مخاوف مصرية من احتضان قادة سوريا الجدد لـ«إخوان فارين»

عقب لقاء الشرع بمحمود فتحي أبرز المطلوبين في «قضايا إرهاب»

أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، و«المطلوب» المصري الهارب محمود فتحي (صورة متداولة على منصة «إكس»)
أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، و«المطلوب» المصري الهارب محمود فتحي (صورة متداولة على منصة «إكس»)
TT

مخاوف مصرية من احتضان قادة سوريا الجدد لـ«إخوان فارين»

أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، و«المطلوب» المصري الهارب محمود فتحي (صورة متداولة على منصة «إكس»)
أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، و«المطلوب» المصري الهارب محمود فتحي (صورة متداولة على منصة «إكس»)

أثار استقبال أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، قائد «هيئة تحرير الشام»، التي تولّت السلطة في سوريا، بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، لأحد أبرز المطلوبين المصريين في قضايا «إرهاب»، مخاوف مصرية من احتضان سوريا لعناصر «الإخوان الهاربين»، في ظل «العلاقة الوطيدة» بين الجماعة «المحظورة» وقادة سوريا الجدد، وكذلك تضييق السلطات التركية على عناصر الجماعة منذ المصالحة مع النظام المصري.

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، صورة حديثة تجمع «الشرع» بـ«محمود فتحي»، وهو مطلوب مصري مصنف على قوائم «الإرهابين»، بحضور مستشار العلاقات الخارجية في حزب العدالة والتنمية التركي، ياسين أقطاي، ما أحدث ردود فعل واسعة، حول الهدف من اللقاء.

وقال عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، على منصة «إكس»: «الجولاني يستقبل الإرهابي المصري محمود فتحي، قاتل المستشار هشام بركات (النائب العام المصري الأسبق)، ومعه ياسين أقطاي مستشار إردوغان ومحتضن جماعة الإخوان. البداية تكشف عن حقيقة النيات».

وألحق «بكري» كلماته بـ«تغريدة» أخرى، قائلاً: «بعد استقبال الجولاني لقاتل الشهيد هشام بركات قرر أن يمنح الإقامة لمن يسميهم المقاتلين الأجانب، أي أن سوريا ستصبح قندهار العرب، يجتمع فيها الإرهابيون لينطلقوا إلى بلدانهم متآمرين مدعومين».

أما عضو مجلس النواب المصري، محمود بدر، فعلق على الصورة عبر منشور بحسابه على «إكس»، قائلاً إنها «كلها شبكة واحدة ومحدش يحاول يقنعنا بالعكس»، مؤكداً أنها محاولة ابتزاز حقيرة وتلويح عفن بتحريك عرائس الإخوان مرة أخرى.

ونشرت وسائل إعلام محلية سيرة ذاتية لفتحي، مشيرة إلى تعاونه مع نائب المرشد الأول لجماعة الإخوان خيرت الشاطر بين عامي 2012 و2013، عندما كان مسؤولاً عن ملف «التيار السلفي»، كما أسس مع الشاطر ما يسمى «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» للسيطرة على السلفيين ودمجهم مع الجماعة.

وفي عام 2016 كشفت أوراق تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، في واقعة اغتيال النائب العام الراحل المستشار هشام بركات، عن تورط «فتحي» في دعم وتأسيس المجموعة المنفذة للعملية. وأظهرت صحيفة الحالة الجنائية لـ«فتحي»، أنه المسؤول عن تأسيس 9 حركات إرهابية تورطت في تنفيذ عمليات إرهابية.

ويشير حساب فتحي الحالي على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أنه مؤسس «تيار الأمة المصرية» المعارض بالخارج.

