اتهام أممي للحوثيين باستغلال التهدئة لزيادة ترسانتهم العسكرية

تحذير من تصاعد الخطر على الملاحة في البحر الأحمر

الحوثيون يعرضون أنواعاً من الصواريخ حصلوا عليها خلال الهدنة (إعلام محلي)
الحوثيون يعرضون أنواعاً من الصواريخ حصلوا عليها خلال الهدنة (إعلام محلي)
TT

اتهام أممي للحوثيين باستغلال التهدئة لزيادة ترسانتهم العسكرية

الحوثيون يعرضون أنواعاً من الصواريخ حصلوا عليها خلال الهدنة (إعلام محلي)
الحوثيون يعرضون أنواعاً من الصواريخ حصلوا عليها خلال الهدنة (إعلام محلي)

بعد مضيّ عامين ونصف العام منذ بدء التهدئة القائمة على هدنة كانت قد رعتها الأمم المتحدة في اليمن، اتهم مكتب المنظمة الدولية المعنيّ بالجريمة والمخدرات، الحوثيين باستغلال هذه التهدئة لزيادة ترسانتهم العسكرية، واستخدامها بعد ذلك في الهجمات على الملاحة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، واستهداف إسرائيل. وقال إنهم لم يلتزموا الانسحاب من مدينة وميناء الحديدة.

ورأى المكتب الأممي، في تقرير حديث، أن المفاوضات الرامية إلى المضي قدماً في التسوية السلمية للصراع الأوسع نطاقاً في اليمن حققت تقدماً محدوداً حتى الآن، «لكنه على ما يبدو فإن الحوثيين استغلوا الهدوء في القتال لزيادة ترساناتهم العسكرية».

الحوثيون قرصنوا الناقلة «غلاكسي ليدر» وحوَّلوها إلى مزار لأتباعهم (إعلام حوثي)

وقال إن الجماعة الحوثية عرضت أعداداً كبيرة من أنظمة الأسلحة المتطورة في سلسلة من العروض العسكرية في صنعاء والحديدة في ذكرى انقلابها على الشرعية، وكان آخرها عام 2023.

ووفقاً لما جاء في التقرير، فإنه في أعقاب اندلاع الصراع في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، استخدم الحوثيون هذه الأسلحة لشن هجمات على السفن التجارية وإسرائيل، مما يشكل تهديداً لخطوط الشحن الحيوية بين السويس وباب المندب.

ومع التهديدات المستمرة واستهداف السفن المدنية في البحر الأحمر وخليج عدن، والقرار اللاحق الذي اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء المتحالفة معها بنشر مهمة بحرية في البحر الأحمر لحماية الشحن الدولي، أكد المكتب الأممي أن ذلك أنهى فترة الهدوء النسبي وأعاد الصراع في اليمن إلى دائرة الضوء الدولية.

ونبه التقرير إلى أن الضربات اللاحقة على أهداف داخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بوصفها جزءاً من حملة لمواجهة الهجمات على الشحن المدني، أضافت مزيداً من التعقيد إلى الوضع.

تذكير بـ«استوكهولم»

عند استعراض المكتب الأممي مسار الصراع في اليمن وبقاء سيطرة الحوثيين على الحديدة التي تُستخدم لاستهداف الملاحة، ذكر التقرير أنه في ديسمبر (كانون الأول) عام 2018، وخوفاً من تدهور الوضع الإنساني بشكل أكبر في ضوء تقدم القوات الحكومية المدعومة من تحالف دعم الشرعية نحو مدينة الحديدة الساحلية المهمة، والتي يدخل عبر مينائها ما يقرب من 70 في المائة من واردات البلاد (بما في ذلك المساعدات الإنسانية)، دفع المجتمع الدولي أطراف الصراع إلى الموافقة على «اتفاقية استوكهولم» التي توسطت فيها الأمم المتحدة.

