أفادت مصادر يمنية بأن الجماعة الحوثية استدرجت خلال الأيام الأخيرة، عشرات من الضباط والجنود الأمنيين السابقين في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها، للتعبئة العسكرية والطائفية، مستغلة حالة الفقر التي يعيشونها بعد توقف الرواتب.
وحسب ما أوردته المصادر لـ«الشرق الأوسط»، فإن عبد الكريم الحوثي -وهو عم زعيم الجماعة، والمعين وزيراً للداخلية في حكومتها غير المعترف بها- أصدر تعليمات لقادة الأجهزة الأمنية في صنعاء وريفها، تحضُّ على استدعاء الضباط والجنود الأمنيين القابعين في منازلهم، وهم من المُسَرَّحين سابقاً جراء رفضهم الانضمام إلى صفوف الجماعة.
وقالت المصادر إن الجماعة استغلت الظروف المعيشية المتدهورة للضباط والجنود الأمنيين، وقدمت وعوداً بصرف رواتبهم المنقطعة منذ سنوات وسيلةً لاستدراجهم وإقناعهم بالحضور إلى مقرات الوحدات الأمنية التابعة، من أجل إخضاعهم للتعبئة.
ويبدي الانقلابيون الحوثيون -طبقاً للمصادر- مخاوف كبيرة من اندلاع ثورة تطالب برحيلهم، يقودها الضباط والجنود الذين أقصتهم الجماعة من وظائفهم خلال سنوات ماضية، وقامت بإحلال آخرين بدلاً عنهم.
استجواب واستقطاب
وتحدث عدد من ذوي عناصر الأمن لـ«الشرق الأوسط»، عن استدعاء الجماعة الحوثية لذويهم أواخر الأسبوع الماضي، بدعوى صرف مستحقاتهم للأعوام السابقة؛ لكنهم لم يعودوا إلى منازلهم، ولم تعرف أسرهم عن مصيرهم شيئاً حتى اللحظة. وحيث يُتوقع أن يكونوا قد أُخضعوا لبرامج التعبئة القتالية والطائفية.
ويؤكد «أحمد. ع» وهو شقيق أحد الجنود في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن ما تُسمَّى قيادة «قوات الأمن المركزي» في صنعاء استدعت شقيقه (26 عاماً) للحضور بحجة صرف رواتبه المتوقفة؛ لكنه عاد إليهم وهو بحالة يُرثَى لها، نتيجة استجوابه وطرح أسئلة تتعلق بالغليان الشعبي المتصاعد ضد الجماعة، وموقفه منها.
ونقل أحمد عن شقيقه قوله إن الجماعة أجبرته عقب التحقيق الذي استمر لنحو ساعتين، على الاستماع إلى دروس ومحاضرات تعبوية مكثفة، بغية إقناعه بالانضمام إلى صفوفها، بعد قيامها بفصله قبل نحو عامين من وظيفته الأمنية.
ووفقاً للمصادر، فرضت الجماعة على المستهدفين من الضباط والجنود الأمنيين، الموافقة على الالتحاق بصفوفها، والعمل ضمن تشكيلاتها الأمنية، مقابل الحصول على مبلغ مالي زهيد يُصرف لهم نهاية كل شهر، إلى جانب الدفع بهم للمشاركة في دورات تعبوية وقتالية.
وأشارت المصادر إلى أن الجماعة الحوثية زجَّت بعدد من عناصر الأمن المستدعين، في سجون تابعة لها في مقر «قوات الأمن المركزي» بعد رفضهم الانضمام لصفوفها، وقامت بالإفراج عن بعضهم عقب انتزاعها تعهدات خطية منهم بالالتزام بكل التعليمات.
إخضاع بالقوة
وترى مصادر أمنية في صنعاء أن الجماعة الحوثية تسعى إلى إخضاع جميع منتسبي المؤسستين العسكرية والأمنية غير الموالين لها، وإرغامهم على الالتحاق بصفوفها، والمشاركة في حملات البطش والتنكيل بالمدنيين في مناطق سيطرتها.
ويأتي ذلك متزامناً مع تصاعد حالة السخط الشعبي ضد الانقلابيين، ورفض كثير من العسكريين والأمنيين الانخراط في أنشطتهم التعبوية ذات البعد الطائفي.
وعمدت الجماعة الحوثية خلال فترات ماضية إلى ارتكاب سلسلة من الجرائم والانتهاكات ضد منتسبي القطاع الأمني في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها، شمل بعضها التسريح من الوظائف، والخطف والإيداع في السجون، والتعذيب الوحشي، والإخضاع القسري للتعبئة الفكرية والطائفية.
وقبل أشهر أرغمت الجماعة الانقلابية عشرات من مديري ونواب مراكز وأقسام الشرطة والتحريات والمباحث في صنعاء وريفها، على حضور دورات التعبئة، وهم ممن تشك الجماعة في ولائهم لزعيمها عبد الملك الحوثي.
وسبق أن أصدرت الجماعة قراراً قضى بتسريح نحو 3 آلاف ضابط يعملون بجهازي الأمن السياسي والقومي (المخابرات)، إضافة إلى تسريح مديري إدارات ورؤساء أقسام أمنية، وإحلال عناصر موالين لها، تم إعدادهم لإحكام القبضة على جميع مفاصل الأجهزة الأمنية.