ويرى منير أديب، الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة، أن صورة الجولاني مع فتحي تشير إلى «احتمالية مشاركة مصريين في القتال بسوريا، بعد أن تدربوا على حمل السلاح، وهم من يطلق عليهم (المقاتلون الأجانب)»، كما يبدو من الصورة أن «فتحي له علاقة وطيدة بالجولاني، وقد يكون يبحث الآن عن مكافأة نظير قتاله هو وتياره مع الجولاني، ولا غرابة في ذلك، لكون الجماعات الراديكالية هي التي تتولى السلطة حالياً في سوريا».

ويضيف أديب لـ«الشرق الأوسط»: "الصورة ظهر فيها أيضاً أقطاي، وهو عرّاب الوجود المصري في تركيا، وهو من سهل لهم الوجود في سوريا، ومن ثم ممارسة العمل المسلح».

ويخشى أديب من «انعكاس هذا التقارب على محاولات عودة العنف إلى مصر، لكونهم يريدون استلهام تجربة سوريا في القاهرة، وهذا ما عبر عنه بيان الإخوان قبل أيام، من جانب جبهة التغيير أو من يسمى (الكماليين)، الذين طالبوا جبهتي الإخوان الأخريين (جبهة إبراهيم منير وجبهة محمود حسين) بضرورة الاستفادة من التجربة السورية ومن ثم تطبيق هذه التجربة في القاهرة، من خلال حمل السلاح ضد النظام السياسي».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حذّر بعد التطورات في سوريا من «الخلايا النائمة»، موضحاً خلال لقائه بعدد من الإعلاميين المصريين (الأحد)، أنها أحد التحديات التي تواجه مصر رغم كل الجهد الأمني المبذول. وأكد السيسي أن الشعب المصري هو حصن مصر، مضيفاً: «متقلقوش بفضل الله سبحانه وتعالى، وربنا يحفظها طول ما المصريين على قلب رجل واحد وإيد واحدة مع جيشهم وشرطتهم محدش هيقدر يعمل حاجة».

ويرى العقيد حاتم صابر، الخبير المصري في مكافحة الإرهاب، أن «لقاء الإخواني الهارب محمود فتحي، مع الجولاني، يؤكد كلمات الرئيس السيسي بشأن الخلايا النائمة»، مبيناً لـ«الشرق الأوسط»، أن «جماعة الإخوان تحاول بقدر الإمكان أن يكون لها دور سياسي في المنظومة السورية الجديدة، وبالتالي فهذا اللقاء يكشف نياتها السياسية القادمة».

وأضاف: «إذا كانت (هيئة تحرير الشام)، تبحث عن عمل تحالفات واستقطابات، فإن الإخوان هم الأقرب لها، فهي الجماعة التي تأكل على كل الموائد، ومن رحمها خرجت التنظيمات التكفيرية كافة، وبالتالي يأتي اللقاء طبيعياً وفقاً لذلك».

ويذهب خبير مكافحة الإرهاب إلى أن «سوريا سوف تكون بديل تركيا بالنسبة للإخوان، خاصة مع إعلان الشرع عن إلغاء التجنيد الإلزامي في الجيش السوري، والاستعاضة عنه بالميليشيات».

وعانى تنظيم «الإخوان» في تركيا من حالة ارتباك خلال الأشهر الأخيرة، في ظل تضييق السلطات التركية عليهم، في إطار المصالحة مع مصر، حيث ألزمت أنقرة قنوات الجماعة التي تبث من أرضها بوقف الهجوم على مصر، كما تم إدراج بعضهم على قوائم الترحيل من تركيا، بسبب خطورتهم على الأمن العام في البلاد.

لكن الباحث أديب يستبعد أن تكون سوريا بديل الإخوان بعد تركيا، لافتاً إلى أن عناصر الجماعة يوجدون في أكثر من دولة، وأضاف: «نعم قد تكون سوريا هي الأرض التي يتدرب فيها هؤلاء على حمل السلاح، لكن هذا ليس بديلاً عن تركيا».


