بدأت الأسلحة الأميركية المتخلفة عن انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في شق طريقها إلى أجزاء بعيدة المنال من العالم عبر الشريط القبلي، إذ شرعت المنظمات الدولية في الإبلاغ عن أن حركة «طالبان» الأفغانية وحركة «طالبان» الباكستانية جعلتا من تهريب الأسلحة تجارة مربحة لهما. وصارت حركة «طالبان» الباكستانية، بصفة خاصة، ناقلة لتهريب هذه الأسلحة في جميع أنحاء جنوب آسيا وجنوب غرب آسيا.
يقول بعض الخبراء الدوليين الذين يراقبون الأوضاع لصحيفة «الشرق الأوسط» إن بعض هذه الأسلحة قد استخدمت في القتال في كشمير التي تسيطر عليها الهند، وكذلك في قطاع غزة. بعد الاستيلاء على كابُل في أغسطس (آب) 2021، سيطرت حركة «طالبان» الأفغانية على أسلحة أميركية كانت بحوزة قوات الدفاع الأفغانية، وكذلك في عمليات التفتيش من منزل إلى منزل في كابُل وقندهار ومدن أخرى.
كما استعادت حركة «طالبان» الكثير من الأسلحة الأميركية من مهربين تقليديين كانوا يشاركون في تهريب الأسلحة من دون الحصول على إذن من حكومة كابل. وصارت هذه الأسلحة تنتشر في كل مكان بفضل السخاء الأميركي وشبكات التهريب التابعة لحركة «طالبان».
ويقول الخبراء إن الطرق نفسها التي توفر المخدرات والأحجار الكريمة وغيرهما من السلع المهربة المتنوعة كانت تسهل وصول الأسلحة إلى الإرهابيين مثل «حركة الشباب» في أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى والجماعات التابعة لتنظيم «داعش» في الفلبين وتايلاند وماليزيا وسريلانكا.
وجاء في تقرير صدر مؤخرا عن الأمم المتحدة أن حركة «طالبان» الأفغانية شكلت نظاما للتصاريح للمتعاطفين معها للتعامل في الأسلحة الأميركية، ومعظم هذه التصاريح ذهبت إلى حركة «طالبان» الباكستانية التي تنخرط في حركة تمرد منخفضة الحدة في المناطق القبلية الباكستانية.
وبحسب الخبراء، فقد زودت حركة «طالبان» الباكستانية هؤلاء بالأسلحة الأميركية الموجهة إلى جماعات إرهابية مثل تنظيم «داعش-خراسان» وتنظيم «القاعدة».
وقد حصلت مخابرات «طالبان» على كمية كبيرة من هذه الأسلحة الأميركية. وتشير التقارير المنقولة إلى أن حركة «طالبان» كانت حريصة بصفة خاصة على فرض سيطرتها على المخزونات المتبقية من البنادق الهجومية الأميركية الصنع من طرازي M4 وM16، وأجهزة الرؤية الليلية والحرارية، وغيرها من المنتجات عالية القيمة التي لا تكون عادة متداولة في المنطقة.
وتقدر قيمة بنادق «إم 4» و«إم 16» بنحو ضعفي أو ثلاثة أضعاف سعر البندقية الهجومية الروسية طراز «كلاشنيكوف». إلا أن الجماعات المتحالفة مع حركة «طالبان» الأفغانية، بما في ذلك حركة «طالبان» الباكستانية، ما زالت قادرة على الحصول على الأسلحة الأميركية. وتشير أنماط التوريد هذه إلى عدم القدرة، أو ربما عدم الرغبة، في منع عمليات التهريب هذه، ما يزيد من تعقيد العلاقات مع باكستان.
واستخدمت الأسلحة الأميركية من قبل حركة «طالبان» الباكستانية وتنظيم «داعش-خراسان» في هجماتهما على قوات الأمن الباكستانية في بيشاور، وديرا إسماعيل خان، وبلوشستان.