رفض الحوثيون تنفيذ أهم بنود «اتفاقية استوكهولم» الخاصة بانسحاب مسلحيهم من ميناء ومدينة الحديدة (إعلام محلي)

وبيّن التقرير أن «اتفاقية استوكهولم» أدت إلى وقف إطلاق نار محلي وإنشاء بعثة صغيرة تابعة للأمم المتحدة لمراقبة امتثال الأطراف. «إلا أنه ومنذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، كان الامتثال غير مكتمل، خصوصاً فيما يتعلق بإعادة الانتشار الكامل المتوقع للقوات العسكرية من قبل الحوثيين من ميناء ومدينة الحديدة».

وفي تناوله الهدنة بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دولياً، التي أُبرمت في أبريل (نيسان) عام 2022، ذكر التقرير أنه رغم انتهائها رسمياً بعد ثمانية أشهر، فإن التنازلات الإنسانية التي قدمتها الحكومة استمرت قائمة، مثل تشغيل رحلات تجارية محدودة من مطار صنعاء وتحسين وصول السفن التجارية إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون.

منشأ الصراع

أعاد التقرير الأممي التذكير بأن اليمن انغمس في صراع عنيف منذ سبتمبر (أيلول) عام 2014 عندما سيطرت قوات الحوثيين على العاصمة صنعاء وحكومة الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي.

ونسب التقرير إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي القول إن الصراع المطول في اليمن أودى بحياة ما لا يقل عن 377 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، وأغرق اليمن، أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية بالفعل، في كارثة إنسانية معقدة.

حشد من الحوثيين في أكبر ميادين العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (د.ب.أ)

وتمكن الحوثيون -حسب المكتب الأممي- من الاستيلاء على أجزاء من شمال البلاد قبل أن تزيح حركة الاحتجاجات التي عُرفت باسم «الربيع العربي» نظام حكم الرئيس علي عبد الله صالح، من السلطة في فبراير (شباط) 2011.

وفي أعقاب هذا التغيير، قال التقرير إن الحوثيين زادوا من وجودهم في صنعاء وشكلوا تحالفات مع مجموعات أخرى، في حين اشتبكوا في الوقت نفسه مع رجال القبائل الموالين لحركات سياسية أخرى، خصوصاً تلك التابعة لحزب الإصلاح الإسلامي السني (حزب التجمع اليمني للإصلاح).

وحسبما أورد المكتب الأممي، فإنه بعد الإطاحة بالرئيس هادي وانتقاله لاحقاً إلى عدن، عزز الحوثيون هيمنتهم على أجزاء كبيرة من شمال اليمن وعززوا قوتهم العسكرية بشكل كبير من خلال استيعاب أجزاء من قوات الجيش السابق.


مقالات ذات صلة

اليمن يطالب بجدولة فوائد ديونه... وبدعم مالي عاجل

العالم العربي المعبقي وبن بريك يلتقيان في واشنطن رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي الجديدة لليمن (سبأ)

اليمن يطالب بجدولة فوائد ديونه... وبدعم مالي عاجل

بالتزامن مع تراجع سعر العملة لمستويات قياسية، بحث اليمن مع صندوقَي النقد العربي والدولي إمكانية إعفائه من فوائد الديون المتأخرة والحصول على تمويلات إضافية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي قادة حوثيون في «جامع معاذ بن جبل» بالقرب من تعز يستخدمونه مقراً عملياتياً ومنبراً طائفياً (إعلام حوثي)

الحوثيون يغلقون مراكز دينية تخالفهم مذهبياً في 3 محافظات

عادت الجماعة الحوثية لاستهداف مراكز العلوم الدينية المختلفة مذهبياً في المناطق تحت سيطرتها، من خلال شنها حملات دهم وإغلاق ضد ما تبقى منها.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الجماعة الحوثية جندت عشرات الآلاف في الأشهر الأخيرة تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة (رويترز)

