حملة اعتقالات حوثية تستهدف إعلاميين وناشطين في الحديدة

الجماعة وضعت المحافظة تحت إشراف نجل مؤسسها

الجماعة الحوثية فشلت في إخفاء الخسائر التي لحقت بها فلجأت إلى اعتقال النشطاء (إعلام محلي)
الجماعة الحوثية فشلت في إخفاء الخسائر التي لحقت بها فلجأت إلى اعتقال النشطاء (إعلام محلي)
TT

حملة اعتقالات حوثية تستهدف إعلاميين وناشطين في الحديدة

الجماعة الحوثية فشلت في إخفاء الخسائر التي لحقت بها فلجأت إلى اعتقال النشطاء (إعلام محلي)
الجماعة الحوثية فشلت في إخفاء الخسائر التي لحقت بها فلجأت إلى اعتقال النشطاء (إعلام محلي)

بعد أيام من وضع الجماعة الحوثية محافظة الحديدة اليمنية تحت إشراف علي حسين الحوثي نجل مؤسسها، شنت حملة مداهمات واعتقالات طالت إعلاميين، وناشطين، ومسؤولين، ووجهاء في المحافظة التي كانت عرضة لعشرات من الغارات الأميركية والإسرائيلية، إذ تتهمهم الجماعة بنشر معلومات عن المواقع التي استُهدفت، أو العمل مع وسائل إعلام خارجية، وداخلية.

ووفق ما ذكرته مصادر محلية في الحديدة لـ«الشرق الأوسط»، فإن مخابرات الحوثي داهمت عدداً من المنازل في مدينة الحديدة، وفي مديرياتها، واعتقلت نحو 20 من الإعلاميين المستقلين، والناشطين، والشخصيات الاجتماعية.

ومن بين المعتقلين -بحسب المصادر- طالبة في قسم الإعلام، على خلفية تغطية وسائل إعلام محلية ودولية للضربات التي نفذتها المقاتلات الأميركية، ومن بعدها الإسرائيلية، على مواقع عسكرية، ومواني المحافظة الثلاثة (الحديدة-الصليف-رأس عيسى)، والخاضعة لسيطرة الجماعة.

وذكرت المصادر أن الحملة نُفذت بناء على وشايات من المكتب الإعلامي للحوثيين في المحافظة، والذي يحتكر تغطية الأحداث، ويتحكم في المعلومات عن الأهداف التي تم قصفها، وأعداد الضحايا.

الحوثيون يستخدمون القمع في مواجهة مطالب السكان بصرف المرتبات وتحسين المعيشة (إعلام محلي)

كما يتولى هذا المكتب الذي يشرف عليه فرع جهاز استخبارات الشرطة إعداد التقارير المصورة، وبيع المقاطع والصور لوسائل الإعلام، ووكالات الأنباء الخارجية، حتى يضمن عدم خروج أي معلومات لا تسمح بها الجماعة.

تشديد أمني وقمع إعلامي

أتت حملة الاعتقالات الحوثية -بحسب المصادر- بعد أيام من زيارة علي حسين الحوثي نجل مؤسس الجماعة وقائد ما يسمى جهاز استخبارات الشرطة إلى الحديدة، وإعلانه بدء العمل هناك، وتحمل الجهاز المستحدث مهمة الإشراف على الوضعين الأمني والإعلامي في المحافظة الساحلية.

وقالت المصادر إن المعتقلين إعلاميون، وناشطون مستقلون معروفون في المدينة، وباتوا من دون أعمال منذ سنوات بعد أن احتكر مكتب إعلام الحوثيين هذه المهمة، وأُغلقت الصحف، ومكاتب وسائل الإعلام الخارجية.

عناصر حوثيون في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء حيث تفرض الجماعة قبضة أمنية مشددة (إ.ب.أ)

وطبقاً لهذه المصادر، فإن فرع استخبارات الشرطة الحوثي، وبناء على تقارير مكتب إعلام الجماعة في الحديدة، يعتقد أن نشر وسائل الإعلام الخارجية معلومات عن المواقع والأشخاص الذين استهدفتهم الضربات الأميركية، ومن بعدها الإسرائيلية، وخروج معلومات عن استهداف تجمعات وقيادات، وليس مناطق سكنية كما كان يردد الحوثيون، دليل على تعاون الإعلاميين والناشطين مع تلك الوسائل.

