«هدنة غزة»: تعويل نتنياهو على نتائج حرب إيران قد يعرقل مساعي الوسطاء

رئيس الوزراء الإسرائيلي يطالب بـ«وقت إضافي»

رد فعل فلسطيني على مقتل أفراد من عائلته في غارات إسرائيلية على جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)
رد فعل فلسطيني على مقتل أفراد من عائلته في غارات إسرائيلية على جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: تعويل نتنياهو على نتائج حرب إيران قد يعرقل مساعي الوسطاء

رد فعل فلسطيني على مقتل أفراد من عائلته في غارات إسرائيلية على جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)
رد فعل فلسطيني على مقتل أفراد من عائلته في غارات إسرائيلية على جباليا شمال غزة (أ.ف.ب)

ربط رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بين نتائج حرب إيران، وإطلاق سراح الرهائن بقطاع غزة، في خطوة يتراجع فيها عن تعهدات سابقة مع بداية المواجهات مع إيران قبل نحو 11 يوماً بتسريع جهود المفاوضات، وإعطاء صلاحيات لفريقه التفاوضي لإبرام اتفاق بالقطاع.

وطالب نتنياهو بمنحه «وقتاً إضافياً»، لإنهاء جبهة إيران، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أنه عرقلة مبكرة لأي جهود حالية للوسطاء، وتشدد أكبر سيصعب أي مسار للتسوية، خاصة وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد لا يقبل بأي مرونة من «حماس» في ظل حديثه المتكرر عن انتصارات يحققها على طهران، ويتمسك أكثر بالحلول العسكرية، في ظل توقعات بعدم ضغط من واشنطن تجاه أي محادثات في ظل أولوية إنهاء المواجهة الإيرانية الإسرائيلية وعدم توسعها.

ولا تزال إسرائيل تواصل تنفيذ ضربات جوية ضد إيران منذ يوم 13 يونيو (حزيران) الحالي، وأعلن الجيش، في بيان الاثنين، استهداف طرق الوصول إلى موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم بإيران غداة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في خطاب متلفز، استهداف 3 مواقع نووية إيرانية بـ«نجاح»، وتلميحه في منشور على منصته «تروث سوشيال» للتواصل الاجتماعي، إلى فرضية تغيير النظام في إيران، بالقول: «إذا كان النظام الإيراني الحالي عاجزاً عن جعل إيران عظيمة مجدداً، فلمَ لا يكون هناك تغيير للنظام؟».

رجل إيراني يتلقى المساعدة بعد إصابته في غارة إسرائيلية استهدفت وسط طهران 15 يونيو الحالي (أ.ف.ب)

وبشكل مغاير لاحتمالات تتصاعد بشأن عقد مفاوضات تهدئة بقطاع غزة، قال نتنياهو، في خطاب متلفز الأحد: «نقترب خطوة بخطوة من أهدافنا: هزيمة (حماس) وإعادة رهائننا إلى الوطن (...) أنا مقتنع بأن العملية في إيران تساعدنا في تحقيق هدفنا بغزة، ونجاحاتنا بإيران تسهم في نجاحاتنا بغزة، لكن الأمر سيحتاج إلى وقت إضافي»، بحسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

حديث نتنياهو عن طلب «وقت إضافي» يأتي مغايراً عما طرحه منذ بدء إسرائيل هجومها على إيران بعدما كرر في مؤتمرين صحافيين الأسبوع الماضي، بأن «هناك تحركات بشأن (اتفاق غزة)، وأعطيت تفويضاً واسعاً للفريق المفاوض للمضي في المفاوضات، وننتظر إجابة»، وغداة إعلان الجيش الإسرائيلي، في بيان، استعادة رفات 3 رهائن، ليتراجع عدد «الأسرى» لدى «حماس» إلى 50 رهينة في غزة، يعتقد أن 20 فقط منهم ما زالوا على قيد الحياة.

ويرى نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، اللواء محمد إبراهيم الدويري، أن تعويل نتنياهو على نتائج حرب إيران بداية لعرقلة مساعي الوسطاء، متوقعاً أن تؤثر تلك النتائج سلباً على مسار أي حل مستقبلي في ظل تشدد مرجح من رئيس الوزراء الإسرائيلي في كل ما يتعلق بأي تسوية بشأن غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام، خاصة إن كان لا يتناسب مع رؤيته في ظل ما يعده انتصارات بإيران.

ويعتقد الدويري أن «نتنياهو تحرر من ورقة الرهائن التي كانت سيفاً مسلطاً عليه قبل حرب إيران، موضحاً أن تلك المواجهات وما يتحدث عنه من انتصارات عززت جبهته الداخلية، وجعلت قضية الرهائن وضغوطها تتراجع للخلف».

وكذلك يرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن الحرب على إيران غيرت المعادلة بالكامل، وجعلت نتنياهو يتشدد أكثر ويحاول فرض رؤيته لإخراج الرهائن عسكرياً مرة أخرى، متراجعاً عن أي مسار تفاوضي في ظل ما يعتقده من انتصارات تمت في تلك الجبهة الإيرانية، وضعف موقف «حماس».

