مصر: جدل «سرقة» الدجوي يتصاعد عقب ظهور خلافات أسرية

محامي أحفاد «رائدة التعليم» يتحدّث عن نزاع على الميراث

نوال الدجوي خلال حصولها على الدكتوراه الفخرية من إنجلترا (جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب - «فيسبوك»)
نوال الدجوي خلال حصولها على الدكتوراه الفخرية من إنجلترا (جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب - «فيسبوك»)
TT

مصر: جدل «سرقة» الدجوي يتصاعد عقب ظهور خلافات أسرية

نوال الدجوي خلال حصولها على الدكتوراه الفخرية من إنجلترا (جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب - «فيسبوك»)
نوال الدجوي خلال حصولها على الدكتوراه الفخرية من إنجلترا (جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب - «فيسبوك»)

تصاعد الجدل في مصر حول بلاغ «سرقة» شقة رئيسة مجلس أمناء جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، نوال الدجوي، وذلك عقب حديث عن خلافات أسرية حول الميراث، واتهامات لحفيدين بـ«التورط في سرقة مبلغ يصل إلى نحو 223 مليون جنيه (الدولار 49.88 جنيه) و15 كيلوغراماً من الذهب».

وتحوز القضية، منذ صباح الاثنين، اهتمام الرأي العام في مصر، المنقسم بين متعاطف مع نوال الدجوي، وآخرين معلقين على ضخامة المبلغ، وعن أسباب الاحتفاظ بـ«50 مليون جنيه، و13 مليون دولار، و350 ألف جنيه استرليني، و15 كيلوغراماً من الذهب في خزن داخل شقة سكنية»، وفق ما أفاد به محضر السرقة.

الدجوي في إحدى الحفلات لمدارسها (جامعة أكتوبر للعلوم والآداب - «فيسبوك»)

ونوال الدجوي واحدة من رواد التعليم الخاص في مصر، سبق أن كرمها الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2019، بوصفها واحدة من النساء الرائدات في مجال التعليم، خاصة أنها أول من افتتحت مدرسة لغات مصرية عام 1985، وكانت تبلغ آنذاك 21 عاماً فقط. وحصلت نوال الدجوي على الدكتوراه الفخرية من جامعة غرينتش في إنجلترا.

ولدى نوال الدجوي ابن وابنة متوفيان، بالإضافة إلى 5 أحفاد. 3 من الذكور هم أبناء نجلها الراحل شريف الدجوي، أستاذ أمراض القلب بقصر العيني، الذي توفي عام 2015، وهم: أحمد الدجوي، مدير التسويق بجامعة «MSA» التي أسستها جدته؛ وعمرو الدجوي، مدير أكاديمية «كارير جيتس»؛ والمحاسب محمد الدجوي. أما ابنتها منى الدجوي، فكانت المديرة العامة للمدارس الخاصة التي أسستها والدتها في خمسينات القرن الماضي، ولديها ابنتان: إنجي محمد منصور، مديرة الموارد البشرية بجامعة «MSA»؛ والدكتورة ماهي محمد منصور، المدرّسة المساعدة في الجامعة نفسها.

وشكك ياسر صالح، وهو محامي أحمد وعمرو الدجوي، في حدوث الواقعة برمتها، متسائلاً عن كيفية «حفظ هذا المبلغ الضخم في 3 خزن فقط، في حين يحتاج على الأقل إلى عربة نصف نقل»، مشيراً خلال مداخلة تلفزيونية، مساء الاثنين، إلى أن نوال الدجوي لم تكتشف «السرقة» أو تبلغ عنها بنفسها، قائلاً إن «حفيدتها هي من ذهبت إلى الشقة، وحاولت فتح الخزنة، ثم توجهت لمحامي جدتها الذي قام بتقديم البلاغ نيابة عنها».

و«تمكث نوال الدجوي -التي جاوزت التسعين عاماً- عند حفيدتيها من نجلتها منى، في حين يُحرم أحفادها من نجلها شريف رؤيتها» حسب صالح، الذي أشار إلى وجود خلافات بين الأحفاد على الميراث، وأكثر من 20 قضية (جنائية ومدنية وقضائية وشرعية) في المحاكم. وتابع: «الحفيدتان تستأثران بها، وأن أحد الأحفاد رفع قضية حجر حتى يستأنس بها ويراها» على حد قول المحامي.