وبيّنت المصادر أن عبد الملك الحوثي زعيم الجماعة أوكل مهمة السيطرة على المعلومات في الحديدة إلى جهاز المخابرات الذي يقوده نجل أخيه، والذي سبق له أن قاد حملة الاعتقالات الشهيرة التي طالت المئات من الأشخاص بتهمة الدعوة للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» العام الماضي.

وكانت منظمات دولية رفضت الادعاءات بأن الضربات الأميركية استهدفت تجمعات سكانية في الحديدة بعد تسرب معلومات عن أن تلك الضربات استهدفت اجتماعات سرية لقيادات الحوثيين، ومنصات لإطلاق الصواريخ قاموا بإخفائها وسط الأحياء السكنية.

وسبق للحوثيين أن استخدموا ملحقات في المستشفيات، وفي الكليات الجامعية، وفي الفنادق مقرات لإدارة العمليات العسكرية، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر.

تنديد حقوقي

أكدت إشراق المقطري عضو اللجنة الوطنية اليمنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان (حكومية مستقلة) أن من بين الذين داهمت الجماعة الحوثية منازلهم واعتقلتهم نشطاء، ومديري عموم، ووجاهات.

ومن بين المعتقلين -بحسب المقطري- الصحافي المعروف وليد علي غالب، والطالبة في السنة الثانية في قسم الإعلام مروة محمد راشد، والمسؤول الإعلامي والثقافي لمركز الأمل للأورام السرطانية عبد المجيد الزيلعي، إضافة إلى الناشط عاصم محمد زوج الناشطة الحقوقية منال قائد، والناشط حسن زياد، والمصور الصحافي عبد الجبار زياد، وعبد العزيز النوم.

آلاف اليمنيين تعرضوا للاختطاف على يد الجماعة الحوثية خلال السنوات العشر الماضية (إ.ب.أ)

وطالبت المقطري بحراك حقوقي رسمي، وغير رسمي، ومتابعة مبكرة من المنظمات الدولية، والمحلية، ومن السفارات للإفراج عن المحتجزين، ومنع حملة الاعتقالات المتواصلة في صفوف سكان‫ الحديدة، وخاصة النشطاء، والإعلاميين، والحقوقيين. وقالت: «يكفي هذه المحافظة فقرها، ومنع تعليم أطفالها، والزج بهم في القتال».

وأفادت المقطري بأن الحوثيين وقبل ثلاثة أسابيع قاموا باعتقال أسامة نجل الزعيم القبلي وعضو مجلس النواب السابق عبد الله مهدي، والذي يعمل مديراً لمكتب الأشغال العامة في مديرية زبيد. وقالت إن الحوثي وجماعته يرون في كرامة وحرية اليمنيين خطراً عليهم، ولهذا هم مستمرون في أساليب الاستعباد، والتخويف بكل جرأة، ودون استحياء.

من جهته دان مكتب وزارة حقوق الإنسان في الحديدة بأشد العبارات «الحملة المسعورة» التي يشنها الحوثيون منذ ثلاثة أسابيع، وقال إن الحملة بلغت ذروتها حين داهمت منازل عدد من المدنيين، واقتادت العديد منهم إلى جهات مجهولة، وسط حالة من الرعب والهلع بين النساء والأطفال.

ووصف المكتب الحقوقي حملة الاعتقالات بأنها خرق صارخ لكل المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق المرأة والطفل، داعياً المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والدولية إلى التدخل العاجل، والضغط على الحوثيين للإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، والمخفيين قسراً، ووقف هذه الانتهاكات.


