تبعات التصعيد الحوثي تحرم سكان صنعاء من البهجة بالعيد

وسط القصف الأميركي وتدهور المعيشة

طفلة يمنية تشتري دمية من متجر ألعاب أطفال قبيل عيد الفطر (رويترز)
طفلة يمنية تشتري دمية من متجر ألعاب أطفال قبيل عيد الفطر (رويترز)
TT
20

تبعات التصعيد الحوثي تحرم سكان صنعاء من البهجة بالعيد

طفلة يمنية تشتري دمية من متجر ألعاب أطفال قبيل عيد الفطر (رويترز)
طفلة يمنية تشتري دمية من متجر ألعاب أطفال قبيل عيد الفطر (رويترز)

استقبل سكان العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء عيد الفطر هذا العام، وسط أوضاع سيئة جعلت الأغلبية منهم يفضلون البقاء مع عائلاتهم في المنازل، وعدم السفر إلى قراهم، ولا حتى الخروج إلى المتنفسات والحدائق العامة كما كانوا يعهدون ذلك خلال فترات ما قبل الانقلاب والحرب.

ومع استمرار أزيز المقاتلات الأميركية وقصفها المُكثف على مناطق متفرقة بصنعاء وريفها، يتحدث لـ«الشرق الأوسط» سكان قريبون من مواقع حوثية تعرضت أخيراً للقصف، عن أنهم عاشوا الجحيم ذاتها خلال الليالي القليلة الفائتة، بسبب دوي الغارات وخوفهم على ذويهم.

ويقول السكان إن سماء مدينتهم وريفها لم تعد تضيء في أثناء الليل بالألعاب النارية التي يطلقها أطفالهم ابتهاجاً بالعيد؛ بل تشتعل بالقذائف شديدة الانفجار التي تستهدف مواقع الحوثيين.

ويتحدث ماهر -وهو أحد السكان في ريف صنعاء- عن أن الجماعة الحوثية اعتادت طيلة فترة ما بعد الانقلاب أن تترك لهم قُبيل كل عيد أو أي مناسبة أخرى منغصات بالجملة، لتُفسِد عليهم مظاهر الفرحة.

من آثار قصف أميركي على موقع خاضع للحوثيين في صنعاء (أ.ب)
من آثار قصف أميركي على موقع خاضع للحوثيين في صنعاء (أ.ب)

ويتهم ماهر (25 عاماً) في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، الانقلابيين المدعومين من إيران، باستدعاء الضربات الأميركية الجديدة على صنعاء وبقية المدن، والاستمرار في تصعيدهم العسكري، بالتزامن مع التعسف وفرض الجبايات.

وتشير التقديرات إلى أن نحو 70 في المائة من سكان صنعاء كانوا خلال فترة ما قبل الحرب يفضلون قضاء أيام العيد خارج العاصمة، إما في الأرياف والمدن التي ينحدرون منها، وإما في مناطق ساحلية، منها الحديدة والعاصمة المؤقتة عدن.

تكيف مع الصراع

أجبر الصراع المستمر والمنغصات الحوثية وما رافقها من أوضاع متدهورة كثيراً من السكان في صنعاء وريفها على البقاء خلال أيام العيد بالمنازل، وعدم السفر إلى أي أماكن أخرى، خوفاً على حياتهم من الغارات المستمرة.

ومع استمرار الضغوط التي يُمارسها الأطفال والعائلات ضد أرباب الأسر لإجبارهم على مغادرة صنعاء صوب قراهم ومدنهم، أو حتى الخروج إلى الحدائق فيما تبقى من أيام العيد، لجأ كثير من الآباء إلى ابتكار ألعاب متواضعة بالقرب من منازلهم، حتى يتمكن أطفالهم من اللعب فيها، وتناسي فكرة ترك المنازل؛ خصوصاً في هذه الأيام التي تستقبل فيها صنعاء ومدن أخرى مزيداً من الضربات الأميركية.

آباء في صنعاء يصنعون لأبنائهم أراجيح قرب المنازل (الشرق الأوسط)
آباء في صنعاء يصنعون لأبنائهم أراجيح قرب المنازل (الشرق الأوسط)

ويبدي عصام -وهو موظف حكومي في صنعاء- شعوره بالحزن نتيجة عدم تمكنه هذا العيد، وللعام الخامس على التوالي، من السفر مع زوجته وأبنائه إلى قريته الكائنة في ضواحي مدينة إب، لقضاء إجازة العيد بين أهله وأصدقائه. ويرجع ذلك إلى تردي وضعه المادي والمعيشي نتيجة الحرب، وما خلَّفته من انقطاع الرواتب وانحسار فرص العمل وغياب أبسط الخدمات.

وذكر الموظف الحكومي والألم يعتصر قلبه أن والدته الثمانينية كانت دائماً تنتظره بفارغ الصبر قبيل كل عيد، حتى يصل إليها لقضاء إجازة العيد سوياً، ولكن ظروفه المستمرة في التدهور وقفت حجر عثرة بينه وبين ما يتمناه.

موجة غلاء

يكابد السكان في صنعاء ومدن يمنية أخرى خاضعة للحوثيين وضعاً معيشياً وإنسانياً صعباً، وموجة غلاء غير مسبوقة في أسعار الملابس، بما فيها تلك المستعملة والمكسرات والحلوى، وغيرها من متطلبات العيد، يرافقها أيضاً غياب لأي مظاهر البهجة بالعيد.

