نشر منظومة «ثاد» في إسرائيل يُعمّق الانخراط الأميركي بأزمة الشرق الأوسط

تستعد قوات أميركية لشحن نظام «ثاد» على متن طائرة «بوينغ سي 17 غلوب ماستر» من قاعدة «فورت بليس» بولاية تكساس في فبراير 2019 (أ.ب)
تستعد قوات أميركية لشحن نظام «ثاد» على متن طائرة «بوينغ سي 17 غلوب ماستر» من قاعدة «فورت بليس» بولاية تكساس في فبراير 2019 (أ.ب)
TT

نشر منظومة «ثاد» في إسرائيل يُعمّق الانخراط الأميركي بأزمة الشرق الأوسط

تستعد قوات أميركية لشحن نظام «ثاد» على متن طائرة «بوينغ سي 17 غلوب ماستر» من قاعدة «فورت بليس» بولاية تكساس في فبراير 2019 (أ.ب)
تستعد قوات أميركية لشحن نظام «ثاد» على متن طائرة «بوينغ سي 17 غلوب ماستر» من قاعدة «فورت بليس» بولاية تكساس في فبراير 2019 (أ.ب)

أعلن البنتاغون، الثلاثاء، وصول قوات أميركية إلى إسرائيل، في إطار عملية نشر نظام «ثاد» المُضاد للصواريخ، في خطوة ستُساعد على حماية حليفة واشنطن، لكنها تزيد من انخراط الولايات المتحدة في النزاع.

يأتي نشر منظومة «ثاد» -Terminal High Altitude Area Defense (THAAD)- في وقت تستعد إسرائيل للرد على هجوم إيراني كبير بالصواريخ الباليستية في أيام سابقة خلال هذا الشهر. ومن شأن المنظومة أن تُعزز دفاعات إسرائيل في حال هاجمتها طهران مجدداً.

نظام الدفاع الصاروخي «ثاد» خلال معرض «صنع في أميركا» بالساحة الجنوبية للبيت الأبيض 15 يوليو 2019 (أرشيفية - أ.ب)

وأكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش -في اتصال هاتفي مساء الثلاثاء- أن بلاده مستعدة لرد «حازم» إذا هاجمت إسرائيل إيران، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأطلقت إيران نحو 200 صاروخ باتجاه إسرائيل في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) ردّاً على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران، والأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، وجنرال إيراني في ضاحية بيروت الجنوبية.

صاروخ دفاع جوي تابع لنظام «ثاد» (رويترز)

وساعدت سفن وطائرات حربية أميركية في الدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات الإيرانية، لكن نشر المنظومة سيؤدي إلى نشر نحو مائة جندي أميركي لتشغيلها داخل الأراضي الإسرائيلية، ما يعني أنهم سيكونون معرّضين للخطر بشكل مباشر أكثر.

وقال الخبير السياسي رفيع المستوى في مركز «راند» للأبحاث، رافايل كوهين: «إن نشر جنود أميركيين في إسرائيل يظهر أن واشنطن ملتزمة بشكل واضح جدّاً وملموس بأمن إسرائيل، وستقاتل إذا لزم الأمر».

منظومة الدفاع الجوي الصاروخي «ثاد» (أ.ف.ب)

وأضاف: «أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن (تأمل على الأرجح في أن تزيد هذه الخطوة من الردع في مواجهة إيران، وتطمئن الإسرائيليين».

ولفت كوهين إلى أن الخطوة قد تعطي إدارة بايدن نفوذاً أكبر لتحديد شكل الرد الإسرائيلي على هجمات الأول من أكتوبر الإيرانية.

وتملك إسرائيل شبكة متطوّرة من الدفاعات الجوية، لكن كوهين أفاد بأنها تتعرض لضغوط بسبب استمرار القتال منذ أكثر من سنة مع الجماعات المدعومة من إيران في المنطقة.

«هدف ثمين جدّاً»

وقال كوهين: «إذا زادت إيران -خصوصاً- من حجم نيرانها، وواصل (حزب الله) شن هجمات، فستفلت مزيد من الصواريخ (من الدفاعات) وتضرب أهدافها».

وأعلن الناطق باسم البنتاغون، الميجور جنرال بات رايدر، الثلاثاء، أن فريقاً تحضيرياً من العناصر الأميركية، وكذلك بعض المكوّنات الأولية التي تحتاج إليها المنظومة، وصلوا إلى إسرائيل الاثنين، في حين يتوقع وصول مزيد قريباً».

