«هدنة غزة»: الصفقة تدخل «مرحلة حاسمة»

جهود مصرية - قطرية «مكثفة» للتوصل إلى اتفاق

رد فعل مشيعين خلال جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارات إسرائيلية قرب مستشفى ناصر جنوب غزة (رويترز)
رد فعل مشيعين خلال جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارات إسرائيلية قرب مستشفى ناصر جنوب غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: الصفقة تدخل «مرحلة حاسمة»

رد فعل مشيعين خلال جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارات إسرائيلية قرب مستشفى ناصر جنوب غزة (رويترز)
رد فعل مشيعين خلال جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارات إسرائيلية قرب مستشفى ناصر جنوب غزة (رويترز)

وسط محادثات واتصالات وجولات للوسطاء، دخلت مفاوضات الهدنة في قطاع غزة مرحلة «حاسمة» عبر اجتماعات فنية، وسط حديث مصري عن «جهود مكثفة» من القاهرة والدوحة مع الأطراف كافة للتوصل إلى اتفاق تهدئة بالقطاع.

تلك الاجتماعات التي تشهدها الدوحة بحضور إسرائيلي، تأتي مع ترجيح مصادر لـ«الشرق الأوسط» باقتراب عقد الاتفاق بعد استكمال تفاصيله الأخيرة، خصوصاً المرتبطة بأسماء الرهائن الأحياء والأسرى الفلسطينيين، لافتين إلى معلومات أولية تشير إلى احتمال أن تتم الصفقة الأسبوع المقبل على أن يعلن عنها قبل أحد الأعياد اليهودية، الذي يحل في 25 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، حال استمر التقدم الحالي بالمفاوضات.

ويرجح خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» حدوث مرونة من جانب «حماس» وعدم ممانعة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ لتفادي التصعيد الداخلي ضده في ملف الرهائن، متوقعين حال نجاح المحادثات الفنية أن تكون الصفقة وشيكة في توقيت لا يتجاوز أسبوعاً من الانتهاء منها.

رد فعل شاب فلسطيني بعد غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

وأفادت قناة «القاهرة الإخبارية»، بأن هناك «جهوداً مصرية - قطرية مع الأطراف كافة للتوصل لاتفاق تهدئة في قطاع غزة».

وعن تلك التطورات، كشف مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «المعلومات المتوفرة وسط حالة التكتم، تشير إلى أن هناك نضوجاً في الاتفاق بشكل يعتمد على مقترح القاهرة بشأن إبرام اتفاق جزئي، والحديث الآن يشمل تفاصيل أخيرة فنية متعلقة أولاً بعدد الرهائن».

وأوضح المصدر أن «الحديث كان عن 30 أسيراً، غير أن (حماس) أبلغت بالأسماء أن من لديها سيكون في المرحلة الأولى من الصفقة من النساء وكبار السن وغيرهم سيصلون إلى 18 فقط، وهناك تقديرات بأن لدى حركة (الجهاد) 4 أسرى، وبالتالي نتحدث عن 44 يوماً هدنة باعتبار أن كل رهينة مقابل يومَي هدنة وستزيد الأيام لو تم التمكن من زيادة الأعداد».

ووفق المصدر ذاته، فإن «الحديث بشأن الأسرى الفلسطينيين يدور عن 40 أو 50 أسيراً مقابل كل رهينة على أن يكون من بينهم 4 من الأسرى القدامى ذوي الأحكام الكبيرة، وبالتالي الحديث يدور في فلك إطلاق سراح 1200 أسير فلسطيني وسط إمكانية حدوث فيتو إسرائيلي على الأسماء المطروحة»، مؤكداً وجود مرونة من «حماس» حتى الآن للذهاب لاتفاق قريب، بالتراجع عن مطلب الانسحاب الكامل إلى القبول بانسحابات جزئية من المحاور الرئيسة في فيلادلفيا ونتساريم ومناطق بشمال غزة، وسط اتفاق على حرية الحركة من الجنوب للشمال وإدخال كميات كبيرة من المساعدات بما فيها المواد البترولية.

