«المال السياسي» يهدد الانتخابات المصرية وتوجيهات رئاسية لـ«ضمان النزاهة»

تحذيرات من استمرار «شراء الأصوات» قبل انطلاق المرحلة الثانية

لجنة انتخابية في المرحلة الأولى من الاستحقاق البرلماني المصري (تنسيقية شباب الأحزاب)
لجنة انتخابية في المرحلة الأولى من الاستحقاق البرلماني المصري (تنسيقية شباب الأحزاب)
TT

«المال السياسي» يهدد الانتخابات المصرية وتوجيهات رئاسية لـ«ضمان النزاهة»

لجنة انتخابية في المرحلة الأولى من الاستحقاق البرلماني المصري (تنسيقية شباب الأحزاب)
لجنة انتخابية في المرحلة الأولى من الاستحقاق البرلماني المصري (تنسيقية شباب الأحزاب)

تصاعدت التحذيرات في مصر من ممارسات «شراء الأصوات»، وتوظيف ما بات يُعرف بـ«المال السياسي»، وذلك قبل أيام من انطلاق المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب؛ بينما شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على ضرورة التحلي بـ«الوعي الكامل» لدى الناخبين.

وخلال تفقده أكاديمية الشرطة، الثلاثاء، شدد السيسي على أن صوت المواطن «أمانة، ومسؤولية» لا يجوز التفريط فيهما مهما كانت الضغوط، أو المغريات.

وما زالت تداعيات قرار «الهيئة الوطنية للانتخابات» بإبطال نتائج 19 دائرة في المرحلة الأولى تلقي بظلالها على المشهد الانتخابي، بعد رصد «خروقات مؤثرة» وُصفت بأنها «غير مسبوقة».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال كلمته الثلاثاء بأكاديمية الشرطة (الرئاسة المصرية)

وتفاعل مصريون على نطاق واسع مع حديث الرئيس الذي أطلق فيه توجيهات تؤكد على أهمية ضمان النزاهة، وحين قال إن الانتخابات «انتقاء يقوم به الشعب لمن يمثله»، محذراً من أن الحصول على أموال أو سلع مقابل التصويت «ليس مكسباً»، بل «تفريط في مصلحة الدولة».

وحذَّر السيسي من تمكين «أحمق، أو جاهل، أو متخلف، أو متردد، أو غير جاهز» من مصير البلاد، و120 مليون مواطن، سواء بوصف أنه نائب في البرلمان، أو غيره.

«سطوة المال السياسي»

وعمَّق حديث الرئيس المصري النقاش حول انتشار الرشاوى الانتخابية، وصعّد من التحذيرات السياسية، والحقوقية بشأن انعكاسات المال السياسي على مستقبل الحياة النيابية.

وجدد النائب مصطفى بكري تحذيراته من الظاهرة، مذكراً بما كشفه في برنامجه «حقائق وأسرار» حول «توزيع أموال انتخابية»، مشيراً إلى أن ما طرحه دفع أحد المرشحين إلى تقديم بلاغ ضده بتهمة «إفساد العملية الانتخابية». وقال إن ما طرحه كان «بالأرقام»، وإن حجم الأموال المتداولة في بعض الدوائر «فاق التوقعات».

وتوقّع عصام شيحة، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان»، أن تسهم تصريحات الرئيس وإلغاء الانتخابات في 19 دائرة في الحد من «سطوة المال السياسي»؛ لكنه حذر من «أساليب التفاف» قد يلجأ إليها بعض المرشحين عبر شبكات محلية، مثل العُمَد في القرى، أو جمعيات أهلية تُستخدم قنوات غير مباشرة لتقديم الرشاوى.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الظروف الاقتصادية الصعبة تجعل بعض الفئات «أكثر عرضة للاستغلال»، مشيراً إلى أن منظمته وثَّقت «وقائع توزيع أموال»، وأبلغت بها الهيئة الوطنية للانتخابات.

وفتح الجدل حول المال السياسي الباب لانتقادات بشأن ضم رجال أعمال ونافذين إلى قوائم انتخابية حزبية.

وفي المقابل، دافع مصدر سياسي عن مشاركة رجال الأعمال قائلاً إن بعضهم «يقدم تبرعات للأحزاب بهدف دعم الدعاية الانتخابية في ظل غياب دعم حكومي». وأشار إلى تداول مقاطع يظهر فيها أحد المرشحين وهو يستشهد بنماذج تاريخية ودينية حول «الإنفاق لخدمة الدولة» لتبرير استخدامه الأموال في المنافسة.

غير أن شيحة عاد ليؤكد أن سقف الإنفاق الانتخابي المحدد قانوناً بنحو 500 ألف جنيه للفردي و2.5 مليون جنيه للقوائم (الدولار يساوي 47 جنيهاً تقريباً) لم يُطبّق عملياً، مضيفاً: «لم تصلنا إحالة واحدة لمرشح بسبب تجاوز السقف المالي، رغم انتشار لافتات انتخابية تتكلف وحدها عشرات الآلاف، ويضيف بعض المرشحين عليها عبارة (إهداء من فلان) للتحايل».

