ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

البلدان أعلنا التدخل بين إثيوبيا والصومال رغم تمسّك مقديشو بـ«الدور التركي»

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».


مقالات ذات صلة

«طالبان» وبوركينا فاسو تتعهدان بتعاون جديد في مجالَي التجارة والتعدين

أفريقيا «طالبان» وبوركينا فاسو تتعهدان بتعاون جديد في مجالَي التجارة والتعدين

«طالبان» وبوركينا فاسو تتعهدان بتعاون جديد في مجالَي التجارة والتعدين

التقى القائم بالأعمال في سفارة حكومة حركة «طالبان» لدى إيران، مولوي فضل حقاني، نظيره من بوركينا فاسو، السفير محمد كبورا، في العاصمة الإيرانية طهران.

«الشرق الأوسط» (كابل - واغادوغو - طهران)
أفريقيا استمرت الهجمات المسلحة في بوركينا فاسو على الرغم من وعود الجيش بالتصدي للتمرد (غيتي)

أكثر من 100 قتيل في «هجوم إرهابي» شمال بوركينا فاسو

قال عامل في منظمة غير حكومية وسكان محليون إن أكثر من 100 شخص قتلوا في هجوم شنه مسلحون متشددون في شمال بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» ( باماكو)
أفريقيا امرأة تقف أمام منزلها الذي غمرته المياه بعد هطول أمطار غزيرة  في مقديشو... السبت 10 مايو 2025 (أ.ب)

فيضانات في مقديشو تودي بـ7 أشخاص

قضى 7 أشخاص على الأقل جرّاء فيضانات مُدمِّرة ضربت العاصمة الصومالية مقديشو، ليلاً، وفق ما أفاد مسؤولون في الحكومة المحلية.

«الشرق الأوسط» (مقديشو )
أفريقيا لقطة من لقاء رئيس جمهورية الصومال حسن شيخ محمود بالعاصمة مقديشو مع قائد «القيادة الأميركية في أفريقيا - أفريكوم» الجنرال مايكل لانغلي (متداولة)

الرئيس الصومالي يلتقي قائد «القيادة الأميركية في أفريقيا»

التقى رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، حسن شيخ محمود، بالعاصمة مقديشو، قائد «القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)» الجنرال مايكل لانغلي.

العالم العربي الرئيس الصومالي حسن شيخ خلال أعمال منتدى التشاور الوطني في مقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

غيابات «المجلس الاستشاري» تعمق أزمة الانتخابات بالصومال

التئام المجلس الاستشاري الوطني في الصومال دون حضور زعيمي «بونتلاند» و«غوبالاند»، يفتح تساؤلات حول انعكاسات ذلك على «الانتخابات المباشرة» التي تشهدها البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الرئيس العراقي يرحب بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية

الرئيس العراقي خلال حوار مع عدد من الصحافيين المرافقين لوفد الجامعة العربية في «قمة بغداد» (الرئاسة العراقية)
الرئيس العراقي خلال حوار مع عدد من الصحافيين المرافقين لوفد الجامعة العربية في «قمة بغداد» (الرئاسة العراقية)
TT

الرئيس العراقي يرحب بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية

الرئيس العراقي خلال حوار مع عدد من الصحافيين المرافقين لوفد الجامعة العربية في «قمة بغداد» (الرئاسة العراقية)
الرئيس العراقي خلال حوار مع عدد من الصحافيين المرافقين لوفد الجامعة العربية في «قمة بغداد» (الرئاسة العراقية)

أكد الرئيس العراقي، عبد اللطيف جمال رشيد، الخميس، حرصه على تعزيز دور العراق في محيطه الإقليمي، ورحب بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، معرباً عن استعداد بلاده للمساعدة في إنجاحها، وجدد التأكيد على دعم بلاده الإدارة السورية الجديدة، مشدداً على «رفض التدخلات الخارجية في سوريا».

وعلى هامش استضافة العاصمة العراقية بغداد فعاليات الدورة الـ34 للقمة العربية، استقبل الرئيس العراقي عدداً من الصحافيين المرافقين لوفد الجامعة العربية في «قمة بغداد»، وقد أكد أن «احتضان بغداد مؤتمر القمة يأتي انطلاقاً من دورها المحوري وسعيها الدائم لترسيخ العمل المشترك؛ لمواجهة التحديات أمام المنطقة، وتعزيز التعاون والتنسيق بين الأشقاء، وبما يحفظ مصالح شعوبنا، ويلبي تطلعاتها في التنمية والازدهار والسلام».

وأوضح أن «مؤتمر القمة سيناقش القضايا المصيرية المتعلقة بشعوب المنطقة، والخروج بقرارات تسهم في تحقيق السلام والاستقرار».

المفاوضات الأميركية - الإيرانية

ورداً على سؤال من «الشرق الأوسط» بشأن موقف العراق من المفاوضات الأميركية - الإيرانية، قال الرئيس العراقي إن بلاده «دعت وشجعت منذ فترة طويلة الحوار بين إيران والولايات المتحدة»، مؤكداً ترحيبها بـ«أي خطوات في هذا الاتجاه، واستعدادها للإسهام في إنجاحها»، معرباً عن أمله في نجاح المفاوضات الجارية بين طهران وواشنطن.