ويتوقع أن «يتم الإعلان عن الاتفاق وتحديد موعد تنفيذه قبل عيد الحانوكا اليهودي الذي يصادف 25 من الشهر الحالي حال تم إنهاء التفاصيل الأخيرة».

ولا يختلف ذلك بعيداً عما طرحه مصدر مصري مطلع تحدث لـ«الشرق الأوسط» مؤكداً أن «الاتفاق اقترب وقد يعلن الأسبوع المقبل، والآن هناك اختلافات بشأن أسماء الأسرى الفلسطينيين، فـ(حماس) تريد إطلاق سراح مروان البرغوثي مثلاً، وإسرائيل تتحفظ، لكن الحركة قبلت بتمرير اتفاق جزئي يساعد في إدخال أكبر كم من المساعدات على أن تشمل المفاوضات أثناء الهدنة كيفية تنفيذ الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية».

وحضر مسؤولون إسرائيليون في الدوحة، الاثنين، لإجراء محادثات فنية بشأن الهدنة بين إسرائيل و«حماس»، وفق ما أفاد مصدر مطلع على المحادثات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، موضحاً أن الاجتماعات تتم «بين مجموعتي عمل فنية من إسرائيل وقطر»، بينما قال مسؤول مطلع على المحادثات لوكالة «رويترز» إن المحادثات تركز حالياً على «سد الفجوات».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني والقيادي بحركة «فتح» الدكتور أيمن الرقب، أنه بعد الاجتماعات الفنية، فإن الاتفاق أقرب من أي وقت مضى، وتبقى «رتوش أخيرة وسد الفجوات لا أكثر»، مؤكدة أن جهود القاهرة عززت فرصة التوصل إلى هذا الاتفاق وانضمت إليها قطر بعد عودتها من تعليق المفاوضات وكلتاهما قادرة بضغوط أميركية وحاجة الأطراف إلى الاتفاق أن نراه قريباً.

وهو ما يتفق معه الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، قائلاً: «الاتفاق قريب ومصر تبذل جهوداً كبيراً في هذا الصدد وقد يساعدنا تجاوز الخلافات بشأن أسماء الأسرى والفيتو الإسرائيلي يقربنا أكثر من الصفقة في ظل ضغوط كبيرة حالياً تتم لإنجاح الاتفاق».

أما طرفا حرب غزة فليسا بعيدين عن حلبة التسريبات بتقدم المفاوضات، وتحدثت «حماس» عبر مصدر مسؤول للإعلام عن قرب الاتفاق، وتذهب إسرائيل علناً إلى ما هو أبعد من تأكيد الاتفاق وتطرح الوضع في اليوم التالي للحرب.

وكشف مسؤول في حركة «حماس» في الدوحة الاثنين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مشترطاً عدم الكشف عن هويته، «بالنسبة للتوصل إلى صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال ووقف الحرب، أعتقد أنها أصبحت فعلياً أقرب من أي وقت مضى، الظروف مُهيّأة أكثر من قبل إذا لم يقم نتنياهو بتعطيلٍ مقصود للاتفاق، كما فعل في كلّ المرّات السابقة».

وترجم ذلك في بيان تأكيد من «حماس»، الثلاثاء، أفاد بأنه «في ظل ما تشهده الدوحة اليوم من مباحثات جادة وإيجابية برعاية الإخوة الوسطاء القطري والمصري؛ فإن الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ممكن إذا توقف الاحتلال عن وضع شروط جديدة».

وكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء، في منشور عبر «إكس» إن «موقفي تجاه غزة واضح، فبعد القضاء على القوة العسكرية والحكومية لـ(حماس) في غزة، ستسيطر إسرائيل على الأمن في غزة مع حرية العمل الكاملة، كما هو الحال في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)».

