الإطاحة بتشين جانغ... ماذا تعني للدبلوماسية الصينية؟

وزير الخارجية الصيني السابق تشين جانغ (أ.ب)
وزير الخارجية الصيني السابق تشين جانغ (أ.ب)
TT

الإطاحة بتشين جانغ... ماذا تعني للدبلوماسية الصينية؟

وزير الخارجية الصيني السابق تشين جانغ (أ.ب)
وزير الخارجية الصيني السابق تشين جانغ (أ.ب)

تسببت إقالة وزير الخارجية الصيني تشين جانغ (57 عاماً)، ومن قبلها فترة غيابه عن الأنظار لعدة أسابيع، في إثارة العديد من التساؤلات حول مَن وُصف بأنه أحد «ذئاب الدبلوماسية الصينية».

فوجئ المحللون باختفاء المساعد المقرب من الرئيس شي جينبينغ، خاصة بعد أن أطيح به من الحكومة بعد فترة وجيزة من تعيينه لم تتجاوز 6 أشهر.

وبحسب تقرير لصحيفة «الإندبندنت» البريطانية، ازداد الأمر سوءاً مع انعدام أي إجابات من جانب القيادة الصينية للأسئلة التي تطرح يومياً، بل تختفي من السجلات الرسمية للتقارير اليومية.

نقطة ضعف؟

ويقول ستيف تسانغ، مدير معهد الصين في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن ومحلل ديناميكيات القيادة الصينية، إن الأزمة الحقيقية تكمن في أن ما حدث لتشين كشف ضعف قيادة الرئيس من حيث تعيين الوزير ثم إقالته. وقال لوكالة «أسوشيتد برس» إن شي جينبينغ ليس فاقداً للسيطرة، ولكن معارضيه سراً من داخل الحزب يلعبون على نقاط ضعفه.

وجاء الإعلان الرسمي الوحيد من وزارة الخارجية التي كان يترأسها تشين يقول إنه لا يمارس عمله لأسباب صحية دون أي توضيحات عن حالته، ما أثار جدلاً حول «السرية المتأصلة» بالقيادة الشيوعية الحاكمة وآليات اتخاذ القرار، بحسب تعبيرات «الإندبندنت» البريطانية.

ما حدث لتشين، سواء الإطاحة به أو اختفاؤه، يمهد الطريق لواحد من أكبر الاضطرابات السياسية التي قد تضرب الصين في العقد الأخير، خاصة في أعقاب طرد الرئيس الأسبق هو جينتاو العام الماضي، من مؤتمر الحزب الشيوعي، الأمر الذي وُصف بأنه لحظة درامية وغير مفهومة.

كان الظهور الأخير لتشين يوم 25 يونيو (حزيران) الماضي، أثناء لقائه بمندوبي سريلانكا وروسيا وفيتنام في بكين، وقبلها بيومين كان في اجتماع استمر ما يزيد على 5 ساعات مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أعقبه عشاء وُصف من الجانبين بأنه كان مثمراً.

وفي يوم 11 يوليو (تموز)، أعلنت وزارة الخارجية أن السيد تشين لن يشارك في اجتماع بإندونيسيا لأسباب صحية لم يتم الكشف عنها، ورغم غيابه استمر العمل بالوزارة على قدم وساق.

غياب المعلومات

أخيراً، يوم الأربعاء الماضي، سنحت الفرصة للرد على ما يزيد على 20 سؤالاً حول غياب السيد تشين غير المبرر خلال التقرير اليومي، ولكن تم تجاهل أغلبها فيما صيغت الردود بعناية شديدة من جانب المتحدثة باسم الوزارة ماو نينغ.

وعند السؤال حول كيف يؤثر غياب تشين على العلاقات الدبلوماسية الصينية - الأميركية، خاصة أنها تمر حالياً بمرحلة فارقة يشوبها التوتر، جاءت إجابة المتحدثة غامضة بقولها: «إن الدبلوماسية الصينية تتقدم إلى الأمام بشكل منتظم».

وعند سؤالها إن كان الوزير السابق متورطاً بقضية فساد ويتم التحقيق معه، أجابت قائلة إنه لا معلومات لديها حول هذا الأمر.

جدير بالذكر أن أغلب أسئلة اليوم حول تشين تم محوها من سجل التقرير اليومي.

«المحارب الذئب»

بدأت مسيرة تشين الدبلوماسية في أوائل الألفية الحالية، وتدرج في المناصب ليصبح لاحقاً أصغر وزراء الخارجية عمراً عند تعيينه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. واشتهر بكونه من أوائل الدبلوماسيين الذي اتبعوا سياسة الدفاع الشرس عن سياسات الصين الخارجية المتحفظة، ويطلق على أصحاب هذه المدرسة دبلوماسية «المحارب الذئب»

يملأ الفراغ الوزاري حالياً كبير المسؤولين وانغ يي الذي سيمثل بلاده في اجتماع دول مجموعة «بريكس» المنعقد في جوهانسبرغ هذا الأسبوع. ويقع على عاتق وانغ حالياً سد فجوة التواصل مع الحلفاء، في وقت تحتدم فيه الحرب في أوكرانيا، وتتوتر فيه العلاقات مع الولايات المتحدة.