صاروخ اعتراضي خلال انطلاقه من إحدى قاذفات نظام «ثاد» (أرشيفية - رويترز)

وقال في بيان: «إن المنظومة ستكون قادرة على القيام بعملياتها بشكل كامل في المستقبل القريب»، مضيفاً أن نشرها «يؤكد التزام الولايات المتحدة الدفاع عن إسرائيل والدفاع عن الأميركيين في إسرائيل، في وجه أي هجمات بالصواريخ الباليستية تشنها إيران».

ويشغّل 95 جندياً منظومة «ثاد»، التي جرى تطويرها في تسعينات القرن الماضي، وتفعيل أولى بطارياتها في 2008. وتضم 6 قاذفات محمّلة على شاحنات، و8 صواريخ اعتراضية، وراداراً ومكوناً للتحكم بإطلاق النار، وفق خدمة الأبحاث، التابعة للكونغرس الأميركي.

وأفاد مدير «مشروع الدفاع الصاروخي» لدى «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية»، توم كاراكو، بأن البطارية التي تضم راداراً بقيمة مليار دولار هي «هدف سيكون ثميناً جدّاً»، وينبغي حمايته بشكل جيّد.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة تملك عدداً محدوداً من بطاريات «ثاد»، وإلى أن البلاد «لا تنتج كثيراً من بطاريات (ثاد) حالياً، ومن ثم فإن علينا أن نكون حريصين جدّاً على مخزوننا».

وقال كاراكو إن نشر «ثاد» في إسرائيل «يضيف بشكل واضح إمكانات وقدرات كبيرة، لكنه... يترافق مع بعض المخاطر الاستراتيجية، وبعض التكاليف التشغيلية».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يقول إنّه دمّر دبابة إسرائيلية قرب الحدود مع إسرائيل

المشرق العربي قوات إسرائيلية داخل القطاع الغربي في جنوب لبنان قرب الناقورة (أ.ف.ب)

«حزب الله» يقول إنّه دمّر دبابة إسرائيلية قرب الحدود مع إسرائيل

أعلن «حزب الله» اللبناني، ليل الأربعاء-الخميس، أنّه دمّر دبّابة إسرائيلية قرب الحدود في جنوب لبنان بواسطة «صاروخ موجّه».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي «منظمة الصحة العالمية» حذرت من خطر انتشار الكوليرا في لبنان بين مئات الآلاف من الذين نزحوا (رويترز)

تأكيد أول إصابة بالكوليرا في لبنان... وخطر التفشي «مرتفع جداً»

حذرت «منظمة الصحة العالمية»، اليوم (الأربعاء)، من أن خطر تفشي الكوليرا في لبنان «مرتفع جداً»، بعد تأكيد إصابة أولى بالعدوى البكتيرية الحادة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (رويترز)

«حماس»: لا نهاية للصراع في الشرق الأوسط دون حل قضية غزة

قال المسؤول الكبير في حركة «حماس»، باسم نعيم، اليوم (الأربعاء)، إنه لا نهاية للصراع المتنامي بوتيرة سريعة في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي بقايا جهاز اتصال «بيجر» بعد انفجاره في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

كيف وقع «حزب الله» في فخ أجهزة «البيجر»؟

كانت بطاريات أجهزة الاتصال (بيجر) المفخخة التي وصلت إلى لبنان في بداية هذا العام جزءاً من مخطط إسرائيلي لتدمير «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مشيعون يشاركون بتشييع 23 نازحاً لبنانياً قُتلوا بغارة إسرائيالية في بلدة إيطو بالشمال (أ.ف.ب) play-circle 00:53

إسرائيل تشترط «التفاوض تحت النار» على وقع الغارات والمجازر

اشترطت إسرائيل لإجراء أي مفاوضات حول الحرب في لبنان، أن تكون «تحت النار» الآخذة بالتوسع إلى مختلف المناطق اللبنانية، وأسفرت عن مجازر في الجنوب والبقاع.

