اليمن يستلهم ماضيه في بناء السدود لمواجهة أزمة المياه

الزراعة شريان حياة لملايين الأشخاص

قدماء اليمنيين استخدموا السدود لمواجهة الجفاف وندرة المياه (الأمم المتحدة)
قدماء اليمنيين استخدموا السدود لمواجهة الجفاف وندرة المياه (الأمم المتحدة)
TT

اليمن يستلهم ماضيه في بناء السدود لمواجهة أزمة المياه

قدماء اليمنيين استخدموا السدود لمواجهة الجفاف وندرة المياه (الأمم المتحدة)
قدماء اليمنيين استخدموا السدود لمواجهة الجفاف وندرة المياه (الأمم المتحدة)

مع زيادة تأثيرات التغيرات المناخية على اليمن، عاد هذا البلد لاستلهام تجربته التاريخية في بناء السدود والحواجز المائية لمواجهة ندرة المياه، وتحسين الإنتاج الزراعي، والحد من آثار انعدام الأمن الغذائي الذي فاقمته الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية.

ووفق الأمم المتحدة، فقد تأثر قطاع الزراعة في اليمن، وهو شريان حياة لملايين الأشخاص، وحجر الزاوية في اقتصاد البلاد، بشدة بسبب تغيُّر المناخ الشديد، كما أدى استمرار الصراع إلى تفاقم الوضع؛ ما تَسَبَّبَ في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وانعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع.

كثير من اليمنيات يعملن في القطاع الزراعي (الأمم المتحدة)

ولدعم المجتمعات الزراعية في هذا البلد، يتعاون برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع «الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الأشغال العامة» لتنفيذ مشروع الاستجابة للأمن الغذائي والمرونة الذي يموله البنك الدولي، ومن خلاله تستمر محاولة معالجة ندرة المياه وآثار تغير المناخ.

وفي محاكاة لتاريخ اليمن القديم الذي اشتهر ببناء السدود لمواجهة ندرة المياه والفيضانات، جرى إنشاء خزانين لحصاد مياه الأمطار في قرية بيت السمحي بمحافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وهو ما ساعد على تحسين وصول أفراد المجتمع إلى المياه في إطار البرنامج الذي يشارك في تنفيذه أيضاً منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي، ويهدف إلى تحسين البنية التحتية للإنتاج الزراعي، وبناء القدرة على التكيف مع المناخ.

زيادة الإنتاج

يؤكد فؤاد، وهو أحد المزارعين في القرية اليمنية، أن المشروع سيزيد الإنتاج بشكل كبير في الموسم المقبل؛ لأن السكان يعتمدون على مياه الأمطار لري محاصيلهم؛ ولهذا فإنه، خلال فصل الشتاء حيث تتوقف الأمطار، تجف أراضيهم، وتتوقف الزراعة بسبب نقص مياه الري. ويبين أنه قبل المشروع كان الوضع صعباً للغاية، فلم يكن لدى سكان القرية مصدر لري المحاصيل بعد انتهاء موسم الصيف، لكن الآن تغير الوضع.

وبحسب الأمم المتحدة، فإن خزانات حصاد مياه الأمطار ستساعد على زيادة الأمن الغذائي للأسر من خلال دعم المزارعين لاستصلاح الأراضي الزراعية المتدهورة، وتحسين أنظمة الري.

اليمن من أكثر البلدان تأثراً بالتغيرات المناخية (الأمم المتحدة)

وهذا ما يؤكده منسق لجنة المجتمع المحلي، وينبه إلى أن تغيُّر المناخ أثَّر في الأراضي الزراعية في المنطقة؛ إذ يبين أنه بسبب ندرة المياه، تخلى كثير من الناس عن الزراعة؛ ولهذا فإن المشروع سيضمن استمرار الأنشطة الزراعية للسكان المحليين التي تعد مصدر دخلهم الأساسي.

ويجزم الرجل، واسمه مطيع، بأن المشروع سيؤثر بشكل إيجابي في أفراد المجتمع من خلال توسيع أراضيهم المزروعة، وزيادة إنتاج المحاصيل، وتحسين ظروفهم المعيشية.

تمكين الأُسر

تأثرت سعيدة، وهي أم لـ5 أطفال، بشدة بتدهور الأراضي بسبب تغيُّر المناخ، حيث كانت تزرع الذرة والخضراوات خلال موسم الأمطار، ولكن في الشتاء تتوقف عن ذلك بسبب ندرة المياه، وترى أن بناء خزانات حصاد مياه الأمطار سيمكِّنها من مواصلة الزراعة، وتَذْكُر أنها تمكنت من زراعة قطعتين من الأرض، وستزيد المساحة المزروعة بالري من الخزانات.

وفي حين تعبِّر المرأة هذه عن سعادتها وهي ترى مزرعتها خضراء والمحاصيل تزدهر دون ضرر، تَأْمُل أن تظل كذلك بما يكفي لزراعتها مرات عدة في موسم واحد.

تضرُّر عدد من المناطق الزراعية في اليمن نتيجة الفيضانات (إعلام حكومي)

ومن مزايا المشروع، أنه إلى جانب مساعدته على التخفيف من آثار ندرة المياه، فإنه طبقاً للبيانات الأممية يخلق أيضاً فرص عمل لأعضاء المجتمع المحلي؛ حيث وفر لهم الدخل، وساعدهم على اكتساب مهارات جديدة من خلال برنامج النقد مقابل العمل.

ووفق ما يذكره عبد الله، وهو المهندس ومسؤول المشروع في «الصندوق الاجتماعي للتنمية» والشريك المحلي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإنه إلى جانب تحسين الإنتاج الزراعي على المدى الطويل، خلقت خزانات حصاد مياه الأمطار فرص عمل لمساعدة الناس مالياً، وزادت معها المساحات الزراعية المحلية، ومن ثم سيتحسن الأمن الغذائي من خلال توفير إمكانية الوصول إلى مصادر المياه البديلة لنحو 124 مزارعاً.


مقالات ذات صلة

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.