هوكستين يصطدم بعدم إنضاج الظروف محلياً وخارجياً لتطبيق الـ«1701»

إسرائيل تشترط تعديله وأسئلة عن موقف «حزب الله»

المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكستين خلال لقائه مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في بيروت بحضور السفيرة الأميركية في لبنان (أ.ب)
المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكستين خلال لقائه مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في بيروت بحضور السفيرة الأميركية في لبنان (أ.ب)
TT

هوكستين يصطدم بعدم إنضاج الظروف محلياً وخارجياً لتطبيق الـ«1701»

المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكستين خلال لقائه مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في بيروت بحضور السفيرة الأميركية في لبنان (أ.ب)
المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكستين خلال لقائه مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري في بيروت بحضور السفيرة الأميركية في لبنان (أ.ب)

تتعامل القوى السياسية اللبنانية مع الزيارة الخاطفة للوسيط الأميركي آموس هوكستين لبيروت على أنها تبقى تحت سقف رفع العتب، ولن يترتب على لقاءاته برئيسي المجلس النيابي نبيه بري، وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزف عون، نتائج مجدية ما لم تنضج الظروف لتطبيق القرار 1701، التي يبدو من وجهة نظرها أنها ليست متوافرة حتى الساعة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في الجنوب بين إسرائيل و«حزب الله».

فعودة هوكستين إلى بيروت هي بمثابة فرصة أخيرة ليست مضمونة؛ لأن إسرائيل غير مستعجلة لوقف إطلاق النار، وهي تأخذ وقتها بتدمير القرى وتحويلها أرضاً محروقة يصعب العيش فيها، وصولاً لفرض منطقة عازلة منزوعة السلاح والبشر على امتداد البقعة الجغرافية المعروفة بجنوب الليطاني، تستخدمها للضغط على لبنان لانتزاع موافقته على ترتيبات أمنية تكون بمثابة ملحق يتضمن خريطة طريق لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته، تسمح لها بالتوغل براً أو استخدام الطيران في حال أن تطبيق القرار تعرض إلى خروق لا بد من معالجتها، ولكن على طريقتها.

هوكستين: 1701 لم يعد صالحاً لإعادة الهدوء

ومع أن هوكستين لا يؤيد إدخال تعديلات على القرار 1701، ويصر على تطبيقه بكل مضامينه، باعتبار أن ما نُفّذ منه لم يعد كافياً، وأدى إلى وقف الحرب في يوليو (تموز) 2006، لكنه لا يصلح لإعادة الهدوء إلى الجنوب ما لم يطبّق بحذافيره وبكافة مندرجاته.

ويؤكد هوكستين، كما تقول مصادر لبنانية بارزة لـ«الشرق الأوسط»، أنه لا يمكن تطبيق الـ1701 بالتراضي كما هو حاصل اليوم، وأن هناك ضرورة لتحويل جنوب الليطاني إلى منطقة خالية من أي وجود عسكري غير شرعي، وتلفت المصادر السياسية لدى سؤالها عن مدى استعداد إسرائيل للتجاوب مع تطبيق القرار من دون أن تدخل عليه تعديلات تؤدي إلى تجويفه من مضامينه، إلى أن أجواء إيجابية سادت لقاءات هوكستين ببري وميقاتي والعماد عون، وأن النتائج تبقى في خواتيمها.

نتنياهو ماضٍ في حربه

فجواب هوكستين على ما طرحه هؤلاء من تساؤلات مشروعة يبقى عالقاً على رد فعل إسرائيل ومدى استعدادها للالتزام بمضامين الـ1701، من دون أن تُدخل عليها تعديلات كالتي أخذ يتحدث عنها رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو وفريق حربه، خصوصاً أنهم ماضون في حربهم على لبنان، ويصرون على خوض المفاوضات بالتلازم مع تدمير الجنوب ومعظم البلدات البقاعية ذات الغالبية الشيعية، ظناً منهم أن الجانب اللبناني سيضطر للتسليم بشروطهم.

