​الحوثيون يستعدون لمحاكمة عمال إغاثة بينهم موظفون أمميون

استمرار اعتقال وإخفاء العشرات من المدنيين

عناصر من الحوثيين خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيم الجماعة (إ.ب.أ)
عناصر من الحوثيين خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيم الجماعة (إ.ب.أ)
TT

​الحوثيون يستعدون لمحاكمة عمال إغاثة بينهم موظفون أمميون

عناصر من الحوثيين خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيم الجماعة (إ.ب.أ)
عناصر من الحوثيين خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

بعد تبخر الوعود الحوثية التي قُطعت للأمم المتحدة بالإفراج عن العشرات من الموظفين في مكاتبها والمنظمات الإغاثية الدولية والمحلية في اليمن، كشفت مصادر قانونية يمنية عن توجه الجماعة نحو إحالة دفعة جديدة من هؤلاء المعتقلين إلى القضاء؛ تمهيداً لمحاكمتهم بتهمة التخابر لصالح الولايات المتحدة.

وذكرت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن خارجية الجماعة الحوثية قطعت وعوداً للأمم المتحدة بمعالجة قضية المعتقلين، بدءاً من السماح لهم بالاتصال بأسرهم، وأنه تم بالفعل السماح لعدد محدود من المعتقلين بإجراء مكالمة هاتفية سريعة بأسرهم، لكن الجماعة الانقلابية رفضت السماح لهم بالاستعانة بمحامين، قبل أن يُفاجأ مجتمع العمل الإنساني بإحالة الدفعة الأولى إلى نيابة أمن الدولة ومكافحة الإرهاب؛ تمهيداً للمحاكمة.

الحوثيون يواصلون اعتقال العشرات من عمال الإغاثة بينهم 17 موظفاً أممياً (إعلام محلي)

ووفق المصادر، فإن الجماعة تعتزم أيضاً إحالة دفعة أخرى من المعتقلين إلى النيابة؛ تمهيداً للمحاكمة، ومن بينهم معتقلون منذ عام 2021 على ذمة العمل لدى سفارة الولايات المتحدة قبل إغلاقها عند اقتحام الحوثيين صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، متجاهلة بذلك المطالب الدولية باحترام الحصانة الممنوحة لموظفي الأمم المتحدة وعمال الإغاثة.

تأتي التطورات مع تأكيد منظمتين دوليتين أن الحوثيين اعتقلوا تعسفياً وأخفوا قسرياً عشرات من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني منذ 31 مايو (أيار)، ومع ذلك فإن عدد المعتقلين مستمر في الارتفاع.

وذكرت نيكو جعفرنيا، الباحثة في شؤون اليمن والبحرين في «هيومن رايتس ووتش»، أن الحوثيين يواصلون دعوة المجتمع الدولي إلى احترام حقوق الفلسطينيين في غزة، بينما ينتهكون في الوقت نفسه حقوق الأشخاص الذين يعيشون في الأراضي التي يسيطرون عليها. وأكدت أنه «عليهم أن يظهروا للشعب اليمني الاحترام نفسه الذي يطالبون به للفلسطينيين، بدءاً بإنهاء هذه الحملة التي لا نهاية لها من الاعتقالات التعسفية».

تنديد دولي

وفق بيان مشترك أصدرته «هيومن رايتس ووتش» و«معهد القاهرة»، اعتقل الحوثيون العشرات بتهمة الاحتفال بذكرى قيام الجمهورية في شمال البلاد في 26 سبتمبر عام 1962، وفي حالات أخرى، اعتقلوا أشخاصاً بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أو منشورات أخرى على الإنترنت تحيي هذه الذكرى.

الحوثيون ينكثون بالوعود التي قُطعت لمنسق الشؤون الإنسانية في اليمن (إعلام محلي)

ونُقل عن رجل اعتُقل شقيقه بسبب نشر مقطع فيديو يحتفل فيه بالذكرى، أن خمس مركبات عسكرية حوثية وصلت إلى منزل شقيقه في اليوم التالي، وأخبره الحوثيون أنهم يريدون منه حذف قناته على اليوتيوب وآخر منشور له في 26 سبتمبر.

وذكر الشخص أنهم أخذوا شقيقه إلى إدارة البحث الجنائي، وعندما بدأوا في إطلاق سراح المعتقلين في 30 سبتمبر الماضي، علم أنهم أرسلوه إلى إدارة الاستخبارات والأمن ولم يُفرج عنه بعدُ.

ووفق البيان أيضاً، اعتُقل كاتب في صنعاء له عدد كبير من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشره منشوراً عن المناسبة. وقال أحد أصدقائه إن الحوثيين وصلوا إلى منزله في عدة مركبات عسكرية، حيث «اقتحموا المنزل، وكسروا الأبواب، وأخافوا زوجته وابنه... أخذوه هو وأجهزته والكومبيوتر المحمول والجوالات والكاميرات القديمة وفتشوا المنزل بالكامل». ولم يقدم الحوثيون مذكرة اعتقال أو مذكرة تفتيش في أي من الحالتين، في انتهاك للقانون اليمني، والقانون الدولي.

وذكر آخرون في إفادة نقلتها المنظمتان أن الحوثيين هددوهم أو أرهبوهم لمنعهم من نشر أي شيء عن ثورة «26 سبتمبر»، فيما ذكرت امرأة أنها تلقت مكالمة هاتفية تهددها بسبب منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي في الذكرى.

عشرات اليمنيين اعتقلوا بسبب احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» (إعلام محلي)

وقالت المرأة إنها لم تشعر أبداً بالخوف من الحوثيين، لكن الإحباط هو أنها لا تستطيع الخروج للاحتفال بالذكرى السنوية للثورة، ولا تستطيع رفع علم الجمهورية. وعبّرت عن شعورها بالإحباط لأن العلم اليمني غير موجود في شوارع صنعاء في ذكرى الثورة، وقالت إنها كانت تبكي كل يوم.

وبينت المنظمتان أن اعتقال شخص دون مذكرة وتهم واضحة يعد انتهاكاً بموجب المادة 132 من قانون الإجراءات الجنائية اليمني. وقالت المنظمتان أيضاً إن احتجاز شخص دون أساس في القانون المحلي أو الدولي، وكذلك احتجازه دون توجيه اتهامات له على الفور، يعد انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وكانت لجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية باليمن قالت إنها وثقت العام الماضي كثيراً من الحالات التي تنطوي على الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب، وإن «معظم الانتهاكات التي حققت فيها اللجنة نُسبت إلى الحوثيين».


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).