منظمات دولية تحذّر من العبء الإنساني للضربات الإسرائيلية في اليمن

الأمم المتحدة استأنفت رحلاتها الجوية عبر مطار صنعاء

برج مطار صنعاء الخاضع للحوثيين بعد استهدافه بغارة إسرائيلية (د.ب.أ)
برج مطار صنعاء الخاضع للحوثيين بعد استهدافه بغارة إسرائيلية (د.ب.أ)
TT
20

منظمات دولية تحذّر من العبء الإنساني للضربات الإسرائيلية في اليمن

برج مطار صنعاء الخاضع للحوثيين بعد استهدافه بغارة إسرائيلية (د.ب.أ)
برج مطار صنعاء الخاضع للحوثيين بعد استهدافه بغارة إسرائيلية (د.ب.أ)

بينما أعلنت الأمم المتحدة استئناف الرحلات الجوية الإنسانية من مطار صنعاء، انتقدت كبرى المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية في اليمن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت المطار والمواني ومحطات الكهرباء في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية. وقالت إن ملايين المدنيين سيتحمّلون العبء الأكبر لهذه الهجمات.

وفي بيان مشترك وقّعت عليه العشرات من المنظمات -من بينها «المجلس الدنماركي للاجئين»، و«لجنة الإنقاذ الدولية»، و«إنترسوس»، ومؤسسة «ماري ستوبس» الدولية في اليمن، و«أوكسفام»- عبّرت فيه عن قلقها إزاء عواقب التصعيد على المدنيين في البلاد.

وانتقدت المنظمات الدولية والوطنية التي تقدم المساعدات الإنسانية في اليمن الضربات الجوية التي استهدفت البنية التحتية المدنية الحيوية، بما في ذلك مطار صنعاء الدولي، ومحطات الكهرباء في صنعاء والحديدة، والمواني البحرية في الحديدة وما حولها، والتي وقعت يوم الخميس 26 ديسمبر (كانون الأول).

وقالت المنظمات إن هذه الهجمات تسلّط الضوء على أهمية الالتزام بالقانون الإنساني الدولي، خصوصاً فيما يتعلّق بحماية المنشآت المدنية الجوية والبحرية، كونها تمثّل شريان حياة أساسيًا لبقاء ملايين اليمنيين.

جانب من مطار صنعاء الذي استهدفته ضربات إسرائيلية (إ.ب.أ)
جانب من مطار صنعاء الذي استهدفته ضربات إسرائيلية (إ.ب.أ)

وحسب البيان، يظل مطار صنعاء شريان حياة حيوياً لليمنيين الذين يسعون للسفر، بما في ذلك لتلقي العلاج الطبي المنقذ للحياة في الخارج، وهو ما أُتيح فقط منذ استئناف الرحلات المحدودة في مايو (أيار) 2022. كما يمثّل المطار نقطة تسليم ضرورية للمساعدات الإنسانية في بلد يحتاج نحو نصف سكانه إلى المساعدة، حيث يُتوقع أن يرتفع عدد المحتاجين من 18 مليوناً إلى 19.5 مليون شخص في عام 2025، من بينهم 77 في المائة من النساء والأطفال.

وذكرت المنظمات أن الضربات الجوية التي استهدفت صالة المغادرة والمدرج وبرج المراقبة في مطار صنعاء، في وقت كان فيه العشرات من الركاب المدنيين والعاملين الإنسانيين ووفد رفيع المستوى من الأمم المتحدة موجودين، أدت إلى وقوع إصابات بين المدنيين.

قلق إنساني

قالت المنظمات الدولية، في بيانها، إن استهداف البنية التحتية للكهرباء يثير قلقاً خاصاً في بلد يعاني أحد أدنى مستويات الاتصال الكهربائي في العالم؛ حيث يعتمد الملايين من اليمنيين على الإمدادات الكهربائية الخاصة المكلفة.

وأشارت إلى أن استهداف المحطات سيزيد من العبء على الأسر اليمنية، والبنية التحتية للمياه، وسبل العيش، والنظام الصحي الهش بالفعل، بما في ذلك المستشفيات.

منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية خلال استئناف الرحلات من مطار صنعاء (الأمم المتحدة)
منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية خلال استئناف الرحلات من مطار صنعاء (الأمم المتحدة)

ومع الانقطاعات الكهربائية في الحديدة، بيّنت المنظمات أن مركز غسل الكلى الرئيس تعطّل لساعات؛ مما أظهر الآثار الفورية في حياة البشر. كما أن المواني البحرية في المحافظة هي مواني استيراد أساسية للمساعدات الإنسانية المنقذة للحياة وللأساسيات، مثل القمح والأرز، التي يعتمد عليها ملايين المدنيين اليمنيين للبقاء على قيد الحياة، وكذلك الوقود.

ويعتمد اليمن، وفقاً للبيان، بشكل كبير على الواردات من خلال المواني الحيوية، بما في ذلك الحديدة؛ حيث يعتمد نحو 90 في المائة من السكان على استيراد المواد الغذائية.

ونبّه البيان إلى أنه بعد الفيضانات المدمرة هذا الصيف التي أثرت بشدة في إنتاج المحاصيل، أصبح اليمنيون يعتمدون بشكل أكبر على الواردات الغذائية والمساعدات الطارئة لمواجهة مستويات الأزمة من انعدام الأمن الغذائي، الذي وصل إلى المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أو ربما إلى مستويات أعلى.

الالتزام بالقانون

دعت المنظمات الإنسانية جميع الأطراف إلى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي وضمان حماية البنية التحتية المدنية التي تقدّم خدمات أساسية حيوية لا غنى عنها لبقاء ملايين المدنيين في اليمن. وحذّرت من عواقب الهجمات على المرافق المدنية، وقالت إنها ستكون شديدة وطويلة الأمد بالنسبة إلى المدنيين اليمنيين الذين يعانون بالفعل إنهاكاً مستمراً نتيجة عقد من الصراع.

وطالبت المنظمات جميع الأطراف بإعطاء الأولوية للحوار والتفاوض، والامتناع عن الهجمات التي تُعرّض حياة المدنيين للخطر، وتدمر البنية التحتية المدنية الحيوية، وتعمّق حالة عدم الاستقرار الإقليمي. كما حثتهم على التهدئة، مع إدراك أن المدنيين في اليمن هم من يدفع الثمن.

بخلاف الهجمات الإسرائيلية تستهدف القوات الأميركية المواقع العسكرية للحوثيين (رويترز)
بخلاف الهجمات الإسرائيلية تستهدف القوات الأميركية المواقع العسكرية للحوثيين (رويترز)

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد ندّد بالتصعيد بين اليمن وإسرائيل، وقال إن الضربات الجوية الإسرائيلية على مطار صنعاء الدولي ومواني البحر الأحمر ومحطات الكهرباء في اليمن تثير القلق بشكل خاص.

إلى ذلك، سجلت واردات المواد الغذائية الواصلة إلى المواني الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين على البحر الأحمر، غرب اليمن، ارتفاعاً بأكثر من 10 في المائة خلال الأشهر الماضية من هذا العام. وفق بيانات وزّعها برنامج الأغذية العالمي.

وذكر البرنامج الأممي أن إجمالي واردات المواد الغذائية إلى مواني الحديدة والصليف الخاضعة لسيطرة الحوثيين بلغ نحو 4.7 مليون طن متري، وهي تمثّل زيادة بنسبة 14 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، التي دخل فيها نحو 4.07 مليون طن متري.

وحسب البرنامج، فإن المواد الغذائية كانت متوفرة في الأسواق اليمنية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن «مع ذلك فإن الوصول إلى الغذاء ظلّ يشكّل تحدياً لملايين الأسر بسبب انخفاض القدرة الشرائية لديها».