وجاءت إشارات كاتس بشأن اليوم التالي للحرب غداة قوله في اجتماع مغلق للجنة الخارجية والأمن البرلمانية بالكنيست: «نحن الأقرب إلى صفقة مهمة منذ الصفقة السابقة»، وفق ما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي، وذلك في إشارة إلى هدنة بدأت في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 واستمرت 7 أيام، بجهود مصرية - قطرية - أميركية.

بالتزامن، نفى مصدر مصري مطلع، في تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية»، الثلاثاء، توجه نتنياهو لزيارة القاهرة، وهي أنباء نقلتها وكالتا «رويترز» و«الفرنسية».

ويرى الرقب أن هناك ترويجاً للصفقة من جانب إسرائيل، وحديثها عن اليوم التالي للحرب محاولة لتأكيد الانتصار، لافتاً إلى أن «حماس» فيما يبدو أبدت مرونة لتقبل اتفاق جزئي، ونتنياهو كذلك لتفادي أي تصعيد داخلي ضده.

ويرى اللواء فرج أن «حماس» قدمت مرونة كبيرة في هذا الاتفاق واقتنعت بأهمية أن يتم ذلك قريباً لإدخال أكبر قدر من المساعدات الإنسانية لغزة، لافتاً إلى أن نتنياهو ليس أمامه إلا قبول الاتفاق الجزئي، خصوصاً وهو يتحدث عن إنجازات عدّة ولا يتبقى إلا ملف الرهائن الذي يشكل ضغطاً عليه وبتنفيذ الصفقة يكون تم تحييده مؤقتاً.

وهو ما أكده الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، تناول «أهمية سرعة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الرهائن والمحتجزين، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع دون قيود أو عراقيل»، وفق بيان للرئاسة.


مقالات ذات صلة

تركيا: التطورات السورية يجب ألا تصرف الانتباه عن حرب غزة

المشرق العربي امرأة فلسطينية تنتظر في طابور للحصول على طعام في مركز بغزة (أ.ب)

تركيا: التطورات السورية يجب ألا تصرف الانتباه عن حرب غزة

قالت تركيا إن التطورات في سوريا يجب ألا تصرف الانتباه عما وصفته بـ«الإبادة الجماعية» التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
العالم العربي قوات الأمن الفلسطينية (رويترز)

قوات الأمن الفلسطينية تحاول السيطرة على الاضطرابات بالضفة الغربية

تخوض قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية معارك مع مقاتلين إسلاميين في مدينة جنين منذ أيام، في محاولة لفرض سيطرتها على أحد المعاقل التاريخية للفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
شؤون إقليمية إردوغان مستقبلاً الشيخ تميم (الرئاسة التركية)

إردوغان التقى أمير قطر في أنقرة وبحثا التطورات في سوريا والمنطقة

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تناولت العلاقات بين البلدين والقضايا الإقليمية، وفي مقدمتها التطورات في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص دبابات إسرائيلية في مناورة على حدود غزة الاثنين (رويترز) play-circle 01:24

خاص مصدر في «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق هدنة غزة وشيك للغاية

مصدر في «حماس» أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الاتفاق متوقع خلال أيام، يشمل عودة النساء والأطفال إلى شمال غزة، وتسليم معبر رفح للسلطة، ولا يتضمن انسحاباً كاملاً.

كفاح زبون (رام الله)
شمال افريقيا الأعمال التحضيرية لقمة «الثماني النامية» انطلقت الثلاثاء بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر تستضيف قمة «الثماني النامية»... وتطورات غزة وسوريا تفرض نفسها

تتحضر مصر لاستضافة القمة الحادية عشرة لمنظمة «الدول الثماني النامية» للتعاون الاقتصادي، الخميس، بمشاركة رفيعة من قادة تركيا وإيران ونيجيريا وباكستان وبنغلاديش.