مقالات ذات صلة

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

تحليل إخباري مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

تلقت الجماعة الحوثية في اليمن صدمة كبيرة على إثر الضربات الإسرائيلية على إيران، فيما يتوقع باحثون يمنيون أن الجماعة قد تجنح للتصعيد العسكري لخدمة أجندة طهران

علي ربيع (عدن)
العالم العربي 37‎ % من أطفال جزيرة سقطرى لم يحصلوا على أي جرعة من اللقاحات (الأمم المتحدة)

دعم سعودي يساند اليمن في مواجهة الكوليرا

تساهم المساعدات التي يقدمها مركز الملك سلمان في علاج تفشي الكوليرا باليمن، في حين أطلقت منظمة الصحة العالمية برنامجاً لمكافحة سوء التغذية في جزيرة سقطرى.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي جانب من عملية إتلاف مواد مخدرة ضُبطت سابقاً على الحدود اليمنية - السعودية (سبأ)

إحباط تهريب ما يزيد على مليون و500 ألف قرص مخدر كانت متجهة من صنعاء نحو السعودية

أعلنت سلطات الحدود اليمنية إحباط تهريب كمية كبيرة من الحبوب المخدرة، كانت متجهة من صنعاء إلى المملكة العربية السعودية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي طفل يبيع الورد في أحد شوارع صنعاء وبجواره آخر يبيع المياه المعدنية (إكس)

تنامٍ متسارع لعمالة الأطفال في إب اليمنية

تتنامى ظاهرة عمالة الأطفال بمحافظة إب اليمنية ذات الكثافة السكانية العالية، بعد أن تسببت الحرب والأوضاع المعيشية الناتجة عنها في تسرب الأطفال من المدارس.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي صاروخ حوثي سابق اعترضه الجيش الإسرائيلي وشوهد من مدينة عسقلان (رويترز)

الحوثيون يلوّحون بصواريخ أكثر خطراً على إسرائيل

لوّحت الجماعة الحوثية بامتلاكها صواريخ أكثر تطوراً وفاعلية، قالت إنها لم تستخدمها حتى الآن، وذلك في معرض ردها على الضربة الإسرائيلية الأخيرة على ميناء الحديدة

علي ربيع (عدن)

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟
TT

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

تلقت الجماعة الحوثية في اليمن صدمة كبيرة إثر الضربات الإسرائيلية غير المسبوقة على إيران، فيما يتوقع سياسيون وباحثون يمنيون أن الجماعة ستنتظر التعليمات الجديدة من طهران بخصوص التصعيد المرتقَب المطلوب منها، سواء على صعيد تكثيف إطلاق الصواريخ والمسيّرات، أو على صعيد العودة للهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن.

وعلى وَقْع هذه الضربات الإسرائيلية المتواصلة على إيران، توالت مواقف الكيانات الحوثية، عبر بيانات متضامنة، ابتداءً من أعلى الهرم الانقلابي للجماعة، ووصولاً إلى مكتبها السياسي، وانتهاءً بقادتها وناشطيها.

وبينما عمّ الذهول مؤيدي الجماعة والموالين لها، أكد مجلس حكمها الانقلابي على حق إيران في «الرد الرادع على العدوان الأرعن»، وقال في بيان إن الجماعة تقف مع طهران «في حقها المشروع للرد».

وحمل البيان الحوثي الولايات المتحدة المسؤولية عن الهجمات الإسرائيلية، وقال إن علمها بالهجمات «لا يعفيها من المسؤولية، بل هي بذلك تثبت أنها متورِّطة ويجب محاسبتها على ذلك».

زعيم الحوثيين توعد باستمرار هجمات جماعته باتجاه إسرائيل (إ.ب.أ)

من جهته، قال المكتب السياسي للجماعة الحوثية في بيان آخر، إن ما تدّعيه إسرائيل حول البرنامج النووي الإيراني «لا أساس له من الصحة، وليس لها الحق أن تكون شرطي المنطقة تقرر عنها ما تريد أن تفعل».

وأكد مكتب الجماعة أنه يؤيد حق إيران الكامل والمشروع في الدفاع عن نفسها، وفي تطوير برنامجها النووي.

