بدأت الهند اليوم (الاثنين)، مناورات عسكرية كبيرة، خصوصاً قرب حدودها مع الصين، في وقت تستعد نيودلهي لاستضافة قمة دول مجموعة العشرين التي سيغيب عنها الرئيس الصيني شي جينبينغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتضم مجموعة العشرين أكبر الاقتصادات في العالم، أي 19 دولة والاتحاد الأوروبي، وتمثل 85 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي وثلثي سكان العالم.
وأفاد مسؤول دفاعي هندي وكالة الصحافة الفرنسية بأن المناورات الهندي التي تستمر 11 يوماً هي «مناورة تدريب سنوية» في المناطق الشمالية المحاذية للصين وباكستان. وتشهد العلاقات بين الصين والهند توتراً منذ اشتباك حدودي في يونيو (حزيران) 2020 أدى إلى مقتل 20 جندياً هندياً وأربعة عسكريين على الأقل لدى الجانب الصيني.
وفي أواخر أغسطس (آب)، سُجّل توتر جديد بين البلدين بعد نشر الصين خريطة تظهر فيها ضمن أراضيها مناطق تؤكد نيودلهي أنها عائدة لها.
وتتوجّس الهند من تنامي النزعة العسكرية لجارتها الشمالية كما أنّ الحدود المشتركة للبلدين وطولها 3500 كلم تشكّل مصدر توتّر دائم. وفي ظل التوترات، حشد الطرفان عشرات الآلاف من الجنود على طول «خط السيطرة الفعلية» الفاصل بينهما، وهو خط حدودي لم يتمّ ترسيمه بشكل دقيق.
والشهر الماضي، عقد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والرئيس الصيني شي جينبينغ، لقاءً نادراً بين زعيمي البلدين، وذلك على هامش قمة مجموعة دول بريكس (الصين، والهند، وروسيا، والبرازيل، وجنوب أفريقيا) للاقتصادات الناشئة في جنوب أفريقيا. إلا أن شي جينبينغ سيغيب عن قمة دول مجموعة العشرين التي تستضيفها نيودلهي في التاسع من سبتمبر (أيلول) والعاشر منه، وفق ما أكدت وزارة الخارجية الصينية (الاثنين) بعد أيام من التكهنات بشأن هذه المسألة. وكانت وكالة «رويترز» قد نشرت تقريراً حصرياً الشهر الماضي عن غياب شي عن قمة مجموعة العشرين.
وقالت الخارجية الصينية إن بكين ستتمثل برئيس الوزراء لي تشيانغ. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المتحدثة باسم الوزارة ماو نينغ: «بحضوره هذا الاجتماع، سينقل رئيس الوزراء لي تشيانغ أفكار الصين ومواقفها بشأن التعاون في مجموعة العشرين، ودفع مجموعة العشرين لتعزيز الوحدة والتعاون والعمل معاً لمواجهة تحديات الاقتصاد العالمي والتنمية». ورداً على سؤال صحافي عمّا إذا كان ذلك يعني أن شي جينبينغ لن يحضر قمة نيودلهي، قالت المتحدثة: «رئيس الوزراء لي تشيانغ سيقود وفداً إلى نيودلهي للمشاركة في قمة العشرين».
وحضر شي جينبينغ كل قمم مجموعة العشرين منذ توليه الحكم في الصين، باستثناء قمة روما 2021 حين شارك عبر تقنية الاتصال بالفيديو.
كان الرئيس الأميركي جو بايدن، قد أبدى (الأحد) خيبة أمله من غياب نظيره الصيني عن القمة، مؤكّداً أنّه «سيظلّ قادراً على رؤيته»، من دون الخوض في تفاصيل. وأعادت بكين وواشنطن خلال الأشهر الأخيرة إطلاق الحوار بينهما عبر سلسلة زيارات لبكين أجراها مسؤولون أميركيّون كبار، بينهم وزير الخارجيّة أنتوني بلينكن. لكنّ العلاقات الثنائيّة تبقى متوتّرة، إذ تبقى هناك ملفّات تشكّل حجر عثرة، وتتمثّل في النزاعات التجاريّة، والتوسّع الصيني في بحر الصين الجنوبي، ومسألة جزيرة تايوان المتمتّعة بحكم ذاتي.