في مايو (أيار) الماضي، زار تشين العديد من البلاد لدفع مطالب الصين بوقف القتال في أوكرانيا، وكان أمراً صعباً للغاية في ظل استنكار موقف بكين التي لم تندد بالغزو الروسي.

يرجح المحللون أن تكون أولوية وانغ العمل على ترسيخ العلاقات الصينية - الأميركية بعد شهور من الخصومة، والحفاظ على الزيارة المحتملة للرئيس الصيني في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل على مسارها. ومن التحديات التي سيواجهها وانغ أيضاً، ملف تايوان وهو ملف حرج خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 2024.


مقالات ذات صلة

واشنطن تعلن الإفراج عن 3 أميركيين محتجزين في الصين

الولايات المتحدة​ الصين تفرج عن 3 مواطنين أميركيين «محتجزين ظلماً» (أ.ب)

واشنطن تعلن الإفراج عن 3 أميركيين محتجزين في الصين

أفرجت الصين عن ثلاثة مواطنين أميركيين «محتجزين ظلماً» حسبما أعلن مسؤولون أميركيون اليوم الأربعاء، وذلك قبل أسابيع قليلة من تسلم ترمب للسلطة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الصيني شي جينبينغ (رويترز)

تقرير: الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على شركات صينية تدعم روسيا

كشف تقرير صحافي أن الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على عدة شركات صينية يُزعم أنها ساعدت شركات روسية في تطوير طائرات مسيرة هجومية تم استخدامها ضد أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
العالم القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
شؤون إقليمية مدخل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في 3 مارس 2011 (رويترز)

الصين تدعو «الجنائية الدولية» لاتخاذ موقف «موضوعي» بشأن مذكرة توقيف نتنياهو

دعت الصين، اليوم (الجمعة)، المحكمة الجنائية الدولية إلى الحفاظ على «موقف موضوعي وعادل» بعدما أصدرت مذكرة توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (بكين)

كوريا الشمالية توسِّع مصنعاً لإنتاج صواريخ تستخدمها روسيا في أوكرانيا

صورة لقمر اصطناعي تُظهر عملية توسيع لمجمع رئيسي لتصنيع الأسلحة في شمال كوريا (رويترز)
صورة لقمر اصطناعي تُظهر عملية توسيع لمجمع رئيسي لتصنيع الأسلحة في شمال كوريا (رويترز)
TT

كوريا الشمالية توسِّع مصنعاً لإنتاج صواريخ تستخدمها روسيا في أوكرانيا

صورة لقمر اصطناعي تُظهر عملية توسيع لمجمع رئيسي لتصنيع الأسلحة في شمال كوريا (رويترز)
صورة لقمر اصطناعي تُظهر عملية توسيع لمجمع رئيسي لتصنيع الأسلحة في شمال كوريا (رويترز)

خلص باحثون في مؤسسة بحثية مقرها الولايات المتحدة، بناء على صور أقمار اصطناعية، إلى أن كوريا الشمالية توسع مجمعاً رئيسياً لتصنيع الأسلحة، يستغل لتجميع نوع من الصواريخ قصيرة المدى تستخدمه روسيا في أوكرانيا، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وتعد المنشأة، المعروفة باسم «مصنع 11 فبراير»، جزءاً من «مجمع ريونغ سونغ» في هامهونغ، ثاني أكبر مدينة في كوريا الشمالية على الساحل الشرقي للبلاد.

وقال سام لير الباحث في مركز «جيمس مارتن» لدراسات منع الانتشار النووي، إنه المصنع الوحيد المعروف بإنتاج صواريخ باليستية تعمل بالوقود الصلب من طراز «هواسونغ 11».

وذكر مسؤولون أوكرانيون أن هذه الذخائر، المعروفة في الغرب باسم «كيه إن-23»، استخدمتها القوات الروسية في هجومها على أوكرانيا.

ولم ترد أنباء من قبل عن توسيع المجمع.

ونفت روسيا وكوريا الشمالية أن تكون الأخيرة قد نقلت أسلحة إلى الأولى لاستخدامها ضد أوكرانيا. ووقَّع البلدان معاهدة دفاع مشترك في قمة عقدت في يونيو (حزيران)، وتعهدا بتعزيز العلاقات العسكرية بينهما.

ولم ترُد بعثة كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة على طلب للتعليق على هذا التقرير.