نذير رضا (بيروت)

الحوثيون يخنقون أفراح صنعاء بمنع النساء من الغناء والتصوير

مسلحون حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء الصيف الماضي (إكس)
مسلحون حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء الصيف الماضي (إكس)
TT

الحوثيون يخنقون أفراح صنعاء بمنع النساء من الغناء والتصوير

مسلحون حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء الصيف الماضي (إكس)
مسلحون حوثيون يغلقون صالة مناسبات في صنعاء الصيف الماضي (إكس)

فرضت الجماعة الحوثية قيوداً جديدة على مُلاك قاعات الأعراس في ريف صنعاء، حيث منعت الغناء والتصوير وكل مظاهر الفرح خصوصاً في الصالات المخصصة للنساء، في خطوة يعتقد يمنيون أنها تصب في مساعي الجماعة لإفساد بهجة اليمنيين وتقييد حرياتهم، وفرض تعاليم متشددة على خطى التنظيمات الإرهابية المتطرفة.

وأكدت مصادر محلية في ريف صنعاء أن الجماعة الحوثية أرغمت مُلاك قاعات الأعراس والسكان في إحدى المديريات التابعة لمحافظة ريف صنعاء على الالتزام بالإجراءات الجديدة التي اتخذتها، والتي تندرج في إطار ما تسميه الجماعة «الضوابط الدينية».

عناصر من الحوثيين يتحدثون مع سكان في صنعاء (رويترز)

وتداول ناشطون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي وثيقة صادرة عن المعين في منصب مدير عام مديرية همدان جبران غوبر، تحض ملاك قاعات المناسبات وأهالي المديرية وما جاورها على وقف الغناء وكل مظاهر الفرح في الأعراس.

وحددت الوثيقة وقت أعراس النساء في الصالات إلى الساعة الثامنة مساءً، ومنعت التصوير ومكبرات الصوت، كما حظرت دخول العريس للقاعة لأخذ عروسه، ومنعت استدعاء الفنانين والفرق الغنائية في الأعراس.

وتوعد الانقلابيون الحوثيون المخالفين للتعليمات بفرض غرامات مالية عليهم تصل إلى 500 ألف ريال يمني (نحو ألف دولار).

وبررت الجماعة إجراءاتها تلك بحق ملاك الصالات والفنانين والسكان بصنعاء باتهامهم بمخالفة الضوابط والقيود والتعليمات التي سبق أن وضعتها الجماعة في أوقات سابقة.

استنكار ورفض

قوبلت قرارات الجماعة الحوثية بحالة من الاستنكار والرفض الشديدين من قبل الناشطين والحقوقيين اليمنيين، إذ أكدوا أن ذلك يُعد اعتداء على الحريات ونهجاً يشابه ما تقوم به التنظيمات المتطرفة.

وأبدى عصام وهو اسم مستعار لفنان في صنعاء أسفه البالغ لتوسيع الجماعة استهدافها الذي طاول مُلاك قاعات الأفراح والفنانين والسكان في محافظة عمران (شمال صنعاء) وصولاً إلى ريف صنعاء.

كما وصف النائب في برلمان صنعاء غير الشرعي، أحمد سيف حاشد، ذلك التحرك بـ«الطلبنة». وذكر حاشد، بتغريدة على منصة «إكس»، أنه يجري «تحويل العادات إلى عبادات والتقاليد إلى دين والعاهات العقلية إلى رجال دين والسلطة إلى كهنوت يفرض استبداده وطغيانه على المجتمع».

وسبق للجماعة الانقلابية أن أصدرت، قبل فترة، تعميماً مماثلاً يُلزِم أهالي قرية حَمِل التابعة لمديرية بني مطر بمحافظة صنعاء، بعدم استدعاء الفرق الغنائية إلى حفلات الأعراس النسوية، ومنع استخدام الكاميرات بمختلف أنواعها في حفلات النساء، وفي مقدمها الهواتف الجوالة.

وكشفت مصادر محلية عن فشل مساعي الجماعة في تمرير وثيقة جديدة تهدف إلى تقييد حريات أبناء القرية ونسائهم أثناء إقامتهم مختلف المناسبات.

وأعلن عدد من أهالي قرية حَمِل بصنعاء –بحسب المصادر- رفضهم القاطع لما وصفوه بـ«التدخلات الحوثية» في خصوصياتهم ومنعهم ونسائهم من الاحتفال بأي مناسبات أو أعراس على الطريقة التي كانوا يعهدونها خلال سنوات ما قبل الانقلاب والحرب.