أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

دعم أممي لإعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في اليمن

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.


مقالات ذات صلة

ضربة أميركية تستهدف مقر دفاع الحوثيين في صنعاء

العالم العربي جانب من آثار استهداف واشنطن مقر وزارة دفاع الحوثيين في صنعاء (إعلام حوثي)

ضربة أميركية تستهدف مقر دفاع الحوثيين في صنعاء

أقرَّ الحوثيون بتلقي غارات وصفوها بـ«الأميركية البريطانية» على مقر وزارة دفاعهم في صنعاء، وهي ضربة قال الجيش الأميركي إنها استهدفت مركزاً للقيادة والسيطرة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي تل أبيب تريد تجاوز الغارات الانتقامية المحدودة السابقة (أ.ف.ب)

تقرير دولي يتوقع هجوماً إسرائيلياً واسعاً ضد الحوثيين

توقعت مؤسسة بحثية عالمية مهتمة بالشؤون الأمنية، أن إسرائيل قد تتجاوز الغارات المحدودة التي استهدفت الحوثيين في اليمن، وستنفذ عمليات مماثلة لعملياتها في لبنان.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي إحدى القاعات في نادي ضباط القوات المسلحة الخاضعة للحوثيين بصنعاء (فيسبوك)

اليمن... الرياضة آخر مساعي الحوثيين لتضييق الحريات

منعت الجماعة الحوثية ممارسة عدة ألعاب رياضية في نادٍ للعسكريين في العاصمة المختطفة صنعاء، وذلك ضمن مساعيها لتقييد حريات اليمنيين وفرض تعاليم مشددة

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
الخليج جانب من لقاء رئيس «المجلس الرئاسي» اليمني مع قائد القوات المشتركة (وزارة الدفاع)

«التحالف» و«المجلس الرئاسي» يبحثان تطورات اليمن

ثمّن رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، المواقف الأخوية المشرفة للسعودية وحرصها على تخفيف معاناة الشعب اليمني، وتحقيق تطلعاته.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي وزير الخارجية اليمني مستقبلاً في الرياض السفير الأميركي (سبأ)

إرهاب الحوثيين يتصدّر نقاشات يمنية - أميركية في الرياض

استحوذ إرهاب الحوثيين على النقاشات التي دارت بين قيادات الشرعية اليمنية والمسؤولين الأميركيين، وسط تطلع لتصنيف الجماعة منظمة إرهابية عالمية وتجفيف مواردها.

علي ربيع (عدن)

فيلّات الأسد الفخمة في اللاذقية تثير غضب السوريين المحرومين «حتى من الكهرباء»

شخص يتجول داخل قصر الأسد في اللاذقية (أ.ف.ب)
شخص يتجول داخل قصر الأسد في اللاذقية (أ.ف.ب)
TT

فيلّات الأسد الفخمة في اللاذقية تثير غضب السوريين المحرومين «حتى من الكهرباء»

شخص يتجول داخل قصر الأسد في اللاذقية (أ.ف.ب)
شخص يتجول داخل قصر الأسد في اللاذقية (أ.ف.ب)

تثير مقار السكن الصيفية الثلاثة المملوكة للرئيس السوري المخلوع بشّار الأسد، في ضواحي مدينة اللاذقية الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، غضب مواطنيه الذين يتجولون بأرجائها في ظل حراسة مجموعة من المقاتلين؛ إذ يقارنون بين مظاهر البذخ التي كان يتمتع بها قبل أن تطيح به فصائل المعارضة، وحال الحرمان «حتى من الكهرباء» التي كان شعبه يعانيها. وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

في إحداها، وهي فيلا مواجهة للبحر وتضمّ حوض سباحة من السيراميك الأزرق، يخترق الممر مساحات العشب المشذّب التي تزنّرها الخُزامى.

واستهجن مضر غانم (26 عاماً) الذي بدا شاحباً تحوط عينيه هالتان سوداوان، بعدما أمضى 36 يوماً مسجوناً في دمشق بتهمة «الإرهاب»، أن يكون الأسد «أنفق كل هذه الأموال ونحن نعيش كالبائسين»، على قوله.

حضر غانم، الأحد، إلى هذه الفيلا في غرب سوريا ليرى بأم عينيه «كيف كانوا يعيشون عندما كان الناس محرومين حتى من الكهرباء»، على ما علّق أمام الواجهات الزجاجية الكبيرة لغرفة الاستقبال الضخمة ذات الرخام الأبيض.

وأضاف: «لا يهمني إذا كان الرئيس المقبل يقيم هنا، ما دام يهتم للناس، وما دام لا يذلّنا».

من محافظة اللاذقية، يتحدر آل الأسد الذين توّلوا السلطة طوال نصف قرن، وقد ورثها بشّار عن والده واحتفظ بها إلى أن نجح هجوم خاطف لتحالف فصائل المعارضة في الإطاحة به في أسبوعين.