مقالات ذات صلة

سقوط بشار يشعل معارك «سوشيالية» مع «الإخوان» في مصر

العالم العربي مقر «الإخوان» محترقاً في القاهرة صيف 2013 (غيتي)

سقوط بشار يشعل معارك «سوشيالية» مع «الإخوان» في مصر

مع سقوط الرئيس السوري بشار الأسد اشتعلت على ساحة مواقع التواصل الاجتماعي معارك مصرية بشأن إمكانية تكرار السيناريو السوري في مصر.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

أثار ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» في مصر تفاعلاً «سوشيالياً»، امتزج بحالة من الجدل المستمر بشأن القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا أثار قرار تحديث قوائم الإرهاب جدلاً واسعاً (أ.ف.ب)

استبعاد المئات من «قوائم الإرهاب» بمصر يجدد الجدل بشأن «مصالحة الإخوان»

أدى قرار استبعاد المئات من الإدراج على «قوائم الإرهاب» في مصر، بقرار من محكمة الجنايات، إلى إعادة الجدل بشأن إمكانية «المصالحة» مع جماعة «الإخوان».

أحمد عدلي (القاهرة)
المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)

قوات الأمن الفلسطينية تحاول السيطرة على الاضطرابات بالضفة الغربية

قوات الأمن الفلسطينية (رويترز)
قوات الأمن الفلسطينية (رويترز)
TT

قوات الأمن الفلسطينية تحاول السيطرة على الاضطرابات بالضفة الغربية

قوات الأمن الفلسطينية (رويترز)
قوات الأمن الفلسطينية (رويترز)

تخوض قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية معارك مع مقاتلين إسلاميين في مدينة جنين منذ أيام، في محاولة لفرض سيطرتها على أحد المعاقل التاريخية للفصائل المسلحة بالضفة الغربية قبل تغير محتمل في السياسة الفلسطينية بعد حرب غزة.

ووفقا لـ«رويترز»، دخلت قوات تابعة للسلطة الفلسطينية، التي تمارس حكما ذاتيا محدودا في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، مدينة جنين في أوائل ديسمبر (كانون الأول) وتشتبك منذ ذلك الحين مع مقاتلين من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) ومن حركة الجهاد الإسلامي.

وقُتل ثلاثة أشخاص على الأقل، بينهم قيادي كبير في «الجهاد الإسلامي» ومدنيان.

ودعا مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية إلى إجراء تحقيق فيما وصفه بانتهاكات لقانون حقوق الإنسان ارتكبتها قوات الأمن الفلسطينية.

وأقامت قوات الأمن الفلسطينية المدججة بالسلاح في ناقلات جند مدرعة نقاط تفتيش في أنحاء المدينة وخارج مخيم اللاجئين المجاور، حيث تكررت الاحتجاجات من قبل السكان ضد العملية.

ويقول سكان إن سلوك قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية يشبه الأسلوب الذي دأب الجيش الإسرائيلي على اتباعه في جنين.

والمدينة ومخيم اللاجئين منذ فترة طويلة مركز لنشاط فصائل فلسطينية مسلحة، حيث اشتبك مقاتلون مع القوات الإسرائيلية التي شنت مداهمات واسعة النطاق أحدثت دمارا بالطرق والبنية التحتية.

قال مالك جابر أحد سكان جنين: «السلطة ما معهم ديناين (جرافات) الجيش (الإسرائيلي) معهم ديناين، هذا إلي بيفرق بس».

وذكر العميد أنور رجب المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية: «تعمل الأجهزة الأمنية منذ أيام على ملاحقة الخارجين على القانون بكافة عناوينهم ومسمياتهم ضمن خطة معدة مسبقا، حيث تم اعتقال العديد ممن اختطفوا مخيم جنين تحت سطوة البلطجة والمال المشبوه وبترهيب السلاح وسيتم تقديمهم للعدالة وفرض النظام والأمن وبسط سيادة القانون وإزالة كل ما يعكر صفو الحياة اليومية للمواطن».