ودعا إلى تطبيق «رقابة مالية حقيقية»، لافتاً إلى أن اشتراط القانون فتح حسابات مصرفية للحملات «لم يُفَعَّل على الأرض».

«الإصلاح الانتخابي»

وفي الأثناء، يستعد المرشحون والأحزاب لخوض المرحلة الثانية من الانتخابات، والمقرر أن يبدأ التصويت فيها بالخارج يومي 21 و22 نوفمبر، وفي الداخل يومي 24 و25 من الشهر.

ومن داخل «القائمة الوطنية من أجل مصر» تتعالى أيضاً الأصوات المطالِبة بإصلاح النظام الانتخابي لوقف تمدد المال السياسي. ففي صالون نظمته «تنسيقية شباب الأحزاب»، دعت أميرة العادلي، مرشحة القائمة، إلى تطوير التشريعات المنظمة للحياة السياسية «لبناء أحزاب قوية».

وقالت إن غرفة عمليات التنسيقية تلقت «شكاوى متكررة» من مخالفات دعائية «لا تجد معالجة قانونية»، مشيرة إلى أن سقف الإنفاق الانتخابي لم يعد «واقعياً» في ظل ارتفاع الأسعار، واتساع الدوائر.

ورغم الإقرار بأهمية تدخل الرئيس في ملف «المال السياسي»، يرى الدكتور عماد جاد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن مواجهة الظاهرة تتطلب «مساراً إصلاحياً أشمل» يمنح الأجهزة الرقابية «صلاحيات كاملة» لتطبيق قوانين الشفافية، والمحاسبة.

وأضاف أن الإصلاح قد يستدعي «إلغاء الانتخابات الجارية، وتمديد عمل مجلس النواب لعام إضافي، وإعادة هيكلة منظومة مباشرة الحقوق السياسية، واعتماد نظام انتخابي مختلط يجمع بين القوائم النسبية والفردي».

كما دعا إلى توسيع المجال العام أمام الأحزاب المتنوعة، وضمان حرية إعلامية «حقيقية» تُدار وفق ميثاق شرف مهني، وتقليص تدخل الأجهزة التنفيذية في تشكيل الحياة السياسية.

مؤتمر انتخابي لـ«حزب الجبهة الوطنية» (الصفحة الرسمية للحزب)

وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات قد أبطلت، الثلاثاء، أكثر من ربع نتائج المرحلة الأولى (19 دائرة في 7 محافظات)، بعد رصد «خروقات» شملت عمليات فرز مبكر، وتجاوزات أمام اللجان، وشكاوى موثقة من مرشحين.

وتزامن القرار مع تداول مقاطع مصوّرة، بينها استغاثة مرشح في البحيرة يوجّه نداءً إلى الرئيس، وفيديو من دائرة المنتزه في الإسكندرية وثّق «فرزاً قبل انتهاء التصويت»، وهو ما أقرت به الهيئة، وقررت استبعاد الصندوق محل الطعن.


مقالات ذات صلة

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

شمال افريقيا أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

تواصلت انتخابات مجلس النواب المصري الأربعاء ببدء جولة الإعادة بالخارج في 19 دائرة بالمرحلة الأولى كانت الانتخابات قد أُلغيت فيها 

أحمد جمال (القاهرة )
العالم العربي مجلس النواب المصري الجديد في العاصمة الإدارية (مجلس النواب)

«النواب» المصري يغادر القاهرة نهائياً إلى العاصمة الجديدة

ودّع مجلس النواب المصري مقره التاريخي في قلب القاهرة نهائياً، بعد أن ظل على مدى نحو 160 عاماً شاهداً على تحولات سياسية وتاريخية مفصلية في مصر.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا ناخبة قبل الإدلاء بصوتها في محافظة دمياط بشمال مصر (تنسيقية شباب الأحزاب)

مصر: «هيئة الانتخابات» تنشد إقبالاً أكبر وسط مؤشرات على «تراجع» المشاركة

جددت الهيئة الوطنية للانتخابات بمصر دعوتها المواطنين للإقبال على صناديق الاقتراع، وسط مؤشرات سابقة تشير إلى «تراجع» المشاركة في جولات سابقة شهدتها الانتخابات.

علاء حموده (القاهرة)
العالم العربي المصريون بالأردن يصوتون في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (أ.ش.أ)

مصر تستكمل ماراثون الانتخابات البرلمانية وسط جدول مزدحم

تستكمل مصر ماراثون الانتخابات البرلمانية بانطلاق جولة الإعادة للمغتربين بالمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب، وسط جدول مزدحم.

عصام فضل (القاهرة)
رياضة عربية يعود المنتخب المصري للمشاركة في كأس العالم بعد غياب عن النسخة الماضية (اتحاد الكرة المصري)

أزمة «دعم المثلية» في كأس العالم تصل إلى البرلمان المصري

وصلت أزمة إقامة أنشطة تدعم المثلية بالتزامن مع لقاء منتخبي مصر وإيران، بكأس العالم المقرر إقامتها في يونيو (حزيران) المقبل، إلى مجلس النواب المصري (البرلمان).

أحمد عدلي (القاهرة)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.

عاجل ترمب: أميركا شنت ضربة قوية ضد «داعش» في شمال غرب نيجيريا