جبايات الحوثيين تفاقم معاناة السكان في 3 محافظات يمنية

جانب من حملة حوثية سابقة استهدفت متاجر في الحديدة (إعلام حوثي)
جانب من حملة حوثية سابقة استهدفت متاجر في الحديدة (إعلام حوثي)
TT

جبايات الحوثيين تفاقم معاناة السكان في 3 محافظات يمنية

جانب من حملة حوثية سابقة استهدفت متاجر في الحديدة (إعلام حوثي)
جانب من حملة حوثية سابقة استهدفت متاجر في الحديدة (إعلام حوثي)

شنت الجماعة الحوثية حملات جباية جديدة استهدفت التجار وباعة الأرصفة وسائقي شاحنات النقل التجاري في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، ومحافظتي الحديدة وإب، بحسب ما أفادت به مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وأكدت المصادر أن حملات الاستهداف تلك نُفذت بإشراف مباشر من قادة الجماعة المشرفين على ما تسمى مكاتب التجارة والنقل وهيئة الزكاة.

وبينما يواصل الانقلابيون تعطيل ما تبقى من فاعلية الاقتصاد المحلي بمناطق سيطرتهم، ووضع العراقيل أمام منتسبي القطاع الخاص بهدف استكمال فرض كامل السيطرة عليه، كشفت المصادر عن إغلاق الجماعة نحو 13 متجراً، والاستيلاء على عشرات العربات التي تتبع باعة أرصفة في مديريات التحرير ومعين والسبعين بصنعاء، بعد رفضهم دفع إتاوات لدعم ما تسمى «القوة الصاروخية»، وكذلك «الطيران المسير».

واشتكى تجار وملاك مشروعات تجارية صغيرة لـ«الشرق الأوسط»، من تعرضهم لاستهدافات حوثية جديدة، وتهديدات بالإغلاق والاعتقال حال رفضهم دفع أموال غير قانونية يقررها مشرفو الجماعة.

جرافة حوثية أثناء وصولها لهدم سوق في شمال صنعاء (فيسبوك)

وأكد مالك متجر في صنعاء، طلب عدم نشر اسمه، أن مسلحي الجماعة داهموا يومي السبت والأحد الماضيين أسواقاً وشوارع في صنعاء، واعتدوا على العاملين فيها وأغلقوا عدة محال تجارية، كما صادروا عربات تابعة لبائعين متجولين، واختطفوا العشرات بذريعة التهرب من تقديم الدعم للمجهود الحربي.

وقال مالك المتجر إن الاستهداف الحوثي الأخير يأتي في سياق حملات مستمرة على التجار بشكل عام، والمواطنين البسطاء الباحثين عن القوت الضروري لأطفالهم على وجه الخصوص.

وفي محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) أفاد مصدر محلي بمواصلة الجماعة اختطاف نحو 30 شخصاً يعملون لدى تجار وفي محلات تجارية في مديرية المشنة بمدينة إب، ورفضها المطلق الإفراج عنهم حتى يستجيب التجار وملاك المحلات لمطالبها بدفع إتاوات تحت اسم «الزكاة».

وكانت الجماعة أطلقت منتصف الأسبوع الماضي حملات جباية جديدة بحق كبار وملاك المحلات التجارية في إب، بغية الحصول على مزيد من الأموال تحت عدة أسماء غير قانونية.

إتاوات في الحديدة

وفي محافظة الحديدة اليمنية (غرب) ذكرت مصادر محلية أن الجماعة الحوثية تواصل عبر ما يسمى «مكتب النقل» الخاضع لها فرض إتاوات مالية مضاعفة على سائقي شاحنات النقل التجاري، غير مكترثة لمعاناتهم المتصاعدة إثر التوقف شبه الكلي لأعمالهم نتيجة تأثرهم بما تعرضت له المواني في الحديدة من ضربات أميركية وإسرائيلية متكررة.

واتهم مكتب الإعلام الحكومي بالحديدة، في بيان له، الانقلابيين الحوثيين بفرض جبايات مالية تعادل 34 دولاراً، نحو 18 ألف ريال يمني، عن كل شاحنة تحت اسم رسوم «تطوير تهامة».

