بينها «دعم المانحين الدوليين»... 3 أسباب تدفع مصر لحصر تكلفة الوافدين

الحكومة تؤكد تعاونها مع المنظمات الأممية لتقدير النفقات وفق معايير معتمدة

لاجئون من جنسيات مختلفة في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون من جنسيات مختلفة في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT
20

بينها «دعم المانحين الدوليين»... 3 أسباب تدفع مصر لحصر تكلفة الوافدين

لاجئون من جنسيات مختلفة في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون من جنسيات مختلفة في مصر (مفوضية اللاجئين)

حددت الحكومة المصرية ثلاثة أسباب رئيسية، دفعتها للعمل على حصر أعداد الوافدين الأجانب المقيمين على أرضها، والتكلفة الاقتصادية لاستضافتهم، في عملية قالت إنها «تجري وفق معايير معتمدة»، بالتعاون مع منظمات أممية.

وتستضيف مصر نحو 10.7 مليون من المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، يمثلون 62 جنسية مختلفة، يحصلون على كافة الخدمات الأساسية بنفس معاملة المصريين، حسب تصريح لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أمام مجلس حقوق الإنسان الدولي نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي.

وفي وقت سابق، قدّرت الحكومة المصرية التكلفة المباشرة لاستضافة هؤلاء الأجانب بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً.

وخلال اجتماعه، مساء الأحد، مع وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية مايا مرسي، ناقش رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، تقديرات تكلفة استضافة بلاده الأجانب الوافدين واللاجئين المقيمين من مختلف الجنسيات.

رئيس الوزراء المصري في اجتماع حكومي يناقش تكلفة استضافة الأجانب (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري في اجتماع حكومي يناقش تكلفة استضافة الأجانب (مجلس الوزراء المصري)

وحددت وزيرة التضامن 3 أسباب رئيسية لعملية حصر التكلفة الاقتصادية لأعداد الوافدين في بلادها، وهي «دعم صانع القرار والاسترشاد بها في اتخاذ القرارات»، و«فهم تأثيرات الوافدين والمهاجرين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على مؤشرات مصر الوطنية والدولية»، إضافة إلى ما تشكله تلك البيانات كـ«مرجعية للاعتماد عليها في تخصيص وتوجيه الدعم لجهود القاهرة في استضافة الأجانب على أرضها»، من المانحين الدوليين، حسب إفادة لمجلس الوزراء المصري.

واستعرض الاجتماع الخدمات المقدمة للأجانب بمختلف القطاعات، وتكلفة دعم البنية التحتية الصحية، اللازمة لتقديم الخدمات الطبية والرعاية الصحية لهم.

وتواجه مصر تدفقات مستمرة من مهاجرين اضطروا إلى ترك بلادهم، بسبب الصراعات، خصوصاً من دول الجوار العربي والأفريقي، وانتقد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في فبراير (شباط) الماضي، «تواضع حجم الدعم الدولي، الذي تتلقاه بلاده، والذي لا يتناسب مع الأعباء المتزايدة التي تتحملها، جراء استضافة المهاجرين واللاجئين».

رئيس الوزراء المصري والمسؤولون المعنيون بملف الوافدين (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري والمسؤولون المعنيون بملف الوافدين (مجلس الوزراء المصري)

ويستهدف حساب التكلفة الاقتصادية لأعداد الأجانب «تنظيم الحكومة المصرية لمواردها، ونفقاتها الاقتصادية»، حسب السفيرة نائلة جبر، رئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير المشروعة والاتجار بالبشر (التابعة لمجلس الوزراء).

وتشير جبر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «إجراءات الحكومة تأتي من منطلق تنظيمي لرقمنة كل ما يتعلق بملف اللاجئين والمهاجرين».

