أعلنت رئاسة الوزراء الجزائرية، الأحد، عن إطلاق تحقيق في ظروف وفاة ثلاثة مشجعين من نادي مولودية الجزائر لكرة القدم، إثر انهيار جزء من «ملعب 5 جويلية 1962» بالعاصمة، مساء السبت، في آخر جولة من دوري الدرجة الأولى.
وذكرت رئاسة الوزراء في بيان أن «لجنة للتحقيق» أنشئت لهذا الغرض بأمر من الرئيس عبد المجيد تبون الذي طالب بـ«الوقوف عند ملابسات هذا الحادث الأليم، وتحديد جوانب التقصير والمسؤوليات ومحاسبة المتورطين، مع تقديم تقريرها (عن الحادث) في أقرب الآجال لاتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية، لمنع تكرار هذه الحوادث الأليمة».
ووفق نفس البيان، انخرط في التحقيق ممثلون عن وزارات الداخلية والعدل والسكن والرياضة، ومن جهازَي الدرك والشرطة، والهيئة الحكومية للرقابة الفنية على البيانات، ومن نادي المولودية الذي تُوّج بطلاً في آخر مباراة ضد نادي مقرة.
من فرحة الاحتفال إلى مأتم!
وسط أجواء احتفالية بلغت ذروتها في الصرح الرياضي الذي يعود بناؤه إلى 1972، انهار حاجز حديدي فجأة، مما أدى إلى سقوط عدد من المشجعين من أعلى المدرجات. وتحولت فرحة الاحتفال باللقب التاسع لمولودية الجزائر، والثاني على التوالي، إلى مأتم.
وخيَّم الذهول على الملعب، بل على الجزائر بأسرها. وفي حصيلة أولية، أعلن جهاز الحماية المدنية عن وفاة شخص واحد وإصابة 11 آخرين. وفي صباح الأحد، تُوفي مشجعان آخران متأثرَين بجروحهما البالغة، وفقاً لمصادر طبية. كما أعلنت الحماية المدنية عن ارتفاع عدد المصابين إلى 50 شخصاً.
وقالت وزارة الصحة الجزائرية إن عدد المصابين بلغ 81 مصاباً خرج أغلبهم من المستشفيات.
وأكد مشجعون كانوا داخل الملعب وقت الحادث لـ«الشرق الأوسط» أن أحد الحواجز المعدنية في الطابق العلوي للمدرجات، تحطم من شدة التدافع؛ ما تسبب في سقوط عدد كبير من محبي النادي العاصمي الشهير إلى الطابق السفلي. وأظهرت صور ومقاطع فيديو متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي لحظة سقوط السور الحديدي على رؤوس المشجعين الموجودين أسفل المدرجات، وسط ملعب مكتظ.
كما أظهرت صور أخرى آثار دماء على المدرجات، وصدأ في أجزاء من الحاجز المتسبب في الحادث، وهو ما قد يشير إلى غياب الصيانة الدورية وضعف التفتيش الهيكلي.
وسارع الرئيس تبون إلى تقديم تعازيه لعائلة المشجع الذي فارق الحياة في موقع الحادث يوم السبت، واسمه عثمان مولاي، وكتب على حسابه بمنصة «إكس»: «على أثر الفاجعة الأليمة التي ألمّت بجماهير مولودية الجزائر اليوم في (ملعب 5 جويلية)، أتقدم بأخلص التعازي لعائلة المشجع المتوفى، سائلاً الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته. كما أقدم تعازيّ لجماهير وطاقم نادي مولودية الجزائر، داعياً المولى عزّ وجل أن يمنّ على الجرحى بالشفاء العاجل، ليعودوا سريعاً إلى ذويهم».
وأوعز تبون إلى عدد من الوزراء بزيارة الجرحى للاطّلاع على أوضاعهم الصحية وظروف التكفل بهم داخل المستشفيات.
وظهر والد عثمان، يوم الأحد، في فيديو خلال تشييع ابنه، متحسراً على المصير الذي لقيه، وقال: «موت ابني فاجعة. دفنت فلذة كبدي، وشعوري بالألم لا يمكن وصفه!».
وعن مقتل ابنه وآخرين قال الأب المكلوم: «لقد ماتوا مغدورين»، في عبارة ربما تشير إلى اعتقاده بأن إهمالاً وثغرات في معايير السلامة كانت سبباً في المأساة.
سيل من الانتقادات
تهاطلت الانتقادات على حساب وزارة الرياضة بوسائل التواصل الاجتماعي بعد رسالة العزاء التي نشرتها. وكتب م. أ. نحناج: «عجزت السلطات عن توفير سياج آمن أو مخرج طوارئ أو نظام يؤمن سلامة آلاف المشجعين. كما لا تملك أي شرعية لتذرف دموعاً على الضحايا، ولا حتى حق تقديم العزاء لعائلاتهم؛ فالمجرم لا يعزّي في جريمته، والقاتل لا يبكي على دم ما زال عالقاً بيديه».
وأضاف: «نحن نعيش في منظومة تعيد نفس الكوارث بنفس أشكال التقصير وبنفس انعدام الحياء، ثم تطلب من الشعب في كل مرة أن يتحلى بالصبر. فمن يبرر الكارثة بدل أن يُحاسب المتسببين فيها هو شريك فيها، ولو وقف عند رأس الضحية وقرأ عليه الفاتحة ألف مرة».
وانتشرت على وسائل التواصل الكثير من الكتابات المشابهة.
وكان «ملعب 5 جويلية» ممتلئاً عن آخره لحضور هذه المباراة الحاسمة أمام فريق نجم مقرة في المرحلة الثلاثين والأخيرة من الدوري، والتي انتهت بالتعادل السلبي. وكان التعادل كافياً لمولودية الجزائر للاحتفاظ باللقب، بعدما سقط منافسه شباب بلوزداد في فخ التعادل السلبي أيضاً أمام مضيفه أولمبيك أقبو.
وأنهى مولودية الجزائر الموسم برصيد 58 نقطة مقابل 55 نقطة لشباب بلوزداد الذي تراجع إلى المركز الثالث بفارق نقطة واحدة أمام شبيبة القبائل الذي خطف الوصافة بفوزه على ضيفه أولمبي الشلف 1-0.
وإثر المأساة، قرر الاتحاد الجزائري لكرة القدم إلغاء حفل تسليم كأس الدوري.