جاء موقف الحوثيين من هذه التطورات غداة خطبة لزعيمهم عبد الملك الحوثي دعا فيها أتباعه للاحتشاد الأسبوعي في الميادين لاستعراض القوة، كما توعَّد باستمرار الهجمات باتجاه إسرائيل ضمن ما يقول إنه لمساندة الفلسطينيين في غزة.

وتبنى الحوثي إطلاق 11 صاروخاً بين باليستي وفرط صوتي ومسيّرات خلال أسبوع واحد، زاعماً أنها استهدفت أهدافاً في حيفا ويافا وأسدود، وأن 5 صواريخ منها استهدفت مطار بن غوريون.

صواريخ اعتراضية إسرائيلية تتصدى لهجوم حوثي (رويترز)

وادعى الحوثي أن أحد الصواريخ أحدث إرباكاً للمنظومة الدفاعية الإسرائيلية، وأن مجمل الهجمات أجبرت ملايين الإسرائيليين على الهروب إلى الملاجئ، وتفعيل صافرات الإنذار.

وبحسب ادعاءات زعيم الحوثيين، فإن هجمات جماعته تهدف لفرض حصار جوي على إسرائيل. كما زعم أن منع ملاحة السفن الإسرائيلية مستمر في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب.

تحديث الأوامر

على الرغم من عدم صدور موقف حوثي فوري بخصوص الانخراط العسكري في معركة إيران مع إسرائيل، فإن باحثين يمنيين يرون أن الجماعة في انتظار الحصول على التعليمات من طهران، سواء لتكثيف إطلاق الصواريخ والمسيّرات، أو للعودة إلى مهاجمة السفن، بما في ذلك السفن الأميركية.

ويقول الباحث والأكاديمي اليمني فارس البيل، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن تصرف الحوثي سيندرج ضمن خطة إيران للرد أو المواجهة، كما كان سابقاً لحماية إيران وتحقيق تقدم سياسي وعسكري لها».

ويجزم البيل بأن الضربة الموسعة والمربكة الإسرائيلية على إيران أربكت الأذرع، بما فيها الحوثيون، ويضيف: «الحوثيون كأقرانهم لا يمتلكون القرار، ولم تمنحهم إيران حتى مساحة للمناورة، لذلك لا تجد ردّات فعل واضحة حتى الآن، ما يعني أنهم في انتظار تحديث الأوامر».

حاملة طائرات أميركية انسحبت من البحر الأحمر عقب تعهد الحوثيين بعدم مهاجمة السفن (أ.ب)

وستتضح (بحسب البيل) طبيعة المرحلة المقبلة للحوثيين بناءً على مصير إيران؛ فإما أن تحرق الأخيرة كل مراكبها، وتدفع بالحوثي لإشعال النار فيما حوله، أو ستفاوض به للبقاء.

ويرى الباحث اليمني أنه كان من الممكن أن تدفع إيران الحوثيين للسيطرة على باب المندب وحتى إغلاقه، باعتبار أن هذه هي مهمتهم المنشودة بالأساس، وخنق العالم اقتصادياً لتحقيق السيطرة لإيران.

ويستدرك بالقول: «لكن يبدو الأمر مختلفاً بعد الضربة الموجعة؛ إذ لا يُستبعد أن يطلق الحوثيون النار بشكل عشوائي، ويهاجمون السفن، ويطلقون الصواريخ باتجاه إسرائيل، وربما إلى قواعد في المنطقة أو أهداف ثانوية».

وفي حين لا يعتقد البيل أن إيران ستدخر الحوثيين بعد خسارتها القوية في صلب هيكلها الأساسي، ينظر إلى أن الأمر برمته عائد على قدرة إيران على الرد أو الاستسلام.

وفي كل الأحوال، يبقى الحوثيون (وفق الباحث اليمني) ورقة إيران الأكثر قدرة على التحرُّك، بخلاف «الحشد الشعبي» في العراق المرصود والمحاصر بدقة، لذلك يمكن أن نشهد انتحاراً للجماعة.