بوتين يغيب... وماكرون يحضر
وفي وقت سيغيب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن قمة العشرين أيضاً، وسينوب عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعلن قصر الإليزيه، مساء الأحد، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيتوجه إلى الهند لحضور قمّة مجموعة العشرين، ثمّ إلى بنغلاديش. وفي نيودلهي، سيُناقش ماكرون مع نظرائه «مخاطر تقسيم العالم» المرتبطة خصوصاً بالهجوم الروسي في أوكرانيا، وفق ما قالت الرئاسة الفرنسيّة.
وستركّز القمّة أيضاً على الاستجابات الضروريّة لملفّات «التحدّيات العالميّة الكبرى، والسلام والاستقرار، ومكافحة الفقر، والحفاظ على المناخ والكوكب، والأمن الغذائي والتنظيم الرقمي». وستُتاح أيضاً الفرصة لمتابعة قمّة «من أجل ميثاق مالي عالمي جديد» التي عُقِدت في باريس في يونيو (حزيران) من أجل مكافحة الفقر وحماية الكوكب.
أما في بنغلاديش فسيُتابع ماكرون «التنفيذ الملموس للاستراتيجيّة الفرنسيّة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ» بعد استقباله رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وزيارته بابوا غينيا الجديدة وفانواتو وسريلانكا في يوليو (تموز). وستكون زيارة ماكرون لدكا أيضاً «فرصة لتعميق العلاقات الثنائية مع بلد يشهد نمواً اقتصادياً سريعاً... ويسعى إلى تنويع شراكاته»، وفق الإليزيه.
وقبل أيام من قمة العشرين، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، إن النمو الاقتصادي في الهند هو «نتاج ثانوي طبيعي» للاستقرار السياسي لحكومته التي قضت تسع سنوات في السلطة حتى الآن. وأعرب مودي في مقابلة مع وكالة «برس تراست أوف إنديا» الهندية، بثّتها (الأحد)، عن تفاؤله بأن الهند «ستكون دولة متقدمة بحلول عام 2047 مع اختفاء الفساد والطائفية والنبذ في حياتنا الوطنية».
نيجيريا تريد الانضمام إلى مجموعة العشرين
وفي أبوجا، أعلنت الرئاسة النيجيرية أن الرئيس بولا أحمد تينوبو يعتزم حضور قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة النيجيرية، أجوري نيجلالي، في بيان (الأحد)، إن البلاد، وهي الأكبر في عدد السكان في أفريقيا، تريد الانضمام إلى مجموعة العشرين، لكنَّ المناقشات لا تزال جارية داخل الحكومة لتقييم الفوائد التي ستجنيها البلاد. وأضاف: «عندما تنتهي المشاورات، ستقرر الحكومة ما إذا كان من المناسب للدولة أن تتقدم بطلب الانضمام أم لا». وأشار إلى أن «مشاركة الرئيس في قمة مجموعة العشرين في الهند تأتي بشكل خاص لأجل هذه الغاية».
ويحضر بولا تينوبو القمة الثامنة عشرة لمجموعة العشرين تلبيةً لدعوة من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. كما سيشارك في مائدة مستديرة لرجال أعمال وصناعيين هنود ونيجيريين. ويعقد الرئيس النيجيري ووزراء محادثات ثنائية لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى نيجيريا، إحدى الدول الرئيسية المنتجة للنفط في القارة.
ومنذ توليه السلطة في البلاد، أطلق بولا تينوبو سلسلة من الإصلاحات لإنعاش الاقتصاد وجذب مزيد من الاستثمارات.