إشادة أميركية بإطلاق «حماس» سراح الجندي الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر، فتح الشهية لإمكانية توقع أكبر من ذلك مع زخم يتصاعد عشية جولة الرئيس دونالد ترمب، وزيارة لمبعوثه ستيف ويتكوف لإسرائيل وإرسال حكومة بنيامين نتنياهو وفدا للدوحة، الثلاثاء.
تلك الصفقة الأميركية مع «حماس» التي تمت بعيداً عن نتنياهو، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» ستقود لوضع أفضل للجانب الفلسطيني وضغوط أكبر على إسرائيل، متوقعين أن تذهب محادثات الدوحة المقررة، الثلاثاء، إلى هدنة جزئية مع ضمانات أميركية لصفقة شاملة أو تنفيذ اتفاق إنساني بإدخال المساعدات بشكل مبدئي حال تعثر المفاوضات.
وكشف مصدر مطّلع على المحادثات المباشرة التي جرت بين الولايات المتحدة وحركة «حماس» بالدوحة، لشبكة «سي إن إن» الأميركية، الاثنين، أن الإفراج عن ألكسندر سيقود فوراً إلى مفاوضات من أجل ترتيبٍ أوسع يهدف إلى إنهاء الحرب في غزة وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».
وكانت «حماس» أوضحت، الأحد، في بيان، أن إطلاق سراح ألكسندر «ضمن الخطوات المبذولة لوقف إطلاق النار وفتح المعابر وإدخال المساعدات والإغاثة لشعبنا في قطاع غزة»، معربة عن «الاستعداد للبدء الفوري في مفاوضات مكثفة، وبذل جهود جادة للوصول إلى اتفاق نهائي لوقف الحرب وتبادل الأسرى».
ولاقي ذلك البيان إشادة من ترمب في منشور له بمنصته بمنصات التواصل، واعتبر الإفراج «بادرة حسن نية»، مضيفاً: «نأمل أن تكون هذه أولى الخطوات الأخيرة اللازمة لإنهاء هذا النزاع الوحشي».
ورحّبت الوسيطان مصر وقطر بتلك الخطوة الفلسطينية أيضاً في بيان مشترك، عادِّين إياها «بادرة حسن نية وخطوة مشجعة لعودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، وضمان تدفّق المساعدات بشكل آمن ودون عوائق لمعالجة الأوضاع المأساوية في القطاع».
وهو الأمر الذي أكده وزيرا خارجية البلدين الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وبدر عبد العاطي، في اتصال هاتفي، الاثنين، بحسب بيان صحافي لـ«الخارجية» المصرية.
نتنياهو الذي وجد نفسه بعيداً عن المحادثات المباشرة بين «حماس» والولايات المتحدة، قال إن «إسرائيل ليست ملتزمة بأي وقف لإطلاق النار»، وإنها «ستستمر المفاوضات تحت وطأة النيران، في ظل الاستعدادات لتصعيد القتال»، بحسب بيان لمكتبه.
غير أن نتنياهو بعد لقاء ويتكوف والسفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هكابي، الاثنين، قال في بيان لمكتبه، إنه ناقش «الجهود الأخيرة لتنفيذ الخطوط العريضة لإطلاق سراح الرهائن التي قدمها ويتكوف، قبل توسع نطاق القتال. ولتحقيق هذه الغاية، وجه رئيس الوزراء بإرسال وفد تفاوضي إلى الدوحة الثلاثاء»، مؤكداً أن «المفاوضات لن تتم إلا تحت النار».
أستاذ العلوم السياسية والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، أوضح أن محادثات، الثلاثاء، ستشمل مناقشة مقاربة قدمها ويتكوف، متوقعاً أن تنتهي المحادثات على إدخال المساعدات الإنسانية فقط مع التوصل لاتفاق جزئي مرحلي لاحقاً لا يتضمن فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني حال نجحت المحادثات دون عراقيل من نتنياهو.
وبتقديرات المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور نزار نزال، فإن «حماس» بعد بادرة حسن النية بالإفراج عن ألكسندر حققت أهدافاً عدة منها فتح قنوات اتصال مع واشنطن رغم أنها تصنفها منظمة إرهابية وضمان دور سياسي مستقبلي بالقطاع، وفضح تعنت نتنياهو وزيادة الضغوط الداخلية عليه، متوقعاً أن يستمر الزخم الكبير الحالي مع ضغوط أميركية متزامنة مع زيارة ترمب لاستكشاف فرص التوصل لاتفاق.
ورغم قبول نتنياهو بالدفع بوفد للتفاوض مع وصول ترمب للمنطقة، فإن المقرب منه وزير الزراعة الإسرائيلي آفي ديختر، الرئيس السابق لجهاز «الشاباك»، قال الاثنين، إن إسرائيل ستقاوم الضغوط الأميركية لإنهاء الحرب في غزة قبل تحقيق أهدافها، مضيفاً في حديث الاثنين لـ«هيئة البث الإسرائيلية»: «لسنا النجمة الـ51 على علم الولايات المتحدة، وأهداف الحرب لم تتغير».
ومع فرص عودة المفاوضات للانعقاد، أفاد التلفزيون المصري، الاثنين، بأن السلطات المصرية أنهت استعداداتها لإدخال شاحنات الإغاثة إلى قطاع غزة حال فتح المعابر.
وأتاحت هدنة بين 19 يناير (كانون الثاني) و17 مارس (آذار) الماضيين عودة 33 رهينة إلى إسرائيل، بينهم 8 توفوا، مقابل الإفراج عن نحو 1800 معتقل فلسطيني من السجون الإسرائيلية.
واستأنفت إسرائيل هجومها على غزة في 18 مارس بهدف معلن، هو إجبار «حماس» على الإفراج عن جميع الرهائن. وحتى الآن، لم تؤتِ الجهود التي يبذلها الوسطاء الأميركي والمصري والقطري، بهدف إنهاء المعارك، أي ثمار.
ويعتقد فهمي أن نتنياهو لا يزال يناور وينتظر زيارة ترمب؛ لبحث الاستمرار في التفاوض أو العودة لعملية في غزة، مؤكداً أن مصر في كل الأمور حريصة على إنهاء أزمة غزة في أقرب وقت.
ويرجح نزال، أن تقبل «حماس» بهدنة جزئية مع ضمانات أميركية بأن تقود إلى إنهاء الحرب وانسحاب إسرائيل بخلاف إدخال المساعدات، معتقداً أن «حماس» ستركز على أهمية المضي في محطات سياسية جادة، ولو مرحلية بضمانات لإنهاء الأزمة بشكل نهائي خصوصاً أنها لا تملك إلا ورقة ضغط واحدة هي الرهائن.