وتضيف: «هناك تغيرات مستمرة في أعداد الوافدين من جنسيات مختلفة إلى مصر، ومن حق الحكومة مراجعة بيانات المقيمين على أرضها بدقة، وحساب تكلفة استضافتهم اقتصادياً، في ضوء التأثيرات الإقليمية والدولية عليها وعلى المنطقة»، مؤكدة «أهمية تنسيق جهود استضافة الوافدين مع الجهات الدولية المختلفة، والاستفادة من البرامج التي تقدمها تلك المؤسسات».

ووفق مجلس الوزراء المصري، تتعاون الحكومة المصرية مع منظمات الأمم المتحدة، بهدف «حصر التكلفة الاقتصادية لأعداد اللاجئين والوافدين، وفق معايير محددة، من كل الوزارات والجهات الحكومية».

ومن بين الأجانب المقيمين في مصر، نحو 935 ألف لاجئ مسجلين بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالقاهرة، يمثلون 61 جنسية، يشكل السودانيون النسبة الأكبر منهم، بـ71 بالمائة، وفي المرتبة الثانية السوريون، بنسبة 15 بالمائة، وفق أحدث تقدير لمكتب مفوضية شؤون اللاجئين بمصر.

وباعتقاد مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة كريستين بشاي، فإن الحكومة المصرية «تسعى لصياغة تقديرات منضبطة لأعداد الوافدين وتكلفة استضافتهم، ضمن إجراءات تطبيق قانون (لجوء الأجانب) الجديد»، وأشارت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «التشريع ينص على عودة ملف تسجيل اللاجئين إلى اختصاص الحكومة المصرية بدلاً من المفوضية».

وأقر مجلس النواب المصري (البرلمان) في ديسمبر (كانون الأول) الماضي قانوناً جديداً بشأن «لجوء الأجانب»، كأول تشريع داخلي ينظم شؤونهم في مصر، نص على «إنشاء لجنة دائمة لشؤون اللاجئين، تتبع مجلس الوزراء، لتكون الجهة المعنية بشؤون اللاجئين، لا سيما الفصل في طلبات اللجوء، وتقديم الدعم والخدمات والرعاية لهم، والتعاون مع المؤسسات الدولية والأممية».

ورغم إقبال الوافدين الأجانب للتسجيل كلاجئين، بسبب الاضطرابات الإقليمية، تراجع الدعم الدولي من الجهات المانحة كثيراً خلال الفترة الأخيرة، وفق بشاي، ودللت على ذلك بأن «مكتب مفوضية شؤون اللاجئين بالقاهرة لم يحصل سوى على 21 بالمائة من الدعم المطلوب له هذا العام، بسبب وقف كثير من المانحين دعمهم»، وقالت: «المفوضية طلبت نحو 138 مليون دولار، ولم يصل سوى 29 مليون دولار فقط».

ويشكل التقدير الاقتصادي لاستضافة الأجانب والوافدين خطوةً مهمةً في حسابات الحكومة المصرية، خصوصاً مع مفاوضاتها مع الصناديق الدولية، وفق عضو مجلس النواب المصري محمد بدراوي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن هذه التكلفة «تمثل سنداً مهماً في مشاورات القاهرة مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لتكون موضع اعتبار وتقدير، في المنح والقروض المقدمة من تلك المؤسسات».

ويتوقف بدراوي مع أهمية تنظيمية لخطوة مراجعة أعداد الأجانب والمهاجرين لـ«كشف المقيمين بشكل شرعي، والمخالفين لشروط الإقامة»، إلى جانب «معرفة عدد المسددين لقيمة تصاريح الإقامات»، معتبراً أن «الهدف من تلك الإجراءات ضبط منظومة ملف الوافدين الأجانب على الأراضي المصرية».