فلسطينيون يصلون على جثامين أشخاص قتلوا أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات بالقرب من معبر زيكيم الحدودي (أ.ف.ب)

بالمقابل لم يعلق الوسطاء على تصريحات نتنياهو مباشرة، غير أن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، أكدا خلال اتصال هاتفي، الاثنين، أن «التصعيد الراهن بين إيران وإسرائيل لا يجب أن يحجب الأنظار عن المأساة الجارية في قطاع غزة»، مشددين على «أهمية وقف العدوان المستمر هناك وإنهاء معاناة المدنيين، خاصة في ظل القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية»، وفق بيان للرئاسة المصرية.

فيما تحدث إعلام فلسطيني وإسرائيلي، الأحد، عن وجود وفد من «حماس» بمصر لبحث التوصل لاتفاق، وهو أفاد به مصدران على علم بتفاصيل مفاوضات غزة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، دون أن تؤكد أو تنفي الحركة الفلسطينية ذلك الوصول بعد.

ويبحث الوفد بحسب ما ذكره إعلام فلسطيني، تطورات ملف الهدنة مع «ترتيبات واتصالات تُجرى لإرسال إسرائيل وفدها المفاوض إلى مصر أيضاً، خاصة بعد حدوث «تطورات» جديدة، قد تنجح في تجاوز نقاط الخلاف على شكل التهدئة المقبلة، وفي مقدمتها التوصل إلى حل حول صيغة تضمن وقف الحرب بشكل كامل».

كما سبق أن أفادت صحيفة «جيروزاليم بوست» وقناة «i24NEWS» السبت، بأن وفداً من «حماس» وصل إلى مصر لاستئناف المفاوضات التي تستهدف التوصل لاتفاق، وأن «هناك ثلاث قضايا على جدول الأعمال: إطلاق سراح الرهائن؛ إذ من المقرر إطلاق سراح 8 رهائن في اليوم الأول من وقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، بخلاف مسألة ما سيحدث في نهاية وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً». دون الحديث عن أي دور لواشنطن تجاه تلك المحادثات المحتملة.

ولا يعتقد الدويري أن يكون في أولوية واشنطن حالياً بحث ملف غزة، خاصة وأن كل ما يهمها إنهاء المواجهات الإيرانية الإسرائيلية، حتى لا تتسع دائرة الصراع بالمنطقة، مرجحاً حال توقف ذلك النزاع أن تخلق فرصة بعد ذلك ويكون طرح التهدئة في غزة أكثر قبولاً للنقاش.

ويؤكد الدويري، أن اتصالات وتحركات الوسطاء لا سيما المصري لا تتوقف غير أن التغيرات الحالية والتركيز على جبهة إيران، جعلت نتنياهو صاحب الكلمة الأولى وليست «حماس» التي مهما قدمت مرونة الآن لن يلتفت لها رئيس الوزراء الإسرائيلي إلا بعد حرب طهران وبما يتناسب مع رؤيته.

ويعتقد مطاوع، أنه بنهاية حرب إيران ستنتهي حرب غزة بالشكل الذي ترغب فيه إسرائيل والولايات المتحدة في ضوء انتصاراتهما، مؤكداً أن «(حماس) لن تكون لديها مساحة لفرض شروط بل إسرائيل من ستفرض شروطها».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: نحو 800 قتيل في غزة أثناء انتظار المساعدات

المشرق العربي فتاة فلسطينية تتفاعل بينما تنتظر توزيع الطعام من مطبخ خيري وسط أزمة الجوع في مدينة غزة (رويترز) play-circle

الأمم المتحدة: نحو 800 قتيل في غزة أثناء انتظار المساعدات

ذكر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، اليوم (الجمعة)، أن 798 قتيلاً على الأقل سقطوا أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية، في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جنود إسرائيليون أثناء مداهمة في مدينة نابلس بالضفة الغربية (أ.ب)

مقتل ثلاثة فلسطينيين وإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة

تصاعدت أعمال العنف، الخميس، في الضفة الغربية المحتلة؛ حيث قُتل فلسطينيان وإسرائيلي خلال هجوم على مستوطنة قرب الخليل (جنوب)، فيما قُتل فلسطيني آخر.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
تحليل إخباري فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم للنازحين قرب خان يونس (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: مفاوضات «صعبة» وقضايا عالقة تهدد الاتفاق

رغم الزخم الذي تشهده محادثات الدوحة بشأن وقف النار في غزة تتراجع آمال التوصل لاتفاق هدنة مع حديث من «حماس» عن «مفاوضات صعبة» في الدوحة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل أغسطس 2023 احتجاجاً على انتشار الجريمة بالبلدات العربية (أ.ف.ب)