توجس حوثي من عملية عسكرية لتحرير الحديدة بدعم دولي

أظهرت تحركات الجماعة الحوثية في اليمن خلال الأسابيع الأخيرة، إضافة إلى تصريحات كبار قادتها، مخاوف من إطلاق عملية عسكرية بدعم دولي لتحرير الحديدة وموانئها.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الجماعة الحوثية تعتمد سياسة البطش بالسكان لإخضاعهم (فيسبوك)

تنديد يمني بتصاعد حوادث القتل في مناطق سيطرة الحوثيين

شهدت مناطق سيطرة الجماعة الحوثية في اليمن مظاهرات واعتصامات احتجاجية؛ تنديداً بتصاعد حوادث القتل وتقاعس أجهزة الجماعة في ملاحقة المجرمين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

الهجرة غير الشرعية تضاعف التهديدات الأمنية في اليمن

جانب من ندوة في مأرب حول تحديات الهجرة من القرن الأفريقي إلى اليمن (سبأ)
جانب من ندوة في مأرب حول تحديات الهجرة من القرن الأفريقي إلى اليمن (سبأ)
TT

الهجرة غير الشرعية تضاعف التهديدات الأمنية في اليمن

جانب من ندوة في مأرب حول تحديات الهجرة من القرن الأفريقي إلى اليمن (سبأ)
جانب من ندوة في مأرب حول تحديات الهجرة من القرن الأفريقي إلى اليمن (سبأ)

مع استمرار تدفق اللاجئين من القرن الأفريقي إلى اليمن، حذر مسؤولون في الحكومة الشرعية ومختصون أمنيون من انعكاسات سلبية لتلك الهجرة على الأمن الوطني ودول الجوار؛ حيث تعد البلاد التي تعيش في صراع منذ 10 أعوام محطة عبور أساسية لهذه المجاميع بغرض الوصول إلى الدول المجاورة.

وفي حلقة نقاشية أمنية عن تأثيرات تدفق المهاجرين نُظمت في محافظة مأرب (شرق صنعاء)، نبّه المتحدثون إلى ضرورة تطوير القوات البحرية وقوات خفر السواحل اليمنية ورفدها بالتكنولوجيا الحديثة للرقابة والتصدي لعمليات القرصنة والاتجار بالبشر وتهريب الأسلحة والمخدرات في المياه الإقليمية والدولية.

غالبية مطلقة من المهاجرين تستخدم اليمن محطة عبور إلى دول الجوار (الأمم المتحدة)

ومع مطالبتهم بتشديد العقوبات على المهربين، رأى المشاركون أن استمرار هذه الظاهرة «يرفع مؤشرات خطورتها الأمنية»، التي تهدد الأمن على المستوى المحلي ودول الجوار؛ حيث تظهر التقارير استغلال الحوثيين بعضَ هؤلاء المهاجرين واستخدامهم في عمليات التهريب أو أعمال القرصنة.

وعدّ وكيل وزارة الداخلية اليمنية اللواء محمد سالم بن عبود الهجرة غير الشرعية من القرن الأفريقي «تحدياً كبيراً وهاجساً أمنياً» وضغطاً كبيراً على جميع الجوانب الاقتصادية والإنسانية والاجتماعية، وأنها تلقي على الحكومة اليمنية مسؤولية كبيرة. داعياً المنظمات الأممية ودول الجوار إلى التعاون مع الجهات المختصة وتعزيز التنسيق معها والعمل معاً على حل هذه المشكلة الخطيرة.

بدوره، أوضح رئيس المركز القومي، عبد الحميد عامر، أن النقاشات تهدف إلى التعريف بواجبات المجتمع المضيف تجاه اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، وتسليط الضوء على مخاطر اللجوء والهجرة غير الشرعية من القرن الأفريقي من جوانبها كافة وخصوصاً الأمنية. والبحث عن حلول ناجعة لها ودعوة المنظمات الدولية المعنية للقيام بواجبها.