مقالات ذات صلة

مساعِ حوثية في إب لإخضاع الأيتام للتعبئة العسكرية

جانب من زيارة حوثية لإحدى دور الأيتام في إب اليمنية (فيسبوك)

مساعِ حوثية في إب لإخضاع الأيتام للتعبئة العسكرية

يسعى الحوثيون إلى استقطاب دفعة جديدة من الأيتام في محافظة إب؛ بغية إلحاقهم بالتعبئة العسكرية، وذلك عبر زيارات ميدانية أجراها قادة في الجماعة إلى دور الإيواء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضبط المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)

اليمن يغلق منفذاً آخر لتهريب المهاجرين غير الشرعيين

أغلقت السلطات اليمنية منفذاً آخر لتهريب المهاجرين من القرن الأفريقي وضبطت أكثر من 560 منهم خلال أقل من أسبوع، وذلك بعد أيام من غرق أكثر من 180 شخصاً.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مبنى البنك المركزي اليمني الخاضع للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

المصارف الخاضعة للحوثيين تعتزم النزوح الجماعي تفادياً للعقوبات الأميركية

تعتزم البنوك اليمنية الخاضعة للحوثيين تنفيذ عملية نزوح جماعي إلى العاصمة المؤقتة عدن تفادياً للعقوبات الأميركية، وسط مخاوف من ردود فعل انتقامية حوثية.

علي ربيع (عدن)
أوروبا أرشيفية لناقلة نفط تمر عبر مضيق هرمز (رويترز)

سفن بمضيق هرمز تبلغ عن عمليات تشويش على أنظمة الملاحة

أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، أنها تلقت تقارير من عدة سفن تبحر في مضيق هرمز عن تعرضها لعمليات تشويش أثرت على نظام تحديد المواقع العالمي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي عمال في شركة توصيل في صنعاء خلال حفل تكريم لهم (فيسبوك)

خدمة التوصيل تزدهر في صنعاء رغم تردي المعيشة

يتزايد الإقبال على خدمة طلب الطعام والمواد الغذائية في العاصمة صنعاء ويساهم الإثراء من الحرب في انتشارها برغم تردي الأوضاع المعيشية وصعوبة عمل شركات التوصيل.

وضاح الجليل (عدن)

اليمن يغلق منفذاً آخر لتهريب المهاجرين غير الشرعيين

ضبط المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
ضبط المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
TT
20

اليمن يغلق منفذاً آخر لتهريب المهاجرين غير الشرعيين

ضبط المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
ضبط المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)

أغلقت السلطات اليمنية منفذاً آخر لتهريب المهاجرين من القرن الأفريقي وضبطت أكثر من 560 منهم خلال أقل من أسبوع، وذلك بعد أيام منذ غرق أكثر من 180 شخصاً أثناء محاولتهم الوصول إلى البلاد عبر طريق استُحدث بعد إغلاق الطريق الرئيسي الواقع على سواحل محافظة لحج غرب مدينة عدن.

وذكرت وزارة الداخلية اليمنية أن قوات خفر السواحل ضبطت قارباً يحمل 194 مهاجراً غير شرعي وصلوا إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة، وهو الطريق الثاني المعروف لتهريب المهاجرين منذ سنوات عديدة، وبيّنت أن أغلب المقبوض عليهم من الجنسية الإثيوبية، 46 رجلاً و70 امرأة و5 أطفال، إلى جانب 73 شخصاً من حملة الجنسية الصومالية، معظمهم من الذكور.

ووفق الإعلام الأمني، اتخذت الشرطة الإجراءات القانونية حيال هذه المجموعة من الواصلين الجدد، لينضموا إلى من سبقهم؛ حيث تم اعتراض 3 قوارب كانت تحمل 374 مهاجراً غير شرعي من القرن الأفريقي خلال أسبوع واحد.

وقام المهربون - بحسب البيان - بتحويل رحلاتهم نحو محافظة شبوة بعد إغلاق الطريق المؤدي إلى محافظة لحج، الذي كان يُعد الشريان الرئيسي لرحلات المهاجرين من القرن الأفريقي إلى اليمن ومنها إلى دول الجوار العربي.