واعتاد اليمنيون شراء كميات كبيرة من الحلوى والمكسرات في الأعياد، والتي تعرف بـ«جعالة العيد» لتقديمها للضيوف خلال الزيارات المتبادلة في هذه المناسبات، أو تبادلها مع الأقارب والأصدقاء، ولكن لم يعد يقوم بالشراء في السنوات الأخيرة إلا المقتدرون منهم.

وفي موازاة المعاناة المعيشية وتوقف معظم السكان في صنعاء عن الاحتفال بالعيد، اتخذ الانقلابيون الحوثيون العيد فرصة لمواصلة تصعيدهم العسكري المحلي والإقليمي، وتكثيف إقامة الفعاليات الاحتفالية لأتباعهم ومقاتليهم في الجبهات؛ حيث ينفقون الأموال الطائلة.


مقالات ذات صلة

اليمن: سلسلة غارات أميركية تستهدف محافظتي صعدة والجوف

العالم العربي نيران تظهر في السماء بعد غارات جوية أميركية على اليمن (إ.ب.أ)

اليمن: سلسلة غارات أميركية تستهدف محافظتي صعدة والجوف

كشفت قناة «المسيرة» التي تديرها جماعة الحوثي اليمنية أن الولايات المتحدة شنت سلسلة من الغارات استهدفت محافظتي صعدة والجوف اليوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مقاتلة أميركية تقلع من متن حاملة طائرات لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

ضربات واشنطن على الحوثيين لا تتوقف... وقلق أممي على المدنيين

ضربت غارات أميركية مواقع مفترضة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة وعمران، وذلك غداة خسارة واشنطن أولى مقاتلاتها منذ بدء حملة ترمب ضد الجماعة في منتصف مارس.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي محتجون يمنيون يغلقون الطريق المؤدية إلى قصر معاشيق (إعلام محلي)

أزمة الكهرباء تتفاقم في عدن بسبب نفاد وقود محطات التوليد

تفاقمت أزمة الكهرباء في مدينة عدن بصورة غير مسبوقة، وبلغت ساعات الإطفاء 22 ساعة في اليوم، بالتوازي مع تراجع سعر العملة المحلية إلى أدنى مستوى على الإطلاق.

محمد ناصر (تعز)
الخليج الدكتور عبد الله الربيعة والوزيرة جيني تشابمان خلال لقائهما في لندن الاثنين (مركز الملك سلمان للإغاثة)

السعودية وبريطانيا توسعان الاستجابة للكوليرا في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة» ووزارة الخارجية البريطانية بياناً مشتركاً لتوسيع نطاق الاستجابة للكوليرا في جميع أنحاء اليمن، يستفيد منه 3.5 مليون شخص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)

هل يتعمد الحوثيون استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية لتجنب القصف؟

يعتقد مسؤولون وباحثون يمنيون أن جماعة الحوثي تتعمد استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية تجنباً للقصف الجوي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

واشنطن تعاقب 3 شركات نقل بحري تنقل منتجات نفطية إلى الحوثيين

ختم برونزي لوزارة الخزانة الأميركية يظهر في مبنى وزارة الخزانة في واشنطن (رويترز)
ختم برونزي لوزارة الخزانة الأميركية يظهر في مبنى وزارة الخزانة في واشنطن (رويترز)
TT
20

واشنطن تعاقب 3 شركات نقل بحري تنقل منتجات نفطية إلى الحوثيين

ختم برونزي لوزارة الخزانة الأميركية يظهر في مبنى وزارة الخزانة في واشنطن (رويترز)
ختم برونزي لوزارة الخزانة الأميركية يظهر في مبنى وزارة الخزانة في واشنطن (رويترز)

أعلن مكتب إدارة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية معاقبة 3 شركات نقل بحري والسفن التابعة لها - وهي سفن تحمل علم سان مارينو وبنما - بتهمة نقل المشتقات النفطية إلى الحوثيين في اليمن.

يُذكر أن جماعة الحوثيين في اليمن، التي تعد أحد حلفاء إيران في المنطقة، تنشر صواريخ وطائرات مسيرة وألغاماً بحرية لمهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر، مما يهدد حرية الملاحة العالمية والتجارة الدولية. كما يستفيد الحوثيون بشكل كبير من شحن البضائع عبر المواني التي يسيطرون عليها، ويستفيدون بشكل خاص من تفريغ منتجات نفطية مكررة في اليمن، وفق وكالة الأنباء الألمانية.

ويسيطر الحوثيون على مواني الحديدة ورأس عيسى والصليف الاستراتيجية على البحر الأحمر، ويحصّلون ملايين الدولارات من أنشطة المواني ومن مصادرة المنتجات النفطية المكررة المستوردة من ناقلات، عبر هذه المواني لتمويل هجماتهم في البحر.

وتبيع الجماعة المنتجات النفطية المكررة التي تصل عبر هذه المواني بأسعار باهظة في السوق السوداء اليمنية بحسب الإدارة الأميركية.

وقررت وزارة الخزانة الأميركية معاقبة شركات «زاس شيبنغ آند تريدنغ» المسجلة في جزر مارشال، التي سهلت نقل الغاز البترولي المسال باستخدام الناقلة «توليب بي زد» التي ترفع علم سان مارينو إلى ميناء رأس عيسى الذي تسيطر عليه جماعة الحوثيين، وشركة «باجساك شيبنغ» التي سهلت نقل الغاز البترولي إلى ميناء رأس عيسى باستخدام الناقلة «ميسان» التي تحمل علم بنما، وشركة «غريت ساكسيس شيبنغ» التي سهلت نقل الغاز البترولي إلى ميناء رأس عيسى باستخدام الناقلة «وايت ويل» التي ترفع علم بنما.