وقررت النيابة العامة، الاثنين، استدعاء نوال الدجوي لـ«جلسة تحقيق عاجلة»، وطلب تحريات المباحث حول الواقعة لكشف ملابساتها وظروفها، والانتقال إلى محل الواقعة لإجراء المعاينة ورفع البصمات، لبيان مرتكب الواقعة.

وشكك صالح في استجابة الأسرة لطلب النيابة، وحضور الدجوي جلسة التحقيق، مشيراً، خلال بث مباشر مع موقع «مصراوي» الثلاثاء، إلى أنهم «تقدموا مساء أمس ببلاغ يتهم حفيدتي الدجوي من الإناث وزوج أحدهما بعملية السرقة وأُلحق بلاغهما بملف القضية»، مضيفاً أن «نيابة أكتوبر الجزئية حوّلت القضية إلى نيابة الجيزة الكلية، ما يعني ضم كل أوراق القضايا إلى بعضها أمام النيابة»، عادّاً القضية برمتها مجرد «خلاف عائلي»، ومعرباً عن استعداد الأطراف التي يمثلها لـ«التفاهم ودياً».

وعلّق الخبير الأمني، اللواء طارق جمعة، على آخر تطورات قضية الدجوي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود خلافات عائلية وقضايا سابقة على الميراث لا يمنع الأجهزة الأمنية من التحري عن واقعة السرقة محل البلاغ، بمعزل عن أي شيء آخر».

وأضاف: «إذا تبين في مرحلة ما أن القضية بلاغ كيدي من طرف ضد طرف، فهنا ستتغير مجريات القضية، ووصفها من قضية سرقة إلى بلاغ كيدي وإزعاج السلطات».

نوال الدجوي (جامعة أكتوبر الحديثة للعلوم والآداب - «فيسبوك»)

ويرى وكيل نقابة المحامين، مجدي سخي، أن القضية «مثيرة للشبهات»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن الفاصل فيها هو المعاينة للكشف عما إذا كانت حدثت سرقة بالفعل أم لا، خصوصاً أن ما تقدم في البلاغ تغيير للأرقام السرية للخزن، أي أنها لم تُفتح بعد للتأكد من سرقتها.

وتوقع أن تنتهي القضية إلى مسار من اثنين؛ الأول «إثبات حدوث سرقة، وفي هذه الحالة يجوز الصلح، إذا كان مرتكب الواقعة من الأقارب، حال رغبت صاحبة البلاغ في ذلك»، أما في حالة «التأكد من عدم حدوث سرقة أو أن أحد الأطراف قدّم البلاغ كيدياً في الطرف الآخر فتتحول إلى بلاغ كاذب وإزعاج للسلطات».


مقالات ذات صلة

ترجيحات تستبعد إدراج مصر على قائمة حظر السفر الأميركية

شمال افريقيا لقاء السيسي وترمب في واشنطن خلال وقت سابق عام 2019 (الرئاسة المصرية)

ترجيحات تستبعد إدراج مصر على قائمة حظر السفر الأميركية

تحدثت تقارير صحافية عن عزم الإدارة الأميركية تقييد دخول مواطني مزيد من الدول ومن بينها مصر إلى الولايات المتحدة.

هشام المياني (القاهرة)
العالم العربي وزير التعليم المصري يتابع امتحانات الثانوية العامة من غرفة عمليات مركزية داخل الوزارة (وزارة التربية والتعليم)

​مصر: انطلاق ماراثون امتحانات «الثانوية» بجدل متكرر حول «صفحات الغش»

انطلق ماراثون امتحانات الثانوية العامة بمصر الأحد وسط «تأمين كامل» للجان و«تشديدات في عملية المراقبة» لتفادي ظاهرة «تسريب الامتحانات» المتكررة.

رحاب عليوة (القاهرة)
رياضة عالمية وسام أبو علي مهاجم الأهلي ينقذ مرمى فريقه من فرصة محققة لفريق إنتر ميامي (النادي الأهلي)

جماهير الأهلي المصري تتحسّر على ضياع «فوز سهل» أمام إنتر ميامي

رغم الأداء القوي والحماس الذي أظهره لاعبو النادي الأهلي في مباراتهم أمام إنتر ميامي في افتتاح كأس العالم للأندية، فإن «الفرص الضائعة» كانت العنوان الأبرز.