احتجاجات حقوقية ضد قانون إسرائيلي يمنع لمّ شمل العائلات الفلسطينية

تحركت مؤسسات حقوقية في إسرائيل ضد إقرار «الكنيست» تعديلاً قانونياً يتيح للحكومة تقويض إجراءات «لمّ شمل العائلات الفلسطينية».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
خاص فلسطينيون يتسوقون وسط الدمار الناجم عن الحرب في خان يونس بجنوب قطاع غزة فبراير الماضي (د.ب.أ) play-circle

خاص «رشاوى وأجهزة تجسس»... كشف سر إدخال إسرائيل بضائع «محظورة» إلى غزة

يفاجأ سكان غزة، بين حين وآخر، بتداول بضائع تصنف «محظورة» من قِبَل إسرائيل، الأمر الذي أثار تساؤلات حول سر وكيفية دخولها في ظل الحرب المتواصلة على القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

الحكومة المصرية تفنّد شكوى رجل أعمال إماراتي... والأخير يشكرها

رئيس الوزراء المصري يشهد توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر بين مصر والإمارات لتطوير مدينة رأس الحكمة (أرشيفية - مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري يشهد توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر بين مصر والإمارات لتطوير مدينة رأس الحكمة (أرشيفية - مجلس الوزراء)
TT

الحكومة المصرية تفنّد شكوى رجل أعمال إماراتي... والأخير يشكرها

رئيس الوزراء المصري يشهد توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر بين مصر والإمارات لتطوير مدينة رأس الحكمة (أرشيفية - مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري يشهد توقيع أكبر صفقة استثمار مباشر بين مصر والإمارات لتطوير مدينة رأس الحكمة (أرشيفية - مجلس الوزراء)

في رد فعل لافت، فنّدت الحكومة المصرية، الخميس، شكوى رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور، نافيةً تدخل مجلس الوزراء في زيادة سعر قطعة أرض كان الحبتور ينوي شراءها بمنطقة الساحل الشمالي، فيما رد الأخير بشكر الحكومة على توضيحها.

ونفى المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء في مصر صحة ما ذكره الحبتور في حوار إعلامي من أن رئيس مجلس الوزراء تدخل لزيادة سعر قطعة أرض كان ينوي شراءها في منطقة الساحل الشمالي التابعة لمحافظة مطروح، من 10 ملايين دولار إلى نحو 30 مليون دولار.

وظهر الحبتور في حوار بمنصة اقتصادية، وقال إن «ممثل الحكومة في مصر عرض عليّ شراء أرض بسعر معين، وبعد الموافقة تدخل رئيس الوزراء بنفسه ورفع سعرها إلى أكثر من الضعف»، وأضاف: «تراجعت عن الشراء لأن ما حصل غير منطقي، ولا توجد لدي نية لتوسيع استثماراتي في مصر».

لكن بيان مجلس الوزراء المصري أوضح أنه تم الاستعلام من الجهات الحكومية صاحبة الولاية على أراضي الساحل الشمالي، التي أكدت جميعها «أنها لم تتلق أي طلب للحصول على أراضٍ من المستثمر خلف الحبتور، بالتالي، هذه الواقعة لا أساس لها من الصحة، ومختلَقة»، مستطرداً: «حتى لو كان رجل الأعمال ينوي الحصول على أراضٍ من مواطنين عاديين، فلماذا يتدخل رئيس الوزراء لتحديد سعر أو خلافه؟».

وأشار المتحدث الرسمي إلى أن قواعد الحصول على أراض للاستثمار في الساحل الشمالي أو غيره، محددة وواضحة، في جهات الولاية المختلفة، ولا تخضع لتدخلات من المسؤولين، مؤكداً أن «مصر ترحب بالأشقاء الإماراتيين مستثمرين وغير مستثمرين»، قائلاً: «لدينا مستثمرون إماراتيون، استثمروا بمليارات الدولارات وحققوا نجاحات وأرباحاً غير مسبوقة في مشروعاتهم، وهو ما يشهدون به أنفسهم».

وعلّق الحبتور على بيان الحكومة المصرية عبر بيان نشره على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي قائلاً: «تابعت باهتمام البيان الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء في مصر الحبيبة بشأن ما نُشر حول قطعة أرض في الساحل الشمالي، عُرضت عليّ لشرائها».

وشكر رجل الأعمال رئاسة الوزراء على التوضيح، قائلاً: «يسعدني أن أرى هذا الحرص من الدولة المصرية الشقيقة على توضيح الحقائق بكل شفافية، وهو ما يعكس قوة المؤسسات، ووضوح آليات العمل والقانون في مصر».

وأكد الحبتور «حبه لمصر وشعبها»، وإيمانه بـ«فرص التعاون والاستثمار الإيجابي، على أساس الاحترام المتبادل والوضوح والثقة». واعتبر أن ما صدر من توضيح اليوم «رسالة إيجابية» تعزّز ثقتي بأن مصر دولة مؤسسات، تحرص على توفير بيئة استثمارية عادلة، شفافة، ومنفتحة.