واستعرضت أوراق العمل القوانين والتشريعات المتعلقة باللجوء في اليمن وطالبت بتطويرها، كما تناولت سلوك اللاجئين والأخطار الأمنية المترتبة عليها، بالإضافة إلى محطات وطرق تهريبهم ودور المنظمات الأممية تجاه اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، والاتفاقيات الدولية الخاصة باللجوء التي وقعت عليها البلاد.

بيانات أممية

النقاشات اليمنية أتت متزامنة مع تأكيد الأمم المتحدة أنها دعمت أكثر من 72 ألف لاجئ وطالب لجوء ونازح داخلي في اليمن بخدمات الرعاية الصحية، خلال النصف الأول من العام الحالي.

وأفادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن 45.935 لاجئاً وطالب لجوء و13.929 نازحاً داخلياً تلقوا خدمات صحية في أحد مراكز الرعاية الصحية الأولية الخمسة التي تدعمها المفوضية، والموجودة في كل من صنعاء، وعدن، ومخيم خرز للاجئين بلحج.

الفقر والصراع في القرن الأفريقي من أهم أسباب تدفق المهاجرين نحو اليمن (الأمم المتحدة)

وتحدثت المفوضية عن تقديم الدعم الصحي النفسي والاجتماعي لـ3.491 لاجئاً وطالب لجوء و483 نازحاً داخلياً، وقالت إن 5.902 لاجئ وطالب لجوء ونازح حصلوا على الدعم والمشورة في مجال الصحة الإنجابية في العيادات التي تدعمها.

كما تم قبول 194 طفلاً لاجئاً دون سن الخامسة يعانون سوء التغذية الحاد الشديد في برنامج الإدارة المجتمعية لسوء التغذية الحاد، إضافة إلى 117 طفلاً لاجئاً دون سن الخامسة و210 نساء حوامل ومرضعات في برنامج التغذية التكميلية، خلال الفترة نفسها.

أغلبية أثيوبية

كانت نتائج المسح الذي أجرته منظمة الهجرة الدولية قد بينت أن 94 في المائة من المهاجرين هم من حملة الجنسية الإثيوبية، فيما كان حملة الجنسية الصومالية 6 في المائة فقط، بعد أن كانوا يشكلون أغلبية المهاجرين إلى اليمن منذ بداية الصراع في الصومال عقب انهيار الدولة عام 1990، وتبين أن أغلبهم لا يمتلكون جوازات سفر أو أشكالاً أخرى من بطاقات الهوية.

وأفاد غالبية المهاجرين الذين تمت مقابلتهم (96 في المائة) بأنهم استخدموا الطريق الجنوبي الشرقي من ميناء باري في الصومال إلى سواحل محافظة شبوة اليمنية، بينما غادر 4 في المائة فقط من ميناء أبوق في جيبوتي إلى محافظة شبوة. وكان غالبية المهاجرين (61 في المائة) يعتزمون الهجرة إلى دول الخليج؛ حيث سلكوا طرقاً مختلفة داخل اليمن للوصول إلى هناك، بما في ذلك محافظات حضرموت وحجة وصعدة.

المئات من المهاجرين الأفارقة عادوا إلى بلدانهم ضمن برنامج العودة الطوعية (الأمم المتحدة)

وتظهر نتائج المسح أن 42 في المائة من المهاجرين غادروا المناطق الريفية في بلدانهم الأصلية بنيّة الذهاب إلى المناطق الريفية في بلد المقصد. بالإضافة إلى ذلك، خطط 7 في المائة ممن غادروا المناطق الريفية للذهاب إلى المناطق الحضرية (البلدات والمدن) في وجهتهم.

وعلاوةً على ذلك، غادر 28 في المائة من المهاجرين المناطق الحضرية للهجرة إلى المناطق الحضرية، وسافر 18 في المائة آخرون من المهاجرين من المناطق الحضرية بهدف الذهاب إلى المناطق الريفية في بلد المقصد.