محمد عجم (القاهرة )
العالم العربي وزير الكهرباء المصري يتفقد محطة الربط الكهربائي المصري - السعودي الأسبوع الماضي (الكهرباء المصرية)

مصر تعوّل على الربط الكهربائي مع السعودية لتعزيز أمن الطاقة

تعوّل مصر على مشروع «الربط الكهربائي» مع السعودية لتعزيز أمن الطاقة من خلال تكامل شبكات الكهرباء إقليمياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في لقاء سابق مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله (الرئاسة المصرية)

الضربات الإسرائيلية - الإيرانية تزيد المخاوف في مصر من «موجة غلاء»

دفعت الضربات الإسرائيلية - الإيرانية نحو زيادة المخاوف من «موجة غلاء جديدة» بمصر، لا سيما مع ارتفاع أسعار الدولار والذهب، وتراجع مؤشرات البورصة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

4 قضايا تتصدر «المشاورات الوطنية» في الصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

4 قضايا تتصدر «المشاورات الوطنية» في الصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (وكالة الأنباء الصومالية)

يُعقد منتدى التشاور الوطني في الصومال، بدعوة من رئيس البلاد حسن شيخ محمود، في ظل وضع أمني غير مستقر وتواصُل تسجيل الناخبين أسماءهم استعداداً لانتخابات مصيرية العام المقبل، تُعقد بنظام الاقتراع المباشر لأول مرة منذ عقود.

ذلك المنتدى الذي احتضنته العاصمة الصومالية مقديشو، الاثنين، يبحث 4 قضايا رئيسية هي: «الوحدة، والأمن، والدستور، وعملية الانتخابات»، ويرى خبير في الشأن الأفريقي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن غياب المعارضة، وعلى رأسها رئيسا بونتلاند سعيد عبد الله دني، وغوبالاند أحمد مدوبي، يشكل تحديات كبيرة أمام القضايا لأنها لن تكون بنتائج محل توافُق ستحتاج إلى تدخل إقليمي ودولي؛ لإيجاد تقارب بين الفرقاء لا سيما قبل الانتخابات المقبلة.

والمنتدى التشاوري الذي أعلنت مقديشو رسمياً انعقاده «بمشاركة أطياف المجتمع المدني المختلفة من داخل البلاد وخارجها»، أُجِّل يوماً بعدما كان مقرراً منتصف يونيو (حزيران).

ولم توضح وكالة الأنباء الصومالية الرسمية سبب تأخير الانعقاد، إلا أنها قالت: «تُجري اللجنة المعنية الاستعدادات اللازمة لانعقاد المنتدى»، لافتةً إلى أنه «يناقش القضايا ذات الأولوية الوطنية، و(استكمال) الدستور و(الاستعداد) لعملية الانتخابات، والوحدة (ترسيخ النظام الفيدرالي) والأمن (في مواجهة حركة الشباب الإرهابية)».

الرئيس الصومالي خلال لقاء سابق مع منظمات المجتمع المدني تمهيداً لمنتدى التشاور الوطني (وكالة الأنباء الصومالية)

وأعلن الرئيس الصومالي، مطلع يونيو (حزيران) الجاري، أن انطلاق منتدى «المشاورات الوطنية» لقادة المجتمع السياسي والمدني في مقديشو يهدف إلى مناقشة تلك الملفات ذات الأولوية، قائلاً: «نسعى لبناء توافق واسع النطاق حول الأولويات الرئيسية لبناء الدولة، بما في ذلك الأمن الوطني، ومكافحة الإرهاب، والعمليات الانتخابية، واستكمال الدستور، والوحدة الوطنية، والمصالحة». وكان الهدف من إعلان تدشين تلك المنطقة في 29 مارس (آذار) الماضي -حسب إعلان حسن شيخ محمود وقتها- ضمان أن تكون آراء وجهود القادة جزءاً من الجهود الوطنية لمكافحة الإرهاب، وتعزيز بناء نظام ديمقراطي وفيدرالي في البلاد عبر الانتخابات المباشرة.