أحمد إمبابي (القاهرة)

قائد قوات سوريا الديمقراطية يقترح إقامة «منطقة منزوعة السلاح» في كوباني

قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي يقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة كوباني الحدودية مع تركيا (رويترز)
قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي يقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة كوباني الحدودية مع تركيا (رويترز)
TT

قائد قوات سوريا الديمقراطية يقترح إقامة «منطقة منزوعة السلاح» في كوباني

قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي يقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة كوباني الحدودية مع تركيا (رويترز)
قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي يقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة كوباني الحدودية مع تركيا (رويترز)

أعرب قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، اليوم الثلاثاء، عن استعداد قواته تقديم مقترح إنشاء «منطقة منزوعة السلاح» في مدينة كوباني الحدودية مع تركيا، في وقت أعلنت فيه واشنطن عن تمديد الهدنة بين القوات الكردية وقوات موالية لتركيا في منطقة منبج.

ويسيطر على منطقة منبج ذات الغالبية العربية في شمال شرقي محافظة حلب، مجلس منبج العسكري الذي يضم مقاتلين محليين، يعملون تحت مظلة قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الأكراد عمودها الفقري وتدعمها واشنطن.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قال عبدي في منشور على موقع «إكس»: «تأكيداً على التزامنا الثابت بتحقيق وقف شامل لإطلاق النار في كافة أنحاء سوريا، نعلن عن استعدادنا لتقديم مقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مدينة كوباني، مع إعادة توزيع القوات الأمنية تحت إشراف ووجود أميركي».

وأضاف أن هذه المبادرة تهدف إلى «معالجة المخاوف الأمنية التركية».

أتى ذلك في وقت أعلنت فيه الولايات المتحدة أن وساطة قادتها أفضت إلى تمديد هدنة بين مقاتلين موالين لتركيا وقوات كردية سورية في منطقة منبج، وأنها تسعى إلى إرساء تفاهم أوسع نطاقاً مع أنقرة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في تصريح لصحافيين، إن الهدنة في منبج والتي كانت قد انقضت مدتها «تم تمديدها حتى نهاية الأسبوع»، مشدداً على أن واشنطن «ستعمل على تمديد وقف إطلاق النار إلى أقصى حد ممكن في المستقبل».

واتهمت قوات سوريا الديمقراطية في بيان، الثلاثاء، تركيا بأنها تخطط «للهجوم على كوباني»، و«حشدت تركيا أعداداً كبيرة من قواتها وميليشياتها مع أسلحة ثقيلة حول كوباني».

وشنّت الفصائل الموالية لأنقرة، الأسبوع الماضي، هجوماً ضد مجلس منبج العسكري، أسفر عن مقتل نحو 220 عنصراً من الطرفين.

وأعلن عبدي، الأربعاء الماضي، التوصل إلى هدنة برعاية أميركية.

ومنبج هي ثاني منطقة ذات غالبية عربية، بعد تل رفعت الواقعة شمال مدينة حلب، تُخلي منها قوات سوريا الديمقراطية قواتها، منذ شنّت «هيئة تحرير الشام» وفصائل متحالفة معها هجوماً غير مسبوق، بدأ في شمال سوريا في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، وانتهى بإسقاط بشار الأسد وهروبه من سوريا في 8 ديسمبر (كانون الأول).

وشكلت المنطقتان منذ سنوات هدفاً للرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي لطالما لوّح بشن عمليات عسكرية لإبعاد المقاتلين الأكراد الذين تعدهم تركيا «إرهابيين» عن حدودها.

منذ عام 2016، نفذت تركيا عدة عمليات عسكرية ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرقي سوريا، وتمكنت من السيطرة على شريط حدودي واسع.

وخاضت قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي ضد الجهاديين بقيادة واشنطن، معارك ضارية ضد تنظيم «داعش» في شمال سوريا وشرقها، وتمكنت من إسقاط خلافته ودحره من آخر مناطق سيطرته عام 2019.