مهربو الأفارقة إلى اليمن اتجهوا إلى سواحل شبوة بعد إغلاق سواحل لحج (إعلام حكومي)
مهربو الأفارقة إلى اليمن اتجهوا إلى سواحل شبوة بعد إغلاق سواحل لحج (إعلام حكومي)

وكان قاربان يحملان أكثر من 180 مهاجراً قد انقلبا، الأسبوع الماضي، قبالة سواحل مديرية ذو باب في محافظة تعز اليمنية وسط أحوال جوية لم تشهدها المنطقة منذ سنوات، عندما كانت المجموعة في محاولة للقيام برحلة خطيرة من القرن الأفريقي؛ حيث غرق المركبان في البحر الهائج، وهو خطر معروف خلال هذا الموسم. وكان من بين من كانوا على متنهما 124 رجلاً و57 امرأة على الأقل. وتم إنقاذ يمنيين اثنين من أفراد الطاقم.

ومع تأكيد المنظمة الدولية للهجرة عدم العثور على أي جثث حتى الآن، بيّنت أن الحادثة وقعت نتيجة تجاهل المهربين الاستجابة لتحذيرات الطقس الصادرة عن هيئة الطيران المدني والأرصاد الجوية في اليمن، التي نصحت بعدم السفر بسبب الرياح القوية والأمواج العالية. ونقلت عن مهاجرين وصلوا إلى نقاط الاستجابة للمهاجرين في اليمن أن المهربين أصبحوا أكثر تهوراً؛ حيث يرسلون القوارب رغم علمهم بالظروف الخطرة لتجنب الدوريات.

أوضاع مأساوية

بحسب المنظمة الدولية للهجرة، فإن الناجين من رحلة العبور إلى اليمن غالباً ما يجدون أنفسهم عالقين في أوضاع مأساوية. فالمهاجرون الذين يعبرون البلاد يتعرضون بشكل متكرر للعنف والاحتجاز والعمل القسري وأشكال أخرى من الاستغلال. كما يواجه كثيرون الاختطاف والابتزاز على يد المهربين والجماعات المسلحة، بينما تتقطع السبل بآخرين دون وسيلة لمواصلة رحلتهم أو العودة إلى ديارهم.

وعلى الرغم من هذه المخاطر، يواصل الآلاف القيام بهذه الرحلة كل عام؛ حيث وصل أكثر من 60 ألف مهاجر إلى اليمن في العام الماضي فقط. ومنذ عام 2014، سجل مشروع المهاجرين التابع للمنظمة وفاة أكثر من 3400 حالة واختفاء على طول الطريق الشرقي، بما في ذلك أكثر من 580 امرأة و100 طفل، وكان الغرق سبباً في 1400 من هذه الوفيات.

تحذير أممي من مغامرات المهربين وسط سوء الأحوال الجوية (إعلام حكومي)
تحذير أممي من مغامرات المهربين وسط سوء الأحوال الجوية (إعلام حكومي)

وتعهدت المنظمة بمواصلة تقديم المساعدات المنقذة للحياة للمهاجرين في اليمن، بما في ذلك الغذاء والرعاية الطبية وخدمات الحماية والعودة الإنسانية الطوعية. ومع ذلك، أكدت أن حجم الاحتياجات يتجاوز بكثير الموارد المتاحة.

وذكرت أنه ومع الانخفاض الذي أثر بشدة على الجهود الإنسانية، تخشى أن يظل المزيد من المهاجرين عالقين إلى أجل غير مسمى في اليمن، مع القليل من الوصول إلى الغذاء أو المأوى أو الرعاية الطبية.

وفي ظل تدهور الوضع الإنساني في اليمن بشكل عام، حثّت المنظمة الدولية للهجرة على اتخاذ إجراءات دولية أكبر لحماية المهاجرين ومعالجة الدوافع الأساسية للهجرة غير النظامية، وقالت إن هناك حاجة إلى دعم عاجل لإنشاء مسارات هجرة أكثر أماناً ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.