من وجهة نظرها، إقراراً عملياً بالتهم الجنائية».

لكن تنفيذ مذكرة جديدة قد يلاقي المصير ذاته في حال امتنع يون عن مغادرة مقر إقامته، وبقي بعهدة جهاز حمايته الذي يضم وحدة عسكرية.

الرئيس بالوكالة

كما دفعت الأزمة المتواصلة من شهر والمواجهة التي وقعت، الجمعة، بين المحققين وجهاز الحماية الرئاسي، بمكتب التحقيق والحزب الديمقراطي المعارض إلى الطلب من تشوي سانغ-موك، رئيس الجمهورية بالوكالة، إصدار أمر لجهاز الحماية بالتعاون في القضية.

متظاهر يحمل لافتة ضمن تجمع للمطالبة باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول في سيول (أ.ب)

وقال مسؤول في مكتب التحقيق، الجمعة، إن 20 محققاً بمؤازرة 80 شرطياً شاركوا في العملية، لكنهم واجهوا نحو 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي شكلوا جداراً بشرياً لمنعهم من المرور.

وأكد مكتب التحقيق أنه «يستحيل عملياً تنفيذ مذكرة التوقيف ما دام المسؤولون في جهاز الأمن الرئاسي يواصلون توفير الحماية» ليون.

ولم يدل تشوي، وهو أيضاً نائب لرئيس الوزراء ووزير للمالية ينتمي إلى حزب يون «قوة الشعب»، بأي تعليق بعد.

ويرجح خبراء أن طلب تشوي من جهاز الأمن التعاون مع التحقيق، سيزيد من فرص تنفيذ مذكرة التوقيف قبل الاثنين.

إلا أن تشوي يواجه انتقادات من حزبه بسبب تعيينه قاضيين لشغل اثنين من المناصب الثلاثة الشاغرة في المحكمة الدستورية التي تنظر في قرار البرلمان عزل يون. وبهذا التعيين، زادت حظوظ مصادقة المحكمة على العزل؛ إذ بات ذلك يحتاج إلى موافقة 6 قضاة فقط من أصل 8.

وقبل تعيين القاضيين، كان يمكن لصوت واحد ضد المصادقة على العزل، أن يؤدي إلى عدم رفض المحكمة لقرار البرلمان، وتالياً عودة يون إلى مزاولة مهامه.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميونغجي شين يول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه بالنظر إلى السياق الراهن «من غير المرجح أن يتعاون تشوي مع طلب مكتب التحقيق» بشأن تعاون الأمن الرئاسي.

أعضاء اتحاد النقابات العمالية الكوري يتواجهون مع الشرطة أثناء مظاهرة ضد الرئيس المعزول بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (إ.ب.أ)

انتظار المحكمة

وبعد إقصاء يون، عزل البرلمان كذلك أول رئيس بالوكالة، وهو هان داك-سو، على خلفية امتناعه عن ملء المناصب الثلاثة الشاغرة في المحكمة الدستورية. وكانت المعارضة ترى في التعيين خطوة تعزّز حظوظ مصادقة القضاء على عزل الرئيس.

وأمام المحكمة الدستورية 180 يوماً للمصادقة على العزل أو ردّه. وإلى حين البتّ بذلك، يبقى يون رسمياً رئيساً للجمهورية، لكنه لا يؤدي صلاحياته.

ويرى الخبراء أن نزع صفة الرئيس عن يون كان سيجعل مهمة المحققين أسهل في ملاحقته أو توقيفه رسمياً.

عشرات الآلاف من المحتجين يطالبون باستقالة الرئيس يون سوك يول في سيول (د.ب.أ)

ويمكن لطول المهلة المتاحة أمام المحكمة للبتّ بالقضية أن تؤخر الإجراءات، علماً بأن المحكمة تعهّدت بالنظر فيها بسرعة نظراً لأهميتها.

لكنّ محامي الدفاع عن يون يشددون على ضرورة أن تستنفد المحكمة كامل المهلة القانونية لكي تدرس «الظروف التي أدت إلى إعلان فرض الأحكام العرفية».