مفترق طرق

«بعد الضربات الإسرائيلية القاسية التي استهدفت قلب المنظومة العسكرية والعلمية الإيرانية، تقف الجماعة الحوثية أمام مفترق طرق حقيقي»، وفق ما يقوله المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر.

ولا يرجح الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تواصل الجماعة الحوثية التصعيد بالوتيرة السابقة ذاتها؛ خصوصاً في ظل إدراكها أن انخراطها المباشر في الرد قد يضع قياداتها ضمن أهداف إسرائيل، على غرار ما حدث مع «حماس» و«حزب الله».

وفي المقابل، قد تلجأ الجماعة - بحسب تقديره - إلى إعادة استخدام ورقة الهجمات على السفن كخطوة رمزية أكثر من كونها عسكرية استراتيجية، وذلك بهدف امتصاص الغضب الإيراني، والحفاظ على موقعها ضمن محور «المقاومة” دون الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

عنصر موالٍ للحوثيين في صنعاء يحمل مجسماً لطائرة مسيرة (رويترز)

ويضيف: «سيكون هذا التصعيد (إن حدث) بروباغندا سياسية لخدمة الجماعة في الداخل اليمني أكثر من تحقيق مكاسب عسكرية».

ويتابع الطاهر بالقول: «من المهم أن نضع في الحسبان أن مثل هذه الخطوات محفوفة بالمخاطر؛ فالهجمات على الملاحة الدولية قد تستفز المجتمع الدولي بشكل جماعي، وتؤدي إلى رد فعل أوسع يُهدد بقاء الجماعة نفسها؛ خصوصاً مع تزايد الاختراقات الاستخباراتية في صفوفها، كما كشفت الأحداث الأخيرة».

ويقرأ أن الحوثيين باتوا اليوم في وضع لا يُحسدون عليه، إذ عليهم إرضاء طهران، وتجنب مصير الضربات الدقيقة، وإقناع جمهورهم بأنهم جزء من المواجهة، دون أن يُضحوا بقياداتهم.

وأمام هذا التحدي (وفق الطاهر) قد يلجأ الحوثيون للتصعيد المحسوب، أو للمناورة الإعلامية فقط، دون تحرك فعلي، لكنهم قد يسعون للاستفزازات لكي تستمر إسرائيل بقصف البنية التحتية.

تصعيد متوقع

في سياق التكهُّن بما سيكون عليه الأمر بالنسبة للحوثيين بعد الهجوم الإسرائيلي الواسع على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية وقتل قيادات الصف الأول في الجيش الإيراني، يعتقد المحلل السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك يضع الحوثيين أمام لحظة فارقة ومفصلية.

ولأن الجماعة الحوثية ذراع إيرانية عسكرية وعقائدية، فالمتوقع (وفق الجبري) أن تتحرك وفقاً لتوجيهات طهران التي قد تجرها لمعارك في البحر الأحمر من جديد، بعد أن كانت تعهَّدت بعدم استهداف السفن.

مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

ولا يُستبعد الجبري أن تعود العمليات الحوثية في البحر الأحمر، ويقول: «يمكن أن نشهد تصعيداً حوثياً تجاه المصالح الدولية في باب المندب، وربما يصل إلى التهديد بإغلاق باب المندب؛ كون هذه هي المهمة الأساسية التي أنشأت إيران الجماعة من أجلها، فضلاً عن إطلاق الصواريخ بكثافة مستمرة تجاه إسرائيل».

ومع إدراك الحوثيين أن العودة العشوائية لاستهداف السفن في البحر الأحمر تحت شعار مهاجمة مصالح إسرائيل ستستدعي الضربات الأميركية من جديد، وتخرجهم عن الهدنة الضمنية القائمة، يتوقع الجبري أن تكون هناك أولاً عمليات حوثية رمزية لاختبار رد الفعل الأميركي.

ويجزم أن الجماعة الحوثية باتت أمام مفترق طرق؛ إما مصالحها أو مصالح إيران، ويشير إلى أنها خلال مواقفها في السنوات الماضية أظهرت أنها تقدم مصالح طهران على أي مصالح تخصها أو تخص الشعب اليمني.