وتلك الملفات الأربعة هي محل نقاشات مستمرة منذ سنوات، وفي مقدمتها قضية استكمال الدستور المؤقت في 2012، قبل أن يوافق برلمان الصومال أواخر مارس (آذار) 2024، على تعديلات دستورية تشمل تغيير نظام الحكم من البرلماني إلى الرئاسي، واعتماد نظام الاقتراع العام المباشر، وتمديد الفترة الرئاسية من 4 إلى 5 سنوات، ورفضت ذلك القرارَ ولايتا بونتلاند وغوبالاند.

وبينما يشتد الجدل داخل البلاد بشأن الانتخابات المباشرة المرتقب عقدها في البلاد عام 2026 بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000 التي تعتمد بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس التي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، يعد انفصال إقليم أرض الصومال والخلافات المتصاعدة مع رئيسَي بونتلاند سعيد عبد الله دني، وغوبالاند أحمد مدوبي، أبرز تحديات الوحدة وترسيخ النظام الفيدرالي، بخلاف القضية الرابعة المتعلقة بـ«حركة الشباب» التي تصاعدت هجماتها في الأشهر الأخيرة، وأبرزها في 18 مارس (آذار)، حين أعلنت مسؤوليتها عن تفجير قنبلة كادت تصيب موكب الرئيس. وفي مطلع أبريل (نيسان)، أطلقت عدة قذائف قرب مطار العاصمة.

ووفق الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، فإن تلك القضايا تمثل أولوية وطنية كبيرة ومهمة، وتأتي في ظرف تاريخي للبلاد، مستدركاً: «لكن لن تنجح نقاشات ذلك المنتدى في تلك القضايا من طرف واحد وهو الحكومة مع موالين لها، في ظل غياب المعارضة، مما يجعل الأمور أشبه بمسرحية سياسية لا أكثر ولا أقل».

والمعارضة الغائبة، حسب مصدر مطلع تحدث إلى «الشرق الأوسط»، الأحد، لديها اعتراضات واضحة بشأن ملفين رئيسيين هما: الانتخابات والدستور، وسبق أن صرح وزير العدل في بونتلاند محمد عبد الوهاب، بأن الولاية «لن تُجري أي محادثات مع الحكومة الفيدرالية إلا بعد تنفيذ عدة شروط؛ منها عودة الحكومة إلى الدستور المتفق عليه في أغسطس (آب) 2012، وإجراء انتخابات وطنية متفق عليها وشاملة».

كما اشترط منتدى «إنقاذ الصومال»، المعارض، في بيان سابق لحضور المشاورات الوطنية أن «تشمل جميع الأطراف، بمن فيهم قادة الولايات والسياسيون المعارضون، مع التركيز على القضاء على الجماعات الإرهابية، وحل الخلافات السياسية (الانتخابات) والدستورية».

واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيس حسن شيخ محمود في 13 مايو (أيار) الماضي «حزب العدالة والتضامن» وتسميته مرشحاً له في الانتخابات المباشرة المقبلة، برفقة قيادة الحكومة الفيدرالية، وقادة الولايات الإقليمية، باستثناء رئيس بونتلاند سعيد عبد الله دني، وغوبالاند أحمد مدوبي، اللذين غابا عن اجتماع المجلس الاستشاري للبلاد قبل تأسيس الحزب بأيام.

ولاقى الحزب الجديد رفضاً من ولايتَي بونتلاند وغوبالاند وقتها في مواقف رسمية منفصلة، تلاها إصدار 15 شخصية سياسية بارزة في الصومال بياناً دعوا خلاله إلى عقد مشاورات عاجلة لإنقاذ البلاد.

وبرأي الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، فإن غياب المعارضة يؤثر في مستقبل تلك المحادثات «بوصفهم جزءاً مهماً لمستقبل البلد خصوصاً في القضايا ذات الأولوية الوطنية؛ كالأمن وعمليات الانتخابات، ومن دونهم من الصعب التقدم إلى الأمام»، معتقداً أنه سيكون هناك تدخل دولي لحسم الأمر وتقريب وجهات النظر وإنهاء تلك الخلافات؛ للتركيز أكثر على مواجهة إرهاب «حركة الشباب».