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الذي زار جنين مع قادة المؤسسة الأمنية الفلسطينية في مطلع الأسبوع، «مخيم جنين وباقي المخيمات رمز عزتنا، وهذا عهد من الرئيس ومنا جميعا، وهي رمز وطني ويجب أن نحافظ عليه، لكن يجب عدم سلب أهلنا في المخيمات سبل العيش الكريم».

وأضاف: «نعمل على استعادة زمام المبادرة في كافة محافظات الوطن، والنتيجة ستكون إيجابية للجميع، من خلال تحقيق الأمن والتنمية لأبناء شعبنا في طريق تجسيد الدولة المستقلة».

بيد أن العملية الأمنية لاقت معارضة قوية في جنين واندلعت اشتباكات في مدن أخرى بالضفة الغربية، منها طوباس في غور الأردن وطولكرم في الشمال.

إثبات جدارتها

قال هاني المصري، المحلل السياسي الفلسطيني في رام الله، إن توقيت العملية هو دلالة على أن السلطة الفلسطينية تسعى «لإثبات جدارتها» من أجل الحفاظ على دورها في الضفة الغربية بينما تستعد لدور مستقبلي محتمل في غزة.

وأضاف في تعليقه على العملية الأمنية: «نعم لإثبات جدارتها حتى يُقبل استمرارها بالضفة ولكي تقبل (إسرائيل) عودتها إلى غزة».

تأسست السلطة الفلسطينية قبل ثلاثة عقود بموجب اتفاقيات أوسلو المؤقتة للسلام وأسندت إليها سلطة محدودة في الضفة الغربية وغزة، حيث يأمل الفلسطينيون في إقامة دولة مستقلة. وخلال اقتتال اندلع عام 2007 تمكنت «حماس» من إبعاد السلطة الفلسطينية عن غزة.

ومنذ الهجوم الذي شنه مسلحون بقيادة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تعهدت إسرائيل بطرد «حماس» من غزة.

وتقول إسرائيل إنها تعتقد أيضا أنه يجب ألا يكون للسلطة الفلسطينية أي دور في غزة بعد الحرب، لكن معظم الدول الغربية والعربية تقول إن غزة يجب أن يديرها فلسطينيون وتتوقع دورا للسلطة الفلسطينية.

واتفق مايكل ميلشتاين، ضابط المخابرات العسكرية الإسرائيلي السابق وأحد كبار خبراء إسرائيل في الشؤون الفلسطينية، مع الرأي القائل إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يحاول إظهار القوة الآن، قبل تسوية متوقعة بعد الحرب.

وأضاف: «ثمة ضغوط كبيرة عليه للقيام بشيء ما إذا كان يريد أن يُنظر إليه كلاعب مهم في اليوم التالي في غزة».

وأشار إلى أن العملية في جنين تأتي أيضا بعد وقف إطلاق النار في لبنان، وسقوط بشار الأسد في سوريا، وانتخاب دونالد ترمب لرئاسة الولايات المتحدة، وهي الأحداث التي تجعل مستقبل المنطقة غير مستقر.

وتتهم إسرائيل السلطة الفلسطينية بعدم القدرة على السيطرة على الجماعات المسلحة في الضفة الغربية المحتلة. وتقول السلطة الفلسطينية إن إسرائيل، التي تسيطر عسكريا على الضفة، تسعى عمدا إلى تقويض سلطتها.

ويقول مسؤولون في السلطة الفلسطينية إن أحد أهداف العملية هو منع «حماس» و«الجهاد الإسلامي» من جر الضفة إلى مواجهة مع إسرائيل وبالتالي فتح الطريق أمامها لتدمير الضفة كما حدث في غزة.

ورغم الجهود المبذولة للمصالحة، لم تتمكن حركة فتح، الفصيل الرئيسي في السلطة الفلسطينية، حتى الآن من الاتفاق مع «حماس» على كيفية إدارة غزة بعد الحرب.