وأضاف أن «أي نتائج إيجابية في هذا الاتجاه تصب في مصلحة المنطقة»، مشيراً إلى ما وصفها بـ«العلاقات التاريخية بين إيران والعراق»، ومؤكداً أن بغداد لديها «علاقات جيدة بالولايات المتحدة».

كما أشار الرئيس العراقي إلى «الحدود الطويلة التي تربط العراق وإيران»، لافتاً إلى أن «نحو 3 ملايين عراقي كانوا يعيشون في إيران خلال عهد النظام السابق». وقال: «إيران جارة مهمة»، مرحّباً في هذا السياق بتطور العلاقات بين المملكة العربية السعودية وطهران.

وبدأت إيران والولايات المتحدة، اللتان قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية معاً منذ عام 1980، محادثات غير مباشرة يوم 12 أبريل (نيسان) الماضي بشأن البرنامج النووي الإيراني، بوساطة من سلطنة عُمان. وأعرب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن أمله في التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني يجنّب طهران ضربة عسكرية محتملة.

الوضع في سوريا

وعلى صعيد الوضع في سوريا، جدد الرئيس العراقي التأكيد على دعم بلاده لسوريا، وقال إن «بغداد سعت من قبل مع نظام الرئيس السابق بشار الأسد لحلحلة المشكلات، لكنه لم يستجب»، مضيفاً أن «بغداد تدعم سوريا وترغب في (سوريا دون تدخلات خارجية)، مع مراعاة تمثيل جميع الكيانات والأطياف السورية».

وأشار إلى «وجود مجموعات إرهابية على الحدود العراقية - السورية تشكل خطراً على الدولتين»، داعياً إلى «التعاون الدولي لحل المشكلة»، ومعرباً عن أمله في أن «يحقق الشعب السوري طموحاته في دولة آمنة مستقرة»، ومؤكداً «أهمية احترام إرادة الشعب السوري بجميع مكوناته»، ومشيراً إلى «أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين على أساس الاحترام المتبادل وبما يخدم المصالح المشتركة».

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد أبدت دول عربية عدة دعمها للإدارة السورية الجديدة. وثار جدل مع بدء التحضيرات لـ«قمة بغداد»، لا سيما مع وجود معارضة عراقية لحضور الرئيس السوري، أحمد الشرع، لينتهي الجدل بإعلان الرئاسة السورية أن الشرع لن يحضر «قمة بغداد» وأن وزير الخارجية أسعد الشيباني «سيترأس وفد سوريا».

القضية الفلسطينية

وتعدّ القضية الفلسطينية قضية محورية على جدول أعمال «قمة بغداد». وفي هذا السياق، جدد الرئيس العراقي التأكيد على دعم بلاده «الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة». وقال: «القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية، وهناك كثير من القرارات بشأنها»، مشدداً على أن «المهم الآن هو كيفية تنفيذ هذه القرارات واحترامها»، معرباً عن تفاؤله بخروج قرارات فاعلة عن «قمة بغداد».

وأشار إلى أن «العراق بذل جهوداً دبلوماسية، في إطار المساعي لوقف حرب غزة، وقدم مساعدات ودعماً للشعب الفلسطيني».

نزاعات عربية

وبشأن النزاعات في بعض الدول العربية، أشار الرئيس العراقي إلى «ضرورة إنهاء النزاع في السودان واليمن»، مؤكداً أن بغداد تدعم استقرار البلدين والسلام في المنطقة. وقال: «لم يكن أحد يتوقع استمرار الحرب في السودان كل هذه المدة»، مشيراً إلى أن «السودان لم يصل لهذه النتيجة بسبب تدخلات خارجية، فالاقتتال داخلي بين سودانيين»، معرباً عن أمله في الوصول إلى حل سريع للأزمة وإنهاء القتال وإجراء انتخابات حرة في السودان.

ولفت في هذا الصدد إلى «ضرورة حل الخلافات العربية - العربية، والسعي لوقف الحروب ومواجهة الأزمات». وقال: «نحن ضد التدخلات الخارجية بكل أشكالها».

وشهدت الآونة الأخيرة توتراً في العلاقات بين الإمارات والسودان، وأعلن السودان قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، بينما تبذل الجامعة العربية وعدد من الدول العربية جهوداً لرأب الصدع لم تصادف النجاح المطلوب، وفق تصريحات سابقة أدلى بها لـ«الشرق الأوسط» الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي.

وأعلن وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، الأربعاء، أن «بلاده ستطرح، خلال رئاستها القمة، عدداً من المبادرات بالتعاون مع جامعة الدول العربية، والدول الأعضاء، للتعامل مع الأزمات التي تشهدها بعض الدول العربية».

وعلى الصعيد الداخلي، سلط الرئيس العراقي الضوء على «الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي الذي ينعم به العراق حالياً، وتطور علاقاته بمحيطَيه الدولي والإقليمي»، داعياً إلى «تعريف العالم بالخطوات التي تم إنجازها على صعيد تثبيت النظام الديمقراطي وحماية حقوق الإنسان». وقال: «لسنا عراق المشاكل، بل عراق التطور».