مقالات ذات صلة

انفجارات عنيفة تهز شمال مدينة رفح... رافقتها حركة نزوح

المشرق العربي نازحون من رفح يصلون إلى مدينة خان يونس في أعقاب أوامر الإخلاء الإسرائيلية الجديدة بجنوب قطاع غزة في 31 مارس 2025 (أ.ف.ب)

انفجارات عنيفة تهز شمال مدينة رفح... رافقتها حركة نزوح

أفادت إذاعة «صوت فلسطين»، اليوم (الاثنين)، بسماع دوي قصف مدفعي وانفجارات عنيفة تهز شمال مدينة رفح الواقعة في جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (رفح)
المشرق العربي عون يؤكد للشرع ضرورة التنسيق لحل قضية الحدود بين لبنان وسوريا

عون يؤكد للشرع ضرورة التنسيق لحل قضية الحدود بين لبنان وسوريا

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون في اتصال هاتفي مع نظيره السوري أحمد الشرع، الجمعة، ضرورة التنسيق بين البلدين لمعالجة موضوع الحدود المشتركة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا سودانيون نزلوا إلى شوارع مدينة بورتسودان للاحتفال بسيطرة الجيش السوداني على العاصمة الخرطوم 26 مارس 2025 (أ.ف.ب)

«سنعود لمنازلنا»... سودانيون يحتفلون في بورتسودان بسيطرة الجيش على الخرطوم

اكتظَّت شوارع مدينة بورتسودان، مساء الأربعاء، بعشرات السودانيين الذين خرجوا للاحتفال بإعلان الجيش سيطرته على الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
المشرق العربي وزيرا داخلية ألمانيا والنمسا في جولة داخل العاصمة الأردنية الأربعاء قبيل إلغاء زيارتهما لدمشق (د.ب.أ)

«تهديدات إرهابية» تلغي زيارة وزيرَي داخلية ألمانيا والنمسا لدمشق

ألغى وزيرا داخلية ألمانيا والنمسا زيارة غير معلنة لسوريا في اللحظات الأخيرة، بسبب «تهديدات أمنية من مجموعات إرهابية تهدف لزعزعة استقرار الحكومة الانتقالية».

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا وزيرة الاندماج النمساوية كلوديا بلاكولم (رويترز)

سابقة بالاتحاد الأوروبي... النمسا تعلّق لم شمل عائلات اللاجئين

أعلنت النمسا اليوم الأربعاء أنها ستعلّق لم شمل عائلات اللاجئين اعتبارا من مايو (أيار)، لتصبح أول دولة في الاتحاد الأوروبي تقوم بهذه الخطوة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

12 % من اليمنيين فقط يعتمدون على الكهرباء العمومية

محلات بيع أدوات إنتاج الطاقة الشمسية انتشرت في اليمن منذ بداية سنوات الحرب (رويترز)
محلات بيع أدوات إنتاج الطاقة الشمسية انتشرت في اليمن منذ بداية سنوات الحرب (رويترز)
TT
20

12 % من اليمنيين فقط يعتمدون على الكهرباء العمومية

محلات بيع أدوات إنتاج الطاقة الشمسية انتشرت في اليمن منذ بداية سنوات الحرب (رويترز)
محلات بيع أدوات إنتاج الطاقة الشمسية انتشرت في اليمن منذ بداية سنوات الحرب (رويترز)

في حين تتمتع معظم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتغطية شبه شاملة للكهرباء، أكد البنك الدولي أن اليمن متأخر بشكل ملحوظ في هذا الجانب، وأنه خلال 2022 حصل 76 في المائة من سكانه على الكهرباء، لكن لم يعتمد سوى 12 في المائة منهم على الكهرباء من الشبكة العمومية.

وذكر البنك في تقرير حديث أن العديد من اليمنيين متصلون بالشبكة، إلا أنهم يعانون من انقطاعات طويلة للكهرباء بسبب نقص الوقود اللازم لمحطات التوليد، مشيراً إلى أن مدينة عدن التي تتخذها الحكومة المعترف بها دولياً مقراً لها، واجهت أخيراً انقطاعاً كبيراً للكهرباء بسبب نقص إمدادات الوقود.

ووفقاً للتقرير، فإن السكان يحصلون على ساعة أو ساعتين فقط من كهرباء الشبكة يومياً، كما يعني ذلك امتلاكهم لنظام صغير يُوفّر ما يكفي بالكاد للإضاءة والمروحة وشاحن الهاتف، في إشارة إلى استخدام ألواح الطاقة الشمسية أو خزانات الطاقة المنزلية.