لذلك، تعتقد المصادر نفسها أن نتنياهو ماضٍ في حربه المدمرة ضد لبنان، ولن يوقفها، على الأقل في المدى المنظور، وتحديداً إلى ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من الشهر المقبل، ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه في ضوء ما ستحمله من نتائج. وتقول المصادر إن وقف النار في جنوب لبنان لم يعد محصوراً بموافقة الحكومة بدعم من بري، وإنما تعداه إلى خارج الحدود، بما يسمح لإيران بأن تكون طرفاً في المفاوضات، ولو ادّعت عكس ذلك بأنها تترك القرار للبنان.

انتخاب الرئيس أولوية

وتكشف عن أن هوكستين شدد على ضرورة الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية ليكون حاضراً، ليس في المفاوضات لتطبيق وقف إطلاق النار فحسب، وإنما لأن هناك ضرورة لإعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية بوصفها شرطاً لحضور لبنان على الطاولة في حال تقرر إعادة ترتيب الوضع في المنطقة، على خلفية تقليص نفوذ إيران، وتطويق ما تبقى من أذرعها، والمقصود بها «حزب الله»، وتؤكد أنه ينصح بانتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، وأنه لا مانع من أن يُدرج إنهاء الشغور الرئاسي بنداً أساسياً على جدول الأعمال الخاص بتطبيق الـ1701، وبالتزامن مع وقف إطلاق النار.

وتقول المصادر نفسها إن بري وميقاتي شددا أمام هوكستين على ضرورة التوصل إلى هدنة لمدة 3 أسابيع، يُسمح في أثنائها بانتخاب الرئيس، ليكون حاضراً في التفاوض للتوصل إلى خريطة طريق لتطبيق الـ1701، وهذا ما أبلغاه أيضاً إلى رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، وتؤكد أن لا مجال لربط الجنوب بغزة، وأن إسناد الأخيرة لم يعد قائماً، على الأقل من الجانب اللبناني، بصرف النظر عن تمسك «حزب الله» بعدم الفصل بينهما.

زيارة بلا مفاعيل

وتسأل المصادر: «أين يقف (حزب الله) من تطبيق القرار بخلو جنوب الليطاني من أي سلاح غير شرعي؟ وهل يدعم الجهود الآيلة لتطبيقه، بما فيها تشديد الرقابة على المرافئ اللبنانية والمعابر بين لبنان وسوريا لمنع تهريب السلاح، أسوة بالنموذج الذي ينفذه حالياً الجيش اللبناني في مطار رفيق الحريري الدولي والذي قوبل بتأييد غربي تصدرته الولايات المتحدة الأميركية؟

وعليه، تُصنّف زيارة هوكستين لبيروت على أنها معنوية، ولن يكون لها من مفاعيل، ما دامت الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» مشتعلة ومفتوحة على مزيد من التصعيد.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تجدَّدت الغارات الإسرائيلية، صباح الجمعة، على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجَّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 3 مواقع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)

هوكستين «المتفائل» في تل أبيب يحتاج إلى جولات إضافية لإحكام الاتفاق مع لبنان

أجرى هوكستين في تل أبيب محادثات مع وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، في وزارة الدفاع، وذلك غداة وصوله من لبنان.

نظير مجلي (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي رجال إنقاذ وسكان يتجمعون حول أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية على قرية يونين بسهل البقاع شرق لبنان في 21 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل 47 في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

قال مسؤول لبناني إن 47 شخصاً على الأقل، قُتلوا في غارات إسرائيلية على شرق لبنان، اليوم الخميس، لتُواصل إسرائيل بذلك حملة على جماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نيران مشتعلة بمبنى استهدفته غارة إسرائيلية في حارة حريك بالضاحية الجنوبية (أ.ف.ب) play-circle 00:36

موجات غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت بُعيد مغادرة هوكستين

لم تمضِ ساعات قليلة على مغادرة الموفد الرئاسي الأميركي، آموس هوكستين، بيروت باتجاه تل أبيب، حتى استأنف الجيش الإسرائيلي ضرباته على الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.