وما شعرت به العائلات التي بدأت، الأحد، بالتجول في مقرّ الرئيس المخلوع هذا، ليس مجرّد زهو بالانتصار، بل هو مزيح من الدهشة والغضب لما لمسوه من مظاهر ترف في هذه الفيلا.

رخام وفسيفساء

ومع أن كل شيء في هذه الدارة نُهِبَ، حتى مقابض الأبواب، يشهد حجم غرفها والفسيفساء الأثرية التي تزين مدخلها على فخامتها.

وقالت نورة (37 عاماً) التي كانت تقيم مع عائلتها بالعقار الذي أقيمت فيه هذه الفيلا: «لقد طردونا، ولم أجرؤ قَطّ على العودة». وتعتزم المرأة اللجوء إلى القضاء لاستعادة ممتلكاتها.

ولم يتوانَ معظم الأشخاص الذين قابلتهم «وكالة الصحافة الفرنسية»، الأحد، في اللاذقية عن الإدلاء بأحاديث، على غرار ما فعلت نورة، بعد أسبوع من سقوط الرئيس، لكنهم ترددوا في الإفصاح عن أسمائهم؛ إذ لم يفارق الخوف من نظام الأسد أذهانهم بعد.

وبرّر نمر (45 عاماً) إحجامه عن إعطاء اسمه بأن «الاحتياط واجب، فلربما يعودون»، فيما كان يركن دراجته النارية أمام فيلا فخمة في حي الزراعة السكني، هي مقر إقامة منذر الأسد، وهو ابن أحد أعمام بشّار، وكان يدير مع شقيقه فواز الذي توفي عام 2015، «شبّيحة» عُرفوا بتجاوزاتهم وبعمليات التهريب.

وأضاف نمر: «إنها المرة الأولى التي أضع فيها دراجتي هنا، فالحراس كانوا يطردوننا، وكان رَكنها ممنوعاً».

ودخل الناس المنزل منذ اليوم الأول لسقوط النظام، ونهبوا كل ما في طابقَيه، ولم يوفّر غضبهم شيئاً؛ إذ مزّقوا الصور العائلية، وداسوا صور الأشخاص، واقتلعوا الثريات، وأخذوا الأثاث.

أموال قذِرة

وفي حين ذكّر نمر بمواكِب المرافَقة التي كانت تمرّ مسرعة في الشارع، قال: «أكسب 20 دولاراً شهرياً، ولديّ وظيفتان لكي أتمكن من إعالة أسرتي».

من أمام وكالة «سيريا كار» (أ.ف.ب)

وفي وكالة «سيريا كار» التي يملكها حافظ، نجل منذر، لا تزال سيارة واحدة فحسب موجودة وسط زجاج الواجهات المحطّم؛ إذ لم تتمكن الحشود من تشغيلها، فعمدت إلى تكسير هيكلها ونوافذها وتخريب مقاعدها. وتظاهَر زوجان شابان بالجلوس خلف مقوَدها.

أما حسن أنور فانشغل بمهمة أخرى. فمنذ الصباح، راح هذا المحامي البالغ 51 عاماً يجمع من المكان كل المستندات التي يمكن استخدامها قضائياً؛ إذ كان حافظ، حسب أنور، معروفاً بمصادرة السيارات التي يطمع فيها أو بشرائها بسعر أقل بكثير من ثمنها الفعلي، ظالماً بذلك أصحابها.

وأضاف أن «دعاوى عدة رُفعَت» في هذا الشأن.

وأكّد أن «سيريا كار» كانت قبل كل شيء أداةً لغسل الأموال القذرة المتأتية من أعمال التهريب التي كانت تقوم بها العائلة.

حبوب من «الكبتاغون» (أ.ف.ب)

وعلى الرصيف، توقّف اثنان من المارة فوق غطاء للصرف الصحي، ورفعاه وأخرجا بأيديهما المئات من الحبوب البيضاء الصغيرة التي قالا إنها حبوب من «الكبتاغون»، وهو عقار اصطناعي مخدِّر عُثر على كميات هائلة منه في مختلف أنحاء سوريا.

وأشار المحامي إلى أن هذه الحبوب كانت تُصدَّر من اللاذقية ضمن ملصقات الملابس الصينية الصنع.

وبرفقة مقاتلَين شابَّين وصلا للتو من معقل المعارضة إدلب، دخل أنور مبنى مجاوراً من خلال نافذة مكسورة خرج منها شرطي شاب يدعى هلال يضع مسدساً في حزامه.

وقال هلال إنه اكتشف في القبو موازين جديدة كانت لا تزال في صناديقها، «لوَزن المخدرات»، وصناديق تحوي ماصات زجاجية وأنابيب اختبار كانت تُستخدم، وفق ما شرح، لصنع حبوب الميثامفيتامين.

وعلّق علي (30 عاماً)، أحد المقاتلَين الآتيين من إدلب قائلاً: «أنا مصدوم من مستوى الجرائم». وتوقع الآخر أن «الله سينتقم».