ووفق ما أورده البنك، فإن المتصلين بالشبكة أكثر من 90 في المائة منهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، حيث أدت الحرب التي أشعلها الحوثيون منذ عشرة أعوام إلى تدمير قطاع الطاقة وتفاقم نقص إمداداتها، مما جعل المناطق الريفية تعتمد على الكيروسين.

سنوات الحرب التي أشعلها الحوثيون دمرت محطات الكهرباء وشبكات النقل (إعلام محلي)
سنوات الحرب التي أشعلها الحوثيون دمرت محطات الكهرباء وشبكات النقل (إعلام محلي)

وهذا يؤدي - بحسب البنك - إلى تفاقم الأزمات في مجالات الرعاية الصحية والمياه والتعليم، كما أن انقطاع التيار الكهربائي يحد من قدرة الأطفال على الدراسة مساءً، ويساهم في زيادة المخاوف الأمنية والسلامة بين النساء، مما يعمّق الفوارق بين الجنسين.

مشروع الطوارئ

تناول تقرير البنك الدولي مشروع توفير الكهرباء في حالات الطوارئ في اليمن، وقال إنه ساهم في تركيب وحدات الطاقة الشمسية في المنازل شبه الحضرية والريفية والمرافق العامة الحيوية - مثل المستشفيات والمدارس - وقد أشرك المشروع القطاع الخاص، مع التركيز على مؤسسات التمويل الأصغر التي كان لها دور فعال في تطوير حلول تمويل الطاقة الشمسية.

ورأى البنك أن نقل مسؤوليات الشراء تدريجياً إلى مؤسسات التمويل الأصغر وخفض الدعم، عزّز سلسلة القيمة المحلية للطاقة الشمسية واستدامة السوق. كما سخّر آليات تمويل مبتكرة، بما في ذلك الدعم المصمم خصيصاً لظروف السوق، مما شجع على تحمل التكاليف مع تعزيز نمو القطاع الخاص. كما حسّنت برامج الدفع حسب الاستخدام من إمكانية حصول الأسر ذات الدخل المنخفض على الطاقة.

وبين عامَي 2018 و2022، سعى مشروع توفير الكهرباء الطارئ في اليمن إلى تحسين الوصول إلى الكهرباء في المناطق الريفية وشبه الحضرية باستخدام الطاقة الشمسية، والذي نفّذه مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، واستفاد منه ما يقرب من 800 ألف شخص، منهم نحو 50 في المائة من النساء، وذلك من خلال توفير أنظمة الطاقة الشمسية للمنازل والمرافق الحيوية.

800 ألف يمني استفادوا من مشروع تحسين كفاءة الطاقة (إعلام محلي)
800 ألف يمني استفادوا من مشروع تحسين كفاءة الطاقة (إعلام محلي)

وبناءً على نجاح مشروع تحسين كفاءة الطاقة في اليمن في نهاية عام 2022 ونتائجه الإيجابية التي تم من خلالها تحسين الوصول إلى الكهرباء، ودعم الأسواق المحلية، وتعزيز الاستدامة طويلة الأمد في قطاع الطاقة؛ قال البنك إن أنظمة الطاقة الشمسية عالية الجودة وصلت إلى أكثر من 117 ألف أسرة، بما في ذلك 36.157 أسرة تعولها نساء. وساهم المشروع في كهربة المرافق الحيوية، مما أفاد أكثر من 3.2 مليون شخص، وحسّن تقديم الخدمات بشكل ملحوظ.

وبحسب البنك الدولي، فإنه من خلال استبدال أنظمة الطاقة الشمسية بمولدات الديزل، نجحت المبادرة في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتحسين جودة الهواء، وتعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ، كما عززت جهود تعزيز القدرات المحلية ونمو القطاع الخاص في مؤسسات التمويل الأصغر، وتضاعفت مشاركة الموظفات لتمكين المؤسسات من تحسين وصولها إلى النساء.