ويتخذ الانقلابيون مما تسمى «الهيئة العامة لتطوير تهامة» الخاضعة لهم مبرراً للابتزاز وفرض مزيد من الإتاوات المالية على سائقي شاحنات النقل والمواطنين والعاملين بالقطاع التجاري في المحافظة الساحلية.

سائقو الشاحنات يقضون أوقاتاً صعبة أمام نقاط التفتيش الحوثية (فيسبوك)

وتتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بمواصلة تسخير تلك الهيئة وغيرها من المؤسسات الحكومية الخاضعة لسيطرتهم لخدمة أجندتهم عبر سرقة أموالها وتحويلها لمصلحة كبار القادة ودعم المجهود الحربي، وتمويل إقامة الفعاليات ذات المنحى الطائفي، بعيداً عن أي مهام ذات صلة بالتنمية وتطوير تهامة.

وأكد موظفون يعملون في الهيئة العامة لتطوير تهامة، لـ«الشرق الأوسط»، وجود عمليات فساد بالجملة نفذتها قيادات رفيعة في الجماعة على مدى السنوات الماضية بحق تلك الهيئة.

وكانت مصادر وتقارير محلية كشفت سابقاً عن استيلاء نافذين حوثيين على أراضٍ واسعة تتبع هيئة تطوير تهامة في الحديدة وقيامهم بعمليات بيع سرية وأخرى علنية لها، في سياق تحويلهم لتلك المؤسسة وغيرها من المقار الحكومية المغتصبة إلى ملكية خاصة تابعة لهم.


مقالات ذات صلة

مخاوف يمنية من انخراط الحوثيين في صراع إيران وإسرائيل

العالم العربي اجتماع لجنة الأزمات اليمنية في عدن برئاسة العليمي (سبأ)

مخاوف يمنية من انخراط الحوثيين في صراع إيران وإسرائيل

تتخوَّف الأوساط اليمنية على المستويين الرسمي والشعبي من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية جراء انخراط الحوثيين في الصراع بين إيران وإسرائيل.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي اليمن يواجه أزمة مالية غير مسبوقة ويسعى لتحسين موارده (إعلام حكومي)

خطة يمنية لزيادة الدولار الجمركي على السلع غير الأساسية

تخطط الحكومة اليمنية لرفع سعر الدولار الجمركي بهدف زيادة الموارد لتغطية العجز الناتج عن توقف تصدير النفط، بسبب منع الحوثيين لذلك منذ أكثر من عامين

محمد ناصر (تعز)
الخليج المستشار منصور المنصور خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء في الرياض (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يؤكد عدم استهداف التحالف مستشفى صرواح الريفي في 2015

أكد الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن أن مهمته إيضاح الحقائق بحيادية تامة ودون تحيز.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص عنصر حوثي خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

خاص مواقف متباينة في صنعاء حول الحرب الإيرانية - الإسرائيلية

أظهرت المتابعة للشارع اليمني الخاضع للحوثيين أن الحرب الإيرانية - الإسرائيلية الحالية أفرزت السكان والناشطين إلى ثلاث فئات متباينة في ردود الفعل والمواقف

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي إعادة فتح الطريق الرئيسي المغلق في الضالع سمحت بدخول البضائع والسلع من ميناء عدن (إكس)

قيود حوثية قاسية على طريق حيوي أعيد فتحه بين عدن وصنعاء

بعد إعادة فتح طريق حيوي بن عدن وصنعاء، بدأ الحوثيون فرض جبايات جديدة على السكان، وعلى مشترياتهم من مناطق سيطرة الحكومة، واستحدثوا جمارك جديدة.

وضاح الجليل (عدن)

سفير فرنسا في الرياض لـ«الشرق الأوسط»: الحل العسكري بين إسرائيل وإيران غير فعال

السفير الفرنسي لدى السعوددية (الشرق الأوسط)
السفير الفرنسي لدى السعوددية (الشرق الأوسط)
TT

سفير فرنسا في الرياض لـ«الشرق الأوسط»: الحل العسكري بين إسرائيل وإيران غير فعال

السفير الفرنسي لدى السعوددية (الشرق الأوسط)
السفير الفرنسي لدى السعوددية (الشرق الأوسط)

قال السفير الفرنسي لدى السعودية باتريك ميزوناف إن فرنسا لا ترى أن التدخل العسكري سيحل المشكلة، «بل إننا نعدّه غير فعال»، معللاً ذلك بأنه «لا يمكن أن يقضي نهائياً على المعرفة النووية الإيرانية أو يضمن التدمير الكامل للمنشآت النووية المدفونة أو المنتشرة».

وخلال إجابته عن أسئلة مكتوبة بعثت بها «الشرق الأوسط» حذر السفير من خطورة العمل على تغيير النظام الإيراني من الخارج، إذ يرى أن عواقب وخيمة سوف تسفر عن ذلك، تشمل انهيار الدولة، والحرب الأهلية، وزعزعة الاستقرار والصراعات الإقليمية، إلى جانب التهديد الإرهابي، وأزمات الهجرة، ومن شأن هذا الوضع أن يؤثر على أمن منطقة الخليج واستقرارها، ويمتد أيضاً على أوروبا.

التدخل العسكري، قد يؤدي بحسب السفير «إلى تشتت القدرات والمواد، ومن ثمّ إلى خطر الانتشار النووي، وكما يعلم شركاؤنا في السعودية ودول مجلس التعاون، فإن ذلك يحمل جميع أنواع المخاطر الإشعاعية بما في ذلك على مياه الخليج».

بالإضافة إلى ذلك، يشكل (التدخل العسكري) مخاطر كبيرة على الاستقرار الإقليمي «وأمن شركائنا وحلفائنا في المنطقة وعلى رأسها منطقة مضيق هرمز، وتوجيه ضربات ضد القواعد الأميركية، وضرب البنية التحتية للطاقة».

وزاد ميزوناف «أعتقد أن الحل الدبلوماسي هو الحل الأنسب لدينا. فنحن نعتقد أنه يوفر إمكانية التوصل إلى اتفاق قابل للتحقق ودائم، يحظى بتأييد دولي، بشأن المسائل التقنية الحاسمة مثل القدرة على التخصيب. كما أنه يجنّب المخاطر الجسيمة المرتبطة بالتصعيد العسكري، مثل الانتشار والمخاطر الإشعاعية وزعزعة الاستقرار الإقليمي».

وشدد الدبلوماسي الفرنسي على ضرورة أن يسفر الحل الدبلوماسي عن اتفاق مصحوب بتحقق قوي، وينبغي أن يتضمن عناصر قوية تتعلق أولاً بالجوانب التقنية «القدرة على التخصيب»، وثانياً بالاستدامة، وثالثاً بالتأييد الدولي الكامل وإمكانية التحقق، التي تتعلق أساساً بتمكّن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تفتيش المنشآت في أي وقت من دون إشعار مسبق.

وأضاف ميزوناف: «هذا الخيار هو الطريق الأفضل للخروج من الأزمة. هو الطريق الذي اختارته فرنسا في الماضي والذي نعده الطريقة الأفضل لحل دائم وسلمي».

ومع ذلك، يعتقد ميزوناف أن البرنامج النووي الإيراني، يشكل تهديداً خطيراً للمصالح الأمنية الفرنسية والأوروبية، بينما مهددات الحرب، تشمل دول المنطقة، في دول مجلس التعاون الخليجي، نظراً لتداعياته المحتملة على الاستقرار الإقليمي و«أمن حلفائنا».

ووفق ميزوناف، فإن هذا القلق تفاقم بسبب عدم تمكّن الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مدى عدة سنوات من ضمان سلمية البرنامج بشكل كامل، مؤكداً أن فرنسا ودول أوروبا تخشى بشكل كبير من أن البرنامج النووي الإيراني لم يصمم لأغراض مدنية بحتة.

وأضاف ميزوناف: «كل محاولات فرض تغيير النظام من الخارج تسفر عن عواقب وخيمة: انهيار الدولة، والحرب الأهلية، وزعزعة الاستقرار والصراعات الإقليمية، والإرهاب، وأزمات الهجرة. ومن شأن هذا الوضع أن يؤثر أولاً على أمن منطقة الخليج واستقرارها